الفصل 14 :
‘ما الذي يحدث بالضبط؟ لم أرَ لوار من قبل يتردد قرب شخصٍ بعينه.’
أدرك سيروليان بسرعة أنَّ إيديل مهتمّةٌ باللوار. ومن السهل تخمين سبب طلبها زواجًا تعاقديًا منه. فامرأةٌ تعد بالطلاق في الوقت المناسب، لا يمكن أن تكون رغبتها الحقيقية هي الانضمام إلى عائلة الدوق.
وبما أنّه يعلم يقينًا ما في قلبها، فقد خطّط لإعطائها أثمن جوهرةٍ لدى عائلة الدوق، بالإضافة إلى العديد من المجوهرات التي خصّصها من ماله الخاص.
فما ترغب به لا يُمكنه تحقيقه لها أبدًا.
لكن إن كان لوار يتردد حولها، فالأمر يختلف تمامًا. لذا حين قال إنّه سيبقى قليلًا في منزلها، فقد كان ليتأكد إن كان لوار مختبئًا في الداخل.
‘لكن، ما هذا الآن؟’
بناءً على دعوة إيديل، تمدّد سيروليان على الأريكة. كانت ضيّقةً جدًا، لكن كما قالت، كان هناك دفءٌ يخفف من وطأة ضيقها ويجعله يرتاح.
سق سق.
صوت إيديل وهي تكتب بجواره تردّد بهدوء في أذنه. راح يحدّق في وجهها الجانبي بصمت.
شعرها الأحمر الكثيف المربوط، والتجاعيد الخفيفة بين حاجبيها وهي تركز…
‘تمامًا كما كانت في الطفولة.’
عضّ سيروليان شفته. لم يُخبرها بذلك، لكنه التقاها من قبل.
أي قبل أن يتبنّاه الدوق لوك عندما كان في الثامنة من عمره.
فقد كان طفلًا يقيم في الميتم.
‘الآن بعد أن أفكّر، كانت دائمًا تتطفل بذلك الشكل.’
في الميتم، كان سيروليان دائمًا الطفل المنزوي في الزاوية. لم يكن يندمج مع الأطفال الآخرين. حين أبدت الراهبة قلقها بشأنه للطبيبة المتطوعة، سمعوا حينها تشخيصًا نادرًا وغير مألوف.
كان يُعاني من متلازمة انعدام المشاعر المصحوبة بانعدام الحس.
في تلك الأثناء، زارت أمّ إيديل الميتم مع ابنتها.
“لماذا أنت وحدك هنا؟”
كانت والدة إيديل تدير محلًّا للزهور، وكانت تأتي من وقتٍ لآخر لتشارك الأطفال صنع باقات الزهور. لكن سيروليان لم يشارك في ذلك أبدًا.
وفي يوم، حين رحل الأطفال لصنع الباقات، اقتربت منه إيديل حاملةً زهرةً حمراء بحجم رأسها، وقالت:
“اقترب منها هكذا، وانظر إليها عن كثب. حين تنظر جيدًا إلى لون الزهرة، سيتدفّق العطر الحلو إلى قلبك.”
كان ذلك شعورًا غريبًا للغاية. إحساسه الذي كان يذبل ببطء على مدار سنوات عاد فجأةً بقوة. خفق قلبه بعنف، واختلطت رائحة الوردة الحمراء الصافية بابتسامة إيديل الواسعة.
ربّما فكّر وقتها: “إنّها جميلة.”
‘كنت قد نسيت ذلك لفترةٍ طويلة.’
لاحقًا، زار رجلٌ ذو ملامح باردة الميتم.
كان دوق لوك.
“سمعت أنَّ لديكم طفلًا يُعاني من انعدام الإحساس.”
وأشار إلى سيروليان دون تردّد.
“أُريد أن أتبنّى هذا الطفل.”
وهكذا أصبح سيروليان ابن دوق لوك.
حين تبنّاه الدوق، كان هناك الكثيرون لا يعرفون الحقيقة، فحسدوه على النبل والثروة.
