الفصل 11
كان الجميع في القاعة يعرف.
لا يمكن أن يكون قد ظهر بنية طيبة أبدًا.
لماذا بالذات وقت الأكل؟
تنهدت وأنا أنكس رأسي بضيق من إزعاج وجبتي. لكن بفضل التحذيرات العديدة التي سمعتها من إلياس، رفعت رأسي بملامح تكاد تُشبه «كلوي إيفرغرين» كما يجب.
في تلك اللحظة توقف ديميتري، محافظًا على مسافة بيننا. شعرت بتوتر واضح يسري بين الفرسان الأكبر سنًا المحيطين بي.
كان يبتسم بسخرية، شفتيه تميلان بخبث، وعلى خده تورم محمر من أثر ضربة سابقة. ثم بصوت مليء بالتحدي قال:
“سمعت أنك من أصول وضيعة، وتعلمت السيف بلا معلم يُذكر، كلوي إيفرغرين… السيدة الفارسة! لم أستغرب أنك بادرت باللكم، فالطبع يغلب الأصل.”
هذه المرة لم يذكر اسم إلياس، بل استهدفني مباشرة. يبدو أن عقله استوعب أخيرًا أن عقوبة التعدي على فارس عادي تختلف عن عقوبة التعدي على فارس متدرّب.
خطته واضحة: إن أنا تهورت وضربته من جديد، فسيتخذها ذريعة لطردي من الفيلق.
يريد أن أفقد أعصابي وأضربه مرة أخرى…
لكنني لم أكن من السذاجة حتى أقع في فخ كهذا. صحيح أن صبري قصير، لكن ثبات قلبي لا يُكسر.
حتى لو سخر مني بصفتي «هوية مزيفة»، لم أكن أشعر بالمهانة.
ابتسمت له ابتسامة مشرقة وقلت:
“في الحقيقة، أجيد فنون القتال اليدوي أيضًا.”
ظن أنها إطراء، لكنه سرعان ما أظلم وجهه. تقدم نحوي بملامح شرسة، نبرة تهديد تتطاير من لسانه:
“هل ترغبين أن أريك مهارتك تلك مرة أخرى؟”
لو كان خصمًا ضعيف القلب، لارتبك من هيبته. أما أنا فلم أجد في ذلك سوى سبب إضافي لإيقاعه.
تستجلب الضرب أكثر فأكثر.
أجبته بابتسامة هادئة:
“لابد أن تأتي الفرصة يومًا ما.”
— الفرصة التي ستُهزم فيها أنت فقط.
حينها تدخّل أحد رفاقه ليمسك بزمام الأمور:
“ديميتري، كفى.”
ابتلع أنفاسه وكبح غضبه بخطوة للوراء، لكنه قال من بين أسنانه:
“الفرص لا تُعطى بسهولة لفارس متدرّب من فيلق مغمور كهذا.”
كلماته كانت تقطر سما، حتى أن زملائي من الفيلق العاشر الذين لم يحبوا المشاكل عادة، بدأوا يتململون من الغيظ. بدا أن أحدهم سيقفز ليضربه بدلًا مني.
لا، تلك الضربة من حقي.
رفعت صوتي متعمدة:
“الفرص تُصنع أحيانًا، أليس كذلك؟”
ثم انحنيت له بخفة، بابتسامة بريئة:
“إن تفضلتم بتعليمي، سأكون ممتنة يا سيدي.”
كان عرضًا للقتال تحت ستار “مبارزة تدريبية”.
ارتبك؛ إن قبل وتقاتل معي بلا أسلحة حقيقية أو بسيوف خشبية، فلن يستطيع طردي بحجة التعدي. وإن هُزم، ستكون وصمة عار عليه لا عليّ.
رمقني بتردد، بينما أحد أتباعه من “الثلاثي الأحمق” تبادل معي النظرات بوجه قلق. لقد فهم مثلي: الاحتمال الأكبر أن ديميتري سيُهزم.
ابتسمت له ابتسامة واثقة، زدت من ارتباكه.
أخيرًا، اضطر ديميتري لأن يرد:
“لا يمكن أن أتجاهل رغبة متدرّب يتوق للتعلم.”
كان يفتعل دور المعلم، يربت على كتفي بخشونة متعمدة حتى أحدثت ضرباته صوتًا.
“إذن، فلنذهب إلى ساحة تدريب الفيلق العاشر.”
أجبته بهدوء:
“كما تشاء.”
في داخلي ضحكت: يا له من رجل كريم… يمنحني فرصة الانتقام بنفسه.
لكنه تجاهل امتناني، وتوجه بخطى سريعة خارج القاعة، يتبعه رفاقه. كنت على وشك اللحاق بهم…
لكن خادمًا صغيرًا اندفع لاهثًا، وجهه مشوب بالذعر:
“أيها الفرسان!”
توقف الجميع، حتى الفيلق التاسع عند الباب.
التقط الصبي أنفاسه، ثم صرخ:
“صاحب السمو ولي العهد، وصاحبة السمو الأميرة الأولى… سيحضرون لمتابعة تدريب بعد الظهر لفيلق الفرسان العاشر!”
أخي وأختي؟
لقد جاؤوا لرؤيتي.
ارتج القاعة بدهشة تكاد تلامس الصدمة.
“هل سمعت جيدًا؟ الفيلق العاشر؟”
“لماذا يتجاهلون فيالق الحرس والفيلق الأول ويأتون إلى هنا؟”
أجاب الخادم مرتبكًا:
“نعم! أكدوا أنه الفيلق العاشر، لكن… لا أعرف السبب.”
رغم الحيرة، لم يكن أحد قادرًا على إنكار الأمر. حضور العائلة الإمبراطورية لمتابعة تدريب أحد الفيالق كان يحدث أحيانًا لرفع الروح المعنوية.
أما أنا، فكل ما شعرت به هو: لقد حان وقت المواجهة.
لكن لحسن الحظ، وجد أحد الفرسان تفسيرًا:
“
لابد أنهم جاؤوا لرؤية القائد.”
“صحيح، سمعت أن القائد مقرب من ولي العهد.”
زفرت في سرّي براحة.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 11"