هل حلّ الصباح؟
عبستُ، وأنا أشعر بأشعّة الشمس تتسلّل من النافذة الواسعة.
لا أتذكّر حتى متى غفوت. لا بد أنني فقدتُ الوعي الليلة الماضية من الإرهاق.
ربما كان ذلك بسبب حركتي القوية قبل أن يتعافى جسدي تمامًا. كانت عضلاتي تؤلمني في كلّ مكان.
“آه.”
تأوّهتُ وتقلّبتُ. ثم شعرتُ بشيءٍ ثقيل. هاه، ما هذا؟
انفتحت عيناي فجأة.
وما استقبل عيني كان منظر لُــو نائمًا بسلامٍ بجانبي.
آه، صحيح.
بدأنا نتشارك الغرفة نفسها، ونتشارك السرير نفسه.
مرّ يومان فقط، لذا لم أعتد على ذلك بعد.
زممتُ شفتيّ، وأسندتُ وجهي على ذراعي واستلقيتُ على جانبي.
لمع شعره الذهبي بنعومةٍ تحت ضوء شمس الصباح.
انسدلت خصلات شعره الناعمة، التي بدت مغمورةً بأشعةٍ الشمس، بشكلٍ طبيعيٍّ على جبهته. غطّت رموشه الطويلة الكثيفة عينيه بهدوء، وارتجفت قليلاً مع كلّ نَفَس.
كانت ملامح وجهه حادّةً كجسمٍ منحوتٍ بإتقان.
رسمت شفتاه خطًّا أنعم من المعتاد، وتحتهما، انساب فكٌّ حادٌّ ورقبةٌ حادّةٌ برقّةٍ على ملاءات السرير.
كان ذلك تناقضًا صارخًا مع مظهره المُهندم عادةً.
شعره الأشعث قليلاً وتعابير وجهه المُسترخية جعلته تبدو أكثر إنسانيةً وراحة.
سيعود إلى مظهره المعتاد عندما يستيقظ، وسأعود أنا إلى أرض الواقع، لكن الآن، يبدو وكأن الزمن قد توقّف في هدوئه وسكونه هذا.
“حقًّا …”
تمتمتُ في نفسي.
“أنتَ وسيمٌ وأنتَ نائم.”
كنتُ جادّة.
لأن النظر إلى وجه لُــو النائم جعله يبدو ملائكيًّا بحق.
“ستكون وسيمًا جدًا وأنتَ مستيقظٌ أيضًا، لو تتوقف عن قول أشياء مزعجة.”
على سبيل المثال، أشياء مثل الشك بي.
لو لم تقل هذه الأشياء، لأحببتُكَ أكثر.
“هاه. هل من العدل أن تكون وسيمًا حتى وأنتَ نائم؟”
“شارل جميلةٌ دائمًا.”
“هذا صحيح … يا إلهي.”
نظرتُ بسرعةٍ إلى لُــو. رأيتُ عينيه لا تزالان مغمضتين، لكن ارتسمت ابتسامةٌ ماكرةٌ على شفتيه.
“هل أنتَ مستيقظ؟ منذ متى؟”
“منذ أن قلتِ أنني وسيم.”
ارتفعت حرارةٌ خفيفة على وجهي. لا، كنتُ أتحدّث مع نفسي فقط. لماذا تستمع إلى هذا؟
“إن كنتَ مستيقظًا، كان عليكِ قول ذلك.”
احمم، سعلتُ قليلاً وجلستُ منتصبة.
“لماذا تحاولين النهوض الآن؟ استلقي قليلًا.”
لكن شدّ لُــو جعلني أستلقي مجددًا على السرير.
ضحك لُــو، الذي رفع رأسه، بخفّةٍ وهو يغطّيني بالبطانية.
“لا بد أنكِ كنتِ متعبةً من الأمس.”
كانت ابتسامةً بدت شريرةً نوعًا ما.
ضيّقتُ عينيّ وحدّقتُ به.
“تعرف أنه إن سمع أحدهم هذا فسيجده غريبًا حقًا، أليس كذلك؟”
“ليجدوه غريبًا إذًا، لا بأس. نحن مخطوبان في النهاية.”
“هل تمانع في توضيح أنها خطوبةٌ مزيفة؟”
هزّ لُــو كتفيه ردًّا على ذلك.
بعد ذلك، نهض من السرير، لكن قميص النوم الذي كان يرتديه كان مفتوحًا قليلاً، كاشفًا عن صدره وعضلات بطنه. آه، حقًا.
“أحكِم ثيابكَ قليلًا. المنظر مُحرِج.”
“حقًا؟”
أمال لُــو رأسه ونظر إلى جسده.
“أعتقد أنه يبدو جميلًا.”
“طلبتُ منكَ أن تُغلِق أزراره.”
“يبدو أن مجرّد النظر إليه يشعركِ بالإثارة.”
هاها، ضحك لُــو، وهو يُعيد ترتيب رداءه الذي سقط ويُمسكه بإحكام. أخيرًا، أعدتُ نظري إليه الذي أشحتُه عنه.
“بالمناسبة، لديّ شيءٌ أريد أن أعرفه.”
نظرتُ إلى لُــو، المُستلقي على ظهره وذراعيه مُتقاطعتان.
“أقصد الوشم على بطنك. ما هذا؟ متى حصلتَ عليه؟”
“وشم؟”
رمش لُــو عدّة مرّات، ثم تنهّد وضحك مرّةً أخرى.
“إذا كنتِ تقصدين العلامة على بطني، فهي ليست وشمًا.”
“أوه، حقًا؟”
“نعم. على حدّ ذاكرتي، كانت لديّ منذ صغري.”
“أليس رئيس الكهنة هو مَن فعل ذلك؟”
“هذا مُستحيل.”
أجاب لُــو بحزم.
“كما تعلمين، لم يكن والدي بالتبنّي يُبالي بي إطلاقًا.”
“…..”
لم أعرف ماذا أقول.
بالطبع، كنتُ أعلم مُسبقًا أن رئيس الكهنة لم يُبالِ بأمر لُــو… وأنه عامله بتعالٍ، يُقارِب الإساءة.
ولكن كان هناك فرقٌ بين مجرّد معرفة المعلومة وسماعها مُباشَرةً من لُــو.
“أرى … فهمت.”
عدّل وضعيّته ورفع الجزء العلوي من جسده، مُراقبًا إيّاي.
“ردّ الفعل هذا أسوأ، شارل.”
ابتسم لي لُــو مُجددًا.
“في النهاية، هو مَن ربّاني، لذا لا أريد أن أتحدّث عنه بسوء.”
أومأتُ ببطء. ثم، شعرتُ بالحاجة لتغيير الموضوع، فسألتُ سؤالًا آخر.
“ماذا ستفعل اليوم؟”
“أحتاج أن أُبلِغ عن أحداث الأمس.”
“إلى المعبد؟”
“نعم.”
إذا ذهب إلى المعبد، سيُقابل جهة اتصالٍ سريّةٍ ستُبلِغ جارديان بالرسالة.
ربما سيُبلغ عن أحداث الأمس – حركة الإمدادات العسكرية المريبة داخل الإمبراطورية.
كنتُ متشوّقةً لمعرفة ما سيُبلغ عنه، لكن … عبستُ قليلًا.
“إذا ذهبنا معًا، سنثير الشكوك، أليس كذلك؟”
“بالتأكيد. لم يتصرّف أيٌّ منا كمتديّنٍ قط.”
إن ذهبنا نحن، الذين لم نُصلِّ قط، فجأةً إلى معبد معًا، لنظر إلينا الناس باستغراب.
إنه لأمرٌ مؤسف، لكن ليس بيدي حيلة.
أومأتُ برأسي.
“حسنًا. اعتنِ بنفسكَ إذًا.”
أومأ لُــو برأسه قليلًا، كما لو كان مُتفهّمًا، وسار إلى الحمام. ثم، فجأة، وكأنه تذكّر شيئًا واستدار قائلًا .
“ماذا عنكِ؟”
“أنا …”
استلقيتُ على السرير عمدًا، مُرخيةً نفسي.
“سأستلقي قليلًا ثم أتمشّى.”
ثم ابتسمتُ وقلتُ.
“هناك مكانٌ أريد رؤيته.”
يبدو أن الوقت قد حان لزيارة مقر كاتاكل بعد غيابٍ طويل.
* * *
هناك طرقٌ تؤدّي إلى مقر كاتاكل في جميع أنحاء الإمبراطورية.
أحدها هو البار الذي زرتُه سابقًا.
لكنه لا يفتح إلّا عند الفجر.
لذا، كان المكان الذي زرتُه اليوم هو مغسلة ملابس.
جيينغ-
بمجرّد أن فتحتُ باب المغسلة، سمعتُ أزيز تروس الماكينة.
كانت المغسلة مليئةً بآلاتٍ تستخدم بخارًا خاصًّا ومحاليل كيميائيةً لإزالة الأوساخ دون استخدام الماء.
كانت هذه الآلات تنظّف الملابس عالية الجودة بلطف – المخمل والجلد وما إلى ذلك – وغالبًا ما كانت تخدم خدم العائلات النبيلة.
لكن كان هناك آخرون يستخدمون هذه الآلات أكثر.
‘عملاءٌ مثلنا.’
كانت تُستخدَم لإزالة بقع الدم وغيرها من العلامات من الملابس.
ويينغ-
بعد أن ألقيتُ نظرةً خاطفةً على الآلات وهي تدور، اقتربتُ من المنضدة.
“أهلًا. هل ترغبين بغسل بعض الملابس؟”
رحّب بي الموظف بابتسامة. أومأتُ له برأسي قليلًا.
“لا، أبحث عن شيء.”
“ماذا تقصدين؟”
رفعتُ غطاء رداءي الذي كنتُ أرتديه وتحدثتُ.
“ثلاثة عشر.”
قبل أن أُنهي كلامي، اتّسعت عينا الموظف، ثم اصطنع ابتسامةً وأومأ برأسه.
“آه. هل تقصدين العنصر الثالث عشر؟ سأريكِ الداخل.”
بدا عليه بعض الدهشة.
بالطبع، شارل، العميلة الأكثر كرهًا في كاتاكل، لن تدخل المقرّ في وضح النهار.
لو كنتُ في ظروفٍ عادية، لكنتُ حذرةً وزرتُ المقرّ في غياب العملاء الآخرين.
لكن …
‘هذا ليس وقت القلق بشأن ذلك.’
وشعرتُ أيضًا أنني لستُ بحاجةٍ للقلق.
“يمكنكِ الدخول من هذا الباب.”
نزلتُ الدرج من الباب الصغير الذي أراه لي الموظف.
بعد أن تأكّدتُ من مغادرة الموظّف خلفي، نظرتُ إلى أسفل وتفقّدتُ جيبي الداخلي. ثم تذكّرتُ محادثتي مع داميان.
«تطلبين مني أن أصنع مسجّلًا صوتيًا…؟»
سأل داميان بتعبيرٍ من الحيرة.
«أين… ستستخدم هذا…؟»
هذا هو.
الأمر بسيطٌ جدًا.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات