“لا تغضبي كثيرًا، يا بارونة سايجي. آنسة أزيان لا تزال تفتقر إلى الإتيكيت، أليس مِن واجبي أنا، زوجة الدوق، أنْ أعلّمها إيّاه خطوةً بخطوة؟”
كان وجه بارينين يبدو طيّبًا وجميلًا كوجه ملاك، وكان صوتها رقيقًا. السيّدات الجالسات معي على الطاولة احمرّت وجوههنّ.
“يا لها مِن طيبة!”
“صحيح، يا زوجة الدوق.”
ومِن الواضح أنّهنَّ كنّ يعتقدن ذَلك بصدق.
‘حقًّا، لو لَمْ أكُن قد رأيتُ وجهها الحقيقي، لكنتُ قد انخدعتُ بها مثلهم تمامًا.’
بهَذا القدر كانت ابتسامتها خالية مِن الثغرات.
منذُ لحظة وصولي، لَمْ أقل سوى تحيّةً قصيرة، ومع ذَلك، بدأوا يمزّقونني بالكلماتٍ فوق الطاولة وكأنّهم يعرفونني منذ زمن.
“ماذا تعنين بأنّها لا تعرف الإتيكيت؟ هل لَمْ تتعلّمه حتّى الآن رغم سنّها؟”
“لا يُمكن أنْ تكون مِن العامّة، أليس كذلك؟”
“يا إلهي، هل السيّد سيروليان ينوي أنْ يتزوّج مِن فتاةٍ مِن عامّة الشعب رغم أصله؟”
“مِن زاوية ما، يبدو الأمر مناسبًا، فهم مِن نفس الطينة.”
“هناك شرف العائلة، كيف يُمكن الموافقة على مثل هَذا الزواج؟ أرجو منكِ، يا زوجة الدوق، أنْ تُعيدي النظر!”
ما شأنكِ أنتِ في أنْ توافقي أو ترفضي أصلًا؟
تنفّستُ مِن أنفي وأنا أتجاهل كلماتهنّ المسمومة.
‘آه… لقد ارتكبتُ خطأً. كان عليَّ أنْ أُعيد العربة مِن البداية، ولو قالوا إنّني لَمْ آتِ وغضبوا منّي، لكان ذَلك أفضل.’
بدأتُ أفكّر إنْ كان عليَّ أنْ أهرب بحجّة الذهاب إلى الحمّام. وفي اللحظة التي رفعتُ فيها رأسي بهَذهِ الفكرة، التقت عيناي بعيني الأميرة بارينين، التي كانت تُحدّق بي دوّن أنْ ترمش.
حين التقت نظراتنا، شعرتُ بقشعريرةٍ تسري في ظهري. قبضتُ بيديّ على طرف تنورتي بقوّة.
‘…إنّها تتذكّر.’
مِن الواضح أنَّ الأميرة بارينين أيضًا تتذكّرني.
تتذكّر أنّني رأيتُ وجهها الحقيقي.
‘هَذا ليس جيّدًا على الإطلاق.’
امرأةٌ تخفي طبيعتها المريضة بهَذهِ الطريقة، لا يُمكن أنْ تترك شخصًا يعرف حقيقتها وشأنه.
ابتلعتُ ريقي بتوتّر، وفي تلكً اللحظة بالذات، انحنت عيناها المستديرتان بلطفٍ على شكل هلال. توقّعتُ أنّها ستكلّمني فتجمّدتُ للحظة، لكنّها قالت بصوتٍ ناعم مليء بالدلال:
“يا ترى، مَن هًذا؟ ما الذي جاء بابني العزيز إلى هُنا؟”
الحديث عن نفسي بصيغة الغائب، وبنبرةٍ مُدلَّلة، كان يجعلني أشعر بأنَّ أطرافي كلها تنكمش.
لكن كلّما زاد شعوري بالإحراج، زاد تأثير الاستفزاز.
تحوّل وجه البارونة سايجي مِن شاحبٍ إلى أحمر قانٍ في لحظة، ثمّ صرخت بصوتٍ حادّ:
“لَـ، لا تكوني سخيفة! لا يُعقَل أنْ يكون الدوق قد وافق! لقد رفض حتى أميراتٍ مِن دولٍ مجاورة ليجعلهنّ زوجاتٍ لأبنه، فكيف يُمكن أنْ يُوافق على فتاةٍ تافهة مثلكِ، مُجرد عاميّة……!”
رغم أنّه لا يزال هناك حدودٌ بين النبلاء والعامّة، إلّا أنَّ التلفّظ بكلمة عاميّة وجهًا لوجه يُعدّ تصرّفًا وقحًا للغاية.
‘يبدو أنّها تُعاني مِن انخفاضٍ في ضغط الدم مِن شدّة النحافة، فدعينا نرفعه قليلًا الآن.’
ابتسمتُ لها ابتسامةً صغيرة وقلت:
“أوه، يبدو حقًّا أنّكِ لا تعرفين. والدي الدوق قال إنّهُ أُعجب بي كثيرًا.”
في الواقع، لَمْ أكُن أعلم حتى إنْ كان دوق لوك يعرف اسمي عندما وضع ختمه، لكنّني تعاملتُ مع الأمر وكأنّه حقيقة. فالمُبالغة هي جوهر إثارة الغيرة دائمًا.
ثمّ، ما دمتُ لا أقول شيئًا يُمكن التحقّق منه فورًا، فلا يهمّ إنْ كنتُ أضيف بعض الأكاذيب.
لهَذا، تابعتُ ابتسامتي وقلتُ جملةً أخرى:
“قال إنّه يعتبرني كابنةٍ له تمامًا.”
يبدو أنّني قد بالغت في الكذب هَذهِ المرّة، لأنّ جسد سيروليان نفسه ارتجف بدوره.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات