شعرتُ بألمٍ شديدٍ في قلبي لرؤيةِ شخصٍ يتحدث عن الرّفض كجرح في القلب، ومع ذلكَ لا يزال يهتمّ بالآخرين.
كان قلبي يتمزق لأنّه هو، الذي يحمل مثلَ هذه الجروح و مع ذلكَ يقلق على الآخرين.
“ليفيا، هل اندفعتِ بتهوّرٍ مرّةً أخرى؟ حتى لو كان الشعب يحبكِ، قد يثور أحدهم و يتصرّف بعفوية. أنتِ حقًا لا تعرفينَ معنى الخوف.”
“لكنكَ كنتَ بجانبي.”
“ماذا لو لم أكنْ هناك؟”
“كنتُ أؤمن أنكَ ستراقبُني. أليس كذلك؟”
“أنتِ تدفعينني للجنون. هل تفعلينَ هذا عمدًا؟ لتجعليني قلقًا.”
“ههه، كيفَ لي أنْ أفعلَ ذلك؟ كاليد، أنا أثقُ بكَ.”
“الثقة مرّتين ستقتلني.”
على الرّغمِ من ذلك، كانتْ كلمات القلق التي قالها في أيّام حبنا تجعلُ قلبي ينبض بقوّةٍ كما لو كنت أسمعها الآن.
تذكّرتُ وجهه الممزوج بالتّنهد، قلقه من أنْ أكون قد تأذيت، و يديه التي كانتْ تداعب خدّي بحذر و ملامسة كتفي.
على الرّغمِ من أن نبرته مختلفة، وتعبيراته مختلفة، ومعنى كلماته مختلفٌ تمامًا، إلا أن مجرّد لمحةٍ من اللّطف تجعلني أستعيد ذكرياتٍ قديمة.
‘لا، يجب أن أتحمل.’
إذا أظهرتُ الدّموع هنا، قد يشكّ كاليد.
عضضت داخل فمي و تحمّلت بشدة، لحسنِ الحظ، لم يلاحظْ كاليد ذلك.
على الرّغمِ من اضطراب قلبي، استمرَّ الحديث مع كاليد بعد ذلك.
هل تخلى عن شكوكه تجاهي؟ أم أنّـهُ قبلني كشخصٍ مفيدٍ بما فيه الكفاية؟ على أيّ حال، لقد أظهرَ موقفًا أكثر انفتاحًا من ذي قبل.
بالطبع، كان ذلكَ مجرّد إخفاءٍ لأشواكه الحادة مثل القنفذ. نظراته لا تزال باردةً ونبرته قاسية.
عندما تمّ وضع خطة لتحديد موقع حلبة القتال وتأمين السجل، نهض كاليد من مقعده.
لم يلمس الطّعام الذي طلبه. شعرت بالقلق دون سبب، لكنني لم أملكْ الحقَّ في إظهارِ هذا القلق. ابتلعت مشاعري بصمت.
كنتُ معتادة على التّفكير بمفردي و التّألم بمفردي. لقد أصبحَ ذلكَ مملاً الآن.
“إذًا، سأنتظر النّتائج.”
ظننتُ أنه سيغادرُ دونَ تردٌد بعد انتهاء الأمر، لكنه كانَ ينتظرني بهدوءٍ أمامَ الغرفة.
مدَّ يده نحوي. عندما نظرتُ إليه متفاجئة، رفعَ كاليد حاجبيه كما لو أنه لا شيء، و كأنه يقول “لمَ لا تمسكين بها؟”
أدركتُ حينها. هذه اليد لم تكن من أجلي، بل من أجل مَن يراقبوننا.
‘صحيح، قال إنّنا يجب أن نظهرَ كما لو كنّا مخطوبين.’
نسيتُ أثناء حديثنا أننا اتفقنا على التظاهر بعلاقة لتجنّبِ الشّكوك حتى لو التقينا كثيرًا.
علاقةٌ متبادلة، وليست حبًا من طرف واحد.
ابتسمت بمرارة و أمسكتُ بيدهِ الممدودة.
حاولتُ أن أمسكَ بأطرافِ أصابعه فقط، لكن كاليد أمسكَ يدي بالكامل دونَ تردّد.
ارتجفتُ من الدّفء المفاجئ وحاولتُ سحب جسدي، لكن ساقي المؤلمة تخلّت عن قوتها.
ساند كاليد كتفي المتعثرة بسهولة، وكانت كل حركاته طبيعية بشكل مذهل.
“أنتَ مهذّب جدًا.”
“لقد تعلمتُ ذلكَ منذُ أن بدأتُ المشي.”
“هل هي عادة؟”
“لا أفعل ذلكَ مع أيّ شخص.”
“يبدو أنّني لست أيّ شخص إذًا.”
تفاجأت بنفسي من الكلماتِ التي خرجت دون وعي. لم أستطع حتى أن أنظر إلى تعبيرات كاليد.
قبل أن أفعل، شعرتُ بقوّة خفية على كتفي التي كان يحيطها، و سكب كلمات باردة.
“أخبرتكِ ألاّ تتوهمي.”
كانت نبرته تقول ان حتّى التوهم كان مزعجًا.
على الرّغمِ من أن يده التي كانت تحيط بكتفي لم تكن قاسية، شعرتُ بالألم بشكلٍ غريب.
حتى الحرارة من يده التي أمسكتِ بي لمرافقتي لم أعد أشعر و كأنها تبعثُ بالدّفء.
وخز، وخز.
كانَ المكانُ الذي يلمسه يؤلمني كما لو أنّني وُخزت بأشواكٍ حادّة.
عضضت على أسناني و و أجبتُ وكأنني غير متأثّرة.
“نعم، لم أتوهّم. لكن بما أنني الآن على نفسِ القارب مع سموكَ، فكرت أنني لستُ أيّ شخص… هكذا ظننت.”
“سنرى إذا كنتِ حقًا على نفسِ القارب.”
في النّهاية، كانَ يعني أنه سيحكم بناءً على نتائج هذا الأمر.
فتحَ باب العربة التي كانت تنتظر أمام المطعم بنفسه، و أشار برأسه لأصعد.
هل كان ذلك بسببِ المطر؟ ساقي، التي كانت عادةً بخير، أصبحتْ تؤلمني بشكلٍ خاص.
لم أرغبْ أن يكتشفَ كاليد أنّني أعرج، فصعدت إلى العربة ببطء عن قصد.
آمل ألاّ يبدو سلوكي غريبًا بالنّسبة له.
“كانت تجربة ممتعة حقًا. أتطلّعُ إلى إجابةٍ إيجابية.”
“كانت وقتًا ممتعًا بالنّسبة لي أيضًا. آمل أن أتمكّنَ من تلبية توقعات سموكَ.”
لمن لا يعرف، كان سيبدو و كأننا عاشقان مخطوبان يتبادلان حديثًا حميميًا.
كما فعل هو، تظاهرتُ أيضًا بابتسامةٍ زائفة، مقدمة دور الحبيبة الخجولة.
كانَ ذلكَ شيئًا شاقًا لعضلات وجهي.
بالنّسبة لي، أغلقَ كاليد باب العربة بابتسامة تجعل قلوب مَن يراقبون ترفرف، كما لو كان يودع حبيبته اللّطيفة.
كانَ قلبي يتمزق من الحزن، لكنني فكّرتُ أن الشائعات ستُنشر بالتأكيد.
باب العربة المغلق. اليوم، كانت النوافذ مغطاة أيضًا، فلم يكن لدي خيار سوى التّحديق في الباب لفترةٍ طويلة.
لن يُفتحَ هذا الباب مرّةً أخرى.
كاليد، بمجرّدِ أن يجذبَ انتباه الناس بما فيه الكفاية، سيغادرُ دونَ تردّد.
لم يعدْ ذلكَ الشّخص الذي كان يبقى في مكانه و يشتاق إلي بعد رحيلي موجودًا.
اندفعتْ الدّموع التي كنتُ أكبتها أخيرًا.
كانَ ألمُ قلبي، الذي تفاعلَ مع ابتسامةٍ زائفة واحدة، أكثرَ إيلامًا من ساقي النابضة.
غطّيتُ فمي بكلتا يدي لمنع تسرّب النحيب. أصبحت رؤيتي ضبابية مع الدّموعِ المتدفقة.
اهتزّت العربة وبدأت تتحرّك.
كما توقعت، لم يُفتح بابُ العربة مرّةً أخرى، ولم تتوقّف العربةُ التي بدأتْ بالتّحرك.
كان هذا هُو الواقع الذي يجبُ أن أعتادَ عليه الآن.
* * *
عندما عدت إلى القصر، توقّفت دموعي، لكن آثار البكاء الشّديد بقيت واضحة.
نظرَ إليّ ألدين، الحارس الذي رافقني، و كأن شيئًا غريبًا حدثَ ، لكنه سرعانَ ما أشاحَ بنظره.
كان عليه أن يعود بسرعةٍ إلى السّيدة التي يفترض أن يحميها.
كانت سيريل، التي كان يفترض أن يحميها ألدين، تستعدّ للعودةِ إلى الأكاديمية بعد انتهاء الإجازة، وكانتْ منشغلة بالدّراسة المسبقة الآن.
لحسنِ الحظ، لم أضطرَ إلى مواجهة سيريل بوجهي المضطرب.
كانَ من المريح ألّا أواجه سيريل، لكن كان عليّ مقابلة الماركيز الذي طلبَ مني زيارته بعد عودتي.
“هل بكيتِ مرة أخرى؟”
بمجردِّ فتح باب المكتب، جاءتني كلماتُ قلقٍ لطيفة.
كان الماركيز، الذي اعتادَ التحدث إليّ بأدب، يستخدم أحيانًا لغةً محترمة عندما نكون بمفردنا.
“بابل، ستخطئ أمامَ الآخرين إذا استمررتَ هكذا.”
“أممم، أنا حذرٌ، فلا تقلقي بشأني.”
عندما ناديته بلقبه الحميميّ بعد لقائنا بعد وقتٍ طويل، خدشَ الماركيز رأسه بحرج.
ضحكتُ بهدوء و انهرت على الأريكة.
شعرت فجأةً أن فستاني، الذي ارتديته لأبدو جميلة أمام كاليد، ثقيلٌ و غير مريح.
حتى لو ارتديتُ فستانًا جميلًا كهذا، لن أصبحَ أجمل من ليفيا.
على الرّغمِ من أنني أعلم أن لدي قلبًا قبيحًا، إلا أنني أستمرُّ في مقارنة نفسي بليفيا أرفين. كنتُ أعلم أنها محاولة باطلة، لكنني فعلت ذلك.
“نعم، بكيت. كيف لا أبكي وأنا أراه؟”
“لهذا قلتُ إنني سأتولى الأمر.”
“لا بأس إذا بكيت. أنا سعيدة لأنني أستطيعُ رؤيته حتّى بهذه الطّريقة.”
تنهّدَ الماركيز مرارًا و تكرارًا بنظرة شفقة على كلماتي الساخرة.
في الحقيقة، كانَ الماركيز فالاندي يرغبُ في مقابلة كاليد بنفسه و تنفيذ الخطّة حتى لو كانَ ذلك ينطوي على مخاطر.
لكنني عارضتُ هذا الرّأي و أصررت على القيامِ بذلك بنفسي، وكانَ ذلكَ قراري الخالص.
“سمو ولي العهد يتلاعب بالشّائعات عنكما عن قصد. أنا قلق من أن تصبح سهام ليفيا موجهة نحوكِ.”
“هذا يعني أن هذا التّحقيق مهمٌّ للغاية. نحن بحاجة إلى قصة مقنعة لتحويل انتباه ليفيا. إذا كانت لا تزال تفكّرُ في ما حدثَ.في الحفل، فستولي بالتأكيد اهتمامًا أكبر بعلاقتي معه.”
إذا شعرتْ بالإذلال، فلن تتحمّلَ دون ردّ الجميل. كان كاليد يعرف شخصية ليفيا أفضلَ من أيّ شخصٍ آخر.
“إذا بدا أنني واقعةٌ في الحبّ و أساعد سموّ ولي العهد دونَ علم والدي، ستعتبرني ليفيا هدفًا للإغراء بدلاً من الحذر. ستعتقدُ أنني مفيدة، سواء لخداعي أو لخداع كاليد مرة أخرى.”
“لن يستمرَّ هذا التوهّم طويلاً. ستكتشف ذلك بسرعة.”
“صحيح. سموّ ولي العهد يعرفُ ذلكَ أيضًا. لكننا نحتاج إلى لحظةٍ ولو قصيرة لتحويل انتباهها. إذا كنتُ أستطيع المشاركة في هذه الخطّة، فلا يهمّني الأمر.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 33"