الفصل 49 : مختلفٌ عن أيِّ شخصٍ آخر ³
لكن، لا يجوز رمي الطعام. لماذا تهدر طعامًا ثمينًا؟ يجب أن نأكله.
ولكن، الفم ليس للأكل فقط، أليس كذلك؟
يمكن استخدامه أيضًا للصراخ، أليس كذلك؟
“أيُّها الناس-! يوجد لصٌّ هنا… أغم!”
“م-مهلاً! انظري إلى هذا أولاً قبل أن تتكلمي!”
عندما صرختُ، ارتبك كريسينت وسد فمي بورقة.
بصقت “تفوه، تفوه!” ثم نظرت إلى الورقة التي تدحرجت على الأرض وقطّبت حاجبي.
“هذه ختم معبد شجرة العالم، أليس كذلك؟”
كانت ورقة ذات خامةٍ فاخرة تحمل رمز معبد شجرة العالم.
لماذا يملك هذا الشخص شيئًا كهذا؟
بينما كنتُ أشك في الأمر، التقط كريسينت الرسالة بسرعة وعرضها أمامي.
“ها هي، اقرئيها! تذكري الوعد، أليس كذلك؟”
وعد؟
لا يُعقل…
***
[لقد وعدتُ أن أرسل أحدهم إلى متجر الأخت، لذا أرجو أن تعتني بالأخ كريسينت الذي يحمل هذه الرسالة.]
***
“إذًا، أنت…؟”
“نعم، أنا كريسينت. هل نسيتِ اسمي؟”
“لا، ليس هذا ما أقصده! لماذا تم اختيارك لتكون رسول الكاردينال؟”
إذًا ماذا عن كل تلك السرقات التي ارتكبها؟!
عندما بدوتُ مذهولة، هزّ كريسينت كتفيه.
“مِن يدري، ربما بسبب جمالي البريء والفريد…؟”
“…..”
“لا، لا! سيدتي! لا تغلقي الباب! افتحيه! لن أقول شيئًا كهذا مجددًا! آسف!”
بعد عدة دقائق.
بينما كنت أمسك رأسي بيدي وأنا أجلس أمام كريسينت الذي كان يأكل كعكة التوت الأزرق بسعادة، سألته بصوتٍ مبحوح:
“إذاً، حسب كلامك…”
“نعم؟”
“الكاردينال أخبركَ أن تكفّر عن ذنبك بالخدمة في المعبد. لذا أصبحت رسولاً له. هكذا الأمر؟”
“بالضبط. صحيحٌ جدًا. بالنسبة لشجرة العالم، نحن جميعًا خطّاؤون، وكل من يعمل في المعبد هم رسل لشجرة العالم.”
قال كريسينت ذلك وهو يتظاهر بالصلاة وابتسم بلطف.
إذا تجاهلت الحديث المتكلّف وغير المناسب له وفكرت بالأمر…
‘يبدو أنه تم الإمساك به يسرق، لذا أُجبر على العمل في المعبد كتكفير، شيءٌ من هذا القبيل.’
كنت أفكر: أليس من الغريب أن تُكلّف قطةٌ بحراسة سمك؟ ولكن بما أن هذا هو قرار المعبد…
وضعتُ يدي على صدغي المؤلم ونظرت إلى الرسالة.
بالفعل، كانت تحمل رمز معبد شجرة العالم.
وعندما قلبتها، وجدت بطاقة عمل بداخلها.
***
كريسينتسيانو ديوسا بيلغريم – كاردينال
***
‘ذلك الكاهن الصامت كان كاردينالاً؟ منصبٌ رفيعٌ جدًا. لكن اسمه…’
“هل أنتَ شقيق الكاردينال؟”
كح كح!
اختنق كريسينت بالشاي فجأةً وهو يتلعثم.
“م-ماذا تقولين؟”
“اسم كريسينتسيانو يشبه اسمَك كثيرًا، لهذا سألت. على أيّ حال، امسح الشاي الذي سكبتَه.”
لماذا تفاجأ هكذا؟
بينما كنت مستغربة، بدأ كريسينت بسحب المناديل وهو يسعل.
“آه، ظننت…”
“ظننت ماذا؟”
“أممم، فقط… قد يكون من غير اللائق أن يُربطني الناس بالكاردينال كأحد أقربائه.”
