كان صوت ليفيا يحمل نبرة ندمٍ كثيفة، كما لو كانت حملًا وديعًا يعترف بذنب.
“بالأحرى، هل يصـحّ القول إنّ جلالته كـاد أن يُسمَّم؟ كان ينبغي إعادته إلى حضن الحاكم، لكن… إذا رحـلَ جلالته هكذا، فسيصبح ابن المرأة التي سمّمت الإمبراطور هو الإمبراطور القادم. كنتُ أريد منع ذلكَ بأيّ ثمـن.”
“ماذا فعلتِ؟”
تحوّل وجه البابا، الذي صُدم بخبر تسميم الإمبراطور، إلى قلقٍ عميق.
حتى في خضمّ هذا، كان يبدو قلقًا بشأن ما قد تكون قد اقترفته ليفيا، سيّدة القوّة المقدّسة، و ما إذا كان ذلك سيُلقي مسؤوليّة على المعبد.
“…لقد حافظتُ على حياته سـرًّا حتى الآن.”
“فعل مثل هذا…! كيف تجرّأتِ على فعل شيء كهذا؟”
بعد أن شرحت بإيجاز ما حدثَ في القصر الإمبراطوري، أظلم وجه البابا بشكلٍ ملحوظ.
كون الإمبراطور فاقدًا للوعي يعني أنّ كلّ السلطة في القصر الآن بيد “الإمبراطورة”.
“هل تقولين إنّكِ أخفيتِ أمرًا خطيرًا كهذا حتى الآن؟”
تنهّد البابا بخيبة أمل، فأحمرّت عينا ليفيا وهي تضـع مشاعر معدّة مسبقًا، و سقطت دموعها.
“منذُ فسخ خطوبتي، اعتبرتني الإمبراطورة و وليّ العهد عدوّة لهما. في مثل هذا الوضع، لو كنتُ قد كشفتُ عن جريمة الإمبراطورة، لكان ذلكَ قد أعطى ذريعة لاتهام المعبد بالتدخّل في السياسة.”
ارتجف حاجبا البابا.
“والآن، بعد أن أصبحت سيّدة القوّة المقدّسة الجديدة إلى جانب وليّ العهد، لم يعد بحاجةٍ إليّ أو إلى المعبد. الشّعب أيضًا، عندما يتذكّر الإمبراطور الأوّل، سيتبع وليّ العهد و سيّدة القوّة المقدّسة. إذا حدثَ ذلك… قد لا يتمكّن المعبد من الحكـم باسم بيسيا بعد الآن.”
“حتّـى لو كانت قد استيقظت متأخّرًا، إنّها سيّدة القوّة المقدّسة. هل من المعقول أن تكون واقفة ضدّ المعبد؟”
“…قداستكَ، الخصم هو وليّ العهد كاليـد.”
تجمّدت تعابير البابا للحظة.
كما قالت ليفيا، لم يكن بإمكانه إنكار أنّ ترك الأمور كما هي قد يهـزّ مكانة المعبد.
وكان ذلكَ متوقّعًا، فقد كان كاليـد، وليّ العهد، شخصًا يقاوم سلطة المعبد المفرطة منذُ زمنٍ طويل.
حقيقة أنّ خطيبته استيقظت كسيّدة القوّة المقدّسة كانت واقعًا مؤلمًا للبابا أكثر من أيّ شيء آخر.
ومع ذلك، لم يتمكّن البابا من اتّخاذ قرار بسهولة.
كما قالت ليفيا، التدخّل المباشر ليس صعبًا، لكن إذا لم تسِر الأمور كما يُراد، فإنّ الضرر الذي سيلحق بالمعبد لن يكون هيّنًـا.
“حتى لو أعلنا عن جريمة الإمبراطورة الآن، ما الذي سيتغيّر؟”
“سيتغيّر الكثير.”
نظرت ليفيا إلى التمثال بعينين محمرّتين وقالت:
“ألم تصبح إيرديا فالاندي، خطيبة وليّ العهد، سيّدة القوّة المقدّسة؟”
سخرت ليفيا في داخلها مرّات عديدة.
وليّ العهد، الذي كان يخشى سيّدة القوّة المقدّسة، أصبح الآن قادرًا على امتلاك تلكَ القوّة.
بما أنّه يعرف قوّة سيّدة القوّة المقدّسة أكثر من أيّ شخصٍ آخر، فسيحاول بالتأكيد استغلالها.
كم كان مضحكًا التفكير في أنّ وليّ العهد، الذي كان ينادي بأنّه “لا ينبغي الاعتماد بشكلٍ مفرط على سيّدة القوّة المقدّسة”، سيتغيّـر موقفه الآن.
و بصرفِ النّظر عن ذلك، بما أنّ الطّرف الآخر قد حصلَ على سيّدة القوّة المقدّسة، كان عليها أيضًا أن تكشف عن ورقة احتفظت بها لفترةٍ طويلة للاستعداد.
كانت تخفي أمر تدخّلها في إطالة أمـد حياة الإمبراطور، لأنّه إذا علمَ المعبد بهذا، فقد يصبح الأمر مزعجًا ليس فقط للإمبراطورة المذنبة، بل لهـا أيضًا.
لكن، إيرديا استيقظت كسيّدة القوّة المقدّسة.
مجرّد وجود سيّدة القوّة المقدّسة إلى جانب كاليـد كان كافيًا لجعل أولئك الذين يدّعون الحياد أو المتقلّبين من أتباعها ينضمّون إليه.
حتى لو كشفت جريمة الإمبراطورة لاحقًا، فلن يتضاءل نفوذ كاليـد كثيرًا.
لذلك، حتى لو كان الأمر مزعجًا و غير مريح، كان عليها أن تكشف عن أمـر العائلة الإمبراطوريّة للمعبد أولاً، قبل أن يتحرّكوا.
“أعلن عن جريمة الإمبراطورة، و أرسل جلالته إلى الحاكم. أنـتَ، يا قداستك، بنفسكَ.”
كان صوت ليفيا الحارّ يشبه الاعتراف السرّي.
نهض البابا ببطء من مكانه، و ساعدها على الوقوف، معلنًا بحزم:
“كيف يمكنني تجاهل ذلك؟ كارثة عظيمة تقترب، و قد مُنحنـا نعمة إضافيّة. إذا كانت الإمبراطوريّة في حالة اضطراب… فعلـيّ، حتّى إن كنتُ عجوزًا، أن أتدخّل.”
أغمضت ليفيا عينيها و أخفضت رأسها.
“حبّ الحاكم ثقيل… لن أندم.”
نظر البابا إلى التمثال بوجه متصلب.
“لن يتجاهل بيسيا هذا الأمر.”
تراجعت ليفيا ببطء، و رفعت زاوية فمها.
كانت ابتسامة خافتة لكنها مخيفة، ابتسامة النصر.
بعد لقائها الخاص في غرفة الالتماسات، غادرت المعبد بسرعة.
تجاهلت تحيّات من صادفتهم، و صعدت إلى عربة رماديّة أعدّتها على عجل لزيارتها السريّة للمعبد.
ما إن دخلت إلى داخل العربة، التي كانت نوافذها مغطّاة تمامًا، حتى رمت حذاءها بضجر.
في تلكَ اللحظة، كما لو كان ينتظر، أضاءت كرة الاتصال التي لم تُستخدم منذُ فترة طويلة.
خلعت ليفيا زينة فستانها التي تغطّي كتفيها، و أخرجت كرة الاتصال.
كرااك!
ما إن اتّصلت، صرخت ليفيا بصوتٍ شبه هيستيري:
“ماذا كنتَ تفعل طوال هذا الوقت؟”
〔…أعتذر، سيّدتي ليفيا. بسبب شكوك وليّ العهد تجاه الجميع في القصر، لم يكن هناك خيار.〕
“لكن وليّ العهد نفسه كان يتحرّك بحريّة. جـاء إلى القصر و هرب مع جينا. تساءلتُ عن الحيلة التي استخدمها…”
تذكّرت ليفيا فجر ذلكَ اليوم عندما ارتفع عمود النور الأبيض، وهي تعضّ على أسنانها.
“تلك الفتاة استيقظت قوّتها. لو كانت قوّة مقدّسة، فكلّ شيء سيُفسَّر.”
لا بدّ أنّها اكتشفت الباب السريّ المؤدّي إلى المختبر تحت الأرض، ومن خلاله وجدت الممرّ المتصل ببوّابات راجان الثمانية.
فكرة أنّها لم تستطع العثور على تلكَ المجموعة بسببِ المساحة السريّة و الممرّ الذي أنشأته بنفسها جعلت غضبها يتأجّـج أكثر.
〔…هل يمكن أن يكون هناك سيّدتـا قوّة مقدّسة؟〕
سخرت ليفيا.
“بسبب تلكَ الفتاة الحقيرة التي تسلّلت إلى جسدي، قرّر الحاكم أن يتصرّف بمزاجيّة. أنـتَ لا تعتقد أنّ تلك الفتاة الحقيرة يمكن أن تكون مساوية لي، أليس كذلك؟”
〔في في هذا العالم، سيّدة القوّة المقدّسة الوحيدة هي أنـتِ، سيّدتي ليفيا. الآخرون جميعًا مزيّفون. كيف يجرؤون على مقارنة مزيّفة بـكِ؟〕
كان صوت إدموند لا يزال مغمورًا بحماسة محمومة. حبّـه المغطّى بالجنون، لم يتغيّر.
هدأ غضب ليفيا قليلاً.
〔…أعتذر عن تأخّري في التواصل. بعد أن غادر وليّ العهد القصر، أصبحت تحرّكات الإمبراطورة مريبة. نحن نراقبها باستمرار، لكن يجب أن نستعدّ لكلّ الاحتمالات.〕
“بعد أن أغلقت فمها و تصرّفت بهدوء لسنوات بسببِ وليّ العهد، ما الذي ستغيّره الآن مهما حاولت؟”
〔الإمبراطورة سيليان لوكادور شخص يجب الحذر منه، أليس كذلك؟ لا ضرر من الحيطة.〕
أمـالت ليفيا رأسها بملل.
سيليان لوكادور بالتّأكيد شخص يستحقّ الحذر منه. لقد حمـت الإمبراطوريّة بمفردها بعد غياب الإمبراطور.
بل إنّها أدّت دور الإمبراطور و الإمبراطورة معًـا ببراعة بحيث لم يشكّ أحد في أنّ هناك شيئًا غريبًا عن الإمبراطور.
امرأة جميلة و ذات قدرات استثنائيّة. لولا كونها الإمبراطورة التي أنجبت كاليـد، لكانت بالتّأكيد على قائمة ليفيا للخلاص.
“و مع ذلك، إنّها مجرّد دمية للإمبراطوريّة لا تستطيع اتّخاذ قرار واحد بمفردها. ماذا يمكنها أن تفعل؟ على الأكثر، ستضحّي بنفسها لحماية وليّ العهد.”
ارتفعت زاوية فمها ببطء.
سيقوم البابا بزيارة القصر بنفسه. ستُحاسب الإمبراطورة حتماً على جريمة تسميم الإمبراطور، و لن يتمكّن وليّ العهد كاليـد من الإفلات من هذا الأمر بالكامل.
ماذا سيحدث إذا ضربت كارثة وسط هذا الاضطراب؟
هل ستتمكّن إيرديا من حماية الشعب بالكامل من الكارثة؟
اعتادت ليفيا أن تربّـت على إدموند، لكنّها عبست عندما أدركت غيابه. و بينما تحدّق بكرة الاتصال، همست بهدوء:
“إدموند.”
〔نعم.〕
“أطلق آدم. حـان وقت تحقيق الرؤيا.”
نُقِـل صوت ضحكة لا تخفي الفرح، مشبعة بالحماس، عبر كرة الاتصال.
〔كما ترغبين، يا سيّدتي.〕
* * *
بعد أربعة أيام، تجمّع مزيج غير متوقّع في غرفة الاستقبال في قصر فالاندي.
لم يكن هناك شيء جديد في وجودي، أو والدي الماركيز فالاندي، أو كاليـد، أو ألدين، أو جيرمان، لكن الشخص الذي وصل أخيرًا، بيرين هاردور، جعل هذا التجمّع مميّزًا.
تـردّد بيرين في هذا المزيج الغريب من الأشخاص، لكنّه سرعان ما جلسَ بوجه متصلب في المقعد الشاغر.
“شكرًا لقدومك.”
“…جئتُ لأنّ الأربعة أيام انقضت.”
لم يكن وجه بيرين يبدو جيّدًا. بدا و كأنّه قضى الليالي القليلة الماضية دونَ نوم وهو يتحقّق من تهمة جينا.
بدت عليه رغبة في قول الكثير، كما فعل عندما غادر القصر قبل أربعة أيام، لكنّه اختار الصمت في النهاية، كما فعل حينها.
كفارس مقدّس في المعبد، كان من الصعب عليه التشكيك في “سيّدة القوّة المقدّسة”.
وفي تلكَ اللحظة،
أمام الأريكة الفارغة، ظهرت صورتان من كرتي اتصال سحريّتين.
“…ما هذا؟”
خرجت تنهيدة قصيرة من فـم أحدهم.
〔لقد كنتُ وقحة في المرّة السابقة، يا آنسة فالاندي.〕
كانت كرة الاتصال السحريّة تبدو و كأنّها تجربة واقعيّة للغاية. شعرتُ و كأنّني أجري مكالمة فيديو عبر جهاز عرض ضخم، لكنّها كانت أقرب إلى الهولوغرام.
وفقًا لجيرمان، كانت هذه الأداة باهظة الثمن لدرجة تجعل المرء يقفز من الدهشة، لكن يبدو أنّها تستحقّ قيمتها.
“وقاحة؟ أيّ شخص كان سيفعل الشيء نفسه. كيف حال آيشا؟”
〔بفضلكِ، إنّها تصبح أكثر صحّة يومًا بعد يوم.〕
كان وجهها أكثر إشراقًا بكثير مقارنة بلقائنا الأوّل في حفل الشاي. ابتسمت الدّوقة بياترس بلطف، معبّرة عن شكرها الذي لم تتمكّن من قوله في ذلكَ الوقت.
عندما انتهت التحيّة، ظهرت صورة أخرى من كرة الاتصال الأخرى، التي كانت تعاني من اتصال غير مستقرّ.
〔… تسك، لماذا لا يعمل؟ ألم يقولوا إنّه سيتصل فورًا إذا وضعتُ المانا؟〕
〔آه! لا ترميه. يبدو أنّه تـمّ الاتصال، انظري. ربّما استغرق الأمر وقتًا بسببِ المسافة.〕
〔لماذا لا نستخدم كرة اتصال عاديّة؟ هذا مزعج.〕
امرأة ترتدي رقعة عين، تعبّر عن الضجر و الانزعاج. وإلى جانبها، كان هناك شابّ ذو وجه مألوف يهدّئها بلطف.
‘من الجيّد أنّه يبدو بصحّةٍ جيّدة.’
بما أنّها لم تكن موجودة شخصيًا ، كان الشعور بالرهبة أقلّ، لكن الدوقة الكبرى للشّمال ، جيلر كلاوس، كانت لا تزال شخصيّة تجذب الأنظار.
بـدا شوريل، الذي كان يهـدّئها، أكثر راحة بكثير من ذي قبل.
دوقة الشّمال الكبرى، جيلر كلاوس.
و دوقة الجنوب، بياترس شيرن.
عندما قمتُ بالاتصال مع هذين الشخصين القويّين اللذين قرّرا الوقوف إلى جانبِ كاليـد بالكامل، فتح كاليـد فمه:
“لم يعد بإمكاننا تجاهل أفعال ليفيا أرفين الشريرة.”
عبًر صوته القوي و المنخفض غرفة الاستقبال.
“حتى لو كانت قد نالت نعمة الحاكم، إذا ارتكبت ذنبًـا، يجب أن تُحاسب عليه. سأعامل ليفيا أرفين كمجرمة، وليس كسيّدة القوّة المقدّسة.”
لم يكن هذا مجرّد قرار.
كان إعلانًا باسم وليّ العهد، مستعدًا للمواجهة .
“هل أنتم مستعدّون لمواجهة سيّدة القوّة المقدّسة؟”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 125"