يبدو أنّ شيئًا ما حدث اليوم مع تلك الأخت الكبرى، ثيودورا، بما أنّها واصلت السؤال. ابتسمت كلوي وقالت “همم.” ثم واصلت خطوها نحو الأرض.
“ظننت أنّكِ بلا تفكير، لكن يبدو أنّكِ تمتلكين شيئًا من الفكر، أليس كذلك؟”
“إذا كنتَ مستاءً من أنّني لا أجيد الرقص، فقط قول إنّي لا أجيده.”
توجّهت عيناها الوردية نحوه.
“سمعت أنّ السيدة دوبوا أُصيبَت بالإغماء.”
السيدة دوبوا سقطت مغشيًا عليها عندما سمعت أنّ الملازم أمبرويز، الذي كان ابنها يحبها، أصبحت دوقة. وفي المجتمع الراقي، اعتبر الملازم دوبوا رجلاً أحمقًا فقد الفتاة التي أحبها لصالح دوق بيرك.
اتخذت كلوي تعبيرًا مندهشًا قليلًا، ثم تنهدت.
“إذن هو…”
هو، ماذا؟ أراد أن يسأل أكثر، لكن كلوي لم تواصل الكلام. أدرك كيرتيس أنّه حتى لو انتظر، لن تقول كلوي المزيد عن ذلك.
“هل سبق أن خدعكِ أحد؟”
“لماذا تسأل فجأةً عن شيءٍ كهذا؟”
“هل أسألكِ لأنّي لا أعرف؟”
أمتلئت عينا المرأة بالحدة. أراد كيرتيس أن يضحك ضحكًا مكتومًا، لكن عينا السيدة برونغ ما زالت تراقبانهما.
بعد مراقبة المكتب لمدة ثلاثة أيام تقريبًا، بدا أنّ كلوي نجحت قليلًا في كسب قلب تلك السيدة العجوز المزعجة.
لكن يجب ألا تنسى أنّها من العائلة الملكية. جاء كيرتيس إلى هنا وأفرغ وقته من أجل أن يصبح شريك تدريب رقصٍ من أجل دوقة قلبه المحبوبة.
كل شيء، كل ما يفعله، لإثبات شيء. المرأة أمامه لتثبت أنّها تستحق الوقوف إلى جانبه، وهو لإثبات أنّه يحب هذه المرأة.
هل حقًا يحدث شيءٌ مع الملازم إيزرا دوبوا؟
في الحقيقة، أراد أن يسأل ذلك.
في الأيام الأخيرة، كان الرجل أكثر انشغالًا عدة مراتٍ مقارنةً بكلوي. كان مشغولًا بتحضير العرض العسكري، وأيضًا بترتيبات ما بعد الزواج. ومنذ قدومه إلى الحرس الملكي، كان دائمًا مشغولًا. لذا لم يكن ذلك مزعجًا حقًا.
ما كان مزعجًا هو أنّ القائد الثاني، المعروف بلطفه، أصبح ينظر إليه بنظرةٍ مشبوهة في كل مرةٍ يراه.
مشكلة الحرس الملكي دائمًا كانت في غباء أفراده وعدم الانضباط، وليس في التمرد على الرؤساء. كانت الزهور المزروعة في دفيئة النبلاء تتصرف وكأنّه من الطبيعي خفض الرأس أمام اسم دوق بيرك.
الملازم دوبوا كان الأكثر حيادًا بينهم، بمعنى آخر، لم يبرز بين هؤلاء الزهور أبدًا.
لكن في الفترة الأخيرة، أثناء تدريبات العرض العسكري، أصبح مزعجًا بشكلٍّ ملحوظ. كانت حركة القائد الثاني مشتتةً بشكلٍّ خاص، وقد أصدر بالفعل عدة أوامر بالانضباط له.
فأراد أن يسأل: هل كانت صفقة بعض علب الحلوى مجرد صفقةٍ عاديةٍ فقط؟
قد تكونين أنتِ كذلك، لكنه لم يكن كذلك. ومع ذلك، هل من الضروري أن يسأل عن شيء كهذا؟
“كيرتيس.”
عند التوقيت المناسب، ركضت مرةً أخرى ونادته بأسم كيرتيس قبل أن تلجأ إلى حضنه.
يا لها من مساعدةٍ مثالية. رغم أنّ أسلوب كلامها ما زال رسميًا، إلا أنّ مجرد تعديل طريقة مناداته يجعلها مساعدةً مجتهدةً ومضحكة في الوقت نفسه.
وهكذا، جمع الرجل شجاعته. ماذا يهمه من ماضيها؟
“لو كنتُ أعلم أنّك تفكرين، لما تزوجتُ.”
‘لحسن حظي أنّها غبية.’
همست في أذنه، وضحك الرجل أخيرًا بصوتٍ عالٍ. كان واضحًا أنّهما زوجان أحبا بعضهما حبًا عميقًا قبل الزواج.
***
“الملازم تورنيا تابعة للفوج الثامن من الجيش الملكي، أليس كذلك؟ هل هي الآن في سلتيا؟”
“لو كانت في سلتيا، لما استطاعت أن تكون هنا. إنها حاليًا تحرس أحد الشخصيات المهمة مؤقتًا.”
آه. أومأت لورا لو غوتيا بلا مبالاة وهي تبحث خلف الستار.
تبقى ثلاثة أيام فقط على الحفل. على الرغم من أنّه تحت مسؤولية الدوقة، إلا أنّ وجودها في كل مكان غير ممكن، لذا كانت الاجتماعات بين أعضاء إليونورا أكثر تواترًا.
اليوم كان آخر يومٍ لتعليق الستائر والسجاد المقدم من موظفي القصر في قاعة الحفل.
“هل هذا الوعاء الأزرق سيناسب هذا؟”
نظرت ثيودورا إلى لورا. كان اللون أزرقًا رديئًا لدرجة جعل التنهد تلقائيًا. لا يمكن تبريره بأنّه لإظهار أنّ الدوقة كانت في البحرية، فالزي البحري يميل للون الفيروزي الداكن، مختلفٌ تمامًا عن الأزرق الذي تحمله لورا.
هل كان كونت غوتيا من أنصار الملك؟ ربما. إذًا كان اختيار هذا اللون الأزرق مفهومًا، كونه ذوق الملك.
“يبدو ثقيلاً جدًا.”
“آه. الملازم تورنيا، يجب على الجنود أن يكونوا أذكياء، أليس كذلك؟”
“…فضيلة الجندي هي الطاعة المطلقة.”
“بالضبط.”
ابتسمت شفتا لورا الورديتان قليلاً. لم تكن إشارةً استفزازية، فقط تلميحٌ إلى أن يد الملك وصلت إلى الحفل. تنهدت ثيودورا وأزالت الوعاء الأزرق.
“يرجى إزالة جميع الألوان الزرقاء.”
انحنى موظف القصر وأزال الأواني. فتحت لورا لو غوتيا حقيبتها وأخرجت أحمر الشفاه ووضعته على شفتها.
لم يكن تعديل المكياج بين النساء عيبًا كبيرًا. بعض الحاضرات أعدن تلميع شفاههن أيضًا، مِما خفف الجو المتوتر.
في تلك اللحظة، قالت لورا بصوتٍ طبيعي وكأنها تطرح موضوعًا بسيطًا:
“كان هناك زميلٌ واحد.”
كان واضحًا من تشير إليه يكلمة ‘زميل’.
“الخدمة البحرية، أليس كذلك؟ نظرًا لتوفير المهر، يأتي أحيانًا أفرادٌ من النبلاء الفقراء.”
من المعروف أنّه للنساء البحريات يُضمن لهن راتبٌ تقاعدي معين. ومن المعروف أنّ الكثير ينضمون لتحقيق ذلك.
“لكن هؤلاء، هل يستطيعون تعلم فن الكلام أيضًا؟ بالطبع سيكونون متفردين. كنتُ أشعر بالشفقة عليهم أحيانًا. بعض الزملاء كانوا يلقبونهم بالمتخلفين.”
لم يكن القليلون مَن يسمعون بانتباهٍ وكأنهم مهتمون.
“لكن بعد فترةٍ، تزوجتُ بشكلٍّ ممتاز. هناك شائعاتٌ أنّها فعلت كل شيءٍ لتحقيق الزواج الهرمي، لكن المهم أنّها سعيدة. شعرتُ أنّه شيءٌ رائع.”
كانت نميمةً واضحة. ترددت ثيودورا قليلًا قبل أن تتحدث.
“حقًا مقرف.”
كانت أغات مونفيس أول من تكلمت.
على الرغم من أنّ حب فتاةٍ من عائلة مونفيس لفعلٌّ متهورٌ معروف، إلا أنّ عائلتها كانت من العائلات المرموقة.
لكن أسلوب كلامها الخشن جعل لورا لو غوتيا تتفاعل بتغطية فمها بيدها.
“سيدة غوتيا، إذا جئتِ للعمل، أليس من الأفضل التركيز على عملكِ بدلًا من تشويه سمعة الدوقة بيرك؟”
“أنا… لم أفعل ذلك أبدًا. يبدو أنّكِ تسيئين الفهم…”
كانت أغات تعرف جيدًا طريقة حديث لورا لو غوتيا. لم يكن هذا فقط، بل كانت هذه عادة النساء في المجتمع عندما يتحدثن عن شخصٍ غائب.
وكانت أغات قد فعلت ذلك أكثر مِن مرة، لذا كان من الأفضل تجاهل الأمر.
“آه، يمكن فهم سبب شعوركِ هكذا. محرجٌ قليلًا. لكن حتى لو فعلتِ ذلك…”
بل وأكثر من ذلك.
“لم أكن أعلم أنّ آنسة مونفيس ستغضب بشأن الدوقة بيرك…”
كان من المتوقع أنّ عينا لورا لو غوتيا تحملان بعض السخرية مع الحيرة.
ألا تفهمين؟ لقد أحببتِ الدوق بيرك، أليس كذلك؟ هل هناك أحدٌ هنا لا يعرف ذلك؟ كنتُ أظن أنّكِ ستنتقدين الدوقة معي.
أجل. حتى أغات لم تفهم لماذا فتحت فمها.
كانت لا تزال تشعر بالغيرة من المرأة التي جلست بجانب الرجل الذي أحبته فجأةً وتزوجته. بالإضافة إلى ذلك، في متجر المجوهرات، أحرجتها تلك المرأة كثيرًا.
في الواقع، لم ترغب أغات في حضور اجتماع إليونورا، لكنها التزمت بأمر الكونتيسة مونفيس، التي طلبت منها الهدوء بعد سماع الأخبار من الماركيزة فلاندر ونويل.
-‘أغات! قلنا لكِ أن تتخلي عن الدوق!’
-‘لكن تلك المرأة!’
-‘أجات! استيقظي! الدوق لم يعد لكِ! لم يكن يمكن أن يكون لكِ! لم يحبكِ أبدًا!’
بكت ولم يجدي نفعًا. أمرت سيدة مونفيس أغات بالخدمة في إليونورا لبعض الوقت لتصفية ذهنها.
بالطبع، شعرت الكونتيسة مونفيس بالدهشة من أن الدوقة بيرك ستعد الحفل مع إليونورا، لكنها قررت أنّه شيءٌ جيد في النهاية.
-‘تأكدي من أنّه كان رجلاً محدود الرؤية منذ البداية.’
لذلك كان الحديث عن الدوقة مع الآخرين أسهل وأريح. ومع ذلك، لم تفهم أغات لماذا كانت الدوقة لا تزال تثير اهتمامها.
-‘لأن دموعكِ أغلى منه.’
كان الأمر كما لو أنّ الدوقة اعتبرت الدوق إنسانًا دوّن المستوى، كما تذكرت أغات. كان كلامها غريبًا كلما فكرت فيه.
لكن لم يكن هناك سببٌ لمناقشته الآن. بدلاً من ذلك، وجهت أغات انتقادًا حادًا:
“إذا كنتِ عضوًا في إليونورا، أليس من المفترض أن تبادري للحفاظ على شرف العائلة الملكية؟”
“آه، صحيح. بالطبع.”
أجابت لورا بابتسامةً خفيفة وضغطت بإبهامها على شفتيها. لماذا كان هذا التصرف يثير غضب أغات؟ نهضت أجات بسرعة.
“أغات!”
“آنسة مونفيس!”
نادتها صديقاتها المذهولات، لكن دون جدوى. اختفت آنسة مونفيس من وسط الحضور، وتبعها بعضهنٌ بينما حاول البعض الآخر التظاهر باختيار السجاد.
“مشهورٌ أنّ آنسة مونفيس أحبّت دوق بيرك سرًا. عندما تقع في الحب، يبدو أنّ كل الأمور تتعلق بها.”
“بالضبط. بالنسبة لي، لم يبدو أنّ حديثها عن الدوقة كان عن دوقة بيرك.”
ثم تجمع بعض الحاضرات بجانب لورا وهم يهمسون. هزّت لورا كتفيها.
“لم أقل شيئًا، لديها اخت صغرى مختلطة العرق، أليس كذلك؟”
التعليقات لهذا الفصل " 74"