انتفض جفن كيم سول-ها حين لاحظ أن أطراف شعر يو أون-سول ما زالت مبتلة.
(قبل قليل قال لي كيم جو-كانغ إن عندي حِسًّا قويًا).
بل أضاف أنه أعطاني تلميحًا أيضًا.
ابتلعت سول-ها ريقها. لم يكن من قبيل الصدفة أن تتذكر تلك العبارة وردود أفعال جو-كانغ الغامضة.
في هذه الأثناء، أنزلت أون-سول سول-ها بحذر على سرير الغرفة.
قالت بخجل:
“آنسة، هل حدث شيء بينكِ وبين السيد جو-كانغ؟”
ترددت سول-ها. لو قالت الحقيقة قد تثير قلقها.
تأخرت بالإجابة، فارتسمت على وجه أون-سول ملامح القلق.
“لم يحدث شيء.”
قاطع ها دو-وون الحديث، فأخذت أون-سول نفسًا من الراحة.
حدّقت سول-ها فيه، فأومأ برأسه نافيًا، وكأنه يأمرها بألا تضيف شيئًا. فأغلقت فمها.
(لا بد أن شيئًا ما حصل… هذا ما سأسأله لدو-وون لاحقًا على انفراد).
بفضل كلمات ها دو-وون انتهى الموقف مؤقتًا.
“إذن لا بأس. عليكِ تناول الدواء، لذا الأفضل أن تبدئي بالطعام أولًا.”
أشارت أون-سول، فتقدّم دو-وون ووضع الصينية التي كان يحملها.
نظرت سول-ها إلى المائدة، وتعابيرها غدت غريبة:
أرز مسلوق خفيف مع طبقين جانبيين فقط.
وجبة متواضعة جعلت عينيها تضيقان.
“قولي لي يا أون-سول…”
“نعم؟”
“هل عائلة كِيم-رين التجارية مفلسة إلى هذا الحد؟”
اتسعت عينا أون-سول ثم هزّت رأسها بسرعة:
“لا يمكن أن يكون ذلك!”
“أم أنكم استثمرتم بشكل متهوّر واضطررتم لتقليص المصاريف؟”
ضحكت أون-سول ضحكة مرتبكة، وقد فهمت قصدها:
“أبدًا… فقط رأيت أنه من الأفضل أن تبقي على طعامٍ خفيف كونكِ المريضة، لذلك قدّمت هذه الوجبة.”
(لكن يا أون-سول، على الأقل كان يجب أن تُخفي ملامحك المتألمة وأنتِ تقولين هذا).
أغمضت سول-ها عينيها بقوة وقد أدركت الحقيقة.
(آه… قالوا إنني ابنة أسرة ثرية! كيف لم أشك من البداية؟ العالم لا يجاملني إلى هذا الحد…).
حرّكت الملعقة في العصيدة البيضاء.
(الغرفة والممر لا يبدوان كالتي في بيوت الفقراء… إذن هذا البخل موجه لي وحدي؟)
الاستنتاج جعلها أكثر غضبًا.
أخذت لقمة من العصيدة، وعيناها تلتمعان بحدة.
لا أون-سول ولا دو-وون سيجرؤان على المساس بنصيبها، فهما مخلصان لها.
إذن، الفاعل من فوقهما مرتبة.
وبما أن سول-ها في الأصل لم تكن سهلة، فلا بد أن الطرف الآخر ذو مكانة عالية أيضًا.
(إن أمسكت به… فسأنهي أمره).
بينما كانت تلتهم العصيدة بحماس، راحت تضيق دائرة المشتبه بهم.
قريبًا، كان الطبق فارغًا تمامًا.
قالت أون-سول: “سأجلب لكِ الدواء.”
وغادرت مسرعة.
حين همّ دو-وون بالخروج أيضًا، أمسكت سول-ها بطرف ثوبه:
“انتظر.”
التفت إليها، فوضعت ذقنها على يدها فوق الطاولة:
“لدينا بعض الكلام يا دو-وون، أليس كذلك؟”
“… إن أمرتِ، سأجيب.”
“أسئلة كثيرة عندي، لكن نبدأ بهذا: لماذا قلت قبل قليل لأون-سول إنه لم يحدث شيء؟”
كان كلامه صادقًا من جهة، لكن شيئًا ما كان ناقصًا.
حدّقت فيه كالمفترس، فحرّك شفتيه أخيرًا:
“في الماضي، كادت الآنسة تتعرض لخطر شديد بسبب السيد جو-كانغ. لهذا قلت ذلك.”
“لكن مع ذلك، وقت الأزمات وسط أقاربي، كنتَ تقول إنه من الأفضل أن أبقى قربه. إن كان لا يوثق به، لما قلت ذلك أصلاً!”
تذكّرت تلك المرات بوضوح، ورسمت ملامحها الانزعاج.
“كان… وعدًا.”
“وعدًا؟ بين من ومن؟”
“بعد ذلك الحادث، وأمام أون-سول وهي تبكي… قلتِ بنفسك إنه رغم كراهيتك له، لكنه على الأقل يفي بوعوده بصرامة، لذا يمكن الاعتماد عليه.”
“… أنا قلت هذا؟”
حاولت أن تفهم أكثر، لكن الغموض ازداد.
“وهكذا، آنسة، أون-سول تصدقه… فقط لأنكِ أنتِ قلتِ ذلك.”
نقرَت أصابع سول-ها الطاولة ببطء. شيء ما يلوح في رأسها لكنها لم تستطع الإمساك به.
“حسنًا، لنترك هذا جانبًا الآن. لكن سؤال آخر: لماذا منعتني من اللحاق بأون-سول قبل قليل؟”
ظل دو-وون صامتًا، لكن عينيه ارتجفتا حين سألت فجأة:
“هل للأمر علاقة بملابسها التي تبدّلت؟”
لم تفتها رعشة وجهه السريعة.
“لم تغيّر ملابسها فقط… بل استحمت أيضًا، أليس كذلك؟”
“… آنسة سول-ها.”
“غريب… لماذا كلما فكرت أكثر، لا يخطر ببالي إلا أسوأ الاحتمالات؟”
الآن تأكدت من شكوكها.
“لا أستطيع سوى أن أتخيل أن أحدهم ألقى شيئًا عليها عمداً.”
خفض دو-وون رأسه، وجهه ثقيل الكآبة.
زمجرت سول-ها: “كف عن هذا، واشرح لي بوضوح.”
“الأمر ليس سهلاً يا آنسة…”
“الذي يقرر سهولته من عدمها هو أنا، لا أنت.”
اشتعلت عيناها غضبًا:
“أنتم حُرّاسي وخَدَمي. لا أعاملكم بفظاظة، فكيف يجرؤ أحد على معاملتكم أو معاملتي هكذا؟”
ظل دو-وون ساكتًا، ثم زفر بعمق:
“إن علمت أون-سول، ستقوم الدنيا.”
“لكن إن وصلني الأمر من غيرك، ستقوم أكبر. فاختر.”
تحت تهديدها الصارم أجاب أخيرًا:
“أظن أنها من فعل باقي الخَدَم.”
“الخَدَم؟ ولماذا؟”
أون-سول ليست من النوع الذي يستفز الآخرين بسهولة، بل دائمًا حريصة وذكية.
قال دو-وون بمرارة:
“هل تعلمين من يدير شؤون بيت السيّد؟”
“لا. لكن إن لم تكن والدتي، فلا بد أن تكون زوجة العم.”
“بالضبط، وهنا تكمن المشكلة.”
“تتصرف بطرق ملتوية كي لا يُقال إنها أساءت صراحةً. فيتجنّبون الفضيحة لكن يتركون الأذى*.”
*الأذى بالفصحى معناه الضرر الخفيف للمعلومة، فهنا قصده انها تتجنب الامور الكبيرة و تكتفي بالضرر الصغير*
أومأت سول-ها ببطء، وعينيها تضيقان:
“الفاعل معروف إذن… لكن السبب؟”
“بسبب مقعد الخليفة. مقعد سيدان-جو في عائلة كِيم-رين.”
قطبت سول-ها:
“ما زال شاغرًا؟”
كان والدها الراحل هو السيدان-جو السابق. بمقتله، خلا المنصب.
“أيعني هذا أن كل هذه المضايقات لأن مكان السيدان-جو لم يُحسم بعد؟”
“صحيح. ولأن السيد الكبير ترك المنصب فارغًا عمدًا، فالحذر تجاهكِ ليس عبثًا.”
قهقهت بسخرية:
“يا للضعف. يضطهدون فتاة صغيرة لمجرد احتمال.”
أطلقت تنهيدة غاضبة:
“كل هذا من جدّي العزيز إذن؟ حتى هو لم يسأل عني وأنا مريضة طوال هذه المدة…”
ابتسمت بمرارة:
“أي بيت مفكك هذا… عائلة كِيم أشبه بالدقيق المتناثر.”
ثم عضّت شفتها:
“كيف أُريهم أني لست لعبة؟”
أصيب دو-وون بالذهول من كلماتها الأخيرة:
“ماذا… قلتِ؟”
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
التعليقات لهذا الفصل " 6"