آه.
أنا أموت.
تمتمتُ، لكن الكلمات لم تخرج. كانت جفوني ثقيلةً لدرجة أنني لم أستطع رفعها.
‘لماذا يحدث هذا؟’
حاولتُ تحريك أصابعي، لكن جسدي كلّه شعر بالعجز.
شعرتُ وكأن عقلي مستيقظ، لكن جسدي لا يزال نائمًا.
‘لقد حدث هذا من قبل.’
لقد مررتُ بهذا عدّة مرّات، عندما أُصِبتُ في مَهمّات، لذلك لم أكن قلقةً للغاية.
لذلك أرخيتُ جسدي وهدّأتُ أنفاسي.
‘ظننتُ أنني سأموت.’
عندما رميتُ القنبلة في البحيرة وقفزتُ، ظننتُ حقًا أنني قد أموت.
لكنني كنتُ محظوظة.
نعم.
نجا الناس، ونجوتُ أيضًا.
عندما تذكّرتُ هذا، شعر عقلي بالراحة فجأة.
‘بالطبع، مجرّد التفكير في الرعب نفسه الذي أصابني يُغضبني.’
هل يمكن أن يكون ذلك من فعل كاتاكل؟
نعم.
كان من فعل كاتاكل.
في الماضي، أراني بايلور مستودع أسلحة كاتاكل.
‘القنبلة التي رأيتُها آنذاك كانت مشابهةً لهذه.’
بالنظر إلى هذا، وحقيقة أن بينكي أخبرتني عن الهجوم الإرهابي وأن منطقة كبار الشخصيات كانت مليئةً بنبلاء الإمبراطورية، كانت الإجابة واضحة.
كاتاكل هو مَن دبّر الهجوم.
لم أتسائل حتى عن السبب.
لأنني أعرف السبب بالفعل.
‘ربما يحاول أن يُمضي قدمًا حتى النهاية.’
من المرجّح أن بايلور ينوي قتل جميع نبلاء الإمبراطورية، والإطاحة بالعائلة الإمبراطورية دون أيّ معارضة، ثم اعتلاء العرش بنجاحٍ باهر.
‘منذ متى كان جشعًا للسلطة؟’
ما هي السلطة بالضبط، حتى تستحق سفك دماء الناس للحصول عليها؟
لم أستطع فهم ذلك.
‘عليّ أن أوقفه.’
إذا تركنا هذا الأمر وشأنه، سيتأذّى الكثيرون. لا، بل الأسوأ من ذلك، سيموتون.
أشخاصٌ لم يرتكبوا أيّ خطأ، أبرياء.
‘لا.’
خلال فترة فقري، لم يكن لديّ والدان.
هذا يعني أنني وعيتُ فجأةً ذات يومٍ لأجد نفسي طفلةً في الشارع.
لم أكن أعرف مَن هما والداي الحقيقيان، ولم أكن أعرف سبب وجودي هناك.
لكن كان الخبر السارّ بالنسبة لي أن هناك العديد من الأطفال مثلي في الشوارع.
أطفالٌ بلا آباء مثلي.
بفضلهم، تمكّنتُ بطريقةٍ ما من البقاء على قيد الحياة، وتجاوزتُ كلّ يوم.
لكن لم ينجُ أحدٌ منهم.
ماتوا من الجوع، من البلل تحت المطر، من سرقة الخبز، من دهس عربةٍ أثناء المشي …
هل كان هؤلاء الأطفال مذنبين؟
لا.
كانوا يحاولون ببساطةٍ البقاء على قيد الحياة. ومع ذلك، ماتوا.
كرهتُ هذه الحقيقة بشدّة.
هل لهذا السبب؟
أخشى الموت.
مع أنني كنتُ أعتقد أن موتي قد يحدث في أيّ لحظة، إلّا أن تقبّل موت شخصٍ آخر كان صعبًا للغاية.
لذا …
‘لا يمكنني ترك بايلور هكذا.’
أخذتُ نفسًا عميقًا آخر وتماسكتُ. شعرتُ أنني مضطرّةٌ للنهوض مهما كلّف الأمر.
‘تحرّك.’
تمتمتُ وأنا أُحرِّكُ أطراف أصابعي.
‘,تحرّك.’
ركّزتُ كل طاقتي على تحريك يدي.
وأخيرًا، انفتحت يدي فجأةً وأغلقتُ أصابعي.
“آه.”
مع حركة جسدي، فتحتُ عينيّ، وخرج صوتي.
“آغه، كان ذلك صعبًا جدًا.”
كان النهوض فورًا مُرهِقًا جدًا، لذلك استلقيتُ على جانبي. سأنهض حقًا عندما أشعر بتحسّنٍ قليل.
“على أيّ حال، لماذا لا يوجد أحدٌ في الغرفة؟”
ألا ينبغي أن يكون هناك شخصٌ واحدٌ على الأقل لرعاية المريض؟
كلُــو، ولُــو، ولُــو …
‘تسك.’
قلتَ إننا قريبان، لكنكَ الآن لن تعتني بي حتى؟
هاه.
انتظر وسترى.
سأفعل الشيء نفسه لكَ لاحقًا …
“شاران؟”
في تلك اللحظة، ظهر لُــو من الباب الذي فُتِح فجأة.
كاد أن يُسقِط المنشفة التي كان يحملها، لكنه بالكاد أمسكها مرّةً أخرى وهرع نحوي.
“هل أنتِ مستيقظة؟ هل استيقظتِ حقًا؟”
“آه. لقد استيقظت …؟”
كان من الغريب أن يسألني هذا، فقد كان من الواضح أنني قد استعدتُ وعيي بالفعل.
أملتُ رأسي، لكن لُــو ألقى بالأشياء التي كان يحملها على الطاولة وعانقني بشدّة.
“شاران!”
لا بد أنه تفاجأ لدرجة أنه ناداني ‘شاران’، بعد أن كان يناديني دائمًا ‘شارل’ هنا.
“إنه شارل.”
“هاه؟”
“هل اختلط عليكَ اسمي الآن؟ إنه شارل.”
في كلّ مرّةٍ يناديني لُــو بشاران، كان ينتابني شعورٌ بالذنب. أنا لستُ شاران. أنا أكذب عليه …
“نعم، شارل …”
ألقى لُــو، وكأن الاسم لا يهم، بالأشياء التي كان يحملها على الطاولة وعانقني بشدّة.
“مهلاً، مهلاً. لحظة. أعتقد أن لديّ كدمةٌ في ظهري. إنها تؤلمني.”
“آه، أنا آسف.”
أرخى لُــو قبضته عني بتردّدٍ وفحص وجهي بعناية.
“هل يؤلمكِ كثيرًا؟”
“ماذا؟ ظهري، حيث عانقتَني للتوّ؟”
“هذا صحيح، لكنني أشير أيضًا إلى أيّ أجزاءٍ أخرى من جسدكِ.”
قلبتُ عينيّ.
“لا، لا يؤلمني في أيّ مكان.”
“هاا…”
أسند لُــو جبهته على ذراعي وأطلق تنهيدةً طويلة. ثم فجأةً، رفع رأسه بفزع.
“سأستدعي الطبيب.”
“لا، لا. أعتقد أنني سأنام مجددًا على أيّ حال.”
بالكاد تمكّنتُ من الإمساك بذراع لُــو وهو يحاول الخروح.
“أولًا، أخبرني كم مرّ من الوقت منذ استيقاظي. هل كان يومًا أم يومين؟”
“….”
لم يُجِب لُــو على سؤالي مباشرةً.
بدلًا من ذلك، نظر إليّ بتعبيرٍ مُضطرب.
لماذا؟
‘الآن وقد فكّرتُ في الأمر…’
حالة لُــو، التي لاحظتُها أخيرًا، لم تكن على ما يُرام.
كانوشعره، المُرتّب دائمًا، مُبعثرًا، قميصه مُلتوٍ، كما لو أنه زرّره خطأً. وبنطاله مُتجعّد.
كان لُــو لا يُضاهَى في النظافة دائمًا، فلماذا هو في هذه الحالة؟
صُدِمتُ لدرجة أنني لم أستطع إلّا أن أرمش.
“يومٌ أو يومان؟”
في تلك اللحظة، أجاب لُــو.
“لقد مرّ أسبوعان.”
ماذا؟
“لم تستيقظي منذ أسبوعين، شارل.”
“يا إلهي.”
تمتمتُ وفمي مفتوح.
“لا عجب. لذلك أشعر بتيبّسٍ في جسدي ولم أستطع التحرّك. بالطبع، ستيبّس بعد كلّ هذا الاستلقاء.”
“لا يعجبني أسلوبكِ في الحديث وكأنكِ تتحدّثين عن شخصٍ آخر.”
تسك. نقر لُــو بلسانه قليلًا ثم أمسك بذراعيّ وبدأ يدلّكها.
“سأطلب من الطبيب أن يصف لكِ دواءً يُحسّن الدورة الدموية. سيساعدكِ على التعافي بشكلٍ أسرع.”
“حسنًا، شكرًا لك. لكن لستَ مضطرًّا لتدليكي.”
“أُفضّل أن أفعل ذلك بنفسي.”
ردّ لو، واستمرّ في مداعبة ذراعي. شعرتُ بدغدغةٍ في ذراعي قليلاً، مما جعلني أشعر بغرابة.
“شارل.”
في تلك اللحظة، تابع لُــو.
“أنا سعيدٌ جدًا لأنكِ استيقظتِ.”
نظر إليّ، وعيناه غامضتان. بدت عليهما سعادةٌ لا تُوصف وحزنٌ عميق.
بطريقةٍ ما، شعرتُ بالغرابة، فأشحتُ نظري عنه.
“لماذا تقول هذا؟ لو رآكَ أحدهم، لظنّ أنكَ ستبكي لأنكَ افتقدتَني كثيرًا.”
“هذا صحيح.”
….. هاه؟
“اشتقتُ لشارل كثيرًا لدرجة أن كلّ يومٍ كان حزينًا وصعبًا عليّ.”
لماذا يأخذ النكات على محمل الجد؟ لعقتُ شفتيّ بجفاف.
“كفّ عن الكلام الفارغ وأخبرني بما حدث بعد أن انهرت.”
“لا أفهم لماذا تعتقدين أنني أتحدّث هراءً.”
أخفض لُــو، الذي كان يدلّك ذراعي، يده. ثم شبك يديه بيدي.
“أنا جادّ، شارل.”
وضع يدينا المتشابكتين على خده. لامست حرارة جسده ظهر يدي.
“لقد افتقدتُ شارل حقًا، وكنتُ حزينًا جدًا.”
“…..”
امم.
رمشتُ عدّة مرّات.
لأنني لمأكن أعرف ماذا أقول.
بالطبع، أتفهّم قلقكَ عليّ …… لكن هذا قليلاً، أليس شيئًا يجب قوله بين الأصدقاء؟
‘أم أنه ليس كذلك؟ ربما، لا أعرف لأنني لا أملك أصدقاء.’
بينما كنتُ حائرةً في كيفية التصرّف، ضحك لُــو بخفوت.
“شارل.”
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات