حلمت حلمًا يبعثُ على الحنين بعد غياب.
كنت أنا و إيساك الطفل معًا. جلسنا تحت ظل شجرة نقضي الوقت سويًا.
كانت يد إيساك الصغيرة تداعب ظهري، وأنا جالسة على فخذه أصدر أصوات خرخرة مريحة.
في ذلك القصر الجهنمي، كنا نعيش لأننا معًا. خفت أن يقتلني إيساك، لكنني في الوقت ذاته ارتبطت به لا محالة.
شعرت بنظرة، فنظرت. كان إيساك يحدق بي بعيون رقيقة.
تعبيره بدا و كأنه يرى أحب شيء في العالم بالنسبة له. انفرجت شفتاه وسمعت صوته:
“ميا.”
نعم، إيساك.
“ميا، ميا…”
فجأة، بدا صوته متداخلاً. لم يكن صوت طفل.
‘من هذا؟ صوت مألوف.’
صوت النداء ازداد.
“ميا، من فضلك، افتحي عينيكِ…”
عندما أغمضت عيني وفتحتهما ببطء، اختفى مشهد الحديقة.
رأيت سقفًا فخمًا لم أره من قبل.
‘أين أنا…؟’
شعرت بيد تمسك يدي. أدرت رأسي ببطء، فكان إيساك هناك.
كان يمسك يدي مطأطأ الرأس كأنه يصلي.
‘لماذا يمسك يدي؟’
“إيساك…؟”
‘هل هذا حلم؟ إيساك يكرهني كإنسانة.’
عندما ناديته، رفع رأسه فجأة.
كان وجهه الجميل مبللاً بالدموع. عندما رآني، بدا كأنه سيصرخ أكثر.
“ميا! هل أنتِ بخير؟”
“آه، نعم…”
كنت مذهولة.
‘لماذا يمسك يدي؟ ولماذا أنا في غرفة الضيوف؟’
كأنني أحلم. بينما كنت أحرك عيني مذهولة، قال إيساك:
“ميا، من المريح أنكِ استيقظتِ. كان الأسبوع صعبًا، أليس كذلك؟ أنا آسف جدًا. تأخرت كثيرًا…”
“آه…”
كلام يقوله للقطة ميا.
‘لماذا يقول هذا الكلام لي كإنسانة؟’
لم أعرف ماذا أقول، فنظرت إليه. أمسك يدي ووضعها على خده:
“قطتي… آسف، لن يحدث هذا مجددًا.”
‘ماذا؟ قطة؟’
انتفضت وسحبت يدي. نظر إليّ متسائلاً:
“سيدي، ما هذا الكلام؟ قطة…؟”
“ميا، لا داعي للإخفاء. أعرف الآن أنكِ قطتي. آسف لأنني اكتشفت متأخرًا.”
تسارعت دقات قلبي.
‘كيف عرف؟’
شعرت أنني يجب أن أنكر:
“لا، كيف أكون قطة؟”
“هذا، أعطيتكِ إياه.”
أمسك يدي وداعب الطوق، أو بالأحرى السوار، بإبهامه. أدركت خطأي.
‘رآه وأنا نائمة.’
كيف أنكر؟
بينما أفكر بتوتر، قال إيساك:
“كنتِ في غيبوبة لأسبوع. لم تظهري كـ ميا ليلاً. وعندما أنقذت ميا من عالم اللوحة، استيقظتِ. أليس هذا دليلاً كافيًا؟”
كانت عيناه مليئتين باليقين. لم أستطع نفي كلامه.
أمسك يدي مجددًا. كانت يده كبيرة، رقيقة، وباردة قليلاً.
“آسف. كان يجب أن أعرفكِ كإنسانة فورًا… آسف جدًا، ميا. كنتِ تعانين، أليس كذلك؟”
تحدث إيساك كخروف وديع. رؤيته هكذا أثارت مشاعري.
إيساك الذي ركض لإنقاذي. تعبيره العاجل لا يزال عالقًا في ذهني.
قتلني، لكنه أنقذني أيضًا.
‘أليس من الآمن الاعتراف الآن؟ حتى لو قلت، ألن يتركني أعيش؟’
نظرت إلى عينيه الرماديات الفضيات. كانتا مليئتين بالقلق والمحبة. أمسكت يده بقوة وقلت:
“… لماذا لم تعرفني؟”
فجأة، انفجرت مشاعر الحزن. ذكريات قتله لي، تهديده، وبروده تدفقت.
تحولت مشاعري إلى دموع. بينما كانت دموعي تسيل، بدأ إيساك يمسحها مذهولاً:
“لماذا لم تعرفني؟ كم كان الأمر صعبًا عليّ!”
“آسف، ميا. أنا آسف جدًا.”
“أحمق! غبي! حتى لو لم يعرفني الآخرون، كان يجب أن تعرفني أنت!”
“أخطأت. سامحيني مرة واحدة. أظنني كنت مجنونًا.”
أمسك إيساك خديّ بيديه الكبيرتين ومسح دموعي. قال مرتبكًا:
“كانت عيناي زينة. آسف. أأنتزعهما؟ هل يرضيكِ ذلك؟”
“لا تقل هذا! إنه مخيف!”
“آسف، آسف… لن أفعلها مجددًا. توقفي عن البكاء، حسنًا؟”
“أحمق…”
بكيت بلا توقف. حتى هدأت، ظل إيساك يمسح وجهي.
بعد فترة، هدأت أخيرًا. كان وجهي وكف إيساك مبللين بالدموع. نظر إليّ وقال:
“بالمناسبة، ميا، كيف حدث هذا؟ كنتِ إنسانة؟ منذ متى؟”
“هم، منذ كنت قطة؟”
تناسخت كقطة، لكن عقلي كان إنسانيًا. بدا إيساك مذهولاً:
“منذ ذلك الحين؟ هكذا إذن… كان يجب أن أعرف مبكرًا.”
أمسك يدي وابتسم بسعادة. بدا كصبي صغير.
“كنت أفكر كثيرًا وأنا صغير. لو كنتِ إنسانة، لأكلنا الطعام اللذيذ معًا. ولعبنا معًا…”
جذب يدي وقبل باطنها برفق. شعرت بلمسته الناعمة.
“لكنكِ إنسانة. أنا سعيد جدًا. لا أعرف ماذا حدث، لكن لقاءك مجددًا… جعلني سعيدًا.”
تساقطت دمعة على خد إيساك. شعرت بدمعتها على يدي.
رؤيته يبكي مزق قلبي. كنت ميتة، فلم أشعر بالوحدة أو الألم عبر السنين.
لكن إيساك عاش تلك السنوات وحيدًا. كان وحيدًا وكئيبًا، في ذلك الجحيم…
عانقته بحذر. كان كبيرًا جدًا ليحتضن، لكنني أردت مواساته.
“أنا سعيدة لوجودك يا إيساك.”
“….”
“كنت سعيدة جدًا عندما التقيتك مجددًا.”
عندما سمع، عانقني بقوة. كان دافئًا. بكى بهدوء وهمس:
“أنا سعيد جدًا لأنكِ تفكرين هكذا، يا ميا. قطتي…”
يقول أنني قطة حتى وأنا إنسانة؟ ضحكت قليلاً. رفعني إيساك قليلاً ونظر في عيني وقال:
“بالمناسبة، لماذا لم تخبريني انكِ ميا القطة عندكا كنتِ إنسانة؟ سألتكِ عدة مرات؟”
‘ماذا أقول؟ إذا قلت إنه قتلني وعاد الزمن، كيف سيرد؟’
إيساك الذي قال إنه سينتزع عينيه. حتى لو لم يتذكر قتلي، إذا قلت هذا…
لم أعرف كيف سيرد. ولم أرد إخباره بالحقيقة القاسية.
إذا عرف أنه قتلني، سيجلد نفسه. لا أريد رؤيته هكذا.
“حسنًا… ظننت أنك لن تصدقني؟”
“…هذا مشكوك.”
نظر إلي بعينين متشككتين. شعرت بنظراته تخز.
“أخبريني. لماذا؟”
“إنه سر! لا تسأل.”
“يبدو مهمًا. أخبريني بسرعة. وإلا…”
‘وإلا ماذا ستفعل؟’
قبل أن أقول، وضع إيساك يده على خصري.
فجأة، شعرت بدغدغة. كان يدغدغني بلا رحمة.
“آه، إيساك! توقف، توقف!”
“أخبريني بسرعة. حسنًا؟ سأتوقف.”
‘آه، هذا…!’
هربت إلى طرف السرير الآخر. تسلق إيساك السرير وأمسك خصري.
نظر إلي من الأعلى. بعيون رمادية فضية مليئة بالمحبة والإصرار، ابتسم:
“لا تهربي، ميا. أخبريني. لن أترككِ حتى تخبريني.”
إسراء : التعذيب بالزغزغة
— ترجمة إسراء
التعليقات لهذا الفصل " 65"