1
في ليلةٍ مظلمة، كانت القاعة الفاخرة غْلُورْيُوم داخل قصر ولي العهد كايْرُوس مضاءة بالثريات البراقة كما لو كان النهار، حيث يُقام حفلٌ مهيبٌ للاحتفال بعيد ميلاد الأميرة إيلينا.
على النقيض، كانت بحيرةُ الحديقةِ داخل الجناحِ المنعزل، الذي يبعد مسافةً غير قليلةٍ عن القصر، مهجورةً تمامًا، ولم يكن يسود المكان سوى صمتٍ مخيف.
“ههه… هههه…”
جلست امرأةٌ في زاويةٍ بعيدةٍ عن الأنظار، وأخرجت شيئًا سرًا من جيبها. جلست القرفصاء على الفور وبدأت بتحريك أصابعها بسرعة أثناء كتابة تعليقٍ على منشورٍ إلكترونيٍّ.
عنوان المنشور: هاه، هل شاهد أحدٌ فيديو الأداء المباشر هذا؟
“مجرد ظهوره ببدلة رسمية كان كافيًا لإبهاري، لكنه اختار بدلةً من ثلاث قطع (وبالأخص من الجلد!)… أليس هذا قتلًا لي؟”
نعم، سأموت. هذا هو قبري الآن. ●▅▇█▇▆▅▄▇
مجهول 1: سأستلقي بجوارك. ●▅▇█▇▆▅▄▇
مجهول 2: 333333
مجهول 3: إيه؟ ليس إلى هذه الدرجة. ربما لأنني شاهدته 127,840,323 مرة ههه
مجهول 2: ألا تؤلمك عيناك؟ ههههه، بهذا المعدل ستُصاب بجفافٍ شديدٍ في العين.
مجهول 3: لا بأس، لا بأس، مظهر هَيُوْن نفسه بمثابة قطرة للعين.
مجهول 4: يبدو أنك جننت هههه
مجهول 3: يجب أن يتم عرض مثل هذه المقاطع في نشرات الأخبار!
“هَيُوْن، وجهك هو المنظر الخلاب بعينه… آه، كيف يمكن لشخصٍ أن يكون وسيمًا إلى هذا الحد؟”
انعكس وهج شاشة الهاتف الذكي الذي كانت تمسكه، ليكشف عن وجهها المخفي في الظلام. على الرغم من ضحكتها المتسللة بطريقةٍ خبيثة، إلا أن عينيها العسليتين كانتا تلمعان بالحيوية.
سرعان ما ظهر إشعارٌ جديدٌ على الشاشة:
“تم خصم 5,000,000 كْرُونا من فاتورة الإنترنت الشهرية.”
“ماذاااا؟! إنهم يمتصون أموالي حتى آخر فلس، هذا النظام الجشع!”
“وماذا عساي أن أفعل؟ لرؤية هَيُوْن الظريف، لا بد لي من تحمُّل ذلك.”
تنهدت إيزابيلا بتعبٍ، ثم وضعت هاتفها الذكي بعناية داخل جيب مئزرها.
منذ اليوم الذي حصلت فيه على ذلك الجهاز الغامض من بُعدٍ آخر، والذي قدمه لها رجلٌ مريب، تغيرت حياتها المملة تمامًا. كانت حياتها كالسير في طريقٍ معتم بلا مصابيح، حتى أضاءها فجأةً نورٌ مشرق… وكان ذلك النور هو هَيُوْن، أحد أعضاء فرقة الآيدول الأشهر في كوريا الجنوبية.
“واحد، اثنان، ثلاثة! نحن ذا فينوس! مرحبًا، أنا هَيُوْن، قائد فرقة فينوس!”
هل يُعقل أن دعاءها قد استُجيب؟ كانت تتمنى أن تذهب بنفسها إلى كوريا الجنوبية لترى نجمها المفضل، والآن ظهر نظامٌ غامضٌ للتنقل بين الأبعاد. إذا أكملت المهام المُوكلة إليها ودفعَت رسومًا رمزية، فبإمكانها السفر إلى كوريا الجنوبية، حيث هَيُوْن!
خطتها كانت بسيطة: العمل بصمت، جمع المال بسرعة، وإكمال المهام للانتقال إلى كوريا ومقابلة نجمها المفضل. رغم أنها كانت طموحًا بسيطًا، إلا أنه حمل في طياته الكثير من الأمل لها.
لكن لحظات الراحة أثناء مشاهدة هَيُوْن لم تدم طويلًا، وسرعان ما أسرعت بخطواتها، عازمةً على إنهاء مهمتها بنجاح.
إلا أن قرارها هذا كان بدايةً لشيء لم تتوقعه أبدًا.
حين دخلت الجناح المنعزل لإحضار كرسيٍ ناقص، تفاجأت بمشهدٍ مروّعٍ جعلها عاجزةً عن الكلام.
ما هي نسبة احتمال أن تأتي لأخذ كرسيٍ، ثم تصادف ولي العهد وهو يقتل مجموعةً من القتلة المتسللين؟
“هل أهرب الآن؟ أم أبقى مكانِي؟”
كلا الخيارين كانا سيئين، لكن لو بقيت هكذا، فقد تجد نفسها متورطةً مع ولي العهد في موقفٍ خطير.
“ما اسمك؟”
“س… سيلِي براون، جلالتك.”
بما أنها تعمل في القصر بهويةٍ مزيفة، فكرت سريعًا بالكذب عليه والهرب. لكن في اللحظة التي كانت تخطط فيها للفرار، اندفع قاتلٌ من خلفها محاولًا مهاجمتها.
في لحظةٍ خاطفة، انطلقت شفرة حادةٌ نحو القاتل، ممزقةً حنجرته بضربةٍ واحدة. حملت عينا ولي العهد البرتقاليتان، اللتان كانتا تراقبان الموقف، بريقًا مفاجئًا… ثم ابتسم.
“أنا لا أحب الكذب كثيرًا.”
على عكس كايْرُوس، الذي تحدث ببرودٍ تام، شعرت إيزابيلا بأن جسدها كله قد تجمّد عند سماع كلماته.
“لماذا أشعر أنك تكذبين؟”
من بين كل الأشخاص، لماذا كان عليها أن تُمسك متلبسة بالكذب أمام ولي عهد الإمبراطورية نفسه، كايْرُوس؟
“هل سأتمكن من الذهاب إلى كوريا الجنوبية ورؤية هَيُوْن بسلام…؟”
—
إيزابيلا لِيدْيَا
منذ طفولتها، كانت إيزابيلا شخصيةً معروفةً إلى حدٍّ ما. فقد كانت خطيبة إيْكْانُوْئِيل، وريث دوقية لَاسِيْلِيسْ المستقبلي.
لم تكن تملك عيوبًا واضحة، لكنها لم تكن تتمتع بموهبةٍ استثنائيةٍ أيضًا، ولهذا التصقت بها دائمًا تسميةٌ محددة:
“سندريلا الحمقاء التي تتلقى الإهانة والتجاهل من الجميع، حتى من العائلة التي يُفترض أن تكون عائلة زوجها المستقبلي.”
بسبب الفارق الطبقي بينها وبين عائلة الدوق، وبسبب اعتقاد الناس بأنها لا تستحق أن تصبح سيدة نبيلة، كانت موضع ازدراءٍ وكراهية. لو سأل أحدهم لماذا تم ترتيب هذا الزواج الغريب من الأساس، فالإجابة كانت أبسط مما قد يُعتقد.
لطالما تمازح البعض قائلين: “إن أنجبنا ولدًا وبنتًا، فلنُزوّجهما ببعضهما.” لكن، على عكس الآخرين الذين يتركون مثل هذه المزحات تُطوى في صفحات الماضي، فقد أخذت العائلتان ذلك الوعد على محمل الجد.
توقع الأجداد أن يكون إيْكْانُوْئِيل وإيزابيلا المتقاربان في العمر زوجين مثاليين. نصف هذا التوقع كان صحيحًا… والنصف الآخر كان خطأً تمامًا.
في هذه الخطوبة الفارغة التي وُلدت من مجرد وعد، كانت إيزابيلا الوحيدة التي أخذت الأمر على محمل الجد.
بمعنى آخر، كانت تحب إيْكْانُوْئِيل لَاسِيْلِيس، الرجل الأوسم في الإمبراطورية، من طرفٍ واحدٍ طوال عشر سنوات.
بقيت متمسكةً بهذا الحب أحادي الجانب، متحملةً كل الصعوبات، لكن خلال هذه السنوات العشر، غيّرت نظرات الناس المليئة بالتحامل والانتقاد شخصيتها بالكامل.
بغض النظر عن تصرفاتها، كانت دائمًا موضع أحكامهم القاسية. وكلما مر الوقت، أصبحت أكثر حذرًا، وانكمشت داخل ذاتها أكثر فأكثر.
“القليل من الحب والاهتمام… لماذا كنت أتمسك بهما بهذا الجنون؟”
ببراءةٍ ساذجة، استمرت إيزابيلا في التشبث بمشاعرها، حتى وصلت إلى نقطةٍ لم تعد تحتمل فيها.
عندها فقط، عندما كان قلبها قد تحطم بالكامل، وحين غرقت حياتها في دوامةٍ من اليأس، أدركت الحقيقة القاسية:
مهما حاولت، لن يُبدي إيْكْانُوْئِيل أدنى اهتمامٍ بها. مهما بذلت من جهد، ستظل علاقتهما مجرد خطين متوازيين، لن يلتقيا أبدًا.
لهذا، لم يكن قرارها بإنهاء الخطوبة حديث العهد، بل بدأ التفكير فيه منذ فترةٍ طويلةٍ جدًا.
تحديدًا، قبل ثلاث سنوات، عندما كانت في عامها الأول في الأكاديمية.
في إحدى الأمسيات الدافئة حيث داعبت نسمات الربيع أنفها برفق، التقت إيزابيلا بإيكانويل أمام المكتبة بعد غياب طويل، ونادته بسعادة:
“إيكانويل، أخي الأكبر!”
لكن بدلاً من أن يرد عليها بمودة، لم تتلقَّ سوى إجابة باردة.
“كنا قد اتفقنا على عدم مناداتي بشكل شخصي داخل الأكاديمية، ليديا، أليس كذلك؟”
لطالما كان إيكانويل شخصًا متحفظًا وقليل الكلام، ولكن صوته في ذلك اليوم بدا أكثر حدّة من المعتاد، مما جعل جسد إيزابيلا يرتجف لا إراديًا.
“ولكن…”
“آمل فقط ألا تكوني قد التحقتِ بالأكاديمية لمجرد قضاء المزيد من الوقت معي.”
لم يكن هذا السبب الذي دفعها إلى خوض اختبار القبول الصعب والدخول إلى الأكاديمية، لكنها لم تستطع فتح فمها لتفسير موقفها.
“أنتِ تدركين جيدًا كيف تؤثر أفعالك وكلماتك على سمعتي، أليس كذلك؟”
“إيكانويل… لا، أقصد، لاسيليس-سُنْبَيْ”*
[مصطلح “سُنْبَيْ” يُستخدم في الثقافة الكورية للإشارة إلى زميل في مرتبة أعلى، مثل طالب في سنة دراسية متقدمة.]
“هل انضممتِ إلى الأكاديمية فقط لإزعاجي؟”
كان لكلماته وقع السكاكين على قلبها. احمر وجهها خجلًا وألمًا، لكنه لم يمنحها حتى فرصة لتفسير نفسها، بل استدار وغادر، تاركًا إياها متجمدة في مكانها.
“كان يجب أن أكون أكثر حذرًا…”
الهمسات والعيون الموجهة إليها من كل الجهات جعلتها تشعر بالإذلال. كل هذا بسبب مشاعرها غير القابلة للكبح. في تلك اللحظة، تحولت الشائعات التي لطالما دارت حولهما في الأوساط الاجتماعية إلى حقيقة مؤكدة:
“كانت هذه العلاقة قائمة على حبٍّ من طرف واحد فقط.”
كان عليها أن تلعب دور الخطيبة المثالية دون أن تكون عبئًا عليه أبدًا. كل شيء بدا وكأنه خطؤها.
ومنذ ذلك اليوم، عاشت إيزابيلا مقيدة بسلاسل جديدة، حذرة من كل خطوة تخطوها في الأكاديمية.
“أهي تلك الفتاة؟ سندريلا عائلة الدوق؟”
“يُقال إن عائلة لاسيليس دفعت من أجل قبولها هنا.”
“لو كانت تملك ذرة من الكرامة، لما فعلت ذلك.”
استمرت الهمسات والافتراضات حولها، لكنها لم تهتم كثيرًا. كان يكفيها أن تراه حتى من بعيد.
كانت تؤمن أن برودة إيكانويل تجاهها لم تكن إلا نتيجة لسوء فهمه بسبب تلك الشائعات السخيفة. كانت بحاجة إلى أن تصدق ذلك، وإلا فإن قلبها المكسور لن يتحمل أكثر.
“لاسِيليس-سُنْبَيْ، هل ترغب في تناول الغداء معي اليوم؟”
“لدي اجتماع لمجلس الطلاب، لذا سأرفض.”
“آه… حسنًا، آسفة.”
“إذن، استأذنكم.”
مع تكرار هذه اللحظات، ومع تزايد عدد من شهدوا قسوته تجاه خطيبته، أصبحت إيزابيلا فريسة سهلة للمضايقات داخل الأكاديمية.
كل ما كان بإمكانها فعله هو الدراسة بجد حتى تحتل أحد المراتب العشرة الأولى على مستوى دفعتها، في محاولة يائسة لمجاراة إيكانويل، الذي كان دائمًا في الصدارة.
لو لم تثبت كفاءتها، ستصل كل تلك الشائعات إلى مسامعه، وسيصبح وجودها عارًا على سمعته.
لحسن الحظ، بفضل تفوقها في اللغويات والسحر، بدأت الشائعات حول قبولها بطرق ملتوية تتلاشى.
لكن، ومع مرور الوقت، أصبحت برودة إيكانويل تجاهها أكثر حدة، وكأن جهودها لم تكن ذات قيمة.
وهكذا، حلّ الشتاء، وأصبح الهواء شديد البرودة لدرجة أن أنفاسها كانت تتكثف في الهواء.
رغم ذلك، وبفضل اجتهادها الدؤوب، تمت دعوتها إلى المؤتمر الأكاديمي السنوي، الذي ينظمه عميد الأكاديمية.
“هل سيقدر إيكانويل مشاعري الآن؟”
على غرار دخولها الأكاديمية، كان حصولها على هذه الدعوة نتيجة لجهودها الخاصة.
بما أن إيكانويل، كالمعتاد، سيحضر المؤتمر باعتباره الطالب المتفوق، فقد قررت أن تغتنم الفرصة لتتحدث معه بجدية، ولو لمرة واحدة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 منتدى المانهوا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 منتدى الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل "1"
حبيت 🤏🩷🩷