البحث عن زوج للدوقة - 148
*تم تغير جد لوكا إلى جدة أرجو المعذرة الخطأ مني*
الفصل 148 : كسر البيضة والخروج منها ³¹
بعد أنْ بدأوا التمرين معًا، كانت هَذهِ هي المرة الأولى التي يسمعون فيها لوكا يقول ‘لا أستطيع’، مِما جعل الجميع يُحدقون فيهِ بدهشة.
“لماذا لا تستطيع؟! يجبُ أنْ تفعلها! يُمكنكَ ذَلك! أرجوك، افعلها… مِن فضلكَ…”
أمسك رام بلوكا وبدأ بالصراخ والتوسل إليّه.
لكن لوكا لَمْ يفعل شيئًا سوى تكرار اعتذارهِ مرارًا.
لَمْ تستطع أرتيا الوقوف مكتوفة الأيدي.
“ميخائيل، خُذ السيد رام إلى الخارج مِن فضلك.”
رغم أنْ رام أصر بعنادٍ على أنهُ لَن يُغادر حتى يسمع غناء لوكا، إلا أنَّ ميخائيل أخرجهُ بالقوة.
أما ساندرا، التي أدركت الموقف بسرعة، قد أخذت باقي المُمثلين معها إلى الخارج أيضًا.
وهَكذا، لَمْ يبقَ في قاعة التدريب سوى أرتيا ولوكا.
كان لوكا مُطأطئ الرأس، وكتفاهُ متراخيتان، وكأنهُ جروٌ مذعور يخشى عقاب سيده.
“لوكا.”
“… نعم…”
كان صوتُه، الذي كان قويًا ومفعمًا بالحياة أثناء التدريبات، بالكاد مسموعًا الآن.
نظرت إليّه أرتيا، فرأت عينيهِ مُحمرّتين.
“أنتَ شخصٌ يبذل جهدًا في كُل شيء، ولا أظُنكَ ستقول إنكَ لا تستطيع الغناء دوّن سبب. هل يُمكنكَ إخباري بما يمنعكَ مِن الغناء؟”
“…..”
اهتزّت عينا لوكا البنفسجيتان بعُنف.
لَمْ تضغط عليهِ أرتيا، بل انتظرتهُ بصبر.
بعد صمتٍ طويل، فتح لوكا فمهُ أخيرًا، وتحدث بصعوبة.
“السيدة تنغويل أجبرتني على الغناء ذات مرة.”
***
كان ذَلك بعد فترةٍ قصيرة مِن عمله كخادمٍ لدى السيدة تنغويل.
كانت تُريد التفاخر بخادمها الجديد، فدعت صديقاتها إلى منزلها.
ما إنْ رأينَ لوكا حتى اندهشنَ وأخذن يثرثرن بحماس.
“يا إلهي! إنهُ أفضل مِن كُل مَن رأيتُهم مِن قبل! مِن أين حصلتِ عليه؟”
“أعيريني إياهُ لبضعة أيامٍ فقط.”
تبسمت تنغويل بغرورٍ وهي ترى ردود فعلهنَ المُتحمسة.
“مستحيل، لكن سأسمحُ لكنَّ بالاستمتاع بمشاهدتهِ اليوم بقدر ما تشأن.”
بأمرٍ مِن سيدته، قام لوكا بصبّ الخمر للنساء.
كنَّ مستمتعاتٍ بخدمتهِ، ووجوههنَ محمرّةٌ مِن أثر الشراب.
ومع مرور الوقت، بدأت النساء، بما في ذَلك تنغويل، يفقدنَ السيطرة بسبب السكر.
عندها، أشارت إحدى النساء إلى لوكا وقالت، ووجهُها متورد.
“بدأت أشعرُ بالملل، اجعليهِ يفعلُ شيئًا آخر. لا تُخبريني بإنه لا يجيدُ سوى الابتسام وصبّ الشراب؟”
ارتفع حاجبا تنغويل عند سماع هَذا التعليق المُستفز.
لَمْ تكُن تحتمل أنْ يُستخف بلُعبتها الجديدة.
“لوكا.”
“نعم، سيدتي.”
“غنِّ لنا.”
“!…”
تجمد لوكا للحظة عند سماع الأمر، لكن تنغويل لَمْ تكترث.
“هيا، أسرع.”
كان على الخادم أنْ يُطيع أوامر سيدهِ مهما كانت.
هَكذا نشأ لوكا، وهو مِن الكودرانيين.
وقف أمامهنَ، يضغطُ يديهِ المُرتعشتين بتوتر، ثم بدأ يُغني بصوتٍ صافٍ ونقي، امتد في الأجواء المُشبعة برائحة الكحول.
لَمْ يكُن لوكا يعرف أغاني كثيرة، فاختار تهويدةً كانت جدتُه تغنيها له في طفولته.
سكت الجميع، واتسعت أعين النساء بدهشة.
حتى تنغويل نفسها فوجئت.
لَمْ تتوقع أنْ يكون للفتى، الذي استحوذت عليهِ لجماله، موهبةٌ مخبأة.
بِمُجرد أنْ انتهى مِن الغناء، تحدثت تنغويل ببرود.
“استمر في الغناء.”
لَمْ يتوقف لوكا عن الغناء إلا عندما غلب النوم النساء جميعًا.
وفي صباح اليوم التالي، استيقظت تنغويل تعاني مِن صداع السُكْر.
“صوتكَ ليس سيئًا، لكن اختيارُكَ للأغاني مُمل. تهويدة؟ لقد أفسدتَ المزاج.”
ومنذُ ذِلك اليوم، أجبرتهُ على تعلم الأغاني التي امتلأت بكلماتٍ مُبتذلةٍ عن الحب.
وفي كل ليلة، كان عليهِ أنْ يُغني تلكَ الأغاني في الحفلات التي تُقيمها تنغويل.
كانت النساء يضحكنَ بحماس، وبعضهنَ يمازحنهُ بإيحاءات خبيثة.
‘هل تُحاول إغرائي الآن؟’
كان لوكا يشعر بالغثيان والتقزز.
لكنهُ لَمْ يكُن يستطيع التوقف عن الغناء.
لَمْ يتلقَّ أيِّ أمرٍ بالتوقف.
لكن جسدُه لَمْ يستطع تحمل الإرهاق المُستمر.
وفي النهاية، أصيبت أحبالهُ الصوتية، وبدأ صوته يتشقق ويُصبح أجش.
إحدى النساء نقرت بلسانها وقالت بأسف.
“يا للخسارة، لقد تعطّل بالفعل.”
“هَذهِ ليست المرة الأولى، أليس كذَلك؟ عليكِ أنْ تُحافظي على ممتلكاتكِ، تنغويل.”
ضحكت النساء وكأنهنَ يتحدثن عن لعبةٍ مكسورة.
أما تنغويل، فقد بدا عليها الانزعاج.
“كيف تجرؤ على إحراجي أمامهن؟ هل هَذا أفضل ما يُمكنكَ فعله؟”
ذُعر لوكا وحاول أنْ يُغني مُجددًا.
لكن صوته كان قد تحطم تمامًا.
وفي نوبة غضب، أمسكت تنغويل بزجاجةٍ خمر وسكبتها في فمهِ بالقوة.
* * *
“بعد ذِلك، تلقيتُ علاجًا مِن الطبيب، وعاد صوتي إلى طبيعته، لكن كلما حاولتُ الغناء، كنتُ ألهث ولا أستطيع فتح فمي. ومع تكرار الأمر، توقفت السيدة تنغويل عن إجباري على الغناء.”
صُدمت أرتيا مِن القصة إلى حد أنها لَمْ تستطع قول أيِّ شيء.
كانت تشعرُ بالغضب الشديد تجاه تنغويل، وفي الوقت نفسه، شعرت ببالغ الأسى على لوكا.
عندما رأى لوكا وجه أرتيا، الذي بدا عليهِ الانزعاج، خفق قلبُه بقوة، ثم انحنى على الفور.
“لقد أخطأت!”
“!….”
“لقد تفاجأت كثيرًا في البداية، ولهَذا قلتُ إنني لا أستطيع. لكنني سأبذل جهدي لأتمكن مِن الغناء مُجددًا… مِن فضلكِ، لا تطردني.”
اهتزّت عينا أرتيا.
كانت تعلم أنَّ لوكا لَمْ يكُن مرتاحًا، لكنها لَمْ تكُن تتوقع أنه يُفكر بهَذهِ الطريقة.
بوجهٍ بدا وكأنهُ على وشك البكاء، نظر لوكا إلى أرتيا.
“كيف يُمكنني طردكَ لمُجرد هَذا الأمر؟ أنتَ ممثلٌ ثمين في فرقة إيدينبرغ المسرحية.”
“!….”
“إذا كان الأمر صعبًا، فلا داعي لأن تُغني. سنواصل فقط وفق النص الأصلي.”
رفع لوكا رأسهُ بسرعة.
“لكن السيدة والمخرج كانا يتطلعان بشدةٍ إلى هَذا المشهد.”
“هَذا صحيح، ولكن لا يوجد مشهدٌ يستحق إحياءهُ على حساب جرح ممثل.”
“…..”
“لذا، لا تشغل بالكَ بما حدث اليوم. انسَ الأمر وكأنهُ لَمْ يكُن. مفهوم، لوكا؟”
كان في صوتها اللطيف قلقًا بصدق عليه.
***
في صباح اليوم التالي، سأله الخادم الذي يشاركهُ الغرفة:
“لطالما كنتَ تُسرع في الخروج منذُ الصباح الباكر، لماذا لَمْ تخرج اليوم؟”
“السيدة قد منحتني إجازة.”
في الليلة السابقة، أصدرت أرتيا فجأةً تعليمات إلى جميع أفراد الفرقة المسرحية.
بما أنهم كانوا يعملون دوّن راحة طوال الفترة الماضية، فقد طلبت منهم أنْ يستريحوا جيدًا ويستعيدوا طاقتهم.
“أنتَ محظوظٌ حقًا. أتمنى أنْ يأتي دوري في الإجازة قريبًا…”
خرج الخادم مِن الغرفة وهو ينظرُ إلى لوكا بحسدٍ واضح.
أما لوكا، الذي بقي وحدهُ في الغرفة، فقد كان وجهه يكسوه الارتباك.
كانت هَذهِ أول مرةٍ يحصل فيها على إجازة، لكنهُ لَمْ يكُن يعرف كيف يقضي هَذا الوقت الفارغ.
والأهم مِن ذَلك، أنَّ ما حدث بالأمس لَمْ يبارح تفكيره.
“السيدة قالت إنه لا بأس إنْ لَمْ أُغنِّ، لكنني أشعرُ بالذنب الشديد.”
ورغم ذَلك، لَمْ يكُن يستطيع مُجرد التفكير في الغناء.
“لماذا أنا هَكذا؟”
بينما كان جالسًا مطأطئ الرأس، خائر القوى، سمع طرقًا على الباب، ثم صوتًا مألوفًا يناديه.
“لوكا، هل أنتَ…”
قبل أنْ تُكمل حديثها، قفز لوكا مِن مكانهِ وركض نحو الباب.
عندما فتحه، فوجئ برؤية أرتيا واقفةً أمامه.
“لماذا أتيتِ إلى هُنا، سيدتي…؟”
“لدي شيءٌ أريد أنْ أريكَ إياه. تعال معي.”
بينما كان يتبعُها بخطواتٍ مترددة، تساءل في داخله.
‘ماذا تريدُ أنْ تريني؟’
لكن هَذا التساؤل لَمْ يدُم طويلًا، إذ سرعان ما لفت انتباهه ظهر أرتيا.
لطالما رأى نساءٍ نحيفات، لكن أرتيا كانت نحيلةً بشكلٍ لافت.
وكان شعرُها الفضي الطويل، الذي تألق تحت أشعة الشمس، ينشر رائحةً عطرة.
لَمْ تكُن رائحة عطرٍ قوي أو خمورٍ نفاذة، بل كانت رائحة زهورٍ ناعمة.
“لوكا.”
عندما التفتت أرتيا لتناديه، احمرّ وجهُه على الفور.
“نعم؟!”
“لقد كنتُ مهملةً جدًا طوال الوقت. كان يجبُ أنْ أحرص عليكَ قبل أنْ تتحدث أنتَ أولًا.”
“….؟”
لَمْ يفهم لوكا ما تعنيه، فأمال رأسهُ بحيرة، لكنه سرعان ما فتح عينيهِ على اتساعهما.
تحت أشعة الشمس الساطعة، ظهرت أمامهُ صورةٌ صغيرةٌ في الحديقة.
بدا عليهِ الذهول، لكنه سرعان ما انطلق راكضًا وهو يصيح.
“جدتي!”
عندما جلبت أرتيا لوكا إلى القصر، كانت قد أرسلت بيبي للقاء جدته.
“لوكا سيبقى في قصر إيدنبرغ. قالت السيدة إنها ستُجهز لكِ غرفةً لتبقي معهُ أثناء إقامتهِ هُنا.”
لكن جدته، نوما، بعد أنْ تفاجأت للحظة، هزّت رأسها.
“لقد تلقيتُ بالفعل معروفًا عظيمًا، ولا يُمكنني الاعتماد عليكم أكثر مِن ذَلك. شكري وحده لا يكفي للتعبير عن امتناني العميق.”
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》