البحث عن زوج للدوقة - 121
الفصل 121 : كسر البيضة والخروج منها ⁴
“أختي فعلًا؟!”
“نعم، مع أنَّ العم إيان ليس ذكيًّا جدًا ودائمًا ما يتسببُ بالمشاكل…….”
كاد إيان أنْ يعود ليكون كضبعٍ شرس، ولكن……
“مِن بين الأشقاء الثلاثة، قيل إنكَ تتبعُ العمة بصدقٍ أكثر مِن غيرك. حتى لو كبرت العمة ومرضت وهجرها الجميع، فإنَّ العم إيان سيكون الوحيد الذي يبقى بجانبها.”
تفاجأت أرتيا بشدة.
كانت تتوقع أنْ ينتفخ إيان فخرًا بكلامها، لكنهُ تأثر لدرجة أنَّ عينيهِ امتلأتا بالدموع.
“لَمْ أكُن أعلم أنَّ أختي، التي دائمًا ما تؤنبني وتطلب مني أنْ أكون أكثر وعيًّا، كانت تُفكر بهَذهِ الطريقة في داخلها…….”
“عمّتي في الأساس لا تؤنب أحدًا ما لَمْ تكُن تهتم لأمره”
“صحيح، أختي لا تلقي نظرةً حتى على مِن لا يعنيها أمرُهم مهما فعلوا. فهي تتخلصُ منهم فحسب.”
أومأ إيان برأسهِ بعينين دامعتين، ثم سأل متردِّدًا.
“وماذا قالت أختي أيضًا؟”
“هَذا…….”
بعد ذَلك، استمر حديث أرتيا طويلًا.
على عكس ما كان عليهِ عندما جاء، قال إيان بوجهٍ مُشرق.
“أرتيا، لقد أسأتُ فهمكِ طوال هَذا الوقت. كنتً أظنكِ فتاةً كئيبة وأنانية مثل أخي الراحل. لكنكِ في الواقع فتاةٌ طيبة…….”
لَمْ تفعل أرتيا سوى التحدث عن إيفانجلين بشكلٍ إيجابي، ولكن فجأةً أصبحت فتاةً طيبة في نظره.
‘رغم أنني أكرهُ معاملتي كطفلة، سأترك الأمر يمر الآن.’
هُناك العديد مِن الطرق للتعامل مع هيذا الرجل الغبي سيئ الطباع.
كان الأهم هو تحسين العلاقة، كما كانت عمّتي ترغب.
نظر إيان إلى أرتيا، التي كانت تبتسم بلطفٍ.
“رُبما لأنكِ أصبحتِ إيثيريال، لذا أختي أصبحت تُحبكِ هَذهِ الأيام. عندما تلتقين بها، اخبريها الكثير مِن الأشياء الجيدة عني. لا، بل استدعيني فحسب. لنتحدث معًا.”
‘لا أريدُ ذَلك. لماذا يجبُ أنْ أتحدث مع هَذا الرجل المهووس بأخته؟’
لكنها أخفت أفكارها الحقيقية وهزّت رأسها موافقة.
“سأفعل ذَلك.”
كان مِن السهل أنْ تعطيه الإجابة التي يريد سماعها.
وإنْ لَمْ تستطع دعوته لاحقًا، فبإمكانها ببساطة اختلاق عذرٍ مُناسب.
وبمزاجهِ الذي أصبح في غايةً السعادة، غادر إيان القصر وهو يرقص فرحًا.
“إنهُ أكثر غباءً مِما توقعت…….”
تمتمت أرتيا وهي تنظر إلى ظهر إيان وهو يبتعد.
“لقد أصبحتُ قريبةً مِن العم الثالث…… والآن لَمْ يبقَ سوى العم الأول.”
***
كان كرانك مسجونًا في العاصمة بسبب مساعدتهِ للكونت إليزيوم في اختطاف أرتيا.
كان جالسًا بلا حولٍ ولا قوة على الأرض، لكنهُ ما إنٌ رأى المرأة التي ظهرت في الزنزانة المُظلمة حتى انتفض واقفًا.
“أرتيا فون إيدينبرغ!”
في غضون بضعة أشهر فقط، اختفت هيئتُه الأرستقراطية الأنيقة تمامًا، وأصبح أشبه بالمُتشرد، وهو يصرخ مُمسكًا بالقضبان الحديدية.
“كيف يُعقل أنْ تسجن ابنة أخٍ عمها في مثل هَذا المكان؟!”
وضعت أرتيا، التي كانت ترتدي قناعًا، يدها على فمها بذهولٍ مصطنع.
“يا إلهي، عمي. هَذا ما كان يجبُ أنْ أقوله أنا. كيف يُمكن لشخصٍ يُفترض بهِ أنْ يكون عمي أنْ يُساعد في اختطاف ابنة أخيه؟”
“أخبرتُكِ، لقد أجبرتُ على ذَلك تحت تهديد الكونت إليزيوم! لَمْ أفعلها أبدًا بإرادتي.”
“إنْ كنت ستكذب، فعلى الأقل اجعل كذبتكَ مقنعة. تتحدثُ دوّن تفكير، ولهَذا لَمْ يُعر القاضي كلامكَ أيِّ اهتمام.”
عند سماع كلمة القاضي، تزعزعت نظرات كرانك.
“أنتِ…… تعرفين كالفين، أليس كذَلك؟”
“ماذا؟”
“الكونت إليزيوم قال إنكِ أغويتِ كالفين ليميل حكمه لصالح فريجيا. أليس هَذا هو الحال معي أيضًا؟!”
“…….”
“أيتُها الفتاة الحقيرة عديمة الأخلاق!”
أرادت أرتيا أنْ تفرض سلطتها داخل العائلة، ولتحقيق ذَلك، كان عليها إقامة علاقاتٍ قوية مع أفرادها. ولكن……
‘لا يُمكنني دائمًا اللجوء إلى اللين فقط. هُناك أشخاصٌ يحتاجون إلى العصا بدلاً مِن الجزرة.’
أظلّمت عيناها الورديتان، وارتسمت على شفتيها ابتسامةٌ باردة.
“نعم، أنا أعرفُ السيد كالفين.”
“……!”
بالطبع، لَمْ يكُن ذَلك بتلكَ الطريقة التي يظنُها كرانك.
بعد لقاء تعارفٍ رسمي منذُ زمنٍ بعيد، لَمْ تلتقِ بهِ شخصيًا مرةً أخرى.
ولكن، هل هُناك حاجةٌ لقول ذَلك؟
في النهاية، لَن يسمع سوى ما يريدُ سماعه.
‘إنْ كان الأمر كذَلك، فسأستغل هَذا الافتراء القذر استغلالًا تامًا.’
أطلقت أرتيا شخيرًا خافتًا في داخلها قبل أن تواصل الحديث.
“لذا، يجبُ أنْ أذهب على الفور لإبلاغ السيد كالفين. فلا بد مِن التأكد مِن عدم خروج عمي مِن السجن أبدًا، حتى لا يبدأ أحدهم بنشر كلامٍ لا طائل منه عن علاقتنا.”
“……!”
“يُقال إنْ القاضي يستطيع زيادة مُدة عقوبة المُجرم متى شاء، أليس كذلك؟”
اختفى الدم مِن وجه كرانك تمامًا.
بدأ يرتجف، ثم بالكاد تمكّن مِن فتح فمهِ ليتحدث.
“ه، هل تعتقدين أنْ بإمكانكِ فعل أمرٍ كهَذا؟ أتظنين أنْ شقيقتي وإخوتي سيقفون مكتوفي الأيدي؟”
ابتسمت أرتيا ابتسامةً صغيرة.
“عمي، استجمع قواك. هل جاء أحدٌ مِن العائلة لزيارتكَ في الآونة الأخيرة؟”
“……!”
في الأساس، لَمْ يتمكن ديريك مِن المجيء بسبب مرضه، فأرسل خادمًا بدلًا عنه، أما إيان فقد زار كرانك بنفسه، متعهدًا بإخراجهِ بسرعة، لكنهُ لَمْ يأتِ سوى مرةٍ أو مرتين ثم اختفى.
وفي هَذهِ الأثناء، كانت إيفانجلين الوحيدة التي زارتهُ بانتظام. ولكن…
“اعتذر بصدقٍ لأرتيا، وتقبل العقوبة التي أصدرها القاضي بطيب خاطر، حتى تتمكن مِن التكفير عن ذنبك.”
“كيف يُمكنكِ قول شيءٍ كهَذا لي، أختي؟!”
وكأنَّ كرانك أدرك أمرًا ما.
“أنتِ تستغلين غيابي لتتحكمي في سلطة العائلة وثروتها كما يحلو لكِ، أليس كذَلك؟ لطالما كنتِ تطمعين في ذَلك!”
“……لَمْ أكُن أعلم أنكَ تُفكر بي بهَذهِ الطريقة.”
بعد ذَلك، توقفت إيفانجلين عن زيارته.
وبدا أنْ نظراتها ونظرات الأخوين الآخرين كانت كافيةً لردع بقية أفراد العائلة الفرعية عن القدوم أيضًا.
عبُس كرانك، ثم تفوّه بشتائمٍ مُتشنجة.
“كلكم متواطئون… لقد خططتم جميعًا للاستيلاء على ما هو لي!”
راقبتهُ أرتيا بهدوء.
طالما كان يُفكر بهَذهِ الطريقة، فَسيبتعد أكثر عن إخوته.
وكلما طالت فترة سجنه، زاد هَذا البعد.
“سأعود إليّه عندما يوقن تمامًا أنهُ لَمْ يعد لديه أحدُ في هَذا العالم.”
إذا كان لديه الحد الأدنى مِن الذكاء، فَسيدُرك أنْ معاداة أرتيا لن تفيده، بل سيحاول التقرّب منها.
فَهَذا هو السبيل الوحيد للخروج مِن هَذهِ الزنزانة النتنة ولو يومًا واحدًا في وقت أقرب.
وكانت تُخطط لخنقهِ ببطء…
كما يُروّض الكلب الشرس.
بعد أنْ أنهت مسألة أعمامها الثلاثة، لَمْ يكُن مِن الصعب عليها تكوين علاقاتٍ ودية مع أفراد العائلة الفرعية.
فقد أرسلت نبيذًا فاخرًا لأولئكَ الذين اشتهروا بحبهم للشرب، ورافقت مَن يعشقون الفخامة في جولات تسوّق، أما مَن كانت مُتعتهم الأولى هي الطعام، فقد دعتهم إلى منزلها وقدّمت لهم أطباقًا أعدّتها بعناية.
“لقد كنتُ مهملةً للغاية طوال الفترة الماضية، ولكن مِن الآن فصاعدًا، سأحرصُ على الاهتمام بأفراد عائلة إيدينبرغ.”
كانت أرتيا الابنة الكبرى لعائلة دوق إيدينبرغ، والمرأة التي ستنجبُ الدوق القادم.
امرأة بمكانتها، لَمْ تكُن متغطرسةً أو مُتعالية، بل قدّمت هدايا تروق لهم، وتلفّظت بكلماتٍ تُلامس مشاعرهم.
كيف لهم ألّا يقعوا تحت سحرها؟
وبسرعة، بدأ عدد المؤيدين لها في العائلة الفرعية يزداد بوتيرةٍ مُتسارعة.
أثناء اختيارها الهدايا لأفراد العائلة، خطر ببالها تساؤلٍ فجأة.
“ما الذي يُحبه الأمير كيليان؟”
الأمير الذي نال ثقة الإمبراطور، وكان يحظى بتقديرٍ كلٍّ مِن النبلاء والعامة على حدٍّ سواء.
رجلٌ كهَذا، قادر على امتلاك أيِّ شيءٍ في العالم بِمُجرد أنْ يرغب فيه.
فماذا يُمكن أنْ يُهديه شخصٌ ما ليشعرهُ بالسعادة؟ لَمْ يكُن لديها أيُّ فكرة.
وأمام عجزها عن إيجاد إجابة، قررت أنْ تسأل كيليان مُباشرةً عندما زارها في غرفتها.
“هل هُناك شيءٌ ترغب في الحصول عليه، يا سموّ الأمير؟”
نظر إليّها كيليان بصمت للحظات.
“أنا…”
كما كانت تظُن…
منذُ ولادته، لَمْ يكُن هُناك شيءٌ ينقص كيليان.
كان الإمبراطور والإمبراطورة والدَيه، وكان القصر الإمبراطوري الشاسع منزله، ولَمْ يرتدِ سوى الأزياء المصنوعة مِن أفخر الأقمشة، كما كان يحصل يوميًّا على كنوزٍ نادرة وألعابٍ مُبهرة.
وعاش حياتهُ محاطًا بالعشرات مِن الخدم، يلبّون كُل احتياجاتهِ بعنايةٍ فائقة، فَلَمْ يعرف يومًا معنى الإحساس بالحرمان.
ولكن… كان هُناك شيءٌ واحد لَمْ يستطع امتلاكه قط.
‘أمّي…’
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة