كان لُــو يحتسي الشاي، جالسًا على الأريكة المقابلة لغرفة القياس.
استغرقت تجربة فستان الزفاف وقتًا طويلًا، لذا أحضر معه الكتاب الذي كان يقرأه ليقضي بعض الوقت.
فتح الكتاب تلقائيًا، لكن الغريب أنه لم يستطع التركيز على محتواه.
لماذا؟
رفرف لُــو برموشه الطويلة وفكّر للحظة.
‘لا بد أن شاران هي السبب.’
لأن شاران كانت الوحيد التي تزعجه.
أو بالأحرى، شاران هي الوحيدة التي سمح لها بإزعاجه.
‘شاران تتصرّف بغرابةٍ مؤخرًا.’
فجأة، بدأت بالتحقيق في سفينةٍ غريبةٍ في محاولةٍ لتعقّب موت ثيميس، وكان لديها صديقٌ اسمه أدريان، وكانت تخرج ليلًا بكثرةٍ مؤخرًا.
بالطبع، كان قد علم بـ’مَهمة جارديان السرية’ من محادثةٍ حديثة، لذا لم يشعر بأيّ غرابة.
‘لا أشعر بالارتياح.’
لا أعرف ما الأمر، لكن هناك شيءٌ يزعجني، تمتم لُــو، واضعًا يده على جبهته.
لكن ……
‘هذا ليس وقت التفكير في هذا.’
علينا أن نبدأ بالمَهمة التي بين أيدينا – العثور على الآثار – أولًا.
تمتم لُــو، محاولًا تبديد الأفكار المُقلقة التي كانت تخطر بباله.
ثم أغلق الكتاب تمامًا.
ثم أرجع رأسه للخلف، غارقًا تمامًا في الأريكة.
‘كاتاكل.’
تذكّر لُــو الرسالة التي أرسلها والده بالتبني، رئيس الكهنة.
[كاتاكل تلاحقك.
لا تدع هؤلاء المجرمين يشوّهون سمعتي.]
استغرق الأمر بعض الوقت لمعرفة ما هو كاتاكل، لأنه لم يشرحها له حتى.
على أيّ حال، علم أن كاتاكل منظمةٌ سريّةٌ تحمي الإمبراطورية من الظلال، وأنهم يستهدفونه.
‘لماذا؟’
تساءل عن السبب.
بصفتي عميلًا أواجه الموت حتمًا، كنتُ مستعدًا لمجيئ مَنيّتي يومًا ما، ولكن ألن يكون من الظلم أن أموت دون معرفة السبب؟
على الأقل أردتُ أن أعرف سبب موتي.
لذلك بذل لُــو قصارى جهده للحصول على معلومات، لكنه لم يجد شيئًا.
‘ثم تعرّضتُ لحادثٍ مع شاران.’
لا يزال التفكير في ذلك يؤلمه.
شعرت شاران بالقلق، معتقدةً أنه أُصيب بسببها، لكن لُــو اعتقد أيضًا أن شاران تورّطت في الحادث بسببه هو.
لذا، شعر بالأسف على شاران. شعر بالذنب، ومع ذلك كان ممتنًّا.
‘مع كلّ ذلك، يبدو أنني بالغتُ في مزاحي مع شاران.’
ماذا عساي أن أفعل حيال ردّة فعلها اللطيفة؟
تذكّر لُــو المرّة التي أطعمته فيها شاران بنظرةٍ صارمة.
‘لطيفةٌ جدًا.’
حتى مع التفكير في الماضي، ما زالت لطيفةً جدًا. ضحك ضحكةً خفيفةً وأدار رأسه.
‘سأكتشف لاحقًا…’
تمتم في نفسه.
‘مكان الأثر وأمر كاتاكل، ربما؟’
الأول كان شبه مستحيل.
لقد التقى بعددٍ لا يحصى من النبلاء، محاولًا جمع المعلومات منهم، لكن جميع اللقاءات فشلت. لم يعرفوا شيئًا.
‘حتى لو كان فصيل الإمبراطور لا يعرف…’
احتمالٌ كان قد دفنه عميقًا، معتقدًا أنه مستحيل، عاد إلى الظهور.
‘يبدو العائلة الإمبراطورية لا تعرف مكان الأثر.’
ضغط لُــو بلسانه على اللحم داخل فمه وخفض عينيه.
‘للتأكد، يبدو أنني سأضطرّ للتسلّل إلى العائلة الإمبراطورية؟’
الآثار وكاتاكل.
كانت هذه هي الطريقة الأكثر فعاليةً للحصول على كلتا المعلومتين. بالطبع، كان ذلك يعني أيضًا مخاطرةً أكبر.
أعتقد أنني سأضطرّ لطلب تعزيزات، تمتم، متابعًا أفكاره.
فجأة، خطر بباله ما قالته شاران.
«قلتَ إنكَ تحبّني رغم كرهكَ لي.»
«هل هذا ما تشعر به تجاه صديق؟»
حسنًا، لا أعرف. هل هذا حقًا ما تشعر به تجاه صديق؟
بما أنني لم أملك صديقًا من قبل قط، فليس لديّ أيّ فكرةٍ عن نوع المشاعر التي يجب أن تكنّها تجاه صديق.
لكن شاران لطالما كانت صعبة الفهم عليّ.
على عكسي، كانت مشرقةً كالشمس، وبينما كنتُ أشعر بالغيرة، كنتُ أرغب في التقرّب منها.
حتى لو احترقتُ في نورها، ما زلتُ أرغب في أن أكون معها ولو لمرّةٍ واحدة ……
هل هذا الشعور، هذا القلب، هو حقًا ما يعنيه الاهتمام بصديق؟
هل يُمكنني تعريف علاقتي بشاران بالصداقة فقط؟
بدلًا من الصداقة …….
هزّ لُــو رأسه فجأةً، قاطعًا أفكاره.
لا، نحن صديقان. يجب أن نكون صديقين. لا ينبغي أن أشعر تجاهها بأكثر من ذلك. الآن، عليّ التركيز على مَهمتي.
أعاد لُــو غرّتَهُ للخلف واستعاد رباطة جأشه.
كان في تلك.
“العروس جاهزة!”
صرخت الموظفة، فعاد لُــو إلى رشده. انتصب من مكانه حيث كان متّكئًا على الأريكة بأريحية.
“يمكنكما مناقشة الأمر معًا ثم أخبِراني بقراركما.”
بينما خرجت الموظفة من غرفة القياس، انفتح الستار الفاصل بين الغرفة والأريكة.
ثم ظهرت شاران.
كان للفستان الأبيض الباهر بريقٌ رقيق، كما لو كان مغمورًا بضوء القمر.
كشف تصميم الكتفين المكشوفين عن أكتاف شاران الناعمة وترقوةٍ نحيلة.
انسدلت الأكمام الشبكية بخفّةٍ على ساعديها، عانق الفسنات خصرها وانساب إلى تنورتها.
كانت التنورة، التي انفتحت ببذخ، مزيّنةً بتطريزٍ وردي، كلّ غُرزةٍ مطرّزةٍ على حدّة، تتلاشى وتتناثر.
“…كيف أبدو؟”
سألت شاران لُــو، وقد بدت عليها علامات الحرج.
لكن لُــو لم يستطع الإجابة.
هل كانت شاران بهذا الجمال بالفعل؟
لا، كنتُ أعرف أنها جميلة، ولكن هل كانت بهذا الجمال منذ البداية؟
لطالما كانت شاران كسيفٍ مغروسٍ في ساحة المعركة.
لكن الآن، في هذه اللحظة، بدت كزهرةٍ بيضاء نقيّةٍ ملفوفةٍ في ثوبٍ أبيض.
“لُــو؟”
نهض لُــو ببطء.
على عكس نهوضه، كانت خطواته نحو شاران سريعة.
لم يكن هذا فعلًا واعيًا. اقترب من شاران غريزيًا، دون إدراك.
وعانقها.
ضمّها لُــو إلى صدره، وأغمض عينيه بقوّة.
شعرتُ أن قلبي سينفجر إذا واصلتُ النظر إلى شاران هكذا. لهذا السبب عانقتُها.
ومع ذلك، مع هذا الجسد الصغير الذي يضغط عليّ، شعرتُ أن قلبي سينفجر أكثر.
“لا. سألتُكَ كيف أبدة، فلماذا تعانقني؟”
أطلّت شاران من فوق كتفه وتحدّثت. عانقها لُــو بقوّةٍ مرّةً أخرى دون أن ينبس ببنت شفّة.
“حقًا.”
همس لُــو، وهو يدفن وجهه في كتف شاران.
“أريد الزواج حقًا.”
* * *
إذا اعتبرتُ هذا عرض زواج، فسأكون قد بالغتُ نوعًا ما.
بلعتُ ريقي بصعوبةٍ ودفعتُ صدر لُــو ببطء.
“إذن، هل أرتدي هذا للزفاف؟”
حدّق بي لُــو بدلًا من أن يُجيب.
أملتُ رأسي، كان تعبيره غامضًا، إذ لم أستطع قراءة أفكاره.
“بحقك. أجبني. هل نأخذ هذا أم لا؟”
“… نعم.”
بعد صمتٍ طويل، نبس لُــو بخفوت.
“لنأخذه.”
ثم دفن وجهه في كتفي مجددًا.
“هذا هو. علينا أن نأخذ هذا.”
تساءلتُ لماذا يتصرّف هكذا، لكنني لم أُبعِده مجددًا.
عناقٌ كهذا بين الأصدقاء مقبولٌ على الأرجح، أليس كذلك؟
ربما، على الأرجح.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات