كانتْ عيناها الباهتتان ترتجفان، و ارتفعت زاوية فمها المرتجفة بصعوبة.
“آنستي.”
كانتْ تناديني هكذا.
“…آه!”
انفجرَت أنفاسي.
لم أسمعها، ولم يكنْ واضحًا، لكن شكلَ فم جينا كان يناديني بوضوح.
ليسَ ليفيا التي بجانبها، بل أنا.
‘آنستي، أنتِ هنا مجدّدًا؟ البستاني سيهتمّ بالزهور…’
‘العناية بها بنفسي ممتعة. ما رأيكِ؟ أليست جميلة؟’
‘لقد رأيناها تملأ الحديقة العام الماضي. هل لا تزالين تحبينها كلّ! عام؟’
‘كان حلمي أن أزرع الكثير من الزهور التي أحبها وأراها. جينا، هل تعلمين؟ زهرة الخُلّة تبدو أجمل عندما يتساقط الثلج. لهذا تُسمى أحيانًا زهرة اللوتس الثلجية.’
‘اسم غريب. زهرة اللوتس الثلجية… هل هو من الشرق الأقصى؟’
‘ههه! شيءٌ من هذا القبيل. هل تعرفين! معنى الزهرة؟ الطريف أن لها معنيين.’
‘معنيين؟’
‘نعم. أحدهما السّعادة الأبدية، و الآخر الذكريات الحزينة. متناقضان تمامًا، أليس كذلك؟’
‘بما أنكِ سعيدةٌ الآن، يا آنسة، فمعنى هذه الزهرة بالنسبة لكِ هو السعادة الأبدية. هيا، ادخلي الآن. إذا أصبتِ بنزلة برد، سموّه سيوبّخني وحدي.’
‘حسنًا. إذن، ماذا عنكِ، جينا؟ أي معنى أقربُ إليكِ؟’
سأسترِدُّ قوّتكِ المقدسة، و مكانتكِ المقدسة بالكامل.
و سأطيح بكِ إلى الجحيم.
كانت حرارة كاليد الذي يحتضنني أقوى من المعتاد.
شـدَّ ذراعيه قليلًا كأنه يحاولُ تهدئتي و أنا أرتجف.
لم أعرفْ إن كانَ الارتجاف منّي أم منه.
لكن فوقَ هذا الارتجاف، اشتعلتْ عزيمتي كالـنّار.
‘سأكون سيّدة القوّة المقدسة.’
كانَ الغضب، و اليأس، والكراهيّة، التي لم أشعر بها من قبل، تلـفُّ جسدي بالكامل.
* * *
كانَ الفستان الأبيض يتألق كأنّ بركة مقدسة تسكنه، كما هو الحال دائمًا. تسرب ضوء القمرِ عبر النافذة القوسية العالية، منتشرًا بلطفٍ كالدانتيل الفضي.
جلست ليفيا على حافّـةِ النّافذة كلوحةٍ، ساندةً جبهتها على الزّجاج البارد، وقالت:
“لقد التقت أعيننا. كانت عيناها المشوهتان بالصّدمة والرّعب ممتعتين حقًا.”
“ظننتُ أنها ستنفجر خارجةً في الحال، لكن ذلك مخيّبٌ للآمال.”
“لو لم يكن ولي العهد بجانبها، لما تمكّن مِنْ منعها. أن تعاديني أمامَ كل هؤلاء الناس سيكونُ أمرًا غبيًا. ومع ذلك، أنا أشعرُ بالأسفِ لأنني لم أرَ رد فعلها عن قرب.”
“لا شكَّ أنها تشعر بالإحباط بعد أن أدركت الفجوة في القوة.”
“همم… هل تظنُّ ذلك؟ آمل ألا يكون كذلك.”
ردًا على كلمات إدموند، رسمت ليفيا بإصبعها ملامح امرأةٍ منهارة تنعكس على النافذة و ضحكت.
كانَ وجه جينا، المشوه لدرجةِ لا يمكن التعرف عليه، يزيد من متعتها بتعبيرها المليء بالنّدم على الرغم من صعوبة تحريكِ جسدها.
“إنها جائعة لعاطفة العائلة، تصادق أشياء تافهة، و تصنع عشاقًا بدعوى الحبّ. الأشخاص الذين يعانون من نقصٍ عاطفي دائمًا ما يكونون واضحين.”
“…..”.
“وحيدة بائسةٌ لا تستطيعُ تحمّل الوحدة.”
بعد أن فتحت عينيها لأوّلِ مرة، لم يكن من الصعب استيعاب طباعِ الكيان الغريب الذي استولى على جسدها سابقًا.
كانتْ مختلفة تمامًا عنها، هي التي تقسمُ النّاس إلى مفيدين و غير مفيدين.
“كنت أعلمُ أنها لن تتجاهل قضية بيلانيف. كانت مهووسة بها بشكلٍ خاصّ. أليس كذلك، جينا؟”
“…آه، آه، آه.”
“ههه. لقد أكدتِ ذلك بنفسكِ. قلتِ أنّها كانت تندم باستمرارٍ على قضية بيلانيف، التي عُرفت بمعجزة القديسة.”
واصلتْ ليفيا الحديث وهي تنظر إلى انعكاسها على النافذة، ثم أدارت رأسها ببطء.
“ومع ذلك… كانَ ذلكَ مبالغًا فيه.”
كان وجهها المنتفخ بالكاد يحرك شفتيها، ولم يخرج منها سوى أنينٍ غير مفهوم.
كان مظهرها المروّع كالجثّـة.
كانتْ حالتها أسوأ مما كانت عليه عندما عُرضت أمام الناس في ساحة كاتدرائية ديرفولد، لكنها لم تمت.
نزلت ليفيا من حافّـة النافذة و سارت حافية على السجادة الناعمة وهي تهمهم بنغمة.
كانت بيلانيف على وشكِ الانتهاء على أي حال، لذا لم يكن هناكَ ضرر من تسليمها لوليّ العهد. لقد اتخذت الاحتياطات لتجنّبِ أيّ ضرر حتى لو كُشفت، لذا لم يكنْ الأمر مهمًا.
لم تتوقع أن يستخدموا خطاب التوصية بهذه الطريقة، لكن ذلكَ كان ضمن التوقعات. لم يكن هناك ما لا يمكن التّعامل معه.
تشوهت زاوية فمها بسخرية. لكن سرعان ما اختفت الابتسامة المشوهة، و حلَّ محلها نبرةٌ غاضبة حادة:
“لقد طارت أكثر من نصف أعمالي. هي بالتّأكيد فعلتْ ذلكَ باستخدام المعلومات التي حصلت عليها عندما كانت في جسدي. كل ما بنيته على مدى سنوات تحطّمَ في أيام قليلة! بسببِ تلكَ الفتاة، أصبح كل شيء هباء!”
عضت أظافرها بغضب و رمتْ الأشياء التي أمسكت بها. كانت كلماتها ترتجف، وعيناها تتوهجان بالغضب.
لقد عادت محاولتها لكشفِ هوية إيرديا بضررٍ هائل. ثمن معرفة الحقيقة عن هويتها كان خسارة كبيرة لها.
في أسوأ توقيتٍ ممكن.
بعد أن هدأت قليلًا من تحطيم الأشياء وإطلاق غضبها، تنهّدت و ضحكت:
كانت إيرديا تعرف الكثير. أكثر بكثير مما كانت تتوقع.
“كان بإمكاني الاكتفاء بالاعتذار و المضي قدمًا. ربّما توقعت أن أفعل ذلك. في الواقع، كنت سأفعل.”
واصلت همهمة نغمة غير معروفة، وسارت ليفيا ببطء حول جينا، التي كانت مرميةً على الأرضِ و هي ترتجف.
“كما تظنين أنكِ تعرفينني جيدًا، أنا أيضًا أعرف الكثير عنكِ. عندما تتحدينني، التّراجع يجرح كبريائي. لذا… أعددتُ لكِ هذه الهدية.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 84"