بعد أن قدّمت نفسها كمستشارة من “سيكند” وسمعت القصة باختصار، وجدت فينديا نفسها عاجزة عن الحديث.
لقد كان الوضع أسوأ بكثير مما توقّعته.
“إذًا، المتجر مسجّل باسم زوجكِ، لكن والدته هي من تدير كل شيء بالنيابة عنه؟ وهي أيضًا من تعرّضت لفضيحة بعد علاقتها برجلٍ متزوج؟”
“صحيح… لذلك إذا كنتِ ترغبين في الحديث عن المتجر، فعليكِ التحدث مع حماتي، لا معي.”
أجابت كيت بصوتٍ خافت، وهي تمسك بمنديلٍ أعطته إياها فينديا.
وقد تبلّل المنديل تمامًا من شدة بكائها قبل قليل.
حين زارت فينديا المكان بالأمس، ورأت كيت تعمل وهي تحمل طفلًا على ظهرها، ظنّت أنها مجرد موظفة، خاصة بعد أن قالت إن من يريد الحديث عن المتجر عليه التحدث مع “المدير”. لكنها كانت الكَنّة.
أخذت فينديا تراقب كيت، التي كانت جالسةً على كرسي، منكبة الكتفين، تطرق بقبضتيها بلطف على ساقيها المتورمتين.
كانت بشرتها باهتة، والهالات السوداء تحت عينيها تشي بإرهاقٍ عميق.
تشقّقت شفتاها، ويداها مغطاتان بآثار الحروق—ربما من الطهي أثناء تحضير التارت.
كان المتجر مشهورًا، يزوره مئات الزبائن يوميًا.
ومع ذلك، كانت كيت تقوم بكل شيء وحدها—التحضير، والتغليف، والبيع.
“طفلتكِ جميلة. قلتِ إن اسمها ريجين، أليس كذلك؟ كم عمرها؟”
سألت فينديا وهي تنظر إلى الطفلة الصغيرة، التي غلبها البكاء فنامت على الكرسي.
“أتمّت شهرين للتو.”
نظرت كيت أيضًا إلى ريجين، التي كان صدرها يرتفع وينخفض بأنفاسها الهادئة.
وعلى الرغم من أن عينيها كانتا محمرّتَين من كثرة البكاء، إلا أنهما تألّقتا بوهجٍ عاطفي وهي تحدّق بطفلتها—نظرة أمٍّ مليئة بالدفء والحنان.
“هل تعملين وأنتِ تحملين الطفلة طوال اليوم؟”
عمرها شهران فقط.
وهذا يعني أن كيت عادت إلى هذا العمل المرهق بعد شهرين فقط من الولادة.
“…نعم. لا يوجد أحد يعتني بها غيري.”
“تعملين طوال النهار، وتعتنين بها طوال الليل أيضًا؟”
“…”
أطبقت كيت شفتيها بصمت.
وكان ذلك الصمت بمثابة اعترافٍ ضمني. لا عجب أنها بدت مرهقة إلى هذا الحد. فهي لا تعمل فقط وهي تحمل طفلتها، بل تسهر أيضًا لتهدئتها عندما تبكي طوال الليل.
ولا حماتها، ولا زوجها، كانا يقدّمان لها أي نوع من الدعم.
بل والأسوأ من ذلك، بحسب ما سمعته فينديا عند دخولها، فإن الحماة تأخذ كل المال.
إذًا، شخص يعمل ويرعى طفلًا، وشخص آخر يصرف المال!
“كيت، هل فكّرتِ يومًا في فتح متجرٍ خاص بكِ؟ فأنتِ تقومين بكل شيء بمفردكِ الآن، وأظن أنكِ قادرة تمامًا على إدارته بنفسكِ أيضًا.”
“أوه، لا! لا يمكنني فعل ذلك وحدي… أنا بحاجة إلى زوجي. وريجين بحاجة إلى والدها أيضًا.”
“لا أظن أن هذا خيارٌ جيد…”
“لا أريد أن أُربّي ريجين كطفلة يتيمة، كما كنتُ أنا…”
مرت على وجه كيت ملامح مليئة بالجراح ومرارة التجارب.
كانت فينديا على وشك أن تقول إن وجود أبٍ كهذا أسوأ من عدم وجوده بالنسبة لريجين، لكنها آثرت الصمت.
كان من القسوة المفرطة أن تُثقل عليها بالمزيد من الكلمات، خاصة حين تكون قناعاتها قد تشكّلت وتصلّبت عبر سنوات من الألم والمعاناة.
“بإمكانكِ الذهاب الآن. وشكرًا على المنديل. سأغسله وأُعيده لكِ.”
كان عقلها يعجّ بالأفكار. ما الذي ينبغي أن تفعله؟ كانت ترغب في البقاء على الحياد، لكن بعد أن عرفت الحقيقة، أصبح من الصعب تجاهل الأمر.
ومع ذلك، لم تكن تنوي التدخّل إن لم تكن كيت نفسها راغبة في تلقي المساعدة.
تنهدت بعمق…
“س-سيدتي… هل ستساعدينها؟”
سألها كريس بتردد، وهما يسيران معًا في الشارع الذي بدأ الظلام يلفّه.
“بالطبع. أفكر في الطريقة التي يمكنني بها مساعدتها.”
“لكن… لماذا؟”
“ماذا تعني بـ‘لماذا’؟”
رفعت نظرها إليه وقد بدت حيرتها جلية.
كان الليل مظلمًا، وعيناه—اللتان بدتا أظلم من الليل ذاته—تنضحان بهدوء ووقارٍ ثقيل.
“لأن من يتخذ قرارًا أحمق، عليه أن يتحمّل عواقبه، أليس كذلك؟ وإذا حدث أي خطب أثناء محاولتكِ مساعدتها، فأنتِ ستكونين أول من يُلام.”
“…”
“لا يوجد سبب يدفعكِ للتورّط في حياة شخص غريب.”
“أنت على حق. كلامك منطقي تمامًا.”
أومأت فينديا، وقد وافقته الرأي بإخلاص. لم تكن تنوي أن تنتقده على وجهة نظره.
“لكنني لا أقدّم المساعدة بدافع النُبل فقط. أتحرّك لأنني أريد أن تنضم كيت إلى ’سيكند‘.”
“و-ولكن…”
“كريس، كل شخص لديه طريقته في التفكير. لذا، لن أجادلك أو أحاول إقناعك. هذه أنا ببساطة. وهذا أنت. نحن مختلفان في طريقة رؤيتنا للأمور. وهذا كل ما في الأمر.”
كان صوتها حازمًا، فلم يجرؤ كريس على إضافة شيء.
وبدلًا من ذلك، اكتفى بالنظر في عينيها بعمقٍ لفترة طويلة.
وعيناها الزرقاوان، اللتان لم تشيحا بنظرهما عنه، كانتا تنطقان بقرارٍ لا رجعة فيه.
كانت من أولئك الأشخاص الذين لا يستطيعون التراجع حين يرون أحدهم يعاني. وقد كان هذا واضحًا من طريقة تعاملها مع شؤون “سيكند”. فرغم أنها مستشارة، إلا أنها دائمًا ما تتقدّم الصفوف، مدفوعةً بما هو أعمق من مجرد مكاسب شخصية.
“إذًا… سأساعد أيضًا. لأنني أرغب بما ترغبين به، سيدتي.”
ارتسمت على شفتي كريس ابتسامة خفيفة ارتفعت تدريجيًا حتى أصبحت ابتسامة دافئة كاملة.
نعم… ما زالت تستحق أن يظل أحدهم إلى جانبها.
✧ 。゚ ✧ : * . ☽ . * : ✧ ゚。 ✧
بعد يومين
“واو… هذا الحقير مجرد نفاية بشرية!”
بوم!
نهضت فينديا من مقعدها بعنف بعد أن قرأت الأوراق التي سلّمتها إليها يوليز، فارتطم الكرسي بالأرض.
“أليس كذلك؟ أنا أيضًا كدت أُصاب بانهيار عصبي وأنا أقرأها.”
كانت يوليز، التي سبق أن راجعت الوثائق، غاضبة بالقدر نفسه.
فبعد أن سمعت من فينديا عن كيت، أمضت يوليز يومين فقط في جمع كل المعلومات الممكنة عن زوج كيت، تشارلز، وحماتها.
ويبدو أن الطرف الآخر لم يحاول حتى إخفاء شيء، إذ بمجرد الحفر قليلًا، انهالت المعلومات بسهولة. وكان يومان وقتًا كافيًا تمامًا.
“أوني، علينا أن نُخرج كيت من هناك!”
قالتها يوليز بحماسة وتصميم يتقدان. لم يعد الأمر يتعلق بالاستحواذ على متجر التارت—بل أصبح إنقاذ كيت هو الهدف الحقيقي.
حقًا، حين تنظر إليها بتمعّن، ترى فيها حسًّا فطريًا بالعدالة. وربما لهذا السبب أحبّتها فينديا كثيرًا.
طَرق طَرق.
“سيّدتي… أ… أنا كريس.”
“ادخل.”
دخل كريس في التوقيت المثالي.
“كيف سارت الأمور؟”
“تمكنت من التواصل معها.”
رفعت فينديا له إبهامها، وقد بدا واضحًا مدى رضاها.
“علينا أن نُخبر كيت قريبًا.”
“ستخبرينها مباشرة؟” سألت يوليز.
“لا.”
هزّت فينديا رأسها، وابتسمت بابتسامة خبيثة:
“سنجمعهم جميعًا على مسرح واحد.”
✧ 。゚ ✧ : * . ☽ . * : ✧ ゚。 ✧
“كيت، لقد انتهى دوامكِ اليوم، صحيح؟ ماذا ستفعلين الآن؟”
شعرت كيت بالارتباك عندما رأت ديا تظهر بعد غياب عدة أيام—وخاصة مع هذا السؤال المفاجئ.
“آه، كنتُ على وشك إنهاء التنظيف والعودة إلى المنزل فقط…”
“لديّ بطاقتا دعوة لعشاء. تعالي معي.”
مدّت ديا يدها وهي تمسك ببطاقتين.
نظرت كيت بين ديا والبطاقات بترددٍ ظاهر، ثم لوّحت بيديها رافضة:
“لا، لا بأس. وحتى وإن كنتِ لطيفة جدًا معي، فأنا لا أستطيع مساعدتكِ بشيء بخصوص المتجر… كل الأمور بيد حماتي.”
“أعرف. لقد أخبرتني بذلك من قبل. لكن هذه الدعوة لا علاقة لها بالمتجر—بل لأنني فقط أرغب في قضاء بعض الوقت معكِ.”
“…أعتذر. عليّ رعاية طفلتي، كما أنني لا أبدو في حالة تليق بمرافقة سيدة مثلكِ، آنسة ديا…”
انخفض صوت كيت وهي ترفض الدعوة. عضّت على شفتيها وأمسكت بمئزرها البالي، وقد تملّكها الخجل.
فبينما كانت ديا ترتدي ملابس أنيقة جميلة، بدت كيت بائسة.
فستانها الأزرق باهت اللون، مهترئ عند الأطراف، وحذاؤها قديم، وبشرتها جافة، وشعرها مربوط بعجلة وبشكل عشوائي.
حتى من دون مجوهرات فاخرة، كانت ديا تشعّ أناقة وفخامة بطبيعتها، على عكس كيت التي بدت شاحبة ومتعبة.
“لا تقلقي. لا بشأن الطفلة، ولا بشأن مظهركِ.”
ورغم رفض كيت، ابتسمت فينديا لها ابتسامة مطمئنة، تنم عن ثقة ودفء.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
ترجمة : أوهانا
الانستا : han__a505
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 28"