“لابد أنها استيقظت. ذلك الشعور الذي شعرت به آنذاك… كأنه…”
كان شعورًا كأنني طُردت بعنف.
كأنَّ شخصًا ما دفعني بقوة. عندما حاولت المالكة الأصلية استعادة مكانها، تم طرد الروح التي استعارت جسدها مؤقتًا.
أمسكت القلم بقوة مجددًا.
عندما أفكر في الأمر، فإنّ ذلك كان منطقيًا.
لم أكن ليفيا أرفين.
لذا، كان من الطبيعي أن أترك المكان لها، لكنني لم أستطع التخلي بسهولة عن الروابط التي كونتها هناك، لأنها كانت ملكي.
على الرغم من أنني عشت تلك الأوقات في جسد شخص آخر، كانت مشاعري حقيقية.
“لا أنوي سرقة أيّ شيء. أريد فقط أن أودّعه للمرة الأخيرة…”
عدت دون أن أتمكن من وداعه. وجهه، و هو يمدّ يده إليّ بلهفة، كانَ يطاردني كلّ ليلة.
كنت أشتاق إليه بشدة، لدرجة أنني لا أستطيع النوم.
“…لابد أن هناك طريقة.”
مهما بدت هذه الأحداث غير واقعية، لم تكن حلمًا أبدًا.
نظرت إلى الخاتم الذي يلمع بلطف على إصبعي.
كان الخاتم الذي وضعه كاليد في يدي مع القسم في الكاتدرائية المملوءة بضوء الربيع.
كان هذا الخاتم يثبت أن تلك الأيام لم تكن حلمًا.
الخاتم الذي لم أتمكن من منحه لا يزال في جيبي.
هذا ليس حلمًا أبدًا.
“في ذلك اليوم، كنتُ عائدة إلى المنزل بعد انتهاء عملي المؤقت. كان الطريق…”
سجّلت كلّ ما أتذكره عن يوم الحادث: الطقس، الوقت، حالة الطريق، كلّ شيء بالتفصيل.
* * *
بعد خروجي من المستشفى، انغمست في هذا الأمر بهوس.
زرت موقع الحادث مرات لا تحصى، و قرأت كلّ الكتب ذات الصلة.
مرّ الصيف، حيث كنتُ أتعرق بمجرد الوقوف، وتلا ذلك الخريف الملون بأوراق الشجر المتعددة الألوان بسرعة.
ثم مرّ الشتاء المغطى بالثلج الأبيض.
بعد نصف عام آخر من خروجي من المستشفى، كان الغبار لا يزال متراكمًا في المنزل.
تطاير الغبار تحت ركبتيّ المنهارة. عضضت شفتيّ، وحاولت التقاط أنفاسي.
“لماذا…”
قطرة—قطرة—
سقطت الدّموع التي كنت أكبحها واحدة تلو الأخرى على الأرض.
كانت ركبتاي الجاثيتان تؤلمانني، لكن ذلك لم يكن مهمًا.
“لماذا… بحق السماء، لماذا؟”
يواجه الجميع اليأس مرّةً واحدة على الأقل في حياتهم.
يشعرون بالعجز أمام الأشياء التي لا تنجح مهما حاولوا.
كلما كانت الرغبة أقوى، كلما انزلقت الأمور من بين أصابعهم.
كانت رغبتي في رؤية كاليد مجددًا هي بالضبط تلك الأمور.
“لا… لا أريد. آه، هيك…”
هنا، إذا تحدثت عن التجسد، سيعتقدون أنني مجنونة.
على الرغم من أنّها ليست كذبة، كانت تلك الذكريات الواضحة جدًا تجعلني أتساءل عما إذا كانت حقًا ليست حلمًا، أو إذا كنتُ أفقد عقلي.
في كلّ مرة، كنت أنظر إلى الخاتم على إصبعي وأتمسّك بنفسي.
لم أستطع الاستسلام. لا، لم أكن قادرة على الاستسلام على الإطلاق.
كل شيء كان جديدًا.
أن أحب، و أن أُحَب بهذا القدر من العطاء.
“آه… أغ، أغ… آه…”
تسرب أنين يائس من بين شفتيّ.
أردت رؤيته، ولو لمرة واحدة فقط.
ماذا يجب أن أفعل؟ هل يلعب الحاكم مزحة معي؟
بعد أوقات هادئة كالنسيم، كان هناك دائمًا عاصفة.
“آآه—!”
حتّه عندما صرخت بنحيب، كانَ الصمت هو الرد الوحيد.
أدار العالم ظهره بهدوء، وكانَ النّسيم البارد هو الجواب الوحيد الذي تسلل إليّ.
* * *
التقيت بكاليد لأوّل مرّة بعد حوالي شهر من استيقاظي في جسد ليفيا أرفين.
على الرغم من تعرضي لحادث عربة كبير، كان جسدي يتعافى بسرعة مذهلة.
قال الجميع إن ذلك بفضل “القوّة المقدسة” التي وُلدت بها.
كانت ليفيا أرفين الوحيدة في إمبراطورية إيفيرنيا التي تمتلك القوة المقدسة.
كانت مختلفة عن القوة المقدسة التي يستخدمها الكهنة، و كانت تُعرف بنعمة مباشرة أو بركة من الحاكم بيسيا.
أولئك الذين يمتلكون القوة المقدسة لا يتعافون من الجروح بسرعة غير طبيعية فحسب، بل يمكنهم أيضًا شفاء الآخرين.
على عكس القوة العادية، كانت القدرة على الشفاء التي تمتلكها القوة المقدسة قوة مطلقة خاصة بليفيا.
لكن السبب الحقيقي الذي جعلها مميزة كان شيئًا آخر.
كان ذلك “التنبؤ”.
في الروايات، قد يُفسر ذلك كـ”اوراكل” يتم تفسيره، لكن في هذا العالم، كان صاحب القوة المقدسة يمتلك القدرة على رؤية المستقبل مباشرة دون تفسير.
لم يكن بالإمكان استخدامه كثيرًا، و لم يظهر حسب رغبتهم، لكن تلك القوة كانت تظهر دائمًا مع أزمات الإمبراطورية.
كما لو أنّ الحاكم بيسيا نفسه يحمي الإمبراطورية.
لهذا، كان لصاحب القوة المقدسة سلطة فعلية أكبر من الإمبراطور.
مع كون عائلة أرفين من نسل مباشر للإمبراطور الأول، كانت مكانة ليفيا لا يمكن التعدي عليها.
حتّى لو كان شخصًا يُحترم أكثر من الإمبراطور، لو كان شخصًا صالحًا، لما كرهها ولي العهد.
لكن ليفيا أرفين كانت شخصية شرسة و قاسية.
كونَ صاحب القوّة المقدسة، الذي جاء بعد مئات السنين، لم يكن بركة بل ليفيا نفسها، كان بمثابة نكبة على الإمبراطورية بأكملها.
“سمعت أنكِ تعرضتٓ لحادث، لكن يبدو من مظهركِ أنّ ذلك كذبة أخرى.”
“…ماذا؟”
“ما الذي تحاولين كسبه هذه المرة بهذا التمثيل المقزز؟”
“…..”
“مهما كان، لن يسير الأمى حسبَ رغبتك.”
كانت عيناه مليئتين بالكراهية، وصوته مشبع بالغضب.
لم أكن أعرف شيئًا. كلّ ما فعلته هو الخروج لاستقباله بأدب لأنني سمعت أنّ ولي العهد قادم.
كان ازدراؤه، الذي انهال عليّ كأنه هالة متألقة، قويًا لدرجة أذهلتني.
“…لا أفهم ما تقصده، سموك. هل ارتكبت خطأً ما؟”
“…ماذا؟”
كان لا يزال ينظر إلي بعيون مليئة بالكراهية.
لم يخفِ كراهيته العميقة لليفيا، فلم أستطع سوى الرد بإحراج.
خطيب؟ كيف يمكن أن يصبحا زوجين بعلاقة كهذه؟
لم أستطع فهم أنّ علاقة مثل هذه لا تزال تعتبر خطوبة.
و مع ردّة فعلي تلك، عبس كاليد أيضًا.
“قيل إن ابنة الدّوق فقدت ذاكرتها… لا أصدّق ذلك. لا أعرف ما الشيء الشّرير الآخر الذي تخططين له، لكنني لن أتركَ الأمر يمر هذه المرة أيضًا.”
نظر إليّ كاليد بعيون مليئة بالشكوك.
كانَ من المدهش أنّه جاء من القصر ليقول هذا الكلام فقط.
علمت لاحقًا أنه جاءَ لأنه لم يصدق أن ليفيا فقدت ذاكرتها و أصبحت هادئة.
لم تكن ذكرى جيدة، لكن اسم ولي العهد كاليد أصبح محفورًا في داخلي منذ ذلك اليوم.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 4"