عندما انتهت من كتابة الرسائل و وضع القلم، كانت الشمس قد بدأت تميل نحو الغروب.
فركت معصمها، الذي كان يمسك بالقلم لفترة طويلة، و تنفّست بهدوء.
“سمعتُ أن دوقة كلاوس الكبرى في الشّمال تواجه مشكلات بسببِ ذهابها إلى ميرسين؟”
“نعم. بما أن ميرسين أصبحت تحت الإدارة المباشرة للعائلة الإمبراطورية، فإن القادة المحليين يطالبون بالتّعويض عن قيادتها للجيش إلى هناك.”
ضحكت بياترس بسخرية.
أن يحمّلوا الدّوقة الكبرى مسؤولية شخصيّةً عن عمل نفّذتـه بناءً على طلب وليّ العهد؟
ما زالوا يلعبون مثل هذه الحيل.
“الشمال قوي، لكن أمام جدار الجوع و الشتاء، لا يسعها إلا أن تكون حذرة”
هذه الحادثة جعلت من الواضح أن الدّوقة الكبرى في الشمال قد تحالفت مع ولي العهد. و لم يبدُ أنهم ينوون إخفاء ذلك.
احتجاجات القادة المحليين كانت بوضوح تكتيكًا قذرًا لكبح جماح الدوقة الكبرى قبل أن يبني وليّ العهد قوّة فعليّـة.
أي شيءٍ سيفي بالغرض. طالما يمكن أن يقيد القوة العسكرية القوية للشمال، فإن مثل هذه الحلول المؤقتة لها قيمتها.
“التّعويضات التي طالبَ بها القادة حول ميرسين ليست بالهيّنـة حتى بالنّسبة للشمال. بالطبع، لا حاجة للاستجابة… لكن.”
حتّى لو كان بناءً على طلب ولي العهد، فإن النفوذ المستقل للدّوقة الكبرى ليس بالأمر الهيّـن.
ناهيكَ عن ولي العهد الذي يتجاهله الإمبراطور؟ سينهال المنتقدون قائلين إنها “ليست أوامر مشروعة”.
حتى لو تدخّلَ ولي العهد بنفسه، فسيكون الوضع مماثلاً. بل قد يكون من حسنِ الحظ إذا لم يتمّ اتّهام الدّوقة بالتآمر للتّمرد باستخدام قوّتـها العسكرية.
تعرف الدّوقة ذلك، لذا تطيل أمـد هذه المشكلة دونَ حلها بسهولة.
حتى لو أرادت تسويتها بالمال، فإن الشمال في موسم شراء المؤن للشتاء، و الأموال شحيحة.
“هذه المشكلة… يمكنني التدخل فيها.”
سأل لانسيل بهدوء:
“هل نرسل شخصًا إلى الشمال؟”
“نعم. يجب أن أكتب رسالة بنفسي.”
بما أننا الآن على نفسِ القارب، فإن هذا الدعم هو توازن عادل. إذا كان للشمال قوّة عسكرية قوية، فإن للجنوب أراضٍ خصبة و حبوب وفيرة.
ليسَ سيئًا أن يكون للشمال دَيـن علينا، لذا فإن مـدّ يد العون أولاً ليست فكرة سيئة.
“الذي تسبب في المشكلة في ميرسين هو أحمق من عائلة روجيس؟ أرسل شخصًا إليهم أيضًا. لا يمكن أن يتجاهلوا ما فعله أحد أفراد عائلتهم كما لو كان أمرًا خارجًا عنهم.”
إذا قال شخص من عائلة شيرن، بعد رسالة إنهاء الحياد، إن عليهم التعامل مع هذه المشكلة، فسيهرعون لحلها. إلا إذا أرادوا أن يُعـادوا الجنوب بأكمله.
ابتسمت بياترس بسخرية.
“سيصبح الأمر مزدحمًا.”
أمسكت القلم الذي وضعته مجدّدًا. يبدو أن قائمة الأشخاص الذين سترسل إليهم رسائل أطول مما توقعت.
* * *
كانت الشمس تشرق بلطف، و النّسيم يمـرّ بهدوء.
كان الجو صافيًا بلا غيوم، نقيًا و هادئًا بشكلٍ غريب.
كان يومًا سلميًا بشكلٍ محرج.
عندما استعدتُ جينا و فقدتُ الوعي، استيقظتُ بعد يوم بالضبط.
حينَ حاولتُ القفز من السرير مذعورة، ظنًا أن كل شيءٍ كان حلمًا، أمسكت بي جينا التي كانت تراقبني.
رؤية وجهها المبتسم بحرارة، كما لو لم يحدث شيء، جعلتني أدرك أن هذا لم يكن حلمًا.
كان ذلكَ قبل أسبوع.
تعافت جينا تمامًا دونَ أي إصابة. أصبح بكاء مالكوم الهستيري عند رؤيتها الآن مجرّد حادثة مضحكة.
أغمضتُ عينيّ بعد التّحديق في السماء المشرقة. شعرتُ بطاقةٍ مألوفة و دافئة تتسرب إليّ.
كان جسدي في أفضل حالاته، والعالم بدا أكثر وضوحًا. لم أشعر بالإرهاق، وكانت الجروح الصغيرة تلتئم في لمح البصر.
كانت هذه تجارب عشتها عندما انتقلتُ إلى جسد ليفيا.
‘لكنها أسرع الآن.’
ربّما هذه هي الحالة “الطبيعية” لمالك القوة المقدسة.
في ذلكَ الوقت، كانت قوتي المقدسة محدودة، و ربّما لأنني لم أكن المالكة الأصلية، لم تعمل البركة بالكامل.
كان ذلكَ تخمينًا، لكنني كنتُ واثقة تقريبًا.
كانت القوة المقدسة تتدفق في جسدي، جاهزة للانفجار، و تتحرك حسبَ إرادتي. كنتُ لا أزال أجد صعوبة في إخراجها، لكنني أتدرب باستمرار.
عندما مددتُ يدي لأحجب أشعة الشمس، تسلل الضوء الدافئ بين أصابعي.
في تلكَ اللحظة، تداخل ظلّ مألوف مع ظلي.
“هل تأخرتُ؟”
“لا، لقد جئتُ مبكّـرًا.”
كان تايلون، الذي لم أره منذُ فترة.
“اليوم حار جدًا. ربّما يكون من الأفضل التدريب داخلَ القصر.”
“مع هذا الطقس الجميل، سيكون من العار البقاء داخل القصر.”
نهضتُ من مكاني.
عندما أمسكتُ بالسيف الخشبي المألوف، اتّخـذَ تايلون وضعية الاستسلام.
“تأكّدي من شرب الماء. إذا أغمي عليكِ، سأموت.”
“ما هذا، هل أنتَ تمزح الآن؟”
ضحكتُ و لوّحتُ بالسيف الخشبي كما تعلمتُ.
“لسـتُ أمزح.”
سمعتُ تمتمته الخافتة، لكنني ركزتُ على الإحساس بالتلويح.
بدأتُ تعلّم المبارزة لحماية نفسي، لكنها كانت جيدة لتحسين اللياقة، لذا قررتُ استئناف الدروس.
ميزة أخرى للمبارزة هي أن تركيزي الكامل و تعرقي يبدّدان الأفكار غير الضرورية.
كان تايلون معلّـمًا ممتازًا، يصحّح كل حركة بدقة و يشرح بطريقةٍ تفهمها حتى مبتدئة مثلي.
“قدمكِ متقدمة جدًا. اخفضي مركز ثقلكِ…”
“آه!”
عندما تعثرتُ و فقدتُ توازني، أمسكني تايلون بسرعة، مانعًا سقوطي على وجهي.
“…شكرًا.”
“كنتِ تضعين وزنكِ على ساق واحدة. إذا فعلتِ ذلك…”
بينما كان يساعدني على الوقوف ويصحح وضعيتي، توقّف فجأةً و أفلـتَ يدي. كنتُ على وشكِ الوقوف، لذا كدتُ أسقط مرة أخرى.
“تايلون، إذا كنتَ ستمسكني، افعل ذلك بشكلٍ صحيح. كدتُ أسقط للتّو!”
“لو استمررتُ في الإمساك بـكِ، لربّما كان رأسي قد طـار بالفعل.”
“…ماذا تعني؟”
“حسنًا، شيء من هذا القبيل…”
بدت تعابير تايلون غير مرتاحة وهو يتنهّد بعمق.
ثم قال “لنرتح قليلاً”، و ذهب إلى المقعد، حاملاً زجاجة ماء و شربَ بسرعة.
كنتُ أنا مَنٔ يلوح بالسّيف و يحرك جسده، لكن تايلون بدا أكثر إرهاقًا.
“هل أنا مبتدئة جدًا لذلك تجد صعوبة في تدريسي؟”
” كون الأمر صعبًا أفضل من كونه مملًا.”
“…إذن لماذا؟”
“أنتِ… طالبة تدريبها يسبّب الإحراج بعض الشيء.”
أخرجتُ زجاجة ماء من سلة النزهة التي أعدّتها جينا للتدريب، و مسحتُ العرق بمنشفة و ملتُ رأسي.
“يسبّب….الإحراج؟”
“…فقط، شيء من هذا القبيل.”
رمشتُ بعينيّ بسبب تنهيدته المرهقة، فغيّـرَ الموضوع.
“بالمناسبة… لماذا تتعلّمين المبارزة مني؟ أليس من الأفضل تعلّمها من سمو ولي العهد؟ إنه أفضل مبارز في الإمبراطورية.”
“همم…”
عندما طلبتُ من الماركيز التّدريب، لم أكن قد كشفتُ هويتي لكاليـد بعد.
لاحقًا، عندما قررتُ استئناف الدروس، عرضَ كاليـد تعليمي بنفسه.
لكنني رفضتُ عرضه.
السّبب واضحٌ جـدًا.
“سموّه يظننّي مثل بذور الهندباء.”
“…ماذا؟”
“يعتقد أنني هشّـة لدرجةِ أنني قد أطير إذا نفخ عليّ.”
كان من المحرج قول ذلك، لكنه كان صحيحًا.
كان كاليـد يعاملني كما لو كنتُ شمعة قد تنطفئ بنفخة.
حتى بعد ظهور القوة المقدسة، التي جعلتني أتعافى بسرعة من الإصابات، كان يشعر بالقلق في كلّ حال.
“لذا، لن يكونَ تدريبًـا حقيقيًّـا.”
كان ذلكَ واضحًا دونَ رؤيته.
“…لستُ ألـوم مشاعر سموّه.”
“ماذا، هل أبدو هشّـةً لهذه الدّرجة؟”
لوحتُ بيدي نافية، لكن تايلون أطرقَ رأسه و أغمضَ عينيه.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 117"