قال أن عمي انتحر. في هذه الغرفة.
تحدث المدير بوجه هادئ، كأنما يتبادل أحاديث عابرة عن طقس اليوم.
يبدو أن الرجل لا يدرك أن تعابيره لا تتناسب مع الموقف. حتى لو كان انتحار عمي حقيقة، فمن غير المعتاد أن يتحدث أحدهم في مثل هذه الظروف بوجه مبتسم. هذا هو منطق «الإنسان العادي» على الأقل.
دخلت الغرفة خطوة واحدة فقط، ثم توقفت عاجزة عن التقدم، وظللت واقفة مكاني. نظرت إلى المدير بعينين شاخصتين وسألته متلعثمة:
“عمي… أنهى حياته بنفسه؟ كيف… حدث ذلك…؟”
“سمعتُ أنه ألقى بنفسه من شرفة هذه الغرفة.”
“إذن، لم تكتشف الأمر بنفسك؟ ألم يكن هناك احتمال… أن يكون حادثًا؟”
“كان أحد الموظفين الآخرين أول من اكتشف الأمر. كان الباب موصدًا، وكانت حذاء عمك موضوعة بعناية أمام الدرابزين، فمن الصعب اعتبارها حادثًا.”
رفعت رأسي لأرى أمامي شرفة واسعة تلوح في الأفق. إذن، عمي قفز من تلك الشرفة بنفسه. ذلك العم المتفائل المرح. الرجل الذي كان يقول بضحكة صاخبة إنه سيعيش حتى يتجاوز الثمانين.
لم أستطع تحديد مدى الثقة التي يمكنني منحها لكلام المدير. لكن من الواضح أن عمي لم يكن يعيش حياة سعيدة في هذا الفندق.
في تلك اللحظة، قال المدير، غير مبالٍ باضطراب مشاعري:
“آنستي، هل يمكنني الدخول؟”
كان بإمكانه أن يدخل مباشرة، فلماذا يطلب إذني؟
هذه ليست غرفتي الخاصة، كما كان الحال عندما طلب إذني سابقًا. هل يريد موافقة مني، بصفتي القريبة الوحيدة لعمي؟ إذا كان مدير الفندق، فلا بد أنه دخل هذه الغرفة مرات عديدة لترتيب متعلقات عمي، فلماذا الآن؟
قد يراها البعض سؤالًا عاديًا، لكنني شعرت بشيء مقلق ينتابني.
“هل هناك داعٍ لأخذ إذني؟”
“هل يمكنني الدخول؟”
“……”
ليس سؤالًا يستحق أن يتجاهل ردي ويعيده.
كان واضحًا أنه يطلب إذني بنوع من الإلحاح. كأن دخوله إلى الغرفة مستحيل دون موافقتي. وأنا أحدق في وجهه، بدا لي كأن قطرة دم تتراقص في عينيه الزرقاوتين الداكنتين. نظرة مقبضة، كتلك التي رأيتها في الحديقة.
— كاينا، أتعلمين؟ الكائنات الملعونة يجب أن تحصل على إذن صاحب المكان قبل دخوله. إذا لم تفعل، فلن تستطيع الدخول.
كانت هذه قصة رواها لي عمي في طفولتي، عندما كنت غارقة في الخوف من أن يخرج وحش من تحت سريري. قال إن كل الكائنات الملعونة تحتاج إلى إذن لدخول الغرفة، وإذا رفضتُ الموافقة، فلن يتمكن أي وحش من الدخول. وأضاف أنني يجب ألا أسمح لأي كان بالدخول بسهولة.
لماذا تطفو هذه الكلمات على سطح ذهني الآن؟
هل أزعم أن الشخص الواقف أمامي ليس إنسانًا؟ هذا جنون، يا كاينا. حتى أنا أرى هذه الفكرة سخيفة. لكن، ماذا لو كان هذا الكائن أمامي ليس إنسانًا حقًا؟
ثم لاحظت فجأة شيئًا آخر غريبًا. الساعة الآن الرابعة عصرًا. الطقس ليس مشمسًا تمامًا، لكن الضوء يتسرب بغزارة من الشرفة التي فُتحت ستائرها. إنه وقت يكفي ليمتد فيه ظل الإنسان. ظلي، في الواقع، ممتد طويلًا الآن. لكن هذا المدير…
“أنت… ليس لك ظل.”
نطقت بهذه الحقيقة دون تفكير. ما إن سمع المدير كلامي حتى اختفت ابتسامته.
تصلب وجهه، ودارت عيناه بسرعة. لم تعد عيناه زرقاوين. كانتا الآن ككرتين مغطاتين بالدم الأسود القاتم. بدأ وجهه يتشوه تدريجيًا بشكل غريب، وتوسع فمه بشكل مخيف.
“هل يمكنني الدخول؟ هل يمكنني الدخول؟ هل يمكنني الدخول؟ هل يمكنني الدخول؟ هل يمكنني الدخول؟ هل يمكنني الدخول؟ هل يمكنني الدخول؟ هل يمكنني الدخول؟ هل يمكنني الدخول؟ هل يمكنني الدخول؟ هل يمكنني الدخول؟ هل يمكنني الدخول؟ هل يمكنني الدخول؟ هل يمكنني الدخول؟ هل يمكنني الدخول؟”
هل سمعت يومًا صوت أسطوانة مشوهة تصدر أصواتًا نشازًا من جهاز تسجيل قديم؟
هكذا كان صوت المدير يطعن أذني. بدا جسده ووجهه وكأنهما عجينة كعكة لزجة تتدفق خارج الإناء وتذوب على الأرض.
لا، هذا الوصف ليس دقيقًا. بل يشبه قطرات الندى التي تتكون على الأوراق. لحمه يتساقط، قطرة تلو الأخرى.
دون وعي، أمسكت بقلادتي بقوة وتراجعت خطوات إلى الوراء. هذا غريب. غريب جدًا. قد أموت حقًا هكذا. يجب أن أهرب. يجب أن أفعل شيئًا!
مد يده اللزجة نحوي. كان ينبغي أن أهرب داخل الغرفة، لكن قدمي لم تتحرك. هل لدي سلاح يمكنني استخدامه لمواجهته؟ لا شيء من هذا القبيل. وبالطبع، لم أواجه كائنًا كهذا من قبل.
كأن الزمن قد لوي وتمدد، كل شيء يتحرك ببطء. لو كان هذا كله حلمًا. لو كانت كل الأحداث منذ أشهر وحتى الآن مجرد حلم طويل أحلمه.
في تلك اللحظة، سمعت صوت خطوات من داخل الغرفة، وتلا ذلك صوت ناعم يقول:
“هل تحتاجين إلى مساعدة، سيدتي؟”
لم أستطع أن أرفع عيني عن الكائن الغريب أمامي، لكن الصوت بدا مألوفًا بطريقة ما.
استدرت ببطء، فإذا بالمدير يقف خلفي. شعر أسود متموج، وعينان زرقاوان داكنتان كأعماق البحر. ليس ذلك الوحش الذائب، بل المدير بمظهره البشري العادي كما رأيته من قبل.
مديران متطابقان.
ما الذي أراه الآن؟ توأمان؟ مستحيل. إذن، أيهما الحقيقي؟
لا، هذا السؤال لا معنى له.
في اللحظة التي التقت فيها عيناي بعيني الرجل، شعرت بكل حواسي تنتفض، حتى إنني شعرت بالدم يجري في عروقي.
كأنني سمكة صغيرة تطل على هاوية بحر هائلة. مهما كان هذا الرجل، وبأي معنى، فهو الحقيقي. لا أريد أن أصدق أن هناك كائنًا آخر في العالم يمكن أن يجعلني أشعر بهذا الشعور.
تشبثت بصوتي المتلاشي كمن يتشبث بحبل نجاة وقُلت:
“ساعد، ساعدني… من فضلك…”
“حسنًا، سأتولى طلبك على الفور~”
نقر المدير خلفي بأصابعه مرة واحدة، فاختفى الوحش الذي كان واقفًا عند الباب في الحال.
لم يبقَ على الأرض أي أثر للحمه الذائب. اختفى كما لو كان سحرًا من رواية.
نظر إلي المدير مبتسمًا وقال:
“هل أعجبتك الخدمة؟ أعتذر عن تعريضك لهذا الموقف المزعج فجأة. لم أتوقع أن يجرؤ أحدهم على فعل شيء كهذا أثناء غيابي القصير.”
“إذن… ما الذي يحدث الآن؟ من أنت؟ هل أنت المدير الحقيقي؟”
“أوه، يبدو أنك لا تزالين مشوشة. هذا متوقع من إنسان. دعيني أشرح ببساطة.”
وضع المدير يده على صدره، وانحنى برأسه وخصره نحوي قليلًا. بعد ثوان، رفع رأسه وقال بنبرة مرحة. اختفى ذلك الشعور بالرهبة الذي شعرت به منذ قليل:
“مرحبًا؟ ذلك الشيء الذي كان هنا منذ لحظات كان مديرًا مزيفًا، ومن الآن فصاعدًا، أنا المدير الحقيقي!”
مهلًا، هذا لا يفسر شيئًا!
“…مدير مزيف ومدير حقيقي؟ هل يمكن أن يوجد هذان الاثنان؟”
“ألم تري ذلك بعينيك؟ ذلك الذي ذاب كان المزيف. أما أنا فالحقيقي. هناك أحيانًا كائنات تحاكي مظهر الآخرين لتخيفهم.”
“إذن، ما رأيته للتو كان… شبحًا أو شيئًا من هذا القبيل؟”
“حسنًا، هكذا يسميه الناس أحيانًا.”
بدأ يتحدث بكلام غامض، قائلًا إن الناس أصبحوا يركزون على أنفسهم كثيرًا ولم يعودوا يعيرون تلك الكائنات أسماء محددة.
لاحظ ارتباكي على وجهي، فواصل حديثه بنبرة مرحة لكنها أكثر احترامًا:
“عادةً، تلك الكائنات تكون حذرة ولا تخرج من الغرف، لكن يبدو أننا أهملنا إدارتها. هذا خطأ من جانب فندق بيلفيدير، لذا سنتعامل مع الأمر حسب رغبتك، آنسة ليندتيل.”
“لحظة. غرف؟ هل تعني أن ذلك الشيء كان… نزيلًا في هذا الفندق؟”
“نعم، هذا صحيح.”
تحدث بنبرة وكأن الأمر بديهي جدًا، حتى كدت أرد دون تفكير: «حسنًا». هل يفتقر موظفو هذا الفندق إلى الحس السليم؟
أنا لست شخصًا عاديًا تمامًا، لكن حديثنا لا ينسجم أبدًا. من البداية، أي فندق عادي يستقبل وحشًا كهذا كنزيل؟
ربما لاحظ المدير أنني غارقة في أفكاري، فأضاف:
“لئلا تسيئي الفهم، بيلفيدير لا يستقبل هذا النوع من النزلاء فقط. نحن نستقبل النزلاء البشر أيضًا بشكل لائق. نحن فقط نستقبل الكائنات غير البشرية والبشر معًا. هذا تسامح كبير، أليس كذلك؟”
آه، لو تكرر هذا التسامح مرتين، سأموت على الأرجح!
— ترجمة إسراء
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 5"