كان ثيميس شابًا.
لكن مع شعره الأبيض المتفرّق ولحيته غير المهذّبة وقميصه المتجعّد، بدا وكأنه شخصٌ لا يهتم كثيرًا بمظهره.
‘شخصٌ متشردٌ مثله يعرف معلوماتٍ عن الأثر المقدس؟’
كان الأمر صعب التصديق، لكنها معلوماتٍ مؤكدةٍ من كلٍّ من جارديان وكاتاكل.
لذا كان عليّ مقابلته والتحدث معه أولًا.
‘بالطبع لن أقول الحقيقة من البداية.’
لكن هناك طرقًا عديدة لجعله يتكلم.
تسارعت خطواتي وأنا أتخيل الخنجر والمسدس المعلّقين على فخذي.
كانت حديقة القصر متصلةً بالغابة، وكان ثيميس يتّجه نحوها.
وكأنه يبحث عن مكانٍ منعزل.
اختبأتُ خلف جدارٍ مع الحفاظ على مسافةٍ بيني وبينه.
إذا كان سيلتقي بأحد، فعليّ رؤية مَن هو.
ششش.
حبست أنفاسي واستندتُ إلى الجدار.
وفي تلك اللحظة …
“كنتِ هنا؟”
ظهر لـو فجأةً بجانبي.
كنتُ أعتقد أنني سأحصل على المعلومات من ثيميس قبل لـو.
‘لماذا أتيتَ بهذه السرعة؟’
كنتُ مندهشةً بعض الشيء، لكنني تصرّفتُ وكأن الأمر طبيعي.
“تأخّرت.”
كما لو كنتُ أتوقع أن يتبعني لـو منذ البداية.
“اضطررتُ لأن الماركيزة تدخّلت وأوقفتني.”
“يمكنني تحيّتها لاحقًا، أليس كذلك؟”
“نعم، لقد اخترعتُ عذرًا مناسبًا، فلا بأس.”
أثناء إجابته، كان لـو يراقب ثيميس.
كان ثيميس يتجوّل بيديه خلف ظهره بين الحديقة وطريق الغابة. وكأنه ينتظر أحدًا.
“هل لديه موعد؟”
“إن لم يكن كذلك، فما الذي سيأتي به إلى هذا المكان المنعزل؟”
“همم. مَن يريد مقابلته؟”
حقًا. أنا أيضًا فضولية. كنتُ أريد أن أعرف وحدي.
تسك. كنتُ على وشك الانفعال عندما حدث ذلك.
“…ها؟”
شعرتُ بغرابةٍ في الهواء الذي لامس أنفي.
جوٌّ مشحونٌ بتوترٍ غريب.
شعرتُ بهذا الإحساس من قبل. عندما اخترقت رصاصة قناصٍ جسد أزميرالدا في الماضي … ذلك الجو.
هذا بالتأكيد…
“انتبه!”
بانغ!
انطلق صوت طلقة.
وفي نفس اللحظة، سقط ثيميس.
“آه، تبًا!”
أسرعتُ نحوه، لكن طلقةً أخرى انطلقت بسرعةٍ أكبر.
بانغ!
لكن لحسن الحظ، لم تُصِب جسده.
شواك!
انزلقتُ لأوقف أمام ثيميس وفحصتُ جسده بسرعة.
“آه، آه… هذا مؤلم! يؤلمني!”
فوو، الحمد لله.
لقد أصيب فقط في كتفه. إذا أوقفنا النزيف، فلن تكون هناك مشكلة كبيرة.
“آه، دواء! أحضِروا الدواء!”
“تتذمّر من هذا؟ ابقَ ساكنًا قليلًا.”
أمسكتُ بذراعه السليمة وسندته.
“لـو!”
قبل أن أنهي كلامي، كان لـو قد أطلق النار في الهواء بمسدسه.
بانغ! بانغ!
بعد إطلاقه طلقاتٍ تحذيرية، أصدر تعليماته.
“احمِ ثيميس أولًا!”
لا حاجة لأن تقول ذلك.
للخروج من مرمى القناص، كان علينا الاختباء خلف حاجزٍ والتحرك.
لكن هذه حديقة.
لم يكن هناك مكانٌ للاختباء.
ما تبقى كان…
‘الغابة.’
هربتُ بثيميس إلى الغابة.
طوال ذلك الوقت، كان ثيميس يتمتم.
“إنه مؤلم… مؤلمٌ جدًا…”
كم يبالغ في التذمّر.
حتى عندما اخترقتني رصاصة في ذروة صغري، تحرّكتُ بشكلٍ طبيعي.
“تحمّل قليلًا. سنوقف النزيف فورًا بمجرّد أن نختفي.”
رفع ثيميس جفنه بنظرةٍ غريبة.
“مَن… أنتِ؟”
“لا شأن لكَ بذلك.”
رفضتُ سؤاله وواصلتُ السير.
عندما دخلنا بعمقٍ كافٍ في الغابة، وجدنا بقعةً مناسبةً للاختباء.
أسنته إلى صخرةٍ ومزّقتُ قميصه.
“أليس من المفترض في هذه المواقف أن تمزّقي فستانكِ …؟”
“آه، هذه ثيابٌ جديدة.”
لماذا أمزّق ثيابي؟ لديه ثيابه.
“سيكون مؤلمًا قليلًا.”
“آههه!”
ضغطتُ على كتفه لوقف النزيف ولففتُ القماش الممزّق حول الجُرح.
“مؤلمٌ جدًا!”
قاوم ثيميس، لكنني تجاهلته. كان عليّ إنقاذه أولًا.
“فوو.”
بعد إيقاف النزيف، فحصتُ جسده مرّةً أخرى. يبدو أنه لم يُصَب في أيّ مكانٍ آخر.
“إذن.”
استمعتُ إلى أنفاسه التي هدأت وسألتُه.
“مَن هو؟”
“مـ …ماذا؟”
“قُل لي مَن هاجمك.”
هز رأسه وهو شاحب.
“لا أعرف… كيف لي أن أعرف…؟”
بدا ثيميس مذعورًا.
هذا طبيعي.
فقد كاد أن يموت للتوّ.
لكن هذا لا يعنيني.
“إذن مَن الذي كنتَ ستقابله هناك؟”
التقت عيناه الفارغتان بي أخيرًا.
“لماذا… يجب أن أجيب؟”
انظر إليه.
ابتسمتُ ووضعتُ قدمي عليه.
“آه!”
“ألا تعرف أن حياتكَ بين يدي الآن؟”
“هذا…!”
عضّ شفتيه بقلق.
“إذا أردتَ الموت، استمرّ في الصمت. في الحقيقة، قتلكَ أسهل لي.”
قرّرتُ أن أضغط عليه، فوضعتُ إصبعي على الزناد.
بالطبع، هذا خداع. أنا لا أقتل الناس.
لكن ثيميس لا يعرف ذلك.
“آه! انتظري! توقفي! سأخبركِ!”
يبدو أنه لم يتعرّض للتهديد من قبل، فاستسلم بسرعة.
هذا جيد.
“كـ… كنتُ سأقابل عميلًا من كاتاكل.”
قال ذلك بتقطع.
إنه يعرف عن كاتاكل. لا أستطيع إلّا أن أعبس.
“كا… كاتاكل هي منظمة سرية للإمبراطورية… قدّمها لي صاحب السمو ولي العهد. آه. لذلك كنتُ سأقابلهم.”
ولي العهد أفشى السر؟
“يا له من أحمق.”
سألتُه مرّةً أخرى.
“لماذا كنتَ ستقابلهم؟”
ابتلع ثيميس ريقه وأجاب ببطء.
“لأخبرهم عن… طريق توزيع الأورا المعدّلة…”
“الأورا المعدّلة؟”
أغمضتُ عيني وسألتُه.
“نـ… نعم. إنها مثل جرعة… لكنها ليست لي. كان يجب مناقشة الأمر فقط.”
كاتاكل تنوي توزيع جرعات؟
هذا ليس لمصلحة الإمبراطورية… لماذا؟
“قـ… قلتُ كلّ شيء! لا تقتليني! لا تقتليني!”
صرخ ثيميس وهو يرتجف. إذا علم لـو بهذه المعلومات، فسيتعقّب كاتاكل.
الأصح هو قتل ثيميس الذي يعرف المعلومات.
لكن.
“لن أقتلك.”
بالتحديد، لا أستطيع قتلك.
لا أستطيع القتل.
لا أستطيع إنهاء حياة إنسان.
بينما كنتُ أفكر هكذا، رفعت قدمي والمسدس عنه.
في تلك اللحظة.
بانغ!
انطلقت طلقة قصيرة، وسقط ثيميس.
حدقتُ به وهو يسقط مثل دمية ماريونيت مقطوعة الخيط، ثم التفتُ بسرعة.
“…لـو؟”
خشيت أن يكون لـو قد تبعنا وسمع كل شيء.
لكن.
“أوه، عزيزتي شارل.”
مَن ظهر لم يكن لـو، بل شخصٌ آخر.
“تخلطين بيني وبين كلب الدولة المقدسة.”
إنه …
“لماذا تغضبينني؟”
أدريان.
ابن القائد والرجل الثاني في كاتاكل.
لقد ظهر.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل "11"