ظننتُ أنّه اقترف أمرًا سيّئًا آخر غير اقتراحه لبيع نفسه.
ضحكتُ بسخرية وهززتُ رأسي.
“نعم.”
“……هكذا إذًا……؟”
على أيِّ حال، طالما أنَّ هذا الإنسان يتبع فعلًا للنّقابة، فذلك كافٍ.
فهذا لم يكن الأمر الرئيسيّ الذي جئتُ لأجله.
‘على الأقلّ، فهو مجنون بهويّةٍ مؤكَّدة.’
سواء أكان ذلك حظًّا جيّدًا أم سيّئًا، لا أعلم.
ربّما كان صادقًا حين قال إنّه لا يخاف منّي. نظرتُ إلى ويليام الذي كان يتمتم وحده، وبدأتُ أطرحُ موضوعي الرّئيسيّ.
“على كلٍّ، جئتُ إلى هنا لأنّ لديّ أمرين أودّ توكيلكما بهما.”
“آه، صحيح. فأنتِ صاحبة محلّ الرّهن، أليس كذلك؟ تبدين وكأنّكِ تتساءلين كيف عرفت، لكن هل نسيتِ أين نحن؟”
“نسيتُ للحظة. فجأة بدأنا بالحديث عن الديكور والقطّة.”
ضحك ويليام ضحكةً بهيجة وأسند ذقنه إلى يده.
“ما محتوى الطّلب إذًا؟”
“أولًا، أودّ أن تُعرّفوني على شخصٍ يصلح أن يكون مستشارًا. لا أملك علاقاتٍ كثيرة.”
نظر ويليام إلى القائمة التي قدّمتُها له، ثمّ رمقني بنظرةٍ عابرة من فوق كتفي.
هل رأى شيئًا؟ كنتُ على وشك الالتفات، لكنّه بادر بالكلام:
“حسنًا، لأنّكِ قلتِ إنّكِ مرتاحةٌ لي، فسأخبرك بهذا مجّانًا. النبيذ القديم؟ اذهبي إلى هذا الرّجل، إنّه يعرف جيّدًا. فقط اذكري اسمي وسيفهم. وأيضًا…”
من يقلق على مبيعاته، لماذا يُعطي معلوماتٍ كهذه مجّانًا؟
كنتُ أرغبُ حقًّا في قول ذلك، لكنّي أمسكتُ لساني.
سأردّ له المعروف لاحقًا بشراء شيءٍ له من المخبز. بدلًا من ذلك، بدأتُ أدَوِّن ملاحظاته بتركيز.
“خبير أسلحة؟ هُمم، لا يخطر ببالي أحدٌ حاليًا. إن تذكّرتُ، سأتّصل بك.”
“حقًّا؟ شكرًا جزيلًا.”
“مَن يدري، قد تصادفين أحدهم بمحض المصادفة قبل أن أتّصل أنا.”
هاه؟
رغم أنَّ كلامه بدا معلّقًا في الهواء، إلا أنّني لم أعلّق، فقد حصلتُ على المعلومات مجّانًا، وشعرتُ بوجوب التزام الصّمت.
رفع ويليام حاجبًا وكأنّه يقول: “تابعي الحديث.”
“قلتِ إنّ هناك أمرين؟ ما الآخر؟”
نظرتُ إلى ويليام بصمتٍ لبرهة.
شخصٌ اعتلى منصب رئيس نقابة المعلومات في سنٍّ صغيرة.
ورغم أنَّ انطباعي الشخصيّ عنه جيّد، إلّا أنَّ عينَيه الزّيتونيّتَين بدتا حادّتَين للغاية.
“تردّدكِ يوحي أنّ الطلب سريّ جدًّا؟ هل تريدينني أن أتحقّق من خلفيّة بعض الكبار؟ أم تحتاجين نقطة ضعف أحدهم؟”
بالتأكيد، هذه أشياء أحتاجها.
لو استطعتُ فقط كشف نقاط ضعف أولئك المنتمين لعائلة ليونيت، لما تردّدتُ في دفع أيِّ ثمن.
لكن…
‘نقابة المعلومات لا تعمل بالدّافع، بل تعمل بالمال.’
بمعنى آخر، أيّ شيء أبوحُ به، قد يُصبح نقطة ضعفي ويُباع بثمنٍ باهظ.
وليس لأيِّ أحد، بل لروزان وهيوغو تحديدًا.
بعد أن أنهيتُ تفكيري، فتحتُ فمي أخيرًا.
“من وجهة نظرٍ معيّنة، يمكن القول إنَّ الأمر يتعلّق بالتحرّي عن شخصيّاتٍ مرموقة.”
“حقًّا؟! أخيرًا عملٌ يستحقّ الاهتمام…!”
“لكنّه لا يتعلّق بشخصٍ معيّن.”
“إذًا؟”
“ما أحتاجه هو الشائعات. الشائعات التي تدور في أوساط المجتمع الأرستقراطيّ.”
رفع ويليام حاجبيه باستغراب، ثمّ بدت عليه علامات الفهم.
لم يصبح رئيس النقابة عبثًا. إنّه سريع البديهة فعلًا.
“آه، تقصدين الشائعات من نوع: هءا ينوي الاستثمار في ذلك، وهذه تبحث عن جواهر عالية الجودة، وهذا يقرّب هذه؟ مثل هذا؟”
“نعم. من خلال الشائعات، يمكنني معرفة ما الذي يجب أن أستحوذ عليه مسبقًا، أو كم من الممكن أن أرفع سعره، أو مَن سيقود التّوجّه القادم.”
خفضتُ صوتي عمدًا:
“كما تعلَم، تجارة الرّهن تعتمد على التّوقيت. الشّراء بثمنٍ بخس، ثمّ البيع بسعرٍ عالٍ. لكن الأخبار في الجرائد دائمًا متأخّرة.”
“لذا ستعتمدين على الشائعات؟ رائع، يبدو أنّكِ تنوين أخذ الأمر على محمل الجدّ.”
“طبعًا، يجب أن أجني المال. فحلمي أن أصبح غنيّة.”
قلتُ ذلك بتصنّعٍ وكأنَّ الأمر كلّه فقط من أجل متجر الرّهن.
بينما هدفي الحقيقيّ، هو التّجسّس على تحرّكات روزان.
‘لو عرفتُ وجهة الاستثمارات، فسأفهم تدفّق النّقد. ولو عرفتُ الموضة، فسأعرف من يقودها. ولو فهمتُ العلاقات، فسألاحظ مَن يتكرّر اسمه.’
ومن بين كلّ هؤلاء،
‘لا بُدّ أنَّ روزان ستكون ضمنهم!’
إنّه فُرصةٌ لمعرفة علاقات روزان ونشاطاتها دفعةً واحدة.
‘وقد أستخرج بعض الخيوط من الشائعات الجانبيّة أيضًا.’
كما حدث مع هانا التي صادفتُها في المزاد.
وبما أنَّ هذه نقابة معلومات، فالشائعات غير الموثوقة لن تصل إليّ من الأساس، وهو ما يجعلها طريقةً فعّالة تُجنّبني عناء التّحقيق بنفسي.
قيل: إن أردتَ أن تُخفي شجرة، فخبّئها في غابة.
وأنا خبّأتُ نيّتي في تتبّع روزان داخل غلاف العمل والتّجارة.
“حسنًا. لا يبدو الأمر صعبًا.”
“كأنّك تشعر بخيبة أمل؟”
“أصبتِ. كنتُ آمل أن يكون الأمر أكثر تعقيدًا. كأن تطلبي القبض على حبيبٍ خائن، أو البحث عن حيوانٍ أليف هرب من المنزل! ظننتُ أنّني سأتلقّى طلبًا يليق بنقابة المعلومات!”
عينَا ويليام اللامعتان انطفأتا قليلًا.
يبدو أنّه لم يلحظ قصدي الحقيقيّ، وتعامل مع الطّلب وكأنّه أحد الأمور الشّائعة. وهذا في مصلحتي.
بعد أن اتّفقنا على إرسال المعلومات في حينها، وحدّدنا نسبة العمولة، كنتُ على وشك المغادرة، لكنّه سأل فجأة:
“كيف حال السيّد ميكيلي؟”
لم يبدو أنّه مجرّد سؤالٍ بدافع الفضول. فبالنّسبة له، حتّى هذا يُعدّ معلومة.
‘كنتُ أتساءل من أين وصل خبر مرض الجدّ إلى روزان وهيوغو… ربّما هذا هو مصدره.’
لكن لا يُمكنني القول إنَّ ويليام أخطأ. فبصفته رئيس نقابة معلومات، هو فقط قام بعمله، دون أن يُتدخّل في تفاصيل النّوايا.
وبالتّالي، فحتى كذبي عليه ليس خطأً جسيمًا.
“بالطّبع، هو بخير.”
أجبتُ بوجهٍ أكثر إشراقًا، ثمّ استدرتُ لأغادر.
‘أنا أيضًا أقوم بعملي فحسب.’
شعرتُ ببعض المرارة.
كم كنتُ أتمنّى لو وُجد شخصٌ يمكنني التّحدّث معه بصراحة عن الجدّ.
‘لكنّ ذلك ترفٌ لا أملكه الآن.’
الحياة يُعيشُها الإنسان وحده! لا وقت للتّأمّل في المشاعر!
كنتُ أُمنّي نفسي بتلك الكلمات حين واصلتُ المشي بحزم.
لكن فجأة، ارتطم جبيني بشيءٍ أبيض صلب.
ما هذا؟ هل هو حجر؟
“مشغولةٌ اليوم أيضًا، على ما يبدو.”
هذا الصّوت؟
“وهل هناك يومٌ لا أكون فيه مشغولة؟”
إنّه ألتر.
الألم في جبيني سبق دهشتي. يبدو أنَّ ما حسبتُه حجرًا كان في الحقيقة صدره.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 26"