“لا داعي لأن تُتعبي نفسك بالكلام، إيديل. أنا أصدّقكِ.”
كلماته كانت أعظم عزاءٍ لي في تلك اللحظة.
ربتَ على كتفي بيده الكبيرة وقال:
“أنا لا أكذب. سأطلب إعادة التحقيق في القصر الإمبراطوري غدًا. لا تقلقي، ستظهر الحقيقة.”
“سيروليان…”
نعم… على الأقلّ، أنا الآن لستُ وحيدةً كما كنتُ سابقًا.
تخلّصتُ من شعوري بالحزن وأظهرتُ ابتسامةً مشرقة.
“شكرًا لك، سيروليان. بفضلكَ استعدتُ عزيمتي.”
ولم تكن مجرّد كلماتٍ لطيفة.
حقًّا، التوتر الذي كان يزلزل يدي قد هدأ، وقلبي أصبح أخفّ.
رغم أنَّ الواقع لم يتغيّر، إلّا أنّني شعرت بتحسّن.
هزّ سيروليان كتفيه وقال:
“لم أقل الكثير.”
“لكنني قلتُ إنّه بفضلك. كان عليك أن تقول: على الرحب والسعة.”
“أنا…”
رأيتُ على وجهه الصارم تعبيرًا يُنبئ بما سيقوله، فابتسمتُ له بمزاح:
“لا تجيد قول المجاملات، صحيح؟”
“نعم، صحيح.”
أومأ سيروليان برأسه بخفة.
شدّدتُ قبضتي بكلتا يديّ.
بوجود شخصٍ يدعمني، هدأت مشاعري العاصفة، وحلّ محلّها العقل.
“أرجو فقط أن تنتظر قليلًا قبل تقديم طلب إعادة التحقيق.”
“أنتظر؟”
“نعم. لأنّنا قد نبدو وكأنّنا نحرّض الرأي العام ضدّ أنفسنا.”
من ضمن سيناريوهات بارينين، توقّعتُ أن تُشعل الرأي العام، لذا لو تصرّفنا بتهوّر، سنكون نحن من نحفر قبورنا.
بل قد تؤدّي إعادة التحقيق إلى تضخيم وصمتي الماضية.
فركتُ ذقني وأنا أفكّر:
“رغم أنِّ الدوقة أثارت الموضوع، فإنّها لن تجرؤ بسهولة على تأجيج الرأي العام. فأنا لستُ الجانية، وإن أُعيد تسليط الضوء على الحادثة، فالوضع سيكون مزعجًا لها.”
“قد يكون كذلك.”
ضحكتُ ضحكةً صافية عند سماع إجابته.
“إنه شعورٌ جيّد، أن هناك شخصًا يصدّقني مهما قلت. لم يكن هناك أحدٌ أستطيع التحدّث إليه سابقًا.”
كانت صورة بارينين مثاليّةً لدرجة أنّها بدت ملاكًا حيًّا، تعامل الجميع بلطف، وكأنها لا تعرف الكذب.
مهما صرختُ أنها الجانية، لم يُصغِ إليّ أحد.
لكن الآن، ظهر من يصدّقني.
“شكرًا جزيلًا، لكن ألا تخاف أن تكون قد وثقتَ بكاذبةٍ شريرة؟”
سألتهُ ضاحكة، فأجاب بجديّةٍ غير متوقّعة.
“ألم أُخبركِ في لقائنا الأوّل أنني أُصدّقكِ لأنَّ بينكما عِداء؟ لقد وثقتُ بكِ منذ ذلك الحين. لم أسمع أحدًا يذمّ الدوقة من قبل.”
منذ أوّل لقاء؟!
ضحكتُ بخفةٍ، وأمسكتُ بذراعه قليلًا.
“إذًا، لقد كان لقاؤنا قدرًا!”
ردّ عليّ دون أن يرفّ له جفن.
“وفقًا لتعبيركِ، نحن توأم روح.”
“رائع! تمتلك قدرةً جيّدة على التعلّم. طالبٌ جيد!”
وعندما قلتُ ذلك مازحة، ارتسمت ابتسامةٌ باهتة على شفتيه. ثمّ رفع رأسه وحدّق بالحديقة.
هزّ النسيم البارد خصلات شعره، كاشفًا عن جبهته الوسيمة، ثم تراجع بخجل.
انعكست أضواء القصر على أنفه المستقيم وعينيه العميقتين، فرسمت له صورةً ضوئيّة مدهشة.
بينما كنتُ أحدّق فيه بدهشة، سألتُ:
“أنتَ تبتسم الآن، أليس كذلك؟”
“…هاه؟”
قطّب حاجبيه كما لو أنّه لا يفهم سؤالي، فارتفعتْ ضحكتي الفعوية.
“أعتقد أنّني بدأت أفهم تعابيرك. أنتَ سعيدٌ الآن، أليس كذلك؟”
“ربّما.”
أمال رأسه قليلًا، وسقطت خصلات شعره لتظلّل وجهه.
بدا كأنّه يفكّر للحظة، ثمّ رفع رأسه ونظر إلى السماء.
“لا أدري. لكن إن كنتِ تقولين ذلك، فلنقل إنه كذلك.”
وبينما كان يتمتم بتلك الكلمات، ظهرت ابتسامةٌ خفيفة على وجهه، فرفعتُ شفتيّ تلقائيًّا أيضًا.
ربّما لأنّني تناولتُ الدواء، أو لأنِّ وجود هذا الرجل هادئ، اختفت مشاعري المزعجة، وأصبحتُ أشعر فقط بنسيمٍ عليل يُداعب جبهتي.
***
خطوات بارينين وهي تجرّ تشارلز أصبحت أسرع كلّما اقتربت من غرفتها.
وحين وصلت إلى باب الغرفة، كان تشارلز على وشك أن يُسحب سحبًا.
شعرت البارونة سايجي، التي كانت تمرّ بالجوار، أن الأمور لا تبدو بخير، فأمرت جميع الخادمات في محيط غرفة بارينين بالانصراف.
وما إن أُغلِق الباب حتى بدأت بارينين برمي كلّ ما تقع عليه يدها في الغرفة.
“آآآآااه!”
سقطت الطاولة الفاخرة أرضًا، وتبعثرت كلّ الأشياء التي كانت فوقها.
من بين ما تناثر كان هناك جواهر وزجاجات حبر.
وظهرت بقع سوداء على السجّاد الذي تمّ فرشه حديثًا، وتناثرت شظايا الزجاج في كلّ مكان.
‘لقد بدأت مجدّدًا…’
شحب وجه لورا، خادمة البارونة سايجي.
الأميرة الجميلة بارينين لم تكن بالنسبة إليها سوى طاغية.
منذ أن كانت تخدمها في القصر كوصيفة، وحتّى الآن، وقد أصبحت خاضعةً لها بسبب وقوعها تحت رحمتها، لم يتغيّر شيء.
“لماذا فجأة تغيّرت وبدأت بفعل أشياء لم تكون تهتمّ بها؟! زواج؟! كنت دائمًا تتصرّف وكأنّك لا وجود لك!”
تدفّقت الكلمات الحادّة من فمها بلا توقّف، وهي كلمات لم يكن يجب أن يسمعها الدوق أبدًا.
“لا تقلقي! بالتأكيد هو مجرّد مزاج عابر!”
قالت لورا وهي ترتجف، محاولةً تهدئة بارينين، لأنَّ السكوت في هذه اللحظة سيجعلها تدفع الثمن لاحقًا.
“ربّما يفكر كثيرًا في تشارلز! هل يعقل أن يُزوّج ابنًا مُتبنًى من عائلة الدوق إلى امرأةٍ من عامّة الناس؟! إنّه أمرٌ واضح أنّه تخريب!”
تلك الكلمات، التي كانت ستجلب لها الطمأنينة في الظروف العاديّة، لم تكن سوى سُمٍّ بارينين في حالتها هذه.
“ألا تعرفين من هو بول لوك؟! تظنّين أنَّ مزاجه يناسب هذا النوع من التقلّبات؟!”
نظرت إليها بارينين بنظرةٍ مروّعة، ثمّ شهقت نفسًا طويلًا.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 20"