بينما كان أيلان غارقًا في التفكير، دوّى صوت طرقٍ خفيف عند أذنه.
“القائد؟”
“ما الأمر؟”
“سموّ الأميرة كاترينا تطلب لقاءً خاصًا بك.”
“نعم، سأتوجّه حالًا.”
حدّق أيلان للحظة في ساعة الرمل، ثم تبع الخادمة باتجاه جناح الأميرة.
كانت خادمات جناح الأميرة دائمًا ما يظهرن بملامح كئيبة.
كنَّ يشعرن بالذنب لأنهنَّ غير قادراتٍ على مساعدة أميرةٍ تعاني على يد خالها، وكان يحزنهنّ رؤيتها غارقةً في الكآبة واللا مبالاة منذ وفاة الإمبراطورة.
لكن اليوم لم يكن كذلك.
“هل هذا بسبب ما حدث قبل عدة أيام؟”
تذكّر أيلان اليوم الذي تم فيه تجديد التصريح.
***
في منتصف تلك الليلة، كان أيلان والفرسان المقدسين في غرفة الاجتماعات لتأمين المكان.
تفاجأ النبلاء في القاعة من النتيجة التي أُبلغوا بها، وبدأوا على الفور بالاعتراض.
“هل نيكولاس راوم يستحق أن يُعد من النبلاء؟ أعني، طبعًا، ليس قصدنا زوجته البارونة روزان راوم.”
“ربما تمّ شراء راوم بالمال!”
“وفوق ذلك، كيف يجرؤ على ضمان حيٍّ كامل؟ من يضمن ألّا يكون بين السكان مجرمٌ أو محتال؟!”
راقب كروديل الموقف بصمت، كما لو كان يتأملهم من بعيد دون أن يتدخل.
وحين همّ بفتح فمه ليتفضل بكلمة، فُتح الباب بقوة.
“ومن يضمن ألّا يكون هناك بريءٌ يُظلم وسط كل هذا؟”
“س، سموّ الأميرة…؟”
من دخلت القاعة كانت الأميرة كاترينا.
تفاجأ كروديل، وكاد أن يصرخ كعادته، لكنه تراجع حالما لاحظ أنظار الحضور عليه، فقال بنبرة مزيفة.
“لينا، هذا ليس مكانكِ. عودي إلى جناحكِ.”
“مكانٌ يُناقش فيه شؤون الدولة؟ ولماذا لا يكون من حقي كـ فيلوسوفي أن أكون هنا؟”
شددت الأميرة على كلمة فيلوسوفي وانتصبت واقفة.
رغم أن صوتها ارتجف قليلًا، فإنَّ عينيها الخضراوين كانتا تتلألآن بعزيمةٍ غير معهودة.
“حتى لو أفلت عشرة مجرمين، لا ينبغي أن يُعذّب بريءٌ واحد. هذا هو مبدأ العقوبة الذي اتبعه والدي، الإمبراطور. وبما أنني أذكر كلماته جيدًا، فلا يمكنني السكوت على هذا الوضع.”
“لينا!”
“هل المشكلة هي في الأهلية؟ إذًا، بدل اسم البارون راوم، ضعوا اسمي، كاترينا فيلوسوفي! أنا، الأميرة، سأكفلهم جميعًا.”
لم يجرؤ أحد على معارضة أميرة تستشهد بكلام الإمبراطور.
باستثناء شخصٍ واحد: كروديل.
احتقن وجهه وتبدلت ألوانه حتى صرخ غاضبًا.
“ما الذي تفعلينه؟ هل تعرفين ما هذا المكان؟!”
أجابته الأميرة بنبرةٍ باردة وهي تحدّق فيه.
“أنا أعلم. لكن يبدو أن خالي هو من نسي أن هذا مكانٌ عام.”
“ماذا…!”
“احترم الألقاب، رجاءً. لقبي هو سموّ الأميرة كاترينا.”
ثم استدارت لمغادرة القاعة، لكن قبل أن تخرج، نادت:
“أيلان، لم تعد بحاجة للبحث عن القلادة بعد الآن.”
تفاجأ كروديل كمَن صُعق، لكن الأميرة أضافت.
“بما أن ‘صاحبة القلادة’ تعطيكَ أمرًا مباشرًا، فعليكَ أن تطيعني، أليس كذلك؟”
انحنى أيلان.
“أجل، سموّ الأميرة. أمركم مطاع.”
خرجت كاترينا من قاعة الاجتماعات بعد أن أعلنت أمام الجميع أنها صاحبة القلادة.
عمّ الصمت المكان.
لم يُسمع سوى أنفاس كروديل الغاضبة المتقطعة.
***
“كانت تلك المرة الأولى التي تظهر فيها سموّ الأميرة في اجتماعٍ حكومي. حتى كريديل لم يجرؤ على مواجهتها علنًا.”
رغم أن كروديل هو الوصي على العرش، إلا أنه في النهاية مجرد ماركيز.
ما جعله مؤهلًا للوصاية لم يكن إلا أنه شقيق الإمبراطورة الراحلة، وكان يتصنّع الحزن عليها.
طالما كان يؤدي دور الأخ الحزين، فلن يجرؤ على مهاجمة ابنة أخته علنًا.
“منذ أن غادر الإمبراطور في رحلة، بدأ كروديل يُظهر وجهه الحقيقي، لكنّه لا يزال يحرص على صورته العامة.”
لطالما كان يبرر تصرفاته تجاه الأميرة بأنها تأديب ليس إلا.
كان يتعلل بأنه يُحاول إصلاح تصرفات ابنة أخته غير الناضجة، ويصف الأمر بأنه شأنٌّ عائلي لا يحق لأحدٍ التدخل فيه.
“ربما أراد بذلك منع الفرسان المقدسين من التدخل. بما أن الأميرة نفسها بقيت صامتة، لم يكن أحدٌ قادرًا على فعل شيء.”
لكن بعد ذلك اليوم، بدأت كاترينا تقرأ وثائق الدولة.
رغم أن التهديدات السابقة من خالها جعلتها تبتعد عن تلك الأمور.
“يبدو أنها استعادت قواها، وهذا جيد.”
لم يكن أيلان يعرف تمامًا ما الذي قاله كروديل لها ليكبحها بذلك الشكل.
لكنه كان سعيدًا أنها قررت أداء واجبها كأميرة.
هذا ما كان يتمناه.
فولاؤه لم يكن لكروديل، بل لعائلة فيلوسوفي.
“لكن كون كروديل هادئًا الآن أمرٌ مريب. ربما أدرك أن التهديد لم يعد يجدي معها، لذا يراقب بصمت.”
غارقًا في تفكيره، وصل أيلان إلى المكتب.
“سموّ الأميرة، أيلان قد وصل.”
“دعه يدخل.”
غطّت كاتارينا الوثائق وأشارت له بالجلوس.
جلس أيلان بوضعيةٍ رسمية.
تأملته كاترينا للحظة، ثم قالت:
“أعتقد أن عليَّ قول هذا أولًا. أعلم أنني لم أقم بواجبي سابقًا.”
“ها أنتَ تنكر مجددًا… على أيّ حال، من الآن فصاعدًا، سأتصرّف كما يجب على أميرة أن تفعل. لا أعلم كيف سيرى الإمبراطور ذلك… لكنني سأتبع ما أراه صوابًا.”
كان الإمبراطور سيفرح بقرارها هذا.
لكن لماذا بدت وكأنها تشك في دعمه لها؟
‘هل يعقل أن كروديل دسّ السمّ بينهما…؟’
لكن لم يكن يحق له أن يسأل.
أيلان التزم الصمت.
“لقد استدعيتكَ اليوم لأطلب منكَ خدمة. أحتاج إلى من يتحرك بسرّية.”
“أمركِ يا سموّ الأميرة.”
“ذاك المتجر… أتذكره؟”
رفع أيلان رأسه فرأى كاترينا تعبث بشفتيها.
“أود أن أدعو صاحبة المتجر إلى جناحي.”
“إذا كنتِ ترغبين في استعادة القلادة، يمكنني إحضارها بنفسي.”
“لا، لا… القلادة أيضًا، لكنني أريد أن تحضر هي بنفسها.”
أيلان لم يعرف ماذا يقول.
وبينما التزم الصمت، تابعت الأميرة بتردد.
“أشعر بالذنب لأنها تورطت في أمرٍ لا علاقة لها به… وأشعر بالامتنان لأنها حافظ على السر، حتى أمامكَ. لكن إن دعوتها رسميًا، ربما يراقبها خالي.”
“نعم. فهمت.”
“لا بأس إن لم يكن اليوم…”
“سأتوجّه إلى متجر الرهونات اليوم.”
“حقًا؟ ستفعل؟”
أضاء وجه كاترينا بابتسامة مشرقة.
‘لم تكن سموّ الأميرة تملك مثل هذه الابتسامة من قبل؟’
تفاجأ أيلان من نفسه لدرجة أنه طرح سؤالًا لم يكن ليطرحه عادة.
“أعذريني يا سموّ الأميرة، لكن هل لي أن أسألكِ عن السبب الذي دفعكِ لترك القلادة هناك؟”
“أوه… في الحقيقة، لا أعلم.”
فتحت فمها لتتكلم عدة مرات، ثم تمتمت:
“أذكر أنني سمعتُ شائعاتٍ عن المتجر، لكن لا أتذكر كيف قررتُ الذهاب إليه. فقط… وجدتُ نفسي هناك. ربما كنتُ مرهقةً جدًا حينها.”
“…أعتذر، سموّ الأميرة.”
“لا داعي. في النهاية، كان ذلك من حسن حظي. صاحبة المتجر ذكية، ليس فقط مع الأشياء، بل مع الأشخاص. قالت بضع كلماتٍ فقط، لكنها أعطتني الشجاعة وراحة البال.”
ابتسمت كاترينا.
“أيلان، إن كان لديك جوهرةٌ أو شيءٌ ثمين في المنزل، خذه إليها. لقد قيّمت قلادتي فورًا، وستقيّم أشيائكَ بدقة أيضًا.”
“…نعم، سأفعل. سأذهب فورًا.”
عاد أيلان إلى مكتبه وبدّل زيه الرسمي بملابسٍ عادية.
وقبل خروجه، توقفت عيناه على الساعة الرملية.
“…..”
مدّ يده نحوها بعد لحظة تفكير.
***
كان صباحًا مزدحمًا.
التقت إليشيا بهانا قبل ذهابها للعمل، ثم حضرت اجتماع الجمعية في المركز.
“إليشيا! من هنا، من هنا!”
عند انتهاء اجتماع التحضير للمهرجان، استوقفها صاحب المخبز.
“آه، لم أعرف كيف أرد الجميل، لذا أحضرتُ هذا على الأقل.”
“أيُّ جميل؟ لا، لا، لا داعي لهذا، أنا بخيرٍ حقًا.”
“بل جميلٌ كبير! لولاكِ، لأغلق المخبز. خذي هذا الكعك واستمتعي به، حسنًا؟”
كان أحد الأعضاء الذين كادوا يفقدون مصدر رزقهم لولا تدخل نيكولاس.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 48"