صحيح… السيدة بايك لا تعرف هذه الحقيقة بعد.
رغم أن ضميرها كان يلسعها بقوة، لم تتراجع كيم سول ها عن قرارها.
طالما أن ذلك الرجل من أتباع عصبة الطوائف المظلمة، فاختيارها كان هو الصواب.
هي أيضًا، ما كانت لترغب في أن تُجرّ السيدة بايك إلى هذا الأمر بلا سبب فتنتهي مقتولة صرعى بلا جدوى.
وبينما كانت تبرر لنفسها بجدّية، التفتت سول ها بغتة ثم جمدت مكانها.
كان ها دو-ون يرمقها بنظرة عتاب وهو يراقبها وهي تتفنن في صياغة الأكاذيب.
فسارعت إلى تجنّب عينيه.
على أي حال، ما قالته لم يكن كذبًا خالصًا.
قالت السيدة بايك بصوت خافت غارق:
“أتعنين… أنه لا بد من إبعاد ذلك الطفل؟”
فتحرّكت شفتا سول ها بلطف:
“اطمئني، لا أقصد أن أرسله بعيدًا فورًا. سأبقيه عندي.”
“ماذا؟”
“سأخفيه في جناحي حتى لا تجرؤ زوجة عمي مو-يونغ أو السيدة هونغ على المساس به.”
رمشت السيدة بايك ببطء، متجهمة الحاجبين.
فسواء كان في جناحها أو جناح سول ها ، فكلاهما يمكن اقتحامه إن عزمن على ذلك.
لكن ما لبثت الدهشة أن ارتسمت في عينيها:
“آنستي… لا تقصدين أنك ستخبئينه في ذلك المكان السري؟”
ابتسمت سول ها وهي تخرج لسانها بخفة:
“أدركتِ بسرعة.”
صرخت السيدة بايك بحدة:
“ذلك المكان… لا يجوز لغير أفراد أسرة كِم أن يعرف بوجوده!”
رفعت سول ها يدها تحكّ خدها بارتباك.
لكن في رواية السماء الزرقاء اللانهائية أخبره البطل يون سوتشون بذلك…
حسبت أنه ليس أمرًا عظيمًا.
“المريض فاقد الوعي، لن يتذكر شيئًا، وأنا سأتولى رعايته بنفسي. فلن يزداد العارفون بالأمر.”
رغم إصرارها، ظلت السيدة بايك مترددة.
“ولكن…”
“فكّري جيدًا، سيدتي. ذلك الرجل هو نقطة ضعفك، كما أنه ضعفي أنا أيضًا. لهذا، الأفضل أن تتعاوني معي.”
وقعت كلمات سول ها بثقل على قلب السيدة بايك، فتنهدت بوجه متناقض:
“أدين لك بفضل لا يمكنني رده، آنستي.”
ابتسمت سول ها ساخرة:
“لا تنفعلي كثيرًا، سأسترد كل هذا الفضل منك يومًا.”
ضحكت السيدة بايك بمرارة:
“أرجوكِ… اعتني بأخي جيدًا.”
اتسعت عينا سول ها . كانت تظنه قريبًا، لكن لم يخطر ببالها أنه شقيقها الأصغر بالفعل.
بدا فارق العمر كبيرًا فلم تتوقع أنهما شقيقان.
*أنا حسبته ابنها بسبب فارق العمر و الشبه، طلع أخوها!! *
“لا تقلقي، سأرعاه كما ينبغي.”
في تلك الليلة، اختفