“هاه؟”
رفعت رأسي بدهشة.
كيف عرف؟ هل تحتوي تلك الأوراق على صورة لي؟
كنت على وشك أن أسأله، لكنه سبقني بالكلام.
“إذن… آخر سؤال واحد فقط.”
أغلق الملف بصوتٍ جاف، وحدّق في وجهي.
“هل تنوين حقًا العيش في هكتانغ دونغ؟ ما السبب وراء إصرارك على السكن في منطقة خطرة؟”
كان صوته جادًا، فأجبته بهدوء مماثل:
“أستطيع أن أؤكد لك أنني بلا أي نية مشبوهة. هكتانغ دونغ تحت إشرافك، لذا سترى بنفسك أن كلامي صادق. بالنسبة لي… ذلك المنزل هو آخر ما تبقّى لي. لم يعد لي مأوى آخر، وقد خسرت ما أملك وطُردت من حيث كنت.”
كلامي كان خليطًا من الحقيقة والكذب.
قال بقلق:
“العيش هناك أخطر بمراحل من دخول نقابة. قد تموتين.”
“أعرف. والموت احتمال وارد. لكن هذا خياري. وإن كان ما يقلقك هو ازدياد عدد الوفيات في منطقتك، فأنا آسفة… لكن قراري نهائي.”
واجهت نظرته دون أن أهرب بعينيّ.
“…مفهوم.”
أخيرًا بدا مقتنعًا.
الحمد لله، فلننهي هذا الآن ودنعد إلى البيت.
لقد تجاوزنا منتصف الليل.
“هل انتهينا؟ أستطيع المغادرة الآن، صحيح؟”
نهضت بسرعة، متعطشة للهرب من هذا المكان.
“انتظري لحظة.”
وقف هو أيضًا، وكأنه يريد قول شيء أخير.
“صحيح أنني تأخرت، لكن دعيني أعتذر بصدق. بالغت في الشك وضيّقت عليك. الكثيرون يقتربون من المناطق الخطرة بنيّات سيئة، فلم يكن أمامي سوى الحذر.”
انحنى أمامي بجدية.
رغم أنني انجرفت إلى هنا ضد إرادتي، لم يكن ما فعله ظلمًا.
لقد أدى عمله وحسب.
فقلت بلامبالاة:
“لا بأس. يمكنني تفهم ذلك.”
لكنه تابع بجدية أكبر:
“وأيضًا… آسف حقًا لأني حطمت منزلك.”
“المنزل؟”
تذكرت فجأة.
أجل! هذا الرجل دمّر بيتي!
كل ما عانيته حتى أصل إلى هكتانغ دونغ، ثم يأتي ويهدمه هكذا؟ لا يمكن أن تنتهي المسألة باعتذار.
“سأعوضك كما ينبغي.”
قال ذلك وقد لاحظ وجه العبوس الذي ارتسم عليّ.
“لكن اسمحي لي أن أوضح… كان البيت آيلًا للسقوط أصلًا. لم أستخدم قوة كافية لهدمه عمدًا، ولم أكن أستهدفه.”
قهقهت بسخرية، غير مصدقة.
لكنه استمر بهدوء:
“ثم إن السكن في منزل كهذا خطر للغاية. لقد تُرك مهملاً لوقت طويل.”
كلماته صدمتني قليلًا.
كنت أعلم، في قرارة نفسي، أن البيت هش من الداخل رغم مظهره الخارجي.
و أنه قد ينهار في أي لحظة فوق رأسي.
لكن… لم يكن لي مكان آخر.
ولم أرد أن أترك البيت مجددًا بعدما عدت إليه.
حين رآني صامتةً شاردة، قال بأسف صادق:
“سمعتِني… قلتِ إنه بيت طفولتك، صحيح؟ سأهتم بإصلاحه وإعادته أفضل مما كان.”
تألقت عيناي فجأة.
“أتجيد إصلاح البيوت أيضًا؟”
“بالطبع لا. لكن يمكنني أن أطلب من أصدقائي المتخصصين. يعرفونني جيدًا.”
“متخصصون في الترميم؟ تقصد… فرقة صيانة المدينة؟”
أومأ.
تذكرت سمعتهم: كلما انهارت منطقة بفعل الوحوش أو التشققات، يأتون لإصلاحها بسرعة وكفاءة.
سألت بتردد:
“لكن… هل يأتون إلى منطقة خطرة أيضًا؟”
“من حيث المبدأ لا. لكن إن طلبتُ منهم شخصيًا، سيفعلون. قد يستغرق الأمر وقتًا، فهم أكثر وحدة مشغولة في البلاد.”
فكرت قليلًا.
في الحقيقة، عرضه كان مغريًا جدًا.
ترميم البيت مجانًا؟ هذا إنقاذ.
تكاليفه وحدها كفيلة بإفلاسي.
لكن… إلى أين سأذهب ريثما ينتهي الإصلاح؟
“حسنًا… أين سأبقى أثناء الترميم؟ ليس لدي مكان آخر.”
“لا تقلقي. سأهتم بذلك أيضًا.”
أجاب فورًا، ثم أضاف:
“يمكنني أن أجهز لك مسكنًا قرب الإدارة. أو… إن أردتِ، أرتّب لك مأوى داخل هكتانغ دونغ نفسه.”
“داخل هكتانغ دونغ؟”
استغربت. ظننت أنها منطقة مهجورة تمامًا.
لكن ربما يسكنها آخرون مثل حالتي، أو فيها بيوت مخصصة للموظفين.
بين الخيارين، فضّلت الثاني.
لقد عدت إلى هناك أصلًا لكي أبتعد عن عيون الآخرين.
“إذن أريد العودة إلى هكتانغ دونغ.”
أومأ بنظرة غامضة.
ليالي هكتانغ دونغ مظلمة كجوف الأرض.
لا أنوار، لا بشر، فقط هدوء ثقيل ونور قمر باهت يرشد الخطوات.
“على الأقل هذه المرة لم تفقدي وعيك.”
أمسكني وأنا أترنح بعد الانتقال الفوري مجددًا.
كان الأمر أسوأ قليلًا من قبل، ورغم أنني كرهته، فقد بدأت أعتاد.
تقيأت مرتين، ثم استعدت وعيي، فرأيت أمامي مبنى من طوب أحمر، ضخم من طابقين.
في هكتانغ دونغ، كل البيوت إما منهارة أو متشققة.
لكن هذا المنزل بدا متماسكًا وجميلًا بشكل يثير الريبة.
رغم بعض الشقوق هنا وهناك، فقد كان أرقى بعشرات المرات من البناية التي دمّرها.
غريب… يبدو حديث البناء.
هل يعقل أن أحدهم شيده بعد أن أصبحت المنطقة خطرة؟ أي عقل متهور يفعل هذا؟
سألت بحذر:
“ما هذا المكان؟ يشبه بيتًا جديدًا…”
ابتسم وأجاب:
“هذا بيتي.”
“…عفوًا؟”
ظننت أنني لم أسمع جيدًا.
“قلتُ… هذا بيتي.”
نظر إليّ باستغراب، كأنه يتساءل أين المشكلة.
حدقت فيه مصدومة، لا أجد ما أقول.
ثم تنحنح، ووضح:
“في الحقيقة… ليس ملكي وحدي. إنه بيت أحد معارفي، وأنا أعيش معه مؤقتًا. لكن المنزل واسع، وفيه غرف فارغة تكفي لنقيم معًا لبعض الوقت.”
بلعت ريقي بصعوبة.
“أهذا… لن يكون عبئًا؟ أعني… أن أقتحم المكان هكذا؟”
“لا، لا. لن يمانع.”
لا يمانع؟ وأنا نفسي أمانع!
سأعيش مع من؟
مع الرجل الأول في التصنيف؟
مع بايك هيدو نفسه؟
ألم أهرب من أعين الصيادين لأجل راحتي؟
والآن… أشارك سقفًا مع أخطرهم جميعًا؟
ابتسمت بتوتر وقلت:
“في الواقع… ربما أفضل أن أجد مسكنًا آخر.”
“لكن قلتِ إنك ترغبين بالبقاء في هكتانغ دونغ.”
“صحيح، لكن…”
لكن لم يخطر ببالي أن يكون هذا يعني العيش معك أنت بالذات!
أي نوع من المنطق هذا؟
أنتَ من حطّم بيتي، وحققت معي، والآن تعرض أن أشاركك مسكنك؟
أي عبثٍ هذا؟
♤♧♤♧♤♧♤
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 20"