“اشتقتُ إليك.”
كما هو الحال دائمًا، عانقني أدريان بمجرّد أن رآني.
كان العطر المنعش المنبعث من صدره الذي لمس خدي قويًا بما يكفي لمحو رائحة الدماء المتدفقة تمامًا.
لا، لا.
دفعتُ أدريان بعيدًا بسرعة واستعدتُ وعيي.
“الوقت ليس مناسبًا لمشاركة فرحة اللقاء. ما هذا؟ لماذا قتلتَ ثيميس فجأة؟”
عند سؤالي، رمشت عينا أدريان عدّة مرّات.
أمال رأسه جانبًا، ممّا جعل خصلات شعره الفضية تتدفّق على خده الشاحب.
النظر إلى شعره المتلألئ كالنجوم يجعلني أشعر بالسلام في زاويةٍ من قلبي.
لكن على النقيض من ذلك، جعلتني عيناه السوداوتان كظلام الليل أشعر بعدم الارتياح.
النور والظلام.
كان أدريان متناقضًا بحمله كِلا الصفتين في آنٍ واحد.
“يبدو أنكِ لم تفتقديني يا شارل. بدأتِ بالحديث عن العمل فورًا.”
تجعّد حاجبيّ لا إراديًا.
كان أدريان شخصًا غريبًا يبدو وكأنه هناك شيءٌ خاطئٌ فيه في مكانٍ ما.
على الرغم من وجود جثّةٍ أمامه، أن يتحدّث عن الاشتياق هكذا … تنهدتُ بينما وضعتُ يدي على جبيني.
“لو التقينا في مقهى لبادلتُكَ التحية. لكنكَ الآن قتلتَ شخصًا أمام عينيّ، ألا يجب أن نبدأ بالحديث عن هذا أولاً؟”
ضاقت عينا أدريان قليلاً.
“أفعل هذا منذ أكثر من يومٍ أو يومين. ألم تعتادي بعد، أم أن الإقامة في المدينة المقدّسة جعلتكِ متراخية؟”
“… هذا يكفي. لنتوقّف عن الكلام عن هذا.”
الاستمرار في الحديث مع أدريان يجعلني أشعر وكأنني أصبحتُ شخصًا غريبًا.
وكأن أدريان لم يرتكب أيّ خطأ، وكأنني أنا المخطئة لتنبيهي إليه.
شعرتُ أنه لا ينبغي أن أعلّق في هذا الجو بعد الآن، لذلك فتحتُ فمي بسرعة.
“لماذا قتلته؟”
“همم؟”
“كان من الممكن أن يمتلك معلوماتٍ عن الأثر المقدس، لماذا قتلته؟”
“هل جارديان قالوا ذلك؟ أن ثيميس لديه معلوماتٍ عن الأثر المقدّس؟”
غطّى أدريان فمه بيده وضحك.
“يسعدني أن يعتقد الجارديان ذلك. هذا ما أردتُه.”
ثم لمس ثيميس الممدّد على الأرض بأطراف أصابعه.
تدحرج جسد ثيميس الذي فارقته الحياة بلا حولٍ ولا قوّة
لقد رأيتُ الجثث عدّة مرّاتٍ خلال مهامي، لكنني لم أعتد عليها قط في كلّ مرّةٍ أراها. عبستُ وأدرتُ وجهي بعيدًا.
“إنه لا تعرف شيئًا عن الأثر المقدّس.”
لحسن الحظ، لم يلاحظ أدريان ردّ فعلي الجسدي واستمر.
“فقط نصبنا فخًّا لمعرفة مَن يحفر خلف ظهر أبي للعثور على الأثر المقدّس. سرّبتُ معلوماتٍ مختلفةٍ لكل قائد فريق، لكن لو كان ثيميس …”
غرقت عينا أدريان السوداوان فجأةً في العمق.
“إذن فهو هنري.”
“……”
“ماذا؟ هل كنتِ تعرفين ذلك؟”
والحقيقة أن قائد الفريق هنري هو مَن عصى الأوامر.
لكن لم تكن هناك حاجةٌ للاعتراف بذلك.
إذا فعلت، سيسألني لماذا لم أُبلِغ عن الأمر إذا كنتُ على علمٍ به، وسيصبح الأمر مزعجًا.
“لم يمضِ أسبوعٌ حتى على عودتي للإمبراطورية. كيف كنتُ لأعرف؟”
“همم. صحيح.”
ظهر على أدريان تعبيرٌ غير مقتنع، لكنه أومأ في النهاية.
حاولتُ ألّا أنظر إلى ثيميس وركّزتُ نظري على أدريان.
“إنه فخ، نعم، فهمتُ ذلك. ثيميس لا يعرف شيئًا عن الأثر وقد تم استُخدامه فقط.”
رفعتُ عيني قليلاً وقلتُ.
“لكن لم يكن هناك داعٍ لقتله.”
أنا أكره الموت.
أكره أن أموت، وأكره أن يموت الآخرون. وأتمنى ألّا يموت أحدٌ خطأً.
إنه ليس شيئًا أفعله، أنا جاسوسة النخبة في كاتاكل التي ترتكب أفعالاً شريرة … ومع ذلك، أتمنّى أن يعيش الناس.
لهذا لم يُكشَف أمري خلال عملياتي كجاسوسة.
إذا تم اكتشاف هويتي، إما سأموت أو سأضطر لقتل الطرف الآخر، لذا كان إخفاء هويتي هو الأولوية القصوى بالنسبة لي.
لكن …
هذا القرار هو قراري ‘أنا’ فقط.
إن منظمة كاتاكل، بل وكلّ المنظمات التي تتحرّك للمصلحة، تستسهل القتل.
“كان هناك سببٌ يستدعي قتله.”
تمامًا كما هو الحال الآن.
تنهّدتُ ورددتُ على سلوك أدريان غير المبالي.
“لا يوجد أحدٌ في العالم لديه سببٌ للموت.”
“قد يكون هذا صحيحًا. ولكن.”
اقترب أدريان خطوةً ولمس خدي.
“قتله كان بأمرٍ من والدي.”
“……”
“لن تعارضي والدي بالتأكيد، أليس كذلك؟”
جفُّ حلقي.
بايلر، والد أدريان وقائد كاتاكل، هو الشخص الوحيد الذي أنقذني واعترف بي.
وأنا قتلتُ ابنة هذا الشخص.
“أنا …”
بعد تلك الحادثة، لم أعد أتحرّك بدافع الاحترام والولاء لبايلر. لا، بل لم أستطع فعل ذلك.
ما أصبحتُ أشعر به تجاه بايلر هو الذنب فقط.
لذا يجب أن أطيع أوامر بايلر.
لا أستطيع أن أعصي أوامر الرجل الذي سلبتُ منه ما هو ثمين.
“… إذا كان أمر القائد، فلا أستطيع فعل شيء. حسنًا.”
“شارل الطيبة.”
ابتسم أدريان وربّت على رأسي.
“سأُخبركِ سرًّا.”
استمر في الحديث وهو ينظر مباشرة في عينيّ.
“لا تُعرقِلي عملنا.”
أملتُ رأسي. يستحيل أن أعيق عمل كاتاكل، أنا من بين كلّ الناس.
“ماذا تعني …”
“الدبور.”
لكن عينيّ اتسعتا فور سماع الإجابة.
يقصد الدبور العملاق الذي اقتحم منزل كونت فلوريا.
كنتُ أتساءل عن ظهور الدبور العملاق في غير موطنه، لكنه كان من عمل كاتاكل.
ارتجفت جفوني لا إراديًا.
“هل كان هذا من فِعل كاتاكل؟”
“لكي نكون أكثر دقّة، من فِعلي أنا.”
“لا، لماذا؟ لماذا فعلتَ ذلك؟”
ابتسم أدريان ابتسامةً عريضة.
“لا يمكنني إخباركِ.”
أمال وجهه نحوي وهمس.
“سيحدث الكثير من هذا في المستقبل. لذا يا شارل، لا تتدخلي.”
كانت أنفاسه التي لمست شحمة أذني باردة وقاسية كما العادة.
“تظاهري بعدم المعرفة.”
ما هذا…! بينما كنتُ أحاول الاستفسار أكثر، شعرتُ بحضورٍ غير بعيد. واحد، اثنان … لا، عدّة أشخاص.
“أوه. هل كان صوت الرصاصة عاليًا جدًا؟”
كانوا على الأرجح جنود منزل المركيز ولـو هم الذين سمعوا صوت إطلاق النار وأسرعوا إلى هنا.
نظرتُ بالتناوب بين أدريان وثيميس الممدّد على الأرض.
وأخيرًا ابتسم أدريان وأخرج خنجرًا.
“تعرفين ما يجب عليكِ فعله، صحيح؟”
أومأ برأسه، وأشار بالخنجر نحوي، فخفضتُ عينيّ مستسلمة.
“أراكِ قريبًا. أحبّكِ.”
قبّل أدريان جبيني بينما كان الخنجر ما زال موجهًا نحوي.
* * *
“هناك دخلاء!”
“يجب عليكم القبض عليهم أحياء!”
ركض لــو مع جنود منزل الماركيز بجنونٍ داخل الغابة.
عندما دخلت شاران الغابة مع ثيميس في البداية، لم يكن قلقًا.
كان لــو يعرف شاران جيدًا، ستكون قادرةً على حماية ثيميس أثناء إخفاء جسده بشكلٍ كافٍ.
لكن.
بانج!
بعد وقتٍ قصير، انطلقت رصاصةٌ أخرى، وانتشرت رائحة الدم في الهواء.
هل أصيبت شارل بأذًى؟
بمجرّد أن خطر له هذا الأمر، أصبحت يداه رطبتين. كان يتعرّق كثيرًا لدرجة أنه وجد صعوبةً في الإمساك بالمسدس.
كانت هذه المرّة الأولى في حياته التي يشعر فيها بهذا التوتر.
لذا، بمجرّد وصول جنود منزل الماركيز، اندفع داخل الغابة دون أن ينظر إلى الوراء.
لإيجاد شارل.
ليتأكّد من رؤيته
ا بأمّ عينيه بصحةٍ وعافية.
طان في تلك اللحظة.
“آه …”
سمع صوت أنينٍ خافت.
أدار لــو فجأةً جسده غريزيًا وركض نحو مصدر الصوت.
رأى شارل جالسةً على الأرض.
“شارل!”
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل "12"