10
عندما داعبت أشعة الشمس رمال الصحراء، أفاق كلٌّ من نهيدة وتيمور.
وبعد أن تناولا بعض الطعام، ركب كل منهما على فرسه واستأنفا مسيرتهما في التوجّه إلى القلعة.
ظلت نهيدة تنظر إلى محيطها شاعرةً بالضجر من هذه المناظر التي تبعث إحساس الكآبة في دواخلها.
ومن زاوية عينيها نظرت إلى تيمور، ولاحظت من قسماته أنّ الضجر قد اجتاح قلبه هو الآخر، لذا قررت أن تتحدث معه حول أيّ شيء يخطر في بالها.
“كم ستستغرق رحلتنا؟”
“سنصل إلى القلعة قبل خلال اربعة ايام ، وهناك سنودّع بعضنا”، أجابها تيمور من دون أن يلتفت إليها.
أومأت نهيدة، وأخرجت تنهيدة طويلة، وظلت تفكر في موضوعٍ آخر تتحدث عنه، ثم خطر في بالها سؤال:
“أود أن أعرف، كيف تبدو قلعة رونا؟ هل سبق لك أن رأيتها؟”
أدار تيمور رأسه ناحيتها، نظر إليها وأجابها:
“أجل، أنا دائمًا أوصل الأشخاص الذين هم مثلك إلى هناك.”
أعاد نظره إلى الأفق وأضاف قائلًا:
“القلعة بناءٌ مدهش مشيَّد على جرفٍ صخري شاهق. تبدو كحصنٍ قديم، يلتصق بجانب الجبل وكأنه جزء من الصخور نفسها. جدرانها الحجرية الممتدة تتدرج مع انحدار الصخر، ونوافذها مقوَّسة…”
“المنظر يبعث على الدهشة والرهبة في آنٍ واحد؛ فالارتفاع الهائل والفراغ الممتد أسفل المبنى يوحيان بالخطر، تشعرين أنها معلّقة بين السماء والأرض.”
ظلّت نهيدة صامتة، تنظر إليه مُندهشة مما وصفه، لم يكن عقلها قادرًا على أن يتخيل هذا المنظر.
لكنها أحسّت وكأنها رأت شيئًا مألوفًا، ليس قلعة مثل هذه، بل مكانًا آخر مختلفًا تمامًا.
خرج صوتها أخيرًا من بين شفتيها متسائلة، وقد تخللت الدهشة نبرتها:
“مستحيل! أيوجد مكان كهذا حقًا؟”
حَدجها تيمور بنظرةٍ مُلغزة، وعادت الابتسامة تعتقِف شفتيه، ثم قال:
“لن تُصدّقي هذا قبل أن تريه بأمّ عينك.”
ظَلا يتحدثان خلال مسيرتهما في الطريق، وظُهرًا لاحظا وجود صخرةٍ كبيرة في مكانٍ ما، فاقترح تيمور عليها أن يتوقفا هنا لبعض الوقت من أجل الراحة والطعام.
جلست نهيدة عند الظل وهي تتناول تينها المجفف، بينما كان تيمور يربط الفَرَسَين معًا لكي لا تذهبا بعيدًا.
عندما كانت نهيدة تَمضغ ما أكلته، شعرت بنسمة هواء دافئة مرّت من فوق كتفها، فاعتقدت للوهلة الأولى أنها مجرد ريح قادمة من الصحراء.
لكن سرعان ما تزايدت سرعة هذا الهواء وصار أقرب إلى زفير كائنٍ حي.
ابتلعت ريقها، واستجمعت كل ما لديها من شجاعة؛ لترى ما يوجد خلفها.
وعندما رأت الكائن الذي كان يزفر من خلفها، ارتعدت أوصالها وذُهِلت مما رأته؛ لقد كان غولًا.
مخلوق ضخم الجثة، عيناه حمراوان تلمعان، ووجهه يجمع بين هيئة الإنسان والحيوان، فيه قبحٌ لا يمكن لعقلها أن يستوعبه.
له فمٌ واسع بأسنانٍ طويلة وأنياب، وجسده مائل إلى اللون الرمادي.
ظلت جاثمة في مكانها، وقد استولى عليها الهلع، وشعرت بعقدة في لسانها.
وعندما انقضّ الغول ليتهجم عليها، نهضت من فورها صارخةً بأعلى صوتها:
“غول!”
ارتعشت رُكبتا تيمور دون وعي عندما سمع صرختها، ولم يصدق ما قالته؛ لقد كان متأكدًا من عدم وجود غيلانٍ في هذا الطريق.
لكنه لم يُضيع المزيد من الوقت، فأسدل سيفه وركض مواجهًا الغول ليقتله.
إلا أن الكائن المرعب لم يكترث لأمره، وقفز من فوقه، وراح يجري خلف نهيدة التي كانت مندَفعة كالسهم.
تعثرت قدمها بمجموعةٍ من الحجارة الصغيرة التي اعترضت طريقها، وقبل أن تنهض كان الغول يحوم فوقها، وفمه الكريه الرائحة على بُعد بوصاتٍ قليلة منها.
أمسكت بالقلادة التي أعطاها إياها سهيل قبل رحيلها، وجسدها يرتجف، وراحت أسنانها تصطك، حتى إنها بدأت تسمع صوت نبضات قلبها المتسارعة.
أغمضت جفنيها مُستسلمةً لمصيرها، إلا أن الغول لم ينقضَّ عليها، بل انتفض فجأةً من فوقها، وراح يجري ناحية الكثبان الرملية وسط الصحراء، وهو يعوي مثل كلبٍ خائف.
كانت نهيدة في حالةٍ تعجز فيها عن استيعاب ما حدث للتو؛ فظلت مستلقيةً على الرمل، ويدها متمسكة بالقلادة، وقلبها ما زال يقرع كالطبل.
جثا تيمور بالقرب منها، وساعدها على النهوض، وبدأ يتحدث مُعتذرًا:
“اعذريني على تقصيري في حمايتك، لكن هذه أول مرة في حياتي أرى فيها غيلان الصحراء. مع أنني أتيت إلى هنا عدة مرات، ولكن لم يهاجمني أيّ غول.”
“هذا لأنني معك.” خرج صوتها مبحوحًا، وكأن الخوف قد جفف حلقها.
بلعت ريقها، ثم أضافت وهي تنظر إلى الجهة التي تؤدي إلى القرية:
“هذه الوحوش تهاجم أفراد قبيلتنا فقط، وكل شخصٍ حاول الخروج من ذلك السجن، تهاجمه الغيلان ثم تقتله.”
ظلت نهيدة موجهةً نظرها ناحية الطريق، وخطر في بالها أن تتراجع عمّا تفعله وتعود إلى هناك، حيث يمكنها الموت بسلام.
جالت هذه الفكرة في رأسها كذبابةٍ مزعجة، لكنها حاولت تجاهلها، وأقنعت نفسها بأن تستمر في مواصلة طريقها.
لقد اتخذت القرار، وانتهى الأمر.
لن ترغب بإنهاء حياتها وهي لا تعرف أيَّ شيءٍ عن العالم الخارجي.
……..
في القرية…
كانت يمامة مستلقيةً على سريرها، والألم أسفل بطنها جعلها لا تنام طوال الليل.
جلس سهيل على كرسيٍّ موضوعٍ بالقرب منها، وبعد أن أنهى فحصها تحدث بنبرةٍ هادئة تخفي قلقه غير الظاهر:
“إنها في حالةٍ حرجة، وقد تموت إن لم نعالجها كما يجب.”
لم يوجه نظره ناحية زوجها، لكنه أدرك أن الرجل الواقف في الغرفة قد سيطر القلق على كيانه، وهجر الدم وجهه… وقبل أن ينطق، أخبره سهيل:
“يجب أن أضعها في الكهف المقدس، سوف أرعاها هناك. هي تحتاج إلى رعايةٍ شبه دائمة، وعلينا وضعها في مكانٍ هادئ، لذا فالكهف أنسب مكانٍ لها حتى تقضي شهور حملها فيه.”
“لكن هذا صعب عليَّ وعلى الأطفال، كيف سأتدبر…”
قبل أن يُكمل زوجها كلامه، رمقه سهيل بنظراتٍ حادة، وأبعد غطاء وجهه، ثم أمره قائلًا بنبرةٍ صارمة:
“افعل ما آمرك به.”
تجمّد باهر في مكانه وكأنما تحوّل إلى إنسانٍ آخر للحظات، ثم أومأ له وبدأ بتجهيز أغراضها استعدادًا لإقامة يمامة في الكهف.
لكنها كانت غير واعية بما يحدث معها، وليس لديها أي فكرةٍ عن حقيقة ما يجري الآن.
□□□□□□□□
بعد مسيرةٍ طويلة، خرجت نهيدة ومرافقها من الصحراء وسارا في طريقٍ يؤدي إلى مملكة القمر.
ظلت نهيدة طوال الطريق شاردةَ الذهن، تُفكر فيما حدث معها هذا اليوم، وفكرةُ العودة أدراجها لم تهاجر رأسها، إلا أنها حاولت تجاهلها بأفكارٍ أخرى، واستمرت تُذكِّر نفسها بالمصير الذي ينتظرها هناك.
“ها قد وصلنا.”
أفاقت نهيدة من شرودها، ووجهت نظرها إلى الأمام، وانفغر فمُها من تلقاء ذاته عندَما وقعت نظراتها على سور المملكة.
كان جدارًا عاليًا، مطليًا باللون الأزرق الداكن، يمتد يمينًا وشمالًا كأنه بلا نهاية.
وعليه نقوشٌ ورسوماتٌ مذهَّبة لكائناتٍ ذات أربع قوائم، بدت لنهيدة كأنها أشبه بالقطط.
لكن هذا لا يُقارن بما رأته بمجرد أن عبرت البوابة السوداء.
استولت عليها الدهشة، واتسعت عيناها، وشعرت وكأن أنفاسها غادرت حلقها محلِّقةً في هذا العالم الغريب.
تملكها شعورٌ بالعجز عن النطق، ولم تستطع إيجاد وصفٍ مناسب لهذا المكان الأخّاذ.
كانت مملكة القمر مكانًا يصعب على الفرد ألا يندهش من رؤيته.
أبراجٌ عاليةٌ هرمية تكاد تلامس غيوم السماء، شوارعُ مُبلَّطةٌ بالطوب الأبيض الضخم، وبيوتٌ مُكعَّبة مطليةٌ بلونٍ أزرق لازوردي، تعلوها نقوشٌ ترسم القمر والنجوم من حوله.
أما الحدائق فكانت شيئًا لم تتخيله نهيدة في حياتها.
لقد وُضِعت على المباني، حيث تتدرّج البُنى الحجرية الضخمة على شكل مصاطب متراكبة تُغطّيها نباتاتٌ خضراء يانعة، وأشجار نخيلٍ وزهورٌ تتدلّى على الجدران المزخرفة.
ومن بين الشرفات تتدفّق شلالاتُ مياهٍ نقية تصبّ في قنواتٍ تحيط بالبناء، ما يبعث إحساسًا بالعذوبة والرخاء.
التفتت نهيدة ناحية تيمور، وسألته وقد بان في صوتها الذهول:
“ما هذا المكان؟”
ارتسمت الابتسامة على وجهه، وأجابها:
“هذه مملكة القمر. لا ألومك على ردّ فعلك هذا؛ ففي كل مرة آتي فيها إلى هنا، يزداد انبهاري بها.”
أعادت نهيدة نظراتها إلى عجائب هذه المدينة الرائعة، ولم تستطع أن تتماسك لوقتٍ أطول، ففاضت عيناها بالدموع، وانهمرت مبلِّلةً خديها.
وتجيّش في صدرها إحساسُ الحسرة والحزن على عمرها الذي ضاع في تلك القرية الصغيرة.
أرادت أن تمشي في كل شارعٍ من شوارع هذه المملكة، تتذوّق أكلاتٍ غريبةً وحلوياتٍ دسمة، رغبت أن ترقص دون أن تكترث لنظرات الآخرين.
وتمنّت من كل قلبها لو أنّها تستطيع أن تنسى أن عمرها محدودٌ وتعرف نهايته مسبقًا.
أخذت نفسًا طويلًا، ومسحت دموعها متجاهلةً الألم الذي اجتاح صدرها.
أما تيمور فتجاهل ردّ فعلها العاطفي، وترجّل عن فرسه ليشتري بعض الشعير للحيوانات.
وبعد أن عاد إليها، سألها عن رغبتها في التجوّل بهذا المكان، لكن على الرغم من شوقها الشديد لذلك، فقد رفضت؛ إذ كانت تشعر بالنعاس، وبأن كل ما حولها بات مشوَّشًا وغير واضح.
تفهّم تيمور وضعها، وأخذها معه إلى نُزلٍ قريب.
كان بناءً مستطيلًا من عدّة طوابق، مشيّدًا من الطوب المطلي باللون العاجي، ومُزيَّنًا بنقوشٍ حمراء ومذهّبة على شكل نجوم.
عندما دخلا، ظلّت نهيدة تنظر حولها مكتشفةً المكان.
كانت هناك طاولةٌ خشبية يجلس بالقرب منها رجلٌ أسمر يرتدي ثيابًا برتقالية طويلة، ذو لحيةٍ كثيفةٍ وعينين داكنتين.
استقبلهما الرجل، وتحدث معه تيمور بلغةٍ لم تفهمها، ثم دفع له بعض النقود.
على الجدران عُلِّقت لوحاتٌ زيتية تُظهر امرأةً ذات شعرٍ بنيٍّ مجعَّد، وجسدٍ ممتلئ، وملابس تُبدي أكثر مما تُخفي، مما جعل نهيدة تشعر بالحرج وتُبعِد نظرها عنها.
بعد أن أنهى تيمور حديثه مع الرجل ذي اللحية، اقترب منها وهو يحمل مفتاحًا، ثم قال:
“غرفتك ستكون في الطابق الأول، سأدُلّكِ عليها.”
دخلت نهيدة إلى غرفتها، وأغلقت الباب.
ولم تهتمّ لأيّ شيءٍ فيها بقدر اهتمامها بالسرير؛ لذا أسقطت جسدها فوق الملاءات، وسمحت لنفسها بأن تغرق في ظلام النوم.
□●□●□●□●□●□●□
كانت واقفةً في قاعةٍ مظلمة وباردة، اقشعرَّ بدنها عندما لامست الرياح القادمة من الخارج جسدها المغطّى بالحرير، وفجأة ظهرت شمعة موضوعة على الأرض.
أخذتها نهيدة وسارت في الممر باحثةً عن أي مخرج، فقادها إلى قاعةٍ أخرى، لكنها كانت تختلف عن سابقتها.
كانت القاعة دائرية، وقد عُلّقت على جدرانها شعلات نارية تهتزّ كأنها تتنفس، وفي المنتصف وقف مجموعة من الرجال شبهتهم نهيدة بالواعظين.
كانوا يرددون أنشودة بصوتٍ خافت:
“سيعود خلاصنا.”
“سيولد من الرماد أملنا، ويعود معه توازن العالم.”
“ستتنفّس السماء نيران مُخلّصنا.”
شعرت نهيدة بانقباضٍ في قلبها بمجرد أن سمعت تلك الكلمات. حاولت منع نفسها من التقدّم، لكن ساقيها كان لهما رأي آخر.
في كل خطوةٍ خطتها، كان أولئك ذوو الثياب الحمراء يبتعدون عن مركز القاعة الذي تتوسّطه طاولة حجرية، إلى أن اختفوا تمامًا.
وعندما وصلت نهيدة ورأت ما كان يتجمّع حوله أولئك الرجال، ارتجف قلبها وتجمّد الدم في عروقها حين رأت ما وُضع على تلك الطاولة الحجرية.
كانت هي نفسها.
ممدّدة على سطح تلك الطاولة، والدم ينزف من صدرها المطعون من جهة القلب.
تجمّدت الكلمات في حلقها، وأرادت أن تصرخ، لكنها عجزت عن ذلك.
وفجأة، انشقت الأرض من تحتها، وسقطت في الهاوية.
□●□●□●□●□●□●□●□●□
أفاقت نهيدة من كابوسها على أصوات الطبول القادمة من الخارج، وأدركت أنها استيقظت في وقتٍ متأخر من هذا الصباح.
نهضت من السرير وتوجهت إلى النافذة المطلة على الشارع، تتفحص مصدر الضجيج.
كان هناك جمعٌ كبير من الناس في الشوارع، يرقصون ويقرعون الطبول وينثرون بتلات زهور الأقحوان والزعفران تعبيرًا عن فرحتهم.
ارتسمت ابتسامة على وجهها، وشعرت بفضولٍ تجاه سبب هذا الاحتفال.
لاحظت تيمور جالسًا عند إحدى طاولات الحلويات، يتذوق ما تم توزيعه في هذه الاحتفالات. ابتعدت نهيدة عن النافذة وارتدت فستانًا طويلاً بلون العاج، مصنوعًا من قماشٍ خفيف ينسدل بانسيابية على جسدها، تتخلله تطريزات صفراء وزرقاء دقيقة على الأكمام والحواف، وعند خصرها حزامٌ عريض مزخرف.
عندما خرجت من النُزُل، تجاوزت الشارع الذي يعجّ بقارعي الطبول بصعوبة، وحين وصلت إلى تيمور ابتلع اللقمة التي في فمه وقال قبل أن تنطق:
“استيقظتِ أخيرًا! حاولت أن أوقظك من أجل الإفطار، لكنني تراجعت لأنني أعلم مدى تعبك.”
مدّ لها أحد الصحون قائلاً:
“هذا جبنٌ مع بعض حبوب الخردل المطحونة، إنه لذيذ للغاية، سيعجبك.”
نظرت نهيدة إلى الصحن وأخذته منه، ثم ألقت نظرة حولها باحثة عن مكانٍ للجلوس، لكن جميع الكراسي كانت شاغرة.
نهض تيمور من مكانه وأشار لها بالجلوس، حاولت أن ترفض بحجة أنها لا تريد مقاطعته عن إفطاره، إلا أنه أخبرها بأنه قد شبع بالفعل.
عندما جلست وبدأت بالأكل، نظرت إليه لتسأله:
“ما مناسبة هذا الاحتفال؟”
أجابها تيمور وهو ينظر إلى الحلوى الموضوعة على الطاولة:
“إن ملك مملكة القمر قد رُزِقَ بابن؛ ولهذا السبب أُقيم هذا الاحتفال، بمناسبة قدوم الملك المستقبلي.”
“وهل يفعل هذا مع جميع الأطفال الذين تنجبهم زوجته؟”
هزّ تيمور رأسه نافيًا وقال:
“كلا، هذا يحدث فقط عندما تنجب الملكة ابنًا.”
أومأت نهيدة وتمتمت قائلة:
“وجدتُ شيئًا لا أحبّه في هذه المملكة.”
……..
قضت نَهِيدَةُ يومها وهي تستمتعُ بالاحتفالِ، تجوَّلتْ في الأسواقِ، جَرَّبتْ أكلاتٍ لذيذةً وغريبةً بالنسبةِ لها، ورقصتْ مع الراقصاتِ بعد الظهر.
استغلتْ كلَّ لحظةٍ في هذا اليومِ؛ فقد أخبرها تَيْمُورُ أنهما سيرحلانِ صباحاً.
في اليوم التالي، استأنفا رحلتَهما ومَرَّا بـعددٍ من القرى التي في طريقِهما.
وكانتْ آخرُ وجهةٍ لهما قريةً جبليةً يعيشُ سكانُها في بيوتٍ طينيةٍ.
علمتْ نَهِيدَةُ أنَّها في اليوم القادمِ ستصلُ أخيراً إلى قصرِ رُونَا، وهذا ما جعلها تشعرُ بالتوترِ والخوفِ مما قد يحدثُ لاحقاً.
ماذا لو فشلتْ في الاختباراتِ؟
هل ستُعجبُهم قدراتُها في صنعِ العقاقيرِ أم سيسخرُ صاحبُ القلعةِ من معرفتِها البسيطةِ بالأعشابِ؟
أكانَ قرارُ تركِ القريةِ صائباً أم مجردَ اختيارٍ متهوِّرٍ وأحمقَ ستندمُ عليهِ لاحقاً؟
أخذتْ نفساً طويلاً، وجلستْ عند نافذةِ الغرفةِ الطينيةِ التي تبيتُ فيها، ناظرةً إلى النجومِ.
خلالَ رحلتِها، كانتْ السماءُ أكثرَ ما نالَ إعجابَها؛ على الرغم من اختلافِ المدنِ والقرى التي مرَّتْ فيها، إلا أنَّ جميعَها تشتركُ بوجودِ هذا السقفِ السماويِّ الجميلِ فوقها. حتى في قريتِها توجدُ سماءٌ ساحرةٌ كهذهِ.
نظرتْ إلى الورقِ الذي أمامها، وبدأتْ تكتبُ الرسالةَ حتى تُشْغِلَ بالَها وتنسى التوترَ لبعضِ الوقتِ، أو على الأقل تتحدثُ من خلالِ كلماتِها المُحَبَّرةِ.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

عالم الأنمي عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!

إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
Chapters
Comments
- 10 - درب بداية منذ 16 ساعة
- 9 - الرسالة الأولى 2025-08-31
- 8 - أطلال الماضي 2025-08-31
- 7 - خاتم الأوبال 2025-08-16
- 6 - رسائل تتوهج في للنار 2025-06-26
- 5 - لن أتراجع 2025-06-16
- 4 - لن اعيش هكذا 2025-05-27
- 3 - رونا 2025-05-01
- 2 - سهيل 2025-04-25
- 1 - نُهيدة 2025-04-06
- 0 - تمهيد 2025-04-04
التعليقات لهذا الفصل " 10"