(ملاحظة: اعتقد الكاهنة الي كانت مع يوري كانت ولد مو بنت وغلطت في ترجمتها ف بخليها ولد من هلفصل وهي نفسها اسموديوس)
لم تكن إيف مسرورة بما يحدث، لكنها لم تُظهر ذلك. فهي كانت تدرك دائمًا أنه إن وقعت كارثة كهذه، ستكون أول من يقع عليه الشك.
“لا أعلم شيئًا عن الأمر… لكن، متى عرفت بحقيقتي يا صاحب السمو؟“
“منذ نحو أربعة أشهر.”
“أ–أربعة أشهر؟!”
شهقت إيف بدهشة لا تُوصف. فـ باليريان لم يكتشف أمرها إلا قبل أيام معدودة فقط.
“م–متى بالضبط أدركت ذلك؟“
بدأ القلق يتسلل إلى قلبها… هل من الممكن أن هناك آخرين يعرفون حقيقتها أيضًا؟
خفق قلبها بعنف، لكن الدوق أجاب ببرود:
“حين أُعلن عن خطوبتك لولي العهد، أدركت الأمر.”
ثم تنهد بخفة، وكأنه التقط قلقها، وأضاف:
“عندما أطلق ياليريان طاقة إيلا بلا وعي منه، كنتِ الوحيدة التي لم تتأثر.”
“آه… “
لم تستطع إيف إلا أن تتنهد بأسى. لم تكن تتوقع أن يذكر تلك الحادثة، شعرت بالحرج وكأن الأرض ضاقت بها.
“أعتذر عمّا حدث حينها…”
رمقها الدوق بنظرة توحي بأنه يتفهم، فسكتت إيف خجلة.
لقد كانت ممتنة له في قرارة نفسها لأنه أخفى أمرها ولم يفشِ سرها.
‘لطالما ظننته إنسانًا باردًا وقاسيًا…’
لذلك كانت تعتقد أنه إن اكتشف حقيقتها، فلن يتردد في قتلها. إلا أنه خالف كل توقّعاتها منذ اللحظة التي عرض فيها التنازل عن نصف ثروة العائلة لصالحها.
فتح الدوق فمه مجددًا:
“لكن، لو علمت العائلة الإمبراطورية بشأنك، فلن يكون موقفهم كهذا.”
صمتت.
كان كلامه صحيحًا. تذكّرت فجأة حقيقة لم تكن تريد مواجهتها… زافيير يعلم بأنها ساحرة.
‘نظراته حينها… لم يكن يجهل شيئًا.’
في تلك اللحظة التي فضحت فيها يوري حقيقتها…
كان الجميع يوبّخ يوري، باستثناء شخصين لم يزيحا نظرهما عنها.
زافيير… وباليريان.
‘لمَ كان يجب أن يكتشفا هما بالذات؟‘
أسوأ من يمكن التعامل معهما في مثل هذه الظروف. ومع ذلك، كانت تتساءل عن صمت زافيير المريب.
“في الحقيقة…”
فتحت إيف فمها بتردد. التقط الدوق مزاجها من نبرة صوتها، فرفع حاجبه قليلًا:
“من يعرف أيضًا؟“
“ولي العهد… زافيير يعلم.”
ساد الصمت.
لم يقل الدوق شيئًا، لكن تعبير وجهه أوحى وكأن كلمة مُصيبة كُتبت عليه بخط عريض.
وبعد برهة طويلة، قطّب جبينه وقال:
“…يبدو أن باليريان سيجد نفسه في ورطة حقيقية.”
وكأنه كان يقرأ الأحداث مسبقًا.
وفي تلك اللحظة، كان باليريان داخل القصر الإمبراطوري، جالسًا في غرفة المستشارين مقابل زافيير، الذي كان يتصفح التقارير بعينين باردتين متصلبتين.
كانت تلك تقارير توثّق حالات الاختفاء المتكررة وأدلة على ظهور الشياطين.
“باليريان، ما الذي تنوي فعله حيال هذه الأزمة؟“
“لكن لا يمكننا الجزم أن إيف هي من تقف وراءها.”
“صحيح، لا دليل مباشر، لكن الساحر يثير الشك بمجرد وجوده.”
حتى زافيير نفسه، رغم يقينه الداخلي ببراءتها، لم يكن يملك سوى الشكوك. ولو عرف أحد غيره بالأمر، لأمر باعتقالها فورًا.
وخاصة إن وصل الأمر إلى جلالة الإمبراطور…
ستزداد الأمور تعقيدًا، وقد تنفلت من السيطرة تمامًا.
وكان باليريان يدرك هذا جيدًا، فقد بدا الانقباض واضحًا في عينيه الزرقاوين، ثم أضاءت عيناه فجأة تحت الضوء الخافت، وكأن قرارًا قد حُسم.
“إذًا… ما علينا سوى إثبات أن إيف ليست من تقف وراء ما يحدث.”
رفع زافيير يده ليمسك جبهته بإحباط.
لم يكن هناك حلّ واضح.
“وكيف تنوي إثبات ذلك؟“
كلما تعلق الأمر بإيف، بدا باليريان وكأن تفكيره العقلاني يختفي كليًا. لم يكن هذا أول مرة يحدث فيها الأمر.
لذلك، ولإثبات براءتها، امتنع باليريان عن لقائها تمامًا، وانشغل نهارًا بالعمل في مكتب المستشارين، وليلاً بالتجول في العاصمة باحثًا عن أصل ظهور الشياطين.
“كم من الوقت نحتاج بعد؟ الناس يختفون واحدًا تلو الآخر!”
قال زافيير وهو يضرب على التقرير بيده، وكان وجهه ملبّدًا بالهموم.
فإن استمرّ الحال، لن يطول الأمر حتى تبدأ الجثث بالسقوط.
“لو عثرنا على بوابة لاستدعاء الشياطين، فلن يكون أمامي خيار سوى سجن الآنسة إستيلا.”
“إيف لا يمكن أن تكون المسؤولة.”
وفور سماعه لكلمة سجن، لمع بريق خطر في عيني باليريان الزرقاوين.
“سأجد الدليل بنفسي، وحتى ذلك الحين… تظاهر بأنك لا تعرف شيئًا يا زافيير.”
* * *
كانت أرييل تنظر إلى يوري، الممددة على الأرض ومقيدة بالحبال، بنظرة قلقة.
“ألن يكون عدد الشياطين غير كافٍ؟“
أجاب أسْمُودِيوس، وقد عاد إلى هيئة الكاهن، بابتسامة مطمئنة:
“الناس في الإمبراطورية لم يعودوا يجرؤون حتى على الخروج ليلًا، فلا تقلقي يا أرييل.”
ثم تابع مبتسمًا بثقة:
“قريبًا، سيتوسلون إلى المملكة المقدسة باكين أن تنقذهم.”
بدت الراحة على وجه أرييل وهي تقول:
“إذاً، لهذا أرسل الحاكم إلينا القديسة.”
ابتسم أس وهزّ كتفيه:
“قبل مئة عام فشلنا لأن السحرة تدخلوا، لكن هذه المرة سننجح.”
لكن وجه أرييل ما لبث أن كساه القلق حين تذكّرت أمرًا ما.
كانت قد علمت مؤخرًا من أس أن ادعاء القديسة يوري بأن إيف إستيلّا ساحرة… لم يكن كذبًا بل حقيقة.
“وماذا سنفعل بشأن تلك الساحرة؟“
ابتسم أس ابتسامة طفولية، وبدت على وجهه براءة مصطنعة:
“لا تقلقي، لديّ خطة لها أيضًا. فقط انتظري قليلاً.”
* * *
منذ أن أنهت حديثها مع الدوق في مكتبه، لم تتمكن إيف من مغادرة القصر حتى غروب الشمس.
انتظرت في صالة الضيوف حتى المساء، حيث أخيرًا ظهر باليريان. رأته من النافذة، وهو يدخل القصر، وتحت ضوء الغروب، كان على وجهه ظلّ ثقيل.
لكن ما إن لمح إيف في صالة الاستقبال، حتى تلاشت تلك الظلال من وجهه وكأنه لم يكن.
“إيف…”
نطق باسمها بابتسامة دافئة، لكن ما إن رأت نظرة الحزن الخفي تمرّ سريعًا على وجهه، حتى عضّت على شفتيها.
عادت إلى ذهنها كلمات الدوق:
“باليريان سيعاني كثيرًا.”
‘ماذا كان يقصد بكلامه؟‘
“في وضعٍ كهذا، حيث يعرف ولي العهد سرك، ألا تتساءلين لماذا ما زلت حرة طليقة؟“
‘لا يمكن أن يكون… باليريان هو من…’
عجزت عن رفع رأسها.
“أنا آسفة يا ريان…”
ردّ عليها بضحكة خفيفة وهو يقول مداعبًا:
“إيف، لا تخبئين عني سرًّا آخر، أليس كذلك؟“
قالت بصوت متهدّج:
“كل شيء… فقط… كل شيء.”
لحظة صمت.
وقد فهم ما تعنيه، إذ توقّف نظره لوهلة. ثم أمسك بيدها بحنان، وفورًا أحاط بها دفء مألوف من قواه الخاصة، مما جعلها تنظر إليه بدهشة.
فمن العجيب كيف أن هذا الدفء وحده، نجح في تهدئة قلبها القَلِق.
كان ينظر إليها ويبتسم بسعادة خالصة.
“حقًا، لا تقلقي. لا شيء يدعو للقلق.”
كانت ملامحه تقول إنه يكتفي فقط برؤيتها أمامه.
“أنا سعيد للغاية فقط لأنني أراكِ يا إيف.”
كذب.
كادت تلك الكلمة تفلت من بين شفتيها، لكنها كتمتها في قلبها.
رغم ابتسامته المصطنعة، أدركت إيف التي تعرفه جيدًا الحقيقة فورًا. في عينيه الزرقاوين عتمةٌ لا تخطئها العين.
بلا شك، هو في موقف صعب… وكل ذلك بسببها.
تذكرت كلمات الدوق، وهمّت أن تقول شيئًا، لكنها سكتت.
فما الجدوى؟ هذا العبء ليس مما يمكنها وحدها أن تحلّه…
لكن، لا…
ربما…!
لمعت في عينيها فكرة.
إن كانت تلك القوة التي استخدمتها لقتل ليليث قادرة على قتل الشياطين أيضًا، ألا يجدر بها أن تحاول؟! لعلّها تمنع المزيد من الضحايا الأبرياء، مثل آرون.
ثمّة دافع أكبر أيضًا.
استمرار هذه الفوضى خطر كبير.
وهي تعلم أن زافيير قد كشف بالفعل أنها ساحرة.
وإن كان هو من سيجلس يومًا على العرش، فهذه المعرفة تمثّل تهديدًا وجوديًا لها.
طبيعته الحذرة لا تسمح له بتجاهل الأمر طويلًا، وإن ساءت الأمور أكثر، فقد لا يتردد في سجنها.
والأدهى… أنه حتى الآن لم يُظهر أي رد فعل. وذلك ما يثير القلق.
‘ربما عليّ أن أتصرف بنفسي… وأن أقتل الشياطين بيدي.’
لو اختفت حوادث الاختفاء في العاصمة، فلن يُساء فهمها بعد اليوم، ولن يضطر باليريان لتحمّل كل هذا لأجلها.
وهكذا، عقدت العزم.
وفي تلك الليلة، تسللت إيف خفية من القصر.
‘هاه… كنت أظن اتخاذ القرار هو الجزء الأصعب، لكن يبدو أن التنفيذ أكثر صعوبة.’
المشكلة الأولى كانت الخروج من القصر دون أن يراها أحد.
منذ أن ادّعت كذبًا أنها تعرضت لتهديد من الشياطين، أمر باليريان بتكثيف الحراسة حول قصر إستيلّا، فانتشر فرسان الكنيسة وفرسان دوقية لودفيغ في كل مكان، مما جعل التسلل أشبه بالمستحيل.
‘عليّ أن أشرح لاحقًا أن تلك الكذبة كانت ضرورية…’
كم كذبة أخبرتها لـ باليريان حتى الآن؟ لم تعد تحصي.
شعرت بوخز في ضميرها.
‘فقط هذه المرة… سأُنهي كل شيء، ثم أُخبر فاليريان الحقيقة.’
تمتمت لنفسها بصوت خافت. أشبه بوعد تقطعه على نفسها.
تحدث الجرائم عادة في الليل حتى الفجر، وغالبًا في شوارع العاصمة…
ولم يبدُ أن الشياطين يحاولون حتى إخفاء جرائمهم.
شدّت غطاء الرأس على وجهها أكثر، وبدأت تسير ببطء في شوارع العاصمة.
______
ترجمه: سـنو
واتباد (اضغط/ي):
@punnychanehe
واتباد الاحتياطي:
@punnychanehep
التعليقات لهذا الفصل " 76"