35

 

‘لا أحب ذلك؟’

 

تلفتت أنجيليكا إليه فجأة عند سماع هذه الكلمة الغريبة.

ارتسم على وجهها اندهاش واضح، لم تستطع إخفاءه.

 

“لا، لم لا……”

 

أرادت أن تسأله عن أي جزء جعله يظن ذلك، لكنها فجأة أغلقت فمها. فكرت للحظة، ثم أدركت أنه من الممكن أن يسيء فهمها.

 

‘لكن لم أنطق اسمه طوال الوقت.’

 

لكن السبب كان مجرد شعور بالفرحة والإثارة!

لا يمكنها إخراج قلبها وعرضه له.

 

أطلقت زفيرًا قصيرًا من الإحباط، ثم جلست مستندة إلى السرير.

 

“أنجيليكا؟”

 

لاحظ هيوغو يدها المرفوعة فجأة، فارتجف قليلاً ثم جلس على السرير.

سُمِع صوت تحرك اللحاف المتساقط واختلاطه بالرداء وملاءة السرير.

 

ترددت أنجيليكا للحظة، فكرت في تشغيل الفانوس بجانب السرير، لكنها هزت رأسها وفتحت فمها بالكلام:

 

“أنا لا أكره ذلك. لم أكره ذلك أبدًا. بالعكس……”

 

“بالعكس؟”

 

تمسك هيوغو بنهاية كلامها التي لم تُستكمل، محاولًا معرفة ما تريد قوله.

 

أعطت أنجيليكا نظرة خاطفة تجاهه، وترددت قبل أن تقول:

 

“أعتقد أنه اسم جميل. فقط… الآن يبدو نطقه غريبًا بالنسبة لي…”

 

“……”

 

“على أي حال، لا تظن أنني أكره شيئًا فيك. أنا حقًا أحب كل شيء فيك―هيوغو.”

 

أضافت الاسم بحنان، حتى في صمت الغرفة الكئيبة، بالكاد كان يمكن سماعه.

 

مع ذلك، شد هيوغو قبضته كما لو أنه سمع الاسم.

بعد صمت طويل، تنهد هيوغو تنهيدة طويلة. أرسل أنفاسه، الممزوجة بلمحة من الضحك، رعشة غريبة أسفل عموده الفقري.

 

ارتجفت أنجليكا غريزيًا، وعقد هيوغو، الذي كان يراقبها عن كثب، حاجبيه. “كنت تعنين ما قلته الليلة الماضية.”

 

كان صوته أكثر هدوءًا من المعتاد.

 

أدركت أنجليكا أيضًا الفرق الطفيف وحدقت فيه بنظرة فارغة.

 

كان عقلها مشوشًا. ما الذي فعلته بالأمس لتجعله يشعر بكل هذه السعادة؟

 

“همم، همم، ماذا قلت بالأمس؟”

 

“لم يكن شيئًا.”

 

“ليس الأمر كما لو أنه لم يكن شيئًا—”

 

“الجو بارد، لذا عليّ أن أغطيكِ ببطانية. أنتِ بحاجة للنوم الآن.”

 

“لا…”

 

حاولت أن تكمل، لكن يده امتدت فجأة ودفعتها على السرير.

غطاها ببطانية بعناية واستلقى بجانبها وكأن شيئًا لم يحدث.

 

“ما الأمر؟”

 

هل كان هيوغو يعلم حقًا؟ إن مجرد وجوده يجعلها تُجن؟.

 

“ما الفائدة من شخصٍ كهذا يتحدث بكلامٍ فارغ ثم يستسلم؟”

 

هناك حدودٌ لسهولة أن يكون المرء سعيدًا ،

 

استسلمت أخيرًا وحاولت النهوض مجددًا. لكن هيوغو لاحظ ذلك بسرعةٍ فغيّر الموضوع.

 

“أنجليكا، قلتِ إنكِ تريدين تعلم السحر، أليس كذلك؟”

 

“كنتُ فقط… أريد أن أرى كتاب السحر.” 

 

كان في صوتها شيء من التبرّم، وكأنها غير راضية عن مجرى الحديث الذي لم يسر كما أرادت.

 

حتى إن نبرتها تلك كانت نادرة لم يسمعها منذ زمن.

 

ضحك هيوغو بخفة مصطنعة، متجاهلًا نبرتها المتدللة، 

 

“كايْن وعد بإرسال ساحرٍ إمبراطوريٍّ إلى القصر خلال أيام قليلة. ستتعلّمين منه السحر أربع مرات أسبوعيًا، لمدة ثلاث ساعات في كل مرة.”

 

“لم أقصد أنني أريد الدراسة فعليًا…”

 

“إذًا يمكننا الاستغناء عن الساحر.”

 

كان سبب كاين في إبقاء أنجيليكا داخل الإمبراطورية واضحًا: تحقيق تقدم في مجال السحر.

 

لكن إن قالت إنها لا ترغب في ذلك، فلم يكن هيوغو ليجبرها على شيء.

 

‘ فالأمر قد يصبح خطرًا دون داعٍ.’

 

عين الحكيم، تلك التي لا تولد إلا مرة كل بضعة آلاف من السنين.

بمعنى آخر، عاش البشر مزدهرين آلاف السنين من دونها، أليس كذلك؟

فلِمَ لا يترك فتاة واحدة تمرّ بسلام؟

 

“لا! أريد أن أتعلم على الأقل!”

 

“…حسنًا.”

 

سواء كان ذلك حظًا سيئًا أم حسنًا، فقد بدت أنجيليكا مهتمة حقًا بالسحر.

فتراجع هيوغو عن بعض الخطط التي كان يضعها لحمايتها بالكامل داخل حدوده.

 

ثم التفت نحوها بنظرة سريعة.

رغم ظلام الليل، كانت وجنتاها تورّدان بنور خافت واضح.

 

‘ أخيرًا… عاد الدم إلى وجهها.’

 

ظن أن بإمكانه أن يحرّر يدها أخيرًا،

لكن، رغم تلك الفكرة، شدَّ قبضته أكثر بدلًا من أن يتركها.

 

شدّةٌ طفيفة، ثم أقوى.

 

رفعت أنجيليكا رأسها نحوه وقالت بقلق:

“هيوغو؟”

 

“…”

 

تجمّد جسده عند سماعه اسمه ينساب من فمها بتلك العفوية.

هل تدري؟ تلك العينان الحمراوان الجميلتان تلتقيان بعينيه مباشرة الآن.

لو كانت تدري، لما بدت ملامحها بهذه البراءة الطفولية.

 

بلل شفتيه اليابستين بعصبية، وأجبر عقله المتصلب على التفكير:

 

“بعد شهر، سيقيم البلاط الإمبراطوري احتفالًا بمناسبة يوم تأسيس إمبراطورية سيلين.

وسيُعقد خلاله حفل صيدٍ للأزواج.”

 

“حقًا؟ للأزواج؟ رائع!”

 

“سيريل تحب الصيد.”

 

في المقابل، كان كاين يمقت الصيد، حتى إنه كان أحيانًا يختبئ خلف سيريل أثناء الصيد متذرعًا بكراهيته لرؤية الدماء.

 

“المشاركة ليست إلزامية…”

 

“أريد المشاركة!”

 

هذه المرة، شدّت يدها على يده بإصرار قوي.

نظر إليها هيوغو وهو يتأمل كيف لم تتأثر بكلمة الأزواج مطلقًا، ثم تابع بجدية:

 

“لكن هناك شرطًا، يجب أن تركبي الخيل.”

 

رغم أن كاين لم يكن يحب الصيد، إلا أنه كان يحب رؤية سيريل تستمتع به.

ولذلك خصّص جبلًا كاملًا قرب العاصمة لإقامة تلك الفعالية.

ولأن المساحة شاسعة، كان ركوب الخيل ضروريًا.

 

“آه… لكنني لا أجيد ركوب الخيل…”

 

تلاشى صوتها المتحمّس فجأة.

كانت هذه مشكلة فعلًا، فهي لا تريد الصيد تحديدًا، لكنها كانت تتمنى رؤية مهارة هيوغو بالسيف أمام عينيها.

 

‘وفوق ذلك، سيريل ستبدو مذهلةً هناك بلا شك.’

 

ربما لو كانت هي بجانبه، لانصرف انتباه الناس قليلًا عن سيريل.

 

خصوصًا وأنها فعالية للأزواج…

 

إنها فرصة مثالية لتُظهر للنبلاء أن مكانها هو إلى جانب هيوغو تمامًا!

 

“ألا يوجد أي طريقة أخرى تسمح لي بالمشاركة؟”

 

“أنجيليكا، ركوب الخيل مهارة يمكن تعلمها.”

 

“آه…”

 

صحيح…

 

‘ كيف لم تخطر لي تلك الفكرة البديهية؟!.’

 

هل بدوت غبية جدًا الآن؟ فكرت وهي تحك خدها بخجل،

فضحك هيوغو بخفة وقال:

 

“إن كان الأمر صعبًا، فسأساعدك بنفسي.”

 

في الحقيقة، هذا ما كان يريد قوله منذ البداية.

فبعد أن عرفَت هويته وابتعدت عنه، كان يريد أي فرصة ليقترب منها مجددًا.

 

ولأنه لا يستطيع أن يعلّمها السحر بنفسه، فقد كان هذا أفضل عذر ممكن.

 

“بالطبع أوافق! طالما أن الأمر لا يزعجك!”

 

“لا يزعجني أبدًا.”

 

“إذًا سنبدأ قريبًا، أليس كذلك؟”

 

ابتسم، وقد شعَر أنها قالت بالضبط ما كان ينوي قوله.

وهكذا تمّ الاتفاق بسهولة تامة.

 

بعدها، راحت أنجيليكا تثرثر كعادتها قبل أن يغلبها النعاس شيئًا فشيئًا حتى غفت تمامًا.

 

“أنجيليكا…”

 

“…”

 

ناداها عدة مرات، لكن الرد الوحيد كان صوت أنفاسها المنتظمة.

مد ذراعه برفق ووضعها حول كتفها، ثم جذبها نحوه.

 

سُحبَت إليه بسهولة، خفيفة كريشة.

 

كانت باردة كليًا، ما عدا يدها التي لا تزال متشابكة بيده.

 

“أنا فقط أشاركك الدفء، لا تخافي.”

 

همس بلطف، وهو يعلم أنها ترتجف من البرد لا من الخوف.

ربّت على كتفها بخفة حتى انكمشت بين ذراعيه تمامًا.

 

ثم جعل رأسها يستقر على عنقه كي تتنفس بحرية، وأغمض عينيه ببطء.

 

“ممم… هيوغو…”

 

هل كان حلمًا؟ أم أن رغبته الدفينة تهيأت له على هيئة صوتها؟

كان نداءها العذب يهمس في أذنه كنسيمٍ دافئ.

 

وفي تلك اللحظة، تحرك جسدها بين ذراعيه، لتلتصق به أكثر وتحيطه بذراعيها بقوة.

 

برودتها تلك كانت غريبة، تمتزج بحرارةٍ لطيفةٍ تشبهه هو.

 

أطلق هيوغو تنهيدة رضا، كوحشٍ وجد مأواه أخيرًا، واستسلم للنوم.

 

لقد كانت بدايةً مثاليةً لشهر العسل.

 

 

♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪

 

حسابي على الإنستا:@empressamy_1213 

 

حسابي على الواتباد: @Toro1316

 

ترجمة: ✧𝐀𝐌𝐘✧