فقائد الطائفة، بعد أن استولى على جسد الإمبراطور، لم يلتقِ قطّ بالإمبراطورة ولا بوليّ العهد. كان يُبقي عائلة الإمبراطور على مسافةٍ منه. وهذا يتطابق تطابقًا غريبًا مع القصة القديمة.
أن تجدا خيطًا محتملًا كانتا تبحثان عنه – بل كانتا على استعدادٍ لمغادرة القصر في سبيله – في كتابٍ عتيقٍ من الأساطير، لهو أمرٌ مذهل.
طبعًا، لا يمكن اعتبار ما ورد في حكايةٍ خرافيةٍ قديمةٍ حلًّا حتميًّا، غير أنه للمرة الأولى يظهر بصيصُ أملٍ، ولو ضئيل.
شعرت ليلي برغبةٍ في شكر آيدن على نوبته الطفولية السابقة.
“كيف يعود البطل إلى جسده في النهاية؟”
“أظنّ بعد أن يسمع شيئًا من زوجته… لحظةً، سأرى.”
عدّلت جوليا نظارتها، وبدأت تترجم بعناية.
[قالت تارا.
يا حبيبي، يا زوجي العزيز، إن استيقظتَ الآن فسأسمح لك بشراء الخنجر الذي رغبتَ به دومًا.
فقال هيبوني.
هذا يبدو جميلًا.
لكنّ تارا لم تسمعه.
قالت تارا.
يا حبيبي، يا زوجي العزيز، إن استيقظتَ الآن فسيُغنّي أطفالُنا لك أغاني الفرح.
فقال هيبوني.
هذا يبدو جميلًا.
لكنّ تارا لم تسمعه.
قالت تارا.
يا حبيبي، يا زوجي العزيز، إن استيقظتَ الآن فسأدعك تُقبّلني.
عندها أدرك هيبوني أنه لم يشعر بحبّ تارا منذ زمنٍ طويل، وفجأةً اشتاق إلى قُبلتها اشتياقًا شديدًا.
وبفيضٍ من الحنين، تبعت روحُ هيبوني جسدَ تارا وعادت إلى مكانها الصحيح.
قال هيبوني.
هذا يبدو جميلًا.
وهذه المرة، سمعت تارا جوابه.
وغنّى الأطفال أغاني البهجة، فقد عاد والدهم أخيرًا.]
أربك الطابعُ الرومانسي المفاجئ ليلي للحظة.
الأطفالُ موجودون والأمّ تطلب قبلة؟!
عندما كانت طفلة، كانت ترى في تلك العلاقة المفعمة بالعاطفة نموذجًا مثاليًا للحبّ الأسري، لكنها الآن رأت أنّ القصة ليست بريئة كما ظنّت يومًا.
أدركت حينها لماذا كانت جوليا تتردّد أحيانًا وتجيبها بعباراتٍ مبهمة كلما طلبت سماع هذه القصة مجددًا.
غاصت المرأتان في صمتٍ متأمّل.
في البداية، كانت ليلي تظنّ أنّ اللعنة انكسرت بفعل محبة الأسرة وحدها.
لكن بعد أن سمعت القراءة الكاملة، بدأت تظنّ أنّ الرغبة الحميمية بين الزوجين هي مفتاح فكّ اللعنة.
فانكسار اللعنة لم يحدث إلا بعد الوعد الأخير، والاهتمام اللافت بتفصيل تلك اللحظة لم يكن عبثًا. بدا الأمر – ولو جزئيًّا – مرتبطًا بالحبّ العاطفيّ.
لكن المشكلة أنّ آيدن كاشيمير لا يملك حبيبة.
وليس الآن فحسب، بل لم يعرف يومًا علاقةً عاطفيةً من أيّ نوع.
وكموظفةٍ في قصر الدوق، كانت ليلي واثقةً من ذلك تمامًا.
لقد كرّس نفسه لإدارة الإقطاعية التي ورثها عن والديه، ولم يُبدِ أدنى اهتمامٍ بالحبّ أو الرومانسية.
رفض كلّ آنسات الطبقة النبيلة اللواتي قُدّمن له عبر سيّداتٍ مرموقات، كما رفض كلّ فتاةٍ من الأسر الثرية التي أرادت التحالف معه عبر الزواج.
ولهذا كان موضوعه يومًا ما حديث الخدم الدارج.
“ربما لديه مشكلةٌ في رجولته؟”
“لا، لا، ربما يُفضّل الرجال!”
وأمثال تلك الأحاديث التافهة التي تنسجها الألسنة الفارغة.
‘لا يهمّ إن كان صاحب السمو عديم الرغبة أم لا. إن كانت العودةُ إلى وعيه هي غايته فعلاً، فسيفرض على نفسه أن يقع في حبّ أيّ امرأةٍ إن كان ذلك هو السبيل.’
لكن ما أقلق ليلي حقًّا كان هذا.
‘كيف نجعل آنسة نبيلةً تقع في حبّ رجلٍ راقدٍ بلا وعي على سريره؟ يبدو أن الحبّ يجب أن يكون متبادَلًا…’
تنهّدت في ضيق. كانت تلك مشكلة حقيقية.
آيدن كاشيمير، بلا شك، أنبلُ رجال الإمبراطورية وأوسمهم، وهذه ليست مبالغة، فالإمبراطور نفسه متزوجٌ بالفعل.
غير أنّ ذلك لا ينطبق على آيدن الراقد الآن، الذي لا يختلف كثيرًا عن جثمانٍ حيّ.
‘لن تنجذب إليه الآن إلا امرأةٌ غريبة الأطوار مهووسةٌ بالجثث، حالته مأساوية حقًّا…’
أزاحت ليلي عن ذهنها اشمئزازها المتزايد وأكملت التفكير.
كيف يمكن إيجادُ امرأةٍ تقبل بذلك الدور؟
هل تطلب من وولفرام أن يُعلن في أنحاء الإمبراطورية بحثًا عن متطوّعة؟ تخيّلت نصّ الإعلان.
[إعــلان]
مطلوب امرأةٌ لتقع في حبّ دوق كاشيمير.
■ ملاحظة: الدوق في غيبوبةٍ حاليًّا، لكن يُتوقّع أن يستيقظ قريبًا.
■ المكافأة: اختيارٌ مسبق كدوقةٍ مستقبلية.
كانت ليلي تدرك مدى سخافة الفكرة.
نعم، سيتدفّق سيلٌ من المتقدّمات بمجرد نشر الإعلان،
لكن هل ستحبّ إحداهنّ الدوق حقًّا؟ أم ستحبّ المالَ والمكانةَ فحسب؟
كان خلقُ حبٍّ جديدٍ من العدم أمرًا غير واقعيّ. وبعد قليلٍ من التفكير، خطرت لها فكرةٌ أخرى.
قالت هي وجوليا في آنٍ واحد.
“لو استطعنا العثور على أنسة كانت معجبة بصاحب السمو سرًّا…”
“كنتُ سأقول الشيءَ نفسه يا ليلي…”
توقّف صوت جوليا الرقيق تحت حماس ليلي التي أكملت.
“تفضّلي أنتِ.”
“لا، لا، تابعي يا عزيزتي.”
“حسنًا، يا جدّتي. الفكرة هي أن نبحث عن أنسة نبيلةٍ كانت تُعجب بصاحب السمو في الماضي. لا بدّ أن هناك واحدةً أو اثنتين على الأقلّ من أنسات المجتمع الراقي كنّ يُعجبن به من بعيد.”
“حينها؟”
“ثمّ نطلب مساعدتها. نقول إنّ الأمر عاجلٌ، وإنّ صاحب السمو بحاجةٍ لمن تكون بجانبه. نُقدّم مكافأةً كبيرةً ونُعيّنها معه. لعلّها حين تبدأ بالعناية به، تعود إليها مشاعرها القديمة. وعندما يرى هو إخلاصها، قد يُحرك ذلك شيئًا في قلبه أيضًا.”
قالت جوليا، محاولةً التأكد مما تسمعه.
“أي أنكِ… تريدين إلصاق امرأةٍ أخرى بالدوق؟”
“تمامًا.”
“امرأةٌ أخرى؟”
انطوى صوت جوليا على قدرٍ من الشكّ جعل ليلي تضمّ شفتيها بتوتر. كان من الصعب أن تُكرّر الجملة نفسها.
فالاشمئزازُ الذي حاولت تجاهله بدأ يتفاقم في صدرها.
سواء كانت تلك المرأة حبيبته السابقة، أو أولَ حبٍّ له، أو امرأةً مجهولة تمامًا، فمجرد تخيّل آيدن مع أخرى – حتى وإن كانت فكرتها هي – كان يبعث فيها نفورًا غريبًا.
ظلت تُقنع نفسها أنها تنظر إلى الأمر بصفته علاجًا روحيًّا لا أكثر، وأن مفاهيم الحبّ والعلاقات ليست سوى أدواتٍ للشفاء.
لكن مع إصرار جوليا وسؤالها المباشر، بدأت الصور تتشكّل في ذهنها رغماً عنها. آيدن كاشيمير… عاشقًا.
آيدن كاشيمير، وقد تملّكه شوقٌ جارف إلى حبيبته يكسرُ به لعنته، كما فعل هيبوني في القصة.
كان من النوع الذي لا يمنح قلبه بسهولة، ولهذا، إن أحبّ يومًا، فسيغرق في الحبّ حدّ الجنون.
وانطلقت خيالات ليلي، فصوّرت له مستقبلًا بعد أكثر من عشر سنوات.
الدوقُ يتزوج المرأة التي أنقذته من لعنته. القصرُ يستقبل سيّدته الجديدة. الأطفالُ الذين سيجمعون وسامةَ والديهم في وجوهٍ بريئةٍ بهيجة. أسرةٌ دافئةٌ تغمرها السعادة…
كان المشهد حيًّا إلى درجةٍ جعلت معدتها تنقبض.
‘لا… لا! لا يحقّ لكِ أن تشعري بالغثيان لهذا السبب!’
كانت ترغب بالصراخ في وسادة، ولولا وجود جوليا لفعلت.
‘أيـ،أيّتها الحمقاء السخيفة! أتظنّين أن لُطفَ صاحب السموّ معكِ يعني شيئًا؟! تَماسَكي! بحقّ السماء، اجمعي شتات نفسكِ! ما بالكِ بكلّ هذا الغثيان؟ ما الذي يُثير كلّ هذا الضيق، هاه؟! لقد كنتِ مجرّدَ خادمةٍ قبل بضعة أسابيع فقط…’
—يتبع.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 42"