وافقتُ على طريقتها في التعامل مع الكتب كأنّها أطفال، ثم سألتها إن كان السعر لا يُشكّلُ مشكلة، فهذه كتبٌ مرتفعة الثّمن قليلًا. فأجابت بثقة: “لقد وفّرتُ 8.5 مليون بفضلكِ، لذا لا بأس أن أُنفِق هذا المبلغ!”
تبادلت 200 ألف قطعة مقابل الكتابين. ولمّا قدّمتُ لها حامل أوراق أعجبها كهدية، كادت أن تُغمى عليها من الفرح.
وانطلقت المحادثات أكثر بعدها.
“هل هناك ما يمكنني مساعدتكِ به؟ أنا بارعةٌ في اكتشاف الأخطاء الإملائيّة والوثائق المزوّرة. أعرف قانون إدارة الوثائق، وأجيدُ التّرميم أيضًا. وأرغب في ردّ الجميل، لذا سأساعدكِ مجّانًا! فهل يمكنني المجيء كثيرًا؟”
“كنتُ أبحثُ بالفعل عن شخصٍ يُقدّم لي النّصيحة بشأن الوثائق القديمة، لذا أقدّر عرضكِ كثيرًا. لكن لا يمكن أن يكون مجّانًا.”
وهكذا، كتبنا عقد عمل.
كانت هانّا تحاول الهرب مدّعيةً أنّها لا تريد أيَّ عمولة، لكنّني أمسكتُ بها وأجبرتُها على التّوقيع، ثمّ خطر في بالي أمرٌ ما.
“هانّا، قلتِ إنّكِ بارعةٌ في اكتشاف الوثائق المزوّرة، أليس كذلك؟”
“نعم! أنا موظّفةٌ حكوميّة، وكلّ وثائق القصر تمرّ مني. لم يسبق أن فاتتني واحدة!”
“…إن كانت معلوماتٌ سريّة، فلا بأس إن لم تُخبِريني، لكن… هل من بين الوثائق التي كشفْتِ تزويرَها، كانت هناك وثائق تخصّ السيّدة روزان، زوجة البارون؟”
“أوه! كيف عرفتِ ذلك؟!”
كما توقّعتُ تمامًا.
“في طلب الميزانيّة الذي قدّمَته تلك السّيّدة، كانت هناك إيصالاتٌ غير مطابقة للمواصفات، ويبدو أنَّ المبالغ مزوّرة أيضًا، بل كبيرةً جدًّا.”
تنهّدت هانّا وأخرجت شفتَيها علامة الضيق.
“ظننتُ أنّها كانت تحاول الحصول على الميزانيّة باستخدام إيصالاتٍ مزيّفة، فرفضتُ الطّلب أكثر من مرّة. ربما خُفّضَ المبلغ إلى النّصف بسببي.”
إذًا…
‘هل كانت تحاول فصلها لأنّها قامت بعملها بالشّكل الصّحيح؟’
هاه، ضحكتُ ساخرًا رغـمًا عنّي.
“أجل، لقد أرسلت لي العديد من الرّسائل الخاصّة. مرّة تدعوني للعشاء، ومرّة إلى حفلة.”
“لم تذهبي، أليس كذلك؟”
“طبعًا لا، هل لديّ وقتٌ للقاء النّاس؟ إن توفّر وقتي، فأنا مشغولةٌ بقراءة الكتب.”
لذلك على الأرجح لجأت روزان إلى أسلوبٍ أكثر تطرفًا.
فالإغراء لم يُجْدِ معها، ولم يكن هناك ذريعةٌ لفصل شخصٍ يعمل بهذا الإتقان.
ربّما كانت تنوي استبدالها بأحد أتباعها بعد طردها.
‘جيّد أنَّ هانّا ليست من النّوع الذي يُسرّب أخباري إلى روزان، لكن لا يمكن معرفة ما الذي ستُقدِم عليه روزان بعد الآن.’
بعد فشل حيلة الكتب المحظورة، قد تُقدِم روزان على مكرٍ جديد.
‘لكنّها لن تُقدِم على ذلك باسمها بشكلٍ مباشر.’
طلبتُ من هانّا أن تُخبرني فورًا بأيِّ تواصلٍ مريب قد تتلقّاه.
وبما أنّها باتت تثق بي تمامًا بعد ما جرى في المزاد، هزّت رأسها موافقة دون تردّد.
وبعد أن غادرت وواصلتُ العمل، ازدادت قناعتي أكثر.
‘على ما يبدو، سأحتاج إلى بعض المعلومات.’
المعلومات التي أتذكّرها وتلك التي أستنتجها مهمّة، لكنّ المعلومات ‘الحيّة’ لا تقلّ أهميّةً عنها.
لا يمكنني التّأهّب إلا إذا عرفتُ مسبقًا.
قلّبتُ بطاقة ألتر اللّامعة من صندوق بطاقات الأعمال، فظهرت علامة نقابة المعلومات.
تمتمتُ بصوتٍ منخفض:
“لا مفرّ من زيارة نقابة المعلومات.”
***
كان اللّيل قد انتصف عندما انتهيتُ من عملي.
ولحُسن الحظ، سمعتُ من الزبائن أنَّ نقابة المعلومات تعمل طوال 24 ساعة.
جمعتُ بعض أدوات السّحر للحماية، وانطلقتُ في طريقي. وبعد تجوالٍ طويل، عثرتُ أخيرًا على المكان.
لم يكن هناك لافتة، فتردّدتُ قليلًا، لكنّي عرفتُه من خلال الشّعار المنقوش على الجدار.
‘كانت نقابة المعلومات في اقطاعية مورو مرعبةً فعلًا.’
في حياتي السّابقة، زرتُ النقابة هناك لأعرف شيئًا عن جدّي.
‘لا زلتُ أذكر كم شعرتُ بالرّعب عندما فُتِح الباب.’
فلم يكن من استقبلني بشرًا، بل ذئبٌ كاشر عن أنيابه يزمجر.
وكان الصّراخ يسمع من داخل المكان المعتم، فلم يكن يبدو كنقابة معلومات، بل كـ’نقابة لاقتلاع المعلومات’.
‘وعندما سألتُ عن جدّي، طُردتُ فورًا وقالوا إنّهم لا يتعاملون مع هذا النّوع من المعلومات… وبعد توسّلات، عدتُ إليهم، لكنّهم طلبوا مبلغًا كبيرًا لا يُمكن تحمّله. ربّما لأنّه أمر يخصّ الإمبراطوريّة، لذا لم يكونوا يريدون التّعامل معه.’
هل سيكون هذا المكان أيضًا على نفس شكله؟
‘…هاه؟’
دفعتُ الباب بحذر، لكنّ ما رأيتُه في الداخل أذهلني.
“أهلًا! أول زيارةٍ لكِ، صحيح؟ تفضّلي! ماذا تحبّين أن تشربي؟ عصير؟ شاي؟ حليب؟”
“لا تهتمّي به. إنّه يُحبّ أن يُدلّل من الغرباء. هل تُريدين تقديم حلوى له؟”
ثمّ… قطة لطيفة من بين مئة قطة؟
حين أفقتُ، وجدتُ نفسي جالسةً على الكرسيّ، أمسح بيدي على قطة بلون الجُبن.
الرّجل الذي استقبلني بدا في منتصف الثلاثينات، ذو ملامح طيّبة.
وضع أمامي كوب العصير، وابتسم ابتسامةً واسعة.
“لماذا وجهكِ كمن ضاع ذهنُه؟”
“بصراحة، كنتُ أتوقّع مكانًا… أكثر رُعبًا.”
“حسنًا، مفهوم. إلى سنواتٍ قليلة، كنّا كذلك فعلًا. حاولنا أن نصنع جوًّا مخيفًا يليق بنقابة المعلومات. وقد كان فعالًا في استخراج المعلومات.”
“وماذا حدث بعدها؟”
“أعتقد أنّه صار مرعبًا أكثر من اللازم، فلم يعد يزورنا أحد… لذا قلبنا كلّ شيء رأسًا على عقب.”
راقبتُ الرّجل وهو يبتسمُ بكتمان حزنٍ، فأحسستُ ببعض الشّفقة.
فقد استهدفوا الجمهور الخطأ، وتراجعت المبيعات، فاضطرّوا إلى التّجديد.
على عكس إمارة مورو، يبدو أنَّ نقابة المعلومات في الإمبراطوريّة تخدم عامّة النّاس أكثر.
“وهل ارتفعت المبيعات؟”
“أفضل من قبل، لكن… ليس كثيرًا. يبدو أنَّ المشكلة ليست في الدّيكور. الزبونة السّابقة قالت إنَّ المشكلة فينا، لا في المكان. قالت إنَّ الضباع تبقى ضباعًا حتّى لو ضفرت شعرها جديلتين.”
“ضباع؟ همممم… أبدًا، أنا أظنّكَ تبدو طيّبًا جدًّا.”
كنتُ—أعنيها حقًّا.
فمعياري للجمال الخارجيّ هو جدّي.
لكن يبدو أنَّ الرّجل تأثّر جدًّا بكلامي.
“أنتِ فتاةٌ طيّبة، هل تشربين كوب عصيرٍ آخر؟”
“أنا جادّة، سيّدي رئيس النقابة.”
“شكرًا على لطفكِ. لا داعي لرسميّة اللّقب، ناديني ويليام.”
لا، صدقًا، كنتُ أعني ذلك…
بينما نظرتُ إلى الكوب الثّاني بدهشة، خطر لي أمر.
“أعتقد أنَّ الزّبونة السابقة لم تكن تقصد الشكل، بل طريقة الكلام؟ أو أسلوب التعامل؟ قد يكون هذا هو ما أخافها.”
“أسلوبي يُخيف؟ هل أغيّره؟ أتحدّث بطريقةٍ ألطف؟”
“لا، لا، لستَ أنت… كنتُ أقصد عضوًا آخر من النقابة.”
“عضوًا آخر؟ من تقصدين؟”
“آه، لا أقصد شيئًا سيّئًا… لقد تعاملتُ فقط مع شخص يُدعى ألتر.”
“…ألتر؟”
‘همم؟’
توقّف ويليام حين سمع اسم ألتر.
“آه، ألتر… تقصدين عضو نقابتنا ألتر؟ لماذا؟ كيف كان؟”
من ردة فعله، يبدو أنّه ليس منتحلًا.
وهذا يعني أنّه بالفعل من أعضاء النقابة.
‘لكن مجرد كونه تابعًا لنقابة لا يعني أنّه محلّ ثقة.’
انظري إلى روزان وهيوغو.
أكثر النّاس نبالة، لكنهم يرتكبون أقبح الأفعال.
إذًا، من الممكن أن يكون بين أعضاء النقابة أيضًا مجرمون.
‘لكن لا يمكنني كشف كلّ شيء أمام رئيس النقابة… قد يُعرّضه ذلك لمشاكل، أو قد يُحاول إسكاتي.’
فأجبتُ باختصار:
“الملابس.”
“الملابس؟”
“يرتدي دائمًا ملابس سوداء داكنة. قد يُخيف ذلك مَن لا يعرفه.”
“فقط الملابس؟”
هل هناك… أمرٌ آخر أيضًا؟
“أعني… ليس لأنَّ عينيه مخيفة، أو لأنَّ طاقته باردة، أو لأنّه حين يلتقي نظري بنظره أشعر برغبةٍ في الاعتذار تلقائيًّا، لا، ليس ذلك أبدًا.”
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 25"