حتى أطفال الميتم قالوا: “كم أنت محظوظ، سيكون لديك والدان.”
“والدان”، شيء لم يملكه قطّ.
لم يكن لهما وجودٌ في حياته بسبب سوء الحظ، والآن حصل عليهما بالحظ.
‘لكن، هل هذا حقًا شيءٌ جيد؟’
حتى الطفل سيروليان أدرك أن دوق لوك لم يكن أبًا جيدًا.
لقد وفّر له الطعام واللباس والمأوى، لكنه لم يقدّم له دفئًا أو عاطفة.
كان رجلًا كالجليد الحيّ. لا يعطي قلبه لأي شيء، ولا يتأثر بأي شيء، يعيش دون مشاعر داخل قلعة نفسه.
وبما أنِّ سيروليان كان مثله، لم يكن هناك مشكلةٌ في عيشهما معًا.
لاحقًا، حين تزوّج دوق لوك من الأميرة بارينين بناءً على أمرٍ إمبراطوري، وحين حاولت الأميرة بابتسامتها أن تمنع سيروليان من وراثة اللقب بطعنٍ خفيّ، لم يشعر بشيء.
“سواء سيروليان لم يتزوج بعد، أليس من الصعب تسليمه اللقب قبل الزواج؟”
خدعةٌ واضحة بأنّها ستمنع وراثة اللقب حتى يبلغ ابنها الخامسة عشرة.
‘على أي حال، لن يتمكن تشارلز من أن يصبح دوقًا.’
فوراثة لقب دوق لوك لا تتم عبر الدم، بل لمن يستطيع صيد الـ لوار.
الـ لوار هو وحشٌ لا يعرف عنه سوى قلّةٌ من الناس، يتغذّى على الخوف البشري، وينمو بابتلاع الناس ومشاعرهم.
فقط من لا يملكون مشاعر يمكنهم مواجهته.
لهذا السبب، لم يهتم سيروليان بمكائد الأميرة. فابنها لن يكون صائدًا.
‘لكن، ها أنا ذا، في زواجٍ تعاقدي، مستلقٍ على أريكة في منزل امرأةٍ غريبة.’
عيني سيروليان الشبيهة بالخرز الزجاجي تأمّلت وجه إيديل المنهمكة في الكتابة.
وأحسّ برغبةٍ في لمس تجاعيد جبينها بخفة.
رغبةٌ لم يشعر بها من قبل. بل من المحتمل أنَّ قبوله لهذا الزواج الغريب لم يكن إلا لأنه واقع في سحرها.
‘…لقد جُننتُ فعلًا.’
كان هذا المنزل ممتلئًا جدًا بأشيائها.
الصوت، الطعم، الرائحة، الملمس… كل شيء منها كان يربك ذهنه.
‘والدي أيضًا تصرّف بغرابةٍ اليوم.’
تذكّر حين دخل إلى مكتب الدوق لتوقيع عقد الخطوبة.
كان يمكنه ببساطة الانتظار لتصل الوراثة إليه، لكنّه قرر الزواج ليعجّل الأمر.
راقبه الدوق بنظرةٍ باردة.
“توقف عن إثارة المتاعب.”
رفضٌ قاطع، كما توقّع.
ولذا، أومأ سيروليان برأسه، متسائلًا لماذا أتى بهذا العقد أصلًا.
‘كنتُ مندفِعًا أكثر من اللازم. هذا أمرٌ لا يُشبهني.’
حينها فقط شعر بشيءٍ من الإحباط.
“انتظر قليلًا.”
“نعم؟”
حين اخذ سيروليان العقد مجددًا، أمسكه الدوق فجأة.
قرأه بتمعّن، ومسح وجهه مراتٍ عدّة بيديه المرتبكتين، ثم استدار وغادر المكتب.
“العقد على المكتب. ضع الختم.”
منذ أن أصبح ابنه، لم يرَ الدوق بهذا التوتر أو يُغيّر رأيه من قبل.
حينها، وقعت عينا سيروليان على كتابٍ فوق المكتب.
كان مجلة فضائح أسبوعية.
‘ما الذي تفعله هذه في مكتب الدوق؟’
كل شيء يخصٍ إيديل كان مريبًا بحق.
***
نهض سيروليان عندما أنهيتُ مسودتي.
كنت مندمجةً في العمل حتى نسيت أنّه موجود، لذا حين وجدته يقرأ المقال بجانبي، فزعت.
“آآاه!”
“احترسي.”
فقدت توازني من الذعر، واهتز الكرسي. وبينما كدتُ أسقط للخلف، أمسك بي سيروليان بذراعيه.
فتحتُ عينَي على اتساعهما.
‘رائع، كم هو قوي. وذراعه صلبة.’
أنا لم أملك أبًا منذ ولادتي، لذا لم أعرف ذلك الإحساس أبدًا. تلك الذراع التي ترفع طفلًا بيدٍ واحدة وتضمه بقوّة…
‘هل هكذا يشعر المرء؟’
لكن لا، إنَّ خفقان قلبي غير طبيعي تمامًا.
دفعته بسرعة عن صدري، وجلستُ مجددًا.
“شكرًا لك.”
وضعتُ يدي على قلبي فوجدته ينبض بعنف.
تنفّستُ بعمق مرارًا.
‘لقد فزعتُ فحسب. من النادر أن يكاد المرء يسقط مع الكرسي هكذا. لهذا قلبي يخفق.’
خشيتُ أن يُسمع صوت النبض من فمي إن فتحتُه، فتمسّكتُ بيديّ وأطبقتُ شفتيّ.
ثم قال سيروليان بصوتٍ منخفض معتذرًا.
“أعتذر لأنّي أفزعتُكِ. بدا أنكِ مندمجةٌ جدًا، فحاولت ألّا أزعجك، لكن كدتِ تُصابين بسبب ذلك.”
أشرتُ بيدي أنّه لا بأس.
الصراحة، الخطأ كان خطئي. فلم أشعر بوجود رجلٍ بهذا الحجم بجانبي!
“لا، أنا التي بالغت. من غير اللائق أن أنشغل بعملي والضيف في البيت.”
واحمرّ وجهي خجلًا.
“استمتعتُ بذلك. لا تعتذري. لم أرَ أحدًا يكتب مقالةً من قبل. والآن فهمتُ كيف تُكتب.”
بسبب جديته، احمرّ وجهي أكثر كأنني حبة طماطم.
“أوه، كم هذا محرج.”
“هممم؟”
رفع حاجبيه بدهشةٍ، وكأنّه لا يعرف ما المحرج.
‘لكنّه محرجٌ فعلًا!’
المسودة هي جزءٌ خفي منّي، وإظهارها للناس يحرجني!
بعد تأمّل، هزّ كتفيه.
“لا أعتقد أنَّ هناك ما يدعو للخجل. المقالة تزيد من فضول القارئ عن خطيبتي. حتى أنا، وأنا أعرفك، شعرتُ بالفضول. خاصةً هذا الجزء: ‘السيد سيروليان لوك معروفٌ بذوقهِ الرفيع في النساء الجميلات والأنيقات، فهل هي كذلك؟'”
“آآاه! توقف!”
هكذا فجأة؟!
صدمني بشدة.
‘كيف يقول هذا الكلام عن نفسه بذلك الوجه الوسيم؟!’
وصوته الراقي جعل ذلك الخبر الرخيص يبدو نبيلًا!
‘يا للحرج!’
غطّيتُ وجهي بكلتا يديّ، وجسدي يتلوّى من الإحراج.
فنظر إليّ وقال:
“ما الأمر؟”
“هذه أول مرةٍ أسمع أحدًا يقرأ مقالتي أمامي.”
بدا مدهوشًا، فعبس قليلًا ثم تنهد.
“إن كنتِ بهذا الخجل، كيف أصبحتِ أحد أعمدة قسم الفضائح؟”
“أنا نفسي لا أعلم! بعض الأشياء تناسبني بالصدفة!”
‘هذا الرجل باردٌ كوجهه تمامًا!’
وفي قلبي، خفّضتُ تقييم سيروليان قليلًا.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 14"