مع مرور الوقت ، حلّ أخيرًا يوم ميلاد جيريمي الذي كان ينتظره بفارغ الصبر.
و رغم أنه من المفترض أن يكون حفل عيد ميلاد لماركيز أوفنهاير الشاب مناسبةً فاخرةً يتوافد عليها عدد هائل من الضيوف للاحتفال ، إلا أن الواقع لم يكن كذلك.
فنظرًا لما حدث في الماضي من أحداث كثيرة ، لم تكن إلزي تحب أن تُعرَض المناسبات العائلية للعامة.
أما دانتي ، الذي كان معروفًا في المجتمع الأرستقراطي بأنه الزوج الأكثر حبًا لزوجته ، فقد كان سعيدًا بمجاراة رغبتها.
و هكذا ، أصبحت مناسبات عائلة الماركيز تُقام بهدوء و بأجواء خاصّة تقتصر على أفراد الأسرة فقط.
“هل الطعام جاهز؟”
“نعم ، حتى الكعكة أُنجزت بالكامل”
“جيد”
و في الوقت الحاضر ، كان منزل عائلة أوفنهاير يبدو و كأنه يغمره جو احتفالي حقيقي.
علّقت الزينة الذهبية و الفضية المتلألئة في أنحاء المكان ، و غطى مفرش الطاولة المزخرف بأرانب — المفضل لدى جيريمي — مائدة الطعام.
ارتدى خدم العائلة بدلاً من بدلاتهم الرسمية المعتادة ، ملابس زاهية تناسب ذوق جيريمي.
أما في المطبخ ، فقد عمل الطهاة بكل جهد من أجل إرضاء الفتى المدلل و المحبوب من الجميع.
و أخيرًا ، حين واجه جيريمي لأول مرة مائدة عيد ميلاده …
“واو ، إنها دببة!!”
أطلق صرخة فرح عالية.
و اندفع بحماس نحو المائدة راكضًا.
ثم بدأ يتفحص الكعكة الموضوعة في وسط الطاولة بعينين متلألئتين ، قبل أن يستدير فجأة نحو إلزي قائلًا:
“إنها دببة! أمي! إنها دببة!!”
نعم ،
فبمناسبة عيد ميلاد جيريمي ، جهز الطهاة المائدة بأطعمة يحبها الطفل أكثر من أي شيء.
لكن أروع ما في الأمر كان الكعكة.
فقد استخدم طاهي الحلويات في العائلة كل مهاراته ليصنع كعكة كريمية بيضاء كالثلج ، تتوسطها دُمية دب كبيرة من الشوكولاتة.
و لما رآها جيريمي ، كاد أن يُغمى عليه من شدة السعادة.
“جيريمي ، عليك أن تجلس أولاً”
تحدثت إلزي برقة و هي تلاطف ابنها.
فجلس جيريمي في مقعده على مضض ، لكنه لم يستطع أن يبعد عينيه عن الكعكة.
ابتسم دانتي ابتسامة خفيفة و سأل جيريمي:
“هل تود أن أضع شموع عيد الميلاد؟”
“أنا! أنا أريد أن أفعلها!”
قال جيريمي و هو يمدّ يديه بكل حماس.
ناول دانتي الشموع لابنه دون تردد.
“لأني أصبحت في السادسة من عمري …”
تفحص جيريمي الشموع الملونة بدقة ، ثم اختار ستة ألوان بدت له مناسبة لتتماشى مع دبدوب الشوكولاتة في وسط الكعكة.
ثم بدأ في غرسها بعناية بالغة في الكعكة ، حرصًا منه على ألا يلمس الدب أو يُتلفه.
غرس الشموع بشكل دائري حول الدب ، ثم قال بعينين تلمعان بالحماس: “أريد أن أنفخ! أنا سأطفئها!”
و كان ذلك يعني ببساطة أنه متحمس لإطفاء الشموع – أكثر ما يحبه في عيد ميلاده.
“حسنًا”
أخرج دانتي علبة أعواد الثقاب من جيبه ، و أشعل الشموع واحدة تلو الأخرى.
تألقت ست شموع مضيئة أمام أعين جيريمي.
أخذ جيريمي نفسًا عميقًا حتى امتلأت وجنتاه ، ثم نفخ بقوة فأطفأ الشموع كلها.
ثم رفع رأسه فجأة بابتسامة عريضة قائلاً بفخر:
“أنا أطفأت الشموع!”
تصفيق-! ، تصفيق-! ، تصفيق-!
صفق كل من دانتي و إلزي بحرارة.
“عيد ميلاد سعيد يا صغيري”
“لقد أصبحتَ في السادسة من عمرك بالفعل ، يا جيريمي”
و كان من المفترض في هذه اللحظة أن يبدأوا في تقطيع الكعكة ، لكن جيريمي نظر إلى والديه بنظرةٍ مليئة بالرجاء ، و كأنه يطلب شيئًا بشدة.
ثم قال: “أريد أن أنفخ مرة أخرى!”
“مرة أخرى؟”
“نعم!”
هز جيريمي رأسه بحماس شديد يكاد ينفصل من عنقه.
أما دانتي ، فقد تاه في روعة مشهد ابنه اللطيف ، و كأنه فقد إدراكه للحظة.
“يا للعجب ، إلزي …”
همس دانتي و كأنه مأخوذ بسحرٍ ما: “ابن من هذا الطفل اللطيف؟ كيف يكون بهذه الروعة؟”
“استفق قليلاً ، رجاءً”
ردت إلزي بصوت ممتعض.
عندها فقط عاد دانتي إلى وعيه ، و ابتسم بعينيه ، ثم طبع قبلة خفيفة على خد إلزي ، أحدثت صوت “قبلة” مسموعًا.
“أليس كذلك؟ لقد ورث ابننا جاذبيته من إلزي ، لذلك هو لطيف هكذا”
“… حقًا ، أنت أيضًا …”
بسبب تلك الكلمات الماكرة ، لم تستطع إلزي إلا أن تضحك معه في النهاية.
لقد قضى جيريمي يومًا مثاليًا بكل معنى الكلمة.
نفخ شمعات عيد ميلاده ست مرات كاملة. (و عندما وصل إلى المرة الرابعة تقريبًا ، ذابت الشموع تمامًا ، مما اضطرهم إلى استبدالها بشموع جديدة)
أكل قطعتين كبيرتين من كعكة الكريمة الطازجة.
و كان دب الشوكولاتة بالطبع من نصيب جيريمي.
إلـزي ، التي كانت تفرض عادةً قيودًا صارمة على الحلويات خوفًا من تسوّس الأسنان ، كانت متسامحة اليوم و أطلقت لابنها العنان.
و بعد ذلك …
ملأ جيريمي بطنه حتى انتفخ ، ثم بدأ يفتح أكوام الهدايا المتراكمة كجبل.
أرسل له دوقية كاليد مجموعة من كتب القصص الفاخرة ، بينما أهدته شركة شمايكل سيفًا خشبيًا صنعه حرفي ماهر.
(و للصراحة ، أُعجِبَ جيريمي بالسيف أكثر من كتب القصص.)
لكن الهدية التي أحبها جيريمي أكثر من أي شيء آخر ، بلا منازع ، كانت …
“واو ، حصان هزاز!”
صعد جيريمي ، الذي بدا مفعمًا بالحماس ، بسرعة إلى الحصان الهزاز.
أمسك بزمام الحصان بكلتا يديه ، و بدأ يهزّه بقوة إلى الأمام و الخلف.
“هيّا، هيّا!”
ثم التفت فجأة إلى الوراء ، و بدأ يلحّ على إلزي بصوت عالٍ كصوت الدولفين.
“أمي ، أنا أركب جيدًا ، أليس كذلك؟!”
“نعم ، أحسنت ، بني”
ابتسمت إلزي بلطف.
رغم أنه ركب حصانًا حقيقيًا عدة مرات من قبل ، إلا أن الحصان الهزاز يبدو مختلفًا.
ففي تلك المرات ، كان لا بد أن يحتضنه دانتي أثناء الركوب ، لكن على الحصان الهزاز ، يستطيع الركوب وحده.
استمتع جيريمي كثيرًا باللعب على الحصان الهزاز ، ثم شارك في لعبة غميضة ضخمة شارك فيها جميع أفراد العائلة و الخدم.
و هكذا ، غربت الشمس أخيرًا.
و كان ختام يوم جيريمي المثالي ، هو أن تقرأ له والدته قصة قبل النوم بصوتها العذب.
“و هكذا ، محارب الدبدوب …”
خفضت إلـزي كتاب القصص الذي كانت تحمله ، و هي تراقب الوضع من طرف عينها.
جيريمي ، الذي كان يقاوم النوم بعينيه المفتوحتين على اتساعهما ، كان قد غرق في نومٍ عميق دون أن يشعر.
كان يتنفس بهدوء و انتظام ، تصدر أنفاسه الناعمة من بين شفتيه الورديتين المفتوحتين قليلاً.
مدّت إلزي يدها بلطف ، و سوّت شعر جيريمي المتشابك.
عيناها الكهرمانيتان كانتا تتأملانه بنظرة دافئة.
حقًا ، كلما نظرت إليه أكثر ، كلما شعرت أنه يشبه دانتي كثيرًا…
في الحقيقة ، كانت إلزي تشعر برضا كبير حيال هذا الشبه.
و لكن في الوقت نفسه ، كان هناك جزء صغير من قلبها يشعر بالأسى.
‘لو كنتُ قادرة على مواساة دانتي عندما كان صغيرًا ، حين كان وحيدًا و يعاني ، كم كان ذلك سيكون رائعًا …’
‘مع ذلك ، التفكير في الأمر الآن لن يغير شيئًا …’
و في تلك اللحظة …
شخص ما اقترب منها بهدوء و احتضنها من الخلف.
همس صوت منخفض في أذنها مدغدغًا إياها:
“حبيبتي …”
كان دانتي ، مرتديًا ملابس منزلية خفيفة.
بدلًا من أن تتفاجأ ، استندت إلزي إلى صدره براحة.
“هل عدت؟”
و فجأة ، شعر دانتي بشيء دافئ يعتصر قلبه.
لم تعد إلزي ترتبك أو تتفاجأ عندما يقترب منها فجأة ،
بل على العكس ، باتت تستقبله براحة و ثقة.
و كان ذلك التغيّر … مبهجًا للغاية بالنسبة له.
بدافع من شعوره الغامر ، طبع دانتي قبلة خفيفة على خد إلزي.
ثم ، و هو ما يزال يحتضنها ، مدّ رأسه قليلًا ليتفقد جيريمي النائم.
“هل نام؟”
“نعم ، غفا منذ قليل”
و رغم دخول والده إلى الغرفة ، استمر جيريمي في نومه العميق ، غير مدرك لما حوله.
“همم … هممم …”
كان يلعق شفتيه و كأنه يتذوق شيئًا لذيذًا في الحلم.
ضحك دانتي بخفة ، و كتم ابتسامته قدر الإمكان كي لا يوقظه.
اقترب من إلزي و همس لها بصوت خافت:
“بالمناسبة … لدي شيء أود قوله لك”
“ما هو؟”
“حسنًا ، جيريمي أصبح في السادسة من عمره الآن ، أليس كذلك؟”
تابع دانتي كلامه بنبرة جادة:
“لذا ، أعتقد أنه قد حان الوقت ليدخل رياض الأطفال”
“رياض الأطفال؟!”
اتسعت عينا إلزي دهشة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل "الفصل الخاص 3"