“وما المشكلة؟ هو ليس موجودًا هنا. ثم، من الطبيعي أن يكون لدى بعض الناس أخ أو قريب يثير المشاكل. هذا لا يُعد عيبًا.”
كما لدى جدي أولئكَ أبناء الإخوة سيئو الأخلاق.
قلت ذلك دون أن أعيره اهتمامًا، لكن كريسينت نظر إليّ مطولاً ثم ابتسم.
“منذ مدة، كنت أفكر أنكِ متسامحةٌ بشكلٍ غريب.”
“في ماذا؟”
“منحتني فرصةً حتى النهاية، وقلتِ إنَّ امتلاك قريبٍ كهذا لا يُعد عيبًا… هل أنتِ متسامحةٌ مع الجميع، أم فقط معي؟”
“لنفكر بذلك بعد أن تنتهي من تنظيف الأرض أولاً، ما رأيكَ؟”
“آه، لا… أنتِ قاسيةٌ جدًا…”
بينما كان يمسح الأرض بوجهٍ حزين، رفع عينيه الخضراوين قليلاً نحوي.
“هممم. تشابه الأسماء سببه الاسم المعمَّد! نستخدم الاسم المعمَّد كاسمٍ شخصي، لذلك.”
“الاسم المعمّد؟”
“نعم. كما في الإمبراطورية، يوجد آلاف الأشخاص بأسماء مثل يوهنا ويوهان ويوآنّا. لستِ من أتباع الديانة، أليس كذلك؟”
بما أنني بدأت حياةً جديدة، ربما يُمكنني اعتبار نفسي كذلك بطريقةٍ ما؟
ابتسمتُ بصمت، فحدق كريسينت بي باهتمام.
لماذا ينظر هكذا؟ رسمت علامة × بيدي.
“إذا كنتَ تنوي التبشير، فأنا أعتذر، لا أرغب بذلك.”
“ليس هكذا، أنا أؤمن بأن الإيمان لا يُفرض. فقط… أظن أنها المرة الأولى التي أراكِ فيها تبتسمين بصدق.”
“حقاً؟ هلّا رميت القمامة من فضلك؟”
“مرةً أخرى، قاسيةٌ جدًا…”
كان كريسينت يتمتم وهو يعود للجلوس على الكرسي، فارتديت قفازاتي.
“إذًا، ما الذي أتى بكَ اليوم؟”
“آه، نسيتُ من متعة الحديث. أولاً، بخصوص الأداة المقدسة، تم تأكيد أنها مزيفة. وطلبوا مني أن أشكركِ.”
“كما توقعت، كانت مزيّفة.”
من تجرأ على خداع المعبد؟ يا له من وقح. وبينما كنت أفكر، تألقَت عينا كريسينت.
“لكن هذه أول مرةٍ ترين فيها هذه الأداة، صحيح؟”
“صحيح.”
“ولم تريها مسبقًا، ومع ذلك اكتشفتِ أنها مزيّفةٌ مباشرةً؟ وبدون أيّ أدوات؟”
“تقريبًا.”
“كيف؟”
ضيّقتُ عينيّ.
فأسرع كريسينت يلوّح بيديه.
“لا، لا، لست جاسوسًا، أقسم! الكاردينال كان هو الفضولي لذلك. هاه؟ لا يمكنكِ أن تخبريني؟ لا أستطيع العودة دون شيء.”
“لكنّك أكلتَ نصف قالب من كعكة التوت، ألا يعتبر ذلك شيئًا؟”
“آه، تعلمين أنني لا أقصد هذا…”
“هذه أسرارٌ عائلية موروثة في متجري، ولا يمكنني مشاركتها. أحتاج إلى كسب المال، كما تعلم.”
وليس هناك شيءٌ أقوله أصلاً.
فقط الملاحظة الدقيقة كافية.
ثم، إن شرحتُ كيفية التقييم بالتفصيل، فذلك لن يعود عليَّ بأيّ فائدة.
كيف سأدير عملي حينها؟
“إذا كان الكاردينال مهتمًّا فعلاً، فاطلب منه أن يأتي بنفسه.”
“هممم… إذا اقتربنا أكثر، هل ستخبريني؟”
“هل أنتَ الكاردينال، كريسينت؟”
قلتُ مازحة، لكن كريسينت توقف للحظة، ثم بدا حزينًا.
“هل لا تريدين أن نصبح مقربين؟”
“أعتقد أنكَ فهمتني خطأ. لم أقصد ذلك.”
“إذًا، هل هذا يعني أنكِ تريدين أن نكون مقربين؟”
“أنتَ تُقسّم الأمور بطريقةٍ ثنائية جدًا، أليس كذلك؟”
“لأني أريدُ أن أكون مقربًا منكِ.”
“وأنت تعلن عن أهدافكَ بهذه الطريقة؟ هكذا تكوّن الصداقات عادة؟”
رمش كريسينت بعينيه.
“…لا أملك أصدقاء، لذلك لا أعلم.”
حدّقت في عينيه اللامعتين للحظة، ثم هززت رأسي.
“أنا أيضًا لا أملك أصدقاء.”
“هاه؟”
“فلا تستخدم ذلك التعبير وكأنكَ جروُ تائه. لن ينجح معي.”
“آه…”
مرّر يده بين خصلات شعره الفضي وقال وهو يضحك. “حقًّا، لا يمكن التأثير عليكِ…” ثم مال برأسه.
“لكن، سيدتي، عندما قلتُ إنني أريد أن أكون مقربًا منكِ، كنتُ صادقًا. وأني لا أملك أصدقاء، هذا أيضًا صادق.”
“حسناً. ما الطلب التالي؟”
نظر إليّ مطولاً، ثم ابتسم قائلاً: “حسنًا، استسلم.”
أخرج من حقيبته سوارًا مرصّعًا بالأحجار.
“قيّمي هذا من فضلكِ.”
“هل هو أداةٌ مقدسة أم لا؟”
“فقط، أريد رأيكِ بشكلٍّ عام.”
أخذتُ العدسة والمصفاة.
نظرتُ إلى السوار بعناية، ثم تحدثت.
“بالفعل، هو أداةٌ مقدسة.”
“حقاً؟ ممتاز.”
“لكن الأحجار مزيّفة. كلها زركون.”
“ماذا؟! الأحجار مزيّفة؟!”
“ليس غريبًا. أليس من الممكن أن تحل البركة في قطعة خشبٍ أو حجرٍ عادي؟”
“هذا صحيح، ولكن…”
“الماء الذي في إناء من طين، والماء الذي في إناء من ذهب… في النهاية، كلاهما ماء.”
عندما أنزلتُ العدسة، كان كريسينت يُحدق بي بذهول.
“ما بكَ؟”
“…قلتُ لكِ سابقًا إنكِ تُشبهين ميكيلي، أليس كذلك؟”
“قلتَ ذلك.”
ولهذا ظننتُ أنك كاذب.
هززت كتفي، فأضاف كريسينت بصوتٍ منخفض.
“لكن الآن، أدرك أن الشبه الحقيقي كان في طريقة التفكير.”
“طريقة التفكير؟”
“نعم. كنتُ أحب ميكيلي جدًا. لم أكُن أجد الكثير من الناس يمكنني التحدث إليهم بتلك الطريقة.”
“هل هذا… مدح؟”
كلماته كانت مربكة بعض الشيء. ثم خطر ببالي شيء.
“كريسينت، كيف تعرفتَ إلى جدي؟”
“أوه، أخيرًا.”
أخيرًا؟
“أصبحتِ مهتمةً بي؟ أنا سعيدٌ جدًا.”
“انسَ ما قلته. كأنني لم أسأل شيئًا.”
“مستحيل، لقد سمعتِ.”
“لن أعتبر أنكَ قلت شيئًا.”
“لكني قلتُ بالفعل؟ أظن أن القصة ستكون طويلة، هل يمكنني طلب كوب شاي آخر…؟”
في تلكَ اللحظة.
توقف كريسينت عن الكلام فجأةً، وأدار رأسه بسرعة.
نظرتُ نحو النافذة لأرى ما الأمر.
“أعتذر على الإزعاج.”
كان أيلان واقفًا أمام النافذة.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
التعليقات لهذا الفصل " 49"