1
الفصل 1 : الحياة الأولى
نهاية حياتي الأولى كانت بائسةً جدًا.
لقد تعرضتُ للضرب حتى الموت.
“يااا، هَذهِ الفتاة قد بدأت تسعُل دمًا!”
“أليست ميتة؟ اخبرتُكم أن لا تضربوها كثيرًا! كنا فقط نحاول سرقة العِقد…!”
“اهربوا بسرعة قبل أن يأتوا فرسان الدوقية!”
بالضبط، كنتُ على حافة الموت بسبب الضرب.
عندما كان الثلج يتساقطً بهدوء، طارت جريدةٌ مع الريح.
تحت إعلان المطلوبين في الجريدة، كانت هُناك مقالةٌ تقول:
[…لقد تم العثور على جثةٍ مجهولةٍ في موقع حريقٍ في حيٍ فقير بالقرب مِن العاصمة الإمبراطورية، وتبين أنها للدوق السابق ميكيلي فيوكيداد ليونيت مما أثار الصدمة…]
“لقد مات جدي.”
بعد أن قرأتُ الخبر عن العثور على جثة جدي، لم يعُد لدي سببٌ لأعيش من أجله.
حتى أنني لم أعُد أشعر بالألم.
“جدي…”
كنتُ أعيشُ مع جدي في منزلٍ صغير، لكن قبل ثلاث سنوات، قد طُردت.
أقربائي الذين ظهروا فجأة قالوا إن جدي كان دوقًا.
“جدي كان دوقًا؟”
قبل أن أتمكن مِن استيعاب القصة التي لم أسمع عنها مِن قبل، أُجبرتُ على التوقيع على عقد.
《عقد التخلي عن الهوية》
《عقد التخلي عن الممتلكات》
《عقد التنازل عن جميع الحقوق》
كانت عقودًا مِن الواضح أنه لا يجب التوقيع عليها بأي حال.
لكن لم يكن لدي وقتٌ للتحقق منها، لذا لم يكن لدي خيارٌ سوى التوقيع.
“إذا وقعتُ فقط، ستقومون بعلاج جدي، أليس كذلك؟”
“نعم، بالطبع! كيف سنتركُ الدوق الذي وجدناه بعد عناء؟”
وعدوا بعلاج مرض جدي.
كان مِن المستحيل رفض هَذا الشرط.
“ولكن هَناك شرطٌ واحد. لا تعودي إلى هَذهِ الإمبراطورية مرةً أخرى. أبدًا.”
وبهِذا، غادرتُ الإمبراطورية في ليلةٍ وضحاها.
المكان الذي وصلتُ إليه بصعوبة كان دولةً تُدعى مملكة مورو.
كنتُ أعيش أيامي يومًا بيوم مِن خلال القيام بالأعمال اليدوية، وأدى ذِلك العمل الشاق إلى تدهور صحتي.
“لكنني استطيع الصمود. ما دامت صحةُ جدي بخير، كان بإمكاني التحمل. ولكن…”
[…عائلة ليونيت قامت ببيع مُمتلكات الدوق السابق، وعملية الميارث تمت بسلاسة…]
مات جدي.
ولم يمت بهدوء في سريره، بل بسبب حريق.
والأسوأ مِن ذِلك، أن جُثته وُجدت كجثةٍ مجهولة في حيٍ فقير؟
الأدوية باهظةُ الثمن والأثاث الفاخر، كل ذِلك كان كذبًا.
“كيف… كيف يُمكن أن يحدث هَذا…؟”
وفوق ذَلك، تم بيع متجر الرهونات.
كان جدي دائمًا يقول إنهً لن يُغلق المتجر أو يبيعهُ مهما حدث.
لكن عائلة ليونيت تركت جدي ليموت ولم تُحقق حتى أمنيته.
“لم أفقد العِقد، لكنني فقدت كُل شيء آخر.”
نظرتُ إلى العِقد الأحمر، الذي حافظتُ عليه رغم الضرب المُميت، بنظرةٍ فارغة.
كان هَذا العِقد هو الشيء الوحيد الذي استطعتُ أخذهُ عندما طُردت، وهو الرابط الوحيد بيني وبين جدي.
كان الدمُ الأحمر، الذي يُشبه العِقد، يسيلُ على الأرض.
كنتُ أشعر بالظلم. كنتُ حزينةً حقًا.
في اللحظة التي شعرتُ فيها بأنها النهاية، وبالرغم مِن أنني لم أكُن أؤمن بالحاكم، وجدتً نفسي أصلي.
“يا شجرة العالم، فقط أعطني فرصةً واحدة، أرجوكِ… فقط مرةً واحدة…”
وقبل أن أنهي صلاتي، فقدتُ قوتي.
أغمضتُ عيني.
آخر شيء رأيتُه كان الثلج المُتساقط على العِقد وظل شخصٍ يقفُ أمامي.
“مسكينة.”
كانت تلكِ الكلمات التي همس بها الظل الذي وقف أمامي.
***
عندما أغمضتُ عيني، كان الليل حالك السواد في مُنتصف الشتاء…
لكن الآن، كان أمامي ضوءٌ ساطع.
فتحتُ عيني، وحدقتُ بذهولٍ في النافذة، بل في الستائر المُعلقة على النافذة.
“مُستحيل.”
لا يُمكن أن يكون هَذا وهمًا.
كانت تلكَ الستائر قد صنعها جدي بنفسه.
نهضتُ بسرعةٍ ونظرتُ في المرآة.
عيناي البنفسجيتان اللتان لم تنتفخا. البيجاما ذات المربعة التي أحببتها. شعري الوردي الطويل الناعم.
والعِقد الذي كنتُ أرتديه منذُ طفولتي التي لا أتذكرها.
“لقد عُدت…”
عُدت إلى المنزل.
عُدت إلى الوقت ما قبل أن أموت في شوارع مملكة مورو.
إذا كان هَذا صحيحًا، فهَذا يعني…
“جدي، جدي.”
ركضتُ بسرعةٍ إلى أسفل الدرج.
وهُناك…
“جدي!”
“يا لهَذهِ الضوضاء. هل ذاهبتُ إلى مكان ما؟”
كان جدي هُناك.
“جدي! هل هَذا أنتِ حقًا؟ هل تعرف مَن أنا؟ مَن أكون، جدي؟”
“هل تقومين باختباري فور أن فتحتي عينيكِ؟ لقد أخذتُ دوائي، لا تقلقي. أنتِ إليشيا، حفيدتي الوحيدة.”
كان جدي يشربُ شايًا داكنًا.
عندما ركضتُ وعانقتُه، أدار عينيه لكنهُ مسح وجهي بلطف.
عندما لمست يداهُ الكبيرة والمُجعدة وجهي، أدركتُ أنني قد عُدت حقًا.
“لماذا وجهكِ يبدو هَكذا؟ هل رأيتِ كابوسًا؟”
“نعم، كان حُلمًا سيئًا للغاية.”
“ماذا، هل رأيتِ وحش الجزر في حلمكِ؟”
“نعم، حُلم يُشبه ذَلك. ما زلتَ تتذكر أنني لا أستطيع أكل الجزر، جدي؟”
“حتى لو نسيتُ كُل شيء، لن أنسى ذَلك، يا فتاة!”
كنت على وشك البكاء مِن فرحتي لأن جدي لم يتغير.
لكن لم يكُن هُناك وقتٌ لذلك. نظرتُ إلى التقويم ونهضتً بسرعة.
‘بعد ثلاثة أيام.’
لقد عدتُ إلى الوقت قبل ثلاثة أيام مِن ظهور أقاربي فجأة لطردي.
‘ثلاثة أيام. بقيت ثلاثة أيام.’
نظرتُ حول المنزل الذي كان مُمتلئًا بالملاحظات المُعلقة، مسحتُ أنفي وتوجهت نحو جدي.
“جدي.”
“ماذا، يا فتاة؟”
“أنتَ تعرفُ أنني أحبُكَ كثيرًا، أليس كذلك؟”
“هاه، ما هَذا التملق؟”
ضحك جدي بهدوء، وكان مِن الواضح أنهُ مسرورٌ عندما ارتفعت زوايا شفتيه ببطء.
“هل تريدين مني أن أشتري لكِ شيئًا لذيذًا؟ أو هل تحتاجين إلى شريطٍ أو ثيابٍ جديدة؟”
“لا، ليس هَذا ما أريده.”
كان جدي، الذي رباني لأكثر مِن 20 عامًا بعد وفاة والديَّ المُبكرة، هو حياتي وعائلتي الوحيدة.
نظرتُ إلى وجه جدي بعاطفةٍ للحظة، ثم تنهدتُ وتظاهرتُ بأنني طبيعية.
“حقًا، جدي، أنتَ ذكيٌ جدًا. لكن ليس هَذا ما أريده.”
“إذن ماذا تريدين؟”
“أم، حسنًا، ليس شيئًا كبيرًا…”
جمعتُ يدي كما لو كنتُ أصلي.
ثم أنهيتُ صلاتي مِن الحياة السابقة التي لم أتمكن مِن إنهائها.
‘في هَذهِ الحياة، لن أسمح لأيِّ شيء بأن يُؤخذ مني أبدًا.’
“أعطني الختم، جدي.”
لا جدي، ولا متجر الرهونات، ولا حياتي.
لن أسمح بأن يُؤخذ مني أيِّ شيء مرةً أخرى.
ابتسمتُ ابتسامةً كبيرة.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة