“حرفيًا كما قلتُ. هذه الكارثة لن تكون كارثة طبيعية لا يمكن للبشر منعها.”
أخذتُ نفسًا عميقًا و واصلتُ ببطء:
“كارثة يمكن خلقها بشكلٍ مصطنع و متعمّـد.”
〔…..الحرب؟〕
مع سؤال دوقة كلاوس الكبرى المنخفض عبر الصورة، أغلقتُ فمي للحظة. لم أكن أعرف الإجابة الدقيقة، لكن شيئًا واحدًا كان واضحًا.
“ستخلق ليفيا موقفًا يضطر فيه الناس للّجوء إلى آدم.”
رفعتُ رأسي و نظرتُ إلى الحاضرين في الاجتماع واحدًا تلو الآخر.
“لقد تعاملت ليفيا مع العديد من السّموم. سموم نادرة لا يعرفها حتى الخبراء. مؤخّـرًا، واجهتُ دخانًا سامًا لم أره من قبل في حياتي. آدم و السم… يبدوان غير مرتبطين ظاهريًا، أليس ذلكَ غريبًا؟”
تصلّبت تعابير الجميع، كما لو أنّهم خمّنوا شيئًا.
“إذا كانت ليفيا، فستختار أكثر تركيبة خبيثة. السم الذي يجبر النّاس على اختيار آدم… أسوأ ما يمكن تخيّله.”
مـرّت ذكريات حياتي السابقة كالبرق في ذهني.
استبعدتُ الكوارث الطبيعية. كانت تلكَ منطقة لا تستطيع ليفيا التحكّم بها بأيّ حال.
إذن، ما هي الكارثة الأكثر تدميرًا التي يمكن للبشر التّسبب بها عمدًا؟
هل هي الحرب، كما قالت دوقة كلاوس الكبرى ؟
لا، كانت هناك صورة أوضح بكثير.
“ما هي؟”
سأل بيرين بوجـهٍ جادّ.
عـمّ الصمت العميق و الثقيل في غرفة الاستقبال.
كسرتُ الصمت و أضفتُ بحزم:
“…الوباء.”
جائحة.
كارثة تركت تاريخيًّـا أضرارًا هائلة لا تقـلّ عن الحروب.
لم يكن مجرّد مرضٍ عـادي.
إذا كان على نطاقِ يمكن أن يدمّر دولة و مجتمعًا بأكمله، فإذا صنعته ليفيا، فسيؤدي ذلكَ إلى انهيار الإمبراطورية.
إذا حدثَ ذلك، ستتماشى خطة ليفيا لاختيار البشر عبـر آدم تمامًا.
أدركَ كاليـد خطورة الأمر على الفور، فتقلّصت جبهته بعمق.
“…راجان في خطر.”
إذا افترضنا أنّ ليفيا تخطّط فعلاً لمثل هذا الأمر، فلن يكون هناك مكان أنسب من راجان كمسرح.
أصبحت الأجواء في غرفة الاستقبال أثقل، و تحوّلت تعابير الجميع إلى أكثر قتامة.
〔إذن… يجب أن نبدأ في وضع الاستعدادات فورًا.〕
خلال الجو البارد ، أضفى صوت هادئ لكنه قـويّ من شوريل حيويّةً على الأجواء.
على الرّغمِ من أنّه ربّما كان الأكثر تعقيدًا في مشاعره بين الحاضرين، كان شوريل يضع التعبير الأكثر هدوءًا.
أومأتُ برأسي و أنا أنظر في عينيه.
“إذا، كما توقّعنا، نشرت ليفيا السم لتتسبّب في وباء، فهناك شيئان يجب أن نعطيهما الأولوية.”
〔التخلّص من السم و قطع مسارات انتشاره.〕
كانت إجابة أسرع من أيّ شخص آخر.
نهضَ شوريل من مكانه للحظة و عـاد و معه شيء، و نشره أمامـه. لم أتمكّن من رؤية الشيء عبر كرة الاتصال، لكن الدّوقة الكبرى إلى جانبه هزّت كتفيها و قالت:
〔خريطة راجان، على الأقل، أليس كذلك؟〕
عند هذه الكلمات، أخرجَ جيرمان لفافة من بين الوثائق على الطاولة و فتحها. كانت الخريطة الكبيرة، التي غطّت نصف الطاولة، بالتأكيد خريطة راجان.
〔راجان مدينة ذات هيكل ثماني الأضلاع. إذا كانت تخطّط لوباء عبر السّـم، فالأولوية هي إغلاق بوّابات المدينة.〕
عند كلمات شوريل، فتحَ الماركيز فالاندي، الذي كان صامتًا، فمـه:
“إذا أغلقنا جميع البوّابات، سيعرف الجميع خارج المدينة بسرعة. الأخبار تنتشر بسرعة عبر القوافل، و ستصل إلى الدول الأجنبيّة قريبًا.”
أومأ كاليـد، موافقًا على الفكرة.
“يجبُ أن نغلق الحدود أيضًا.”
مع كلماته الحازمة، هزّت الدّوقة الكبرى كلاوس حاجبيها الداكنين بعنف.
〔القول أسهل من الفعل.〕
بصفتها حامية حدود الشمال، كانت تعرف أكثر من أيّ شخص مدى صعوبة إغلاق الحدود.
لكن لم يكن هذا أمرًا يمكن تأجيله. حتى لو لم يكن وباءً حقيقيًا، بمجرّدِ انتشار الخبر، ستصدّق الناس القلقة ذلك، و إذا تأخّرت الاستجابة، قد تتحوّل إلى مشكلة دبلوماسيّة.
مع إدراكها لهذا، لم تواصل الدّوقة الكبرى الكلام.
“إذا ظهرت أيّ علامات مشبوهة، يجب أن نغلق البوّابات فورًا، و نفحص جميع المواد في راجان، و ننفّذ الحجر الصحي، وفي الوقت نفسه، علينا أن نجـد مسارات انتشار السم.”
قال جيرمان ذلكَ وهو يكتب بسرعة المهام في الوثائق.
تقدّمت الدّوقة بياترس، التي كانت هادئة، أيضًا.
〔كيف يمكنني المساعدة؟〕
“هل يمكنكِ إرسال شخص يستطيع فكّ السم؟ شخص موثوق. إذا كان قادرًا على التصنيع أيضًا، سيكون أفضل.”
〔سأرسل ساحرين يعملان في العائلة. هما أكثر خبرة في الكيمياء من السحر، لذا سيكونان مفيدين في تطوير ترياق.〕
أومأ كاليـد برأسه.
ساحران نادران في راجان سيكونان بالتأكيد مفيدين.
و توظيف اثنين منهما، ربّما بسببِ صحة آيشا، كان أمرًا مذهلاً.
بينما كان الجميع يستخدمون معرفتهم لوضع خطط الاستجابة واحدًا تلو الآخر، كنتُ أنظر إلى الخريطة مع شوريل.
“راجان مقسّمة إلى مناطق حول البوّابات الثّمان، لكن في النهاية، تؤدّي جميع الطرق إلى القصر الإمبراطوري المركزي. ناهيكَ عن الأزقّة الدقيقة.”
〔القصر الإمبراطوري هو هيكل خماسي داخل المدينة الثمانيّة الأضلاع. يحتوي على خمس بوّابات و محميّ بطبقات من السحر. إنّه أنظف مكان، و يخضع للحجر الصحي بشكلٍ دوري. إذا بدأ الوباء هناك، سيشـكّ الجميع.〕
“لنفسِ السبب، يمكن استبعاد منطقة النبلاء أيضًا. ما لم تكن ليفيا تخطّط لجعل جميع النبلاء أعداء لها، فلن تضحّـي بهم أولاً.”
〔من حيث الاحتمالات، المكان الذي يحتوي على أكبر عدد من الناس و الأسهل للتضحية به هو… منطقة البوّابة الثالثة.〕
أومأتُ برأسي موافقة على كلام شوريل.
كان ذلكَ المكان يعجّ بالعامّة، و هو مكان يتردّد إليه عدد هائل من الناس.
كان مليئًا بالأسواق و المتاجر، حيث يتاجر المواطنون المحليون و التجّار الأجانب على حـدّ سواء، و كونه قريبًا من البوّابة الشرقيّة جعلَ الوصول إليه من الخارج سهلاً.
لكن كان هناك شيء يقلقني.
أليس هناك مكان آخر مناسبٌ لنشر المرض؟
“بالتأكيد، تبدو البوّابة الثالثة هي نقطة البداية الأنسب، لكن بالنسبة لـليفيا، هناك مكان يمكنها من خلاله نشر السم بسرعة و سهولة أكبر.”
كان ذلكَ بالضبط الممرّ الأرضي الذي استخدمته للهروب من قصر أرفين، أو بالأحرى، قنوات المياه تحت الأرض في راجان.
هل يمكنها أن تنشر السم عبر قنوات المياه تحت الأرض التي استخدمتها مرّات عديدة؟
كانت الفكرة بحـدّ ذاتها مروّعة.
كم عدد الضحايا الذين سينتجـون…..
استمع كاليـد إلى حديثنا وهو يعقد ذراعيه، ثم فتح فمه:
“راجان هي قلب الإمبراطورية. إذا فشلنا في احتواء الوضع هنا، ستنتشر التداعيات إلى جميع المناطق. يجب أن نوقفه مهما كان الثمن. أرجو من الجميع… أن يقدّموا قوّتهم.”
كانت تعابيره متصلبة، لكن عينيه تحملان تصميمًا واضحًا.
استمـرّ الاجتماع حتى ساعة متأخرة.
اختلطت أصوات العديد من الأشخاص بينما تـمّ ترتيب الاستعدادات بسرعة.
بما أنّنا لم نكن نعرف كيف ستتحرّك ليفيا، تـمّ إعداد عدّة خطط استجابة.
حتى بيرين، الذي كان شاحبًا و صامتًا طوال الاجتماع، شارك في النهاية برأيه.
كان يرغب في محادثة خاصّة معي، لكن يبدو أنّه قـرّر تقديم الدعم في الوقت الحالي.
الأدلّة التي أمامه كانت تشرح أفعال ليفيا الشريرة، ولا بدّ أنّه قد تحقّق من الكثير بنفسه، فقرّر أن يثـق بنا.
على الرّغمِ من أنّنا استعددنا أكثر من أيّ وقت مضى، لم يهدأ القلق في صدري ولو قليلاً.
ليفيا ستتحرّك بالتأكيد بخطوة أبعـد منّـا.
* * *
في اليوم التّـالي، في راجان.
كانت العربات تتدفّق أمام بوّابة المدينة، في طوابير طويلة تنتظر الدخول كالمعتاد.
نظرَ الرّجل إلى حارسي البوّابة و هما يضحكان و يمسكان بزجاجة خمر، و أطلق صوت استياء.
‘بهذه الهشاشة.’
كان مهرّبًًا، و كان اليوم ينقل بضائع محظورة إلى راجان بناءً على طلب.
في البوّابات الأخرى، كان هذا مستحيلاً، لكن البوّابة الثامنة كانت كما لو أنّها أُعدّت خصيصًا للمهرّبين، حيث كانت الحراسة فيها شبه معدومة.
‘بالمناسبة، طلبوا مني إنزال البضائع في زقاق قرب البوّابة الثامنة. هذه أوّل مرة أتلقّى مثل هذا الطلب. ماذا لو ضـاعت؟’
كانت الأزقّة القريبة من البوّابة الثامنة مكانًا يتجمّع فيه المتسوّلون و الفقراء. على الرّغمِ من أنّها ليست حيًّـا للفقراء، كانت مكتظّة بالناس بسببِ إمكانية التسوّل من التجّار الأثرياء.
ترك بضائع تـمّ شراءها بمبلغ طائل في مثل هذا المكان؟
بدت الفكرة غريبة، لكن بما أنّه تلقّى دفعة مقدمة كبيرة و كان شرط العقد يعفيه من المسؤولية إذا ضاعت البضائع، وافق بسهولة.
“هيو، اليوم حـارّ جدًا! شكرًا على جهودكم.”
بينما يمسح العرق عن جبينه بظهر يده، ابتسم للحارس الذي بدا مخمورًا بالفعل، و سلّمه كيسًا يحتوي على مبلغ مناسب من المال.
“الخريف قادم قريبًا، لذا ستهدأ الحرارة.”
ضحكَ الحارس بمرح و سمحَ له بالدخول.
لم تخطئ مخاوف إيرديا هذه المرّة أيضًا.
على الرّغمِ من الاستعدادات الدقيقة، دخلت عربة تحمل سـمّ ليفيا إلى راجان دونَ أن يلاحظها أحد.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 127"