“لستُ متأكدًا مِمّا إن كنتِ قد فهمتِ كلامي بشكلٍ صحيح.”
“بلى. سمعتُ جيدًا ما قلتَه. لا تفاوض، وأقتراحكَ ليس خسارةً لي.”
“لكن لماذا ترفُضين إذًا؟”
“لأنَّ الفرضيّة التي تضعها ليست قائمةً أصلًا. لكن هناك خطأ في ما قلتَه، لأنَّ توظيفي لك سيكون خسارةً فعلًا.”
ضحك ضحكةً قصيرة وكأنَّ ما سمعه لا يُصدّق.
“أتدرين كم يُساوي اسمي؟ أقترح أن أقدّم خدماتي مقابل ثمنٍ تافه، بل أوافقُ على عقد توظيف طويل المدى، ومع ذلك تقولين إنّكِ ستخسرين؟”
كنتُ أتوقّع أن يقول ذلك.
وضعتُ يدي على صدري تمثيلًا.
“ولهذا بالتّحديد هو أمرٌ يسبّب لي خسارة. أن أُشغّل شخصًا باهظ الثّمن لقاء مبلغٍ زهيد لا يجعلني أشعر بالرّاحة. أنتَ تعرف أنَّ الدَّيْنَ النّفسيّ هو الأصعب في سداده، أليس كذلك؟”
ولم أترك له مجالًا للردّ، فقلتُ مباشرة:
“ثمّ إنَّ أجر الاستشارة ليس دفعةً واحدة كأجر المهمّة. هو مصروفٌ مستمر، وكلّما طال الوقت، زادت خسارتي.”
“أجرُ الاستشارة…”
“لا أظنّ أن شخصًا قيمته عالية سيعمل مجّانًا، أليس كذلك؟ ثمّ حسب سياسة المتجر، يجب دائمًا دفع أجر الاستشارة. ولو خفّضتَ بنفسك من قيمة خدماتك، ألن يبدو الأمر وكأنَّ لديك دافعًا خفيًّا؟”
‘تمامًا كمن يتظاهر بشدّة الفضول لمعرفة ما يوجد في الطابق الثاني.’
كأنَّ الشّعلة التي كانت متّقدةً في نظراته قد خمدت بلطف حين حاول الرّد.
رغم أنّني أبدو مرِحة وهادئة، كنتُ أفكّر بجدّية.
بدا واضحًا أنَّ كاسيان جاء اليوم وهو عازمٌ على توقيع عقد توظيف.
ولهذا، كنتُ أعلم ما الموقف المناسب الذي ينبغي أن أتّخذه.
‘من يُظهر هذا القدر من الإصرار لا يتخلّى عن هدفه بسهولة. لكن إن رفضتُ مرّةً بشكلٍ واضح…؟’
يمكنني أن أُجلسه إلى طاولة التفاوض لاحقًا.
وهذا أيضًا مِمّا علّمني إيّاه جدّي.
لكنّ ردّ كاسيان، الذي مرّر يده عبر شعره، جاء جافًّا على غير المتوقّع.
“على أيّ حال، ما دمتِ تطلبين استشارةً في السّلاح، فمن الطبيعي أن تدفعي أجرها. فقولُكِ إنّ هذا خسارةٌ غير دقيقٍ في هذا السّياق، أليس كذلك؟ إذًا فالموضوع لا يحتاج سوى دفع الأجر المعتاد.”
“صحيح.”
أجبتُه على الفور، فارتفع حاجبه في استغراب.
لأنَّ كلامه كان صحيحًا.
‘صحيح أنَّ المال الخارج من يدي يُعدّ تكلفة، لكنّه لا يعني بالضّرورة خسارة.’
مثلما أشتري حلوى بقطعة ذهب، لا يعني ذلك أنّني خسرتُها.
لكنّ المفاجأة كانت أنَّ كاسيان التقط مقصدي الدّقيق رغم تعقيد كلامي.
“لكنّ الدَّيْن النّفسي قد لا يُسدَّد أبدًا، وفوق ذلك، هناك أمرٌ آخر يُقلقني…”
“أقلقكِ؟ أهذا عن إصابتي مرّةً أخرى؟”
“طبعًا هذا أيضًا يُقلقني، لكنّ الأهمّ هو أنّني لا أعرف بعد مدى كفاءتك.”
“كفاءتي؟”
تغيّرت ملامح وجه كاسيان قليلًا.
“فأنتَ لا تُدير متجرًا للسّلاح، ولا تعمل حدّادًا أو مهندسًا في علوم السّحر. وكما تعلم، لا قيمة حقيقيّة لما يقوله المرء عن نفسه.”
تمامًا كما شكّت بي هيلينا من قبل.
“لهذا، أقترح تجربةً مؤقّتة. لنُجرِ بضعَ مهمّاتٍ معًا، وإن كانت النّتائج جيّدة، نوقّع عقدًا رسميًّا. ما رأيك؟”
وبالطّبع، حتى لو كانت النّتائج مرضية، كنتُ أنوي الادّعاء بالعكس.
‘لهذا السّبب تحديدًا، لا يجب الوثوق بالعقود الشّفهيّة.’
من كان يتوقّع أن يُستبدل مئتا ألف قطعة ذهب بوساطة توظيف؟
بينما كنتُ أتمتم بضيق داخلي، رأيتُ كاسيان يبتسم بخفةٍ وهو ينظر إليّ.
لم تكن ابتسامته ساخرًة، ولا متفاجئة، بل كانت حقيقيّةً وخفيفة.
“قلتِ سابقًا إنّه لا تفاوض، لكنّكِ وضعتِ في النّهاية شرطًا. لا بأس، لا مشكلة.”
وحين رآني أُحدّق فيه باستغراب، انحنى قليلًا حتى تلاقت أعيننا.
“أنا واثقٌ من نفسي. سيعجبكِ أدائي.”
همس بتلك الكلمات بصوتٍ خفيضٍ للغاية، تردّد في أذني.
كنتُ على وشك الردّ بمزاح: ‘أنتَ ستعجبني؟ أم النّتائج؟’ لكنّني اكتفيتُ بإعادة كلماته في ذهني.
إن كان واثقًا بهذا القدر، فلا يبدو أنّه عديم الكفاءة.
‘على كلّ حال، سنرى.’
ثمّ يبدو أنّ كاسيان أدرك أنّ كلماته تحتمل أكثر من معنى، فابتعد فجأة وقال:
“…أقصد مهاراتي فقط، لا أكثر.”
كتمتُ ضحكتي وأجبته:
“فهمت. إن احتجتُ إلى استشارة، سأتّصل بك. إذًا، إلى اللقاء…”
“لحظة. لديّ سؤال.”
“سؤال؟ ما هو؟”
ظننتُ أنّه سيعود للسّؤال عن الطابق الثّاني في المتجر أو محلّ الرّهن، فأجبتُ دون اهتمام.
“أسمُكِ.”
“اسمي؟”
كان هذا أكثر الأسئلة غرابةً وإثارةً للفضول طيلة هذا العام.
أسندتُ ذقني على كفّي، وأملتُ رأسي قليلًا، متعمّدةً اتخاذ وضعٍ متصنّع، من أكثر الوضعيات رومنسيّةً مبالغةً.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 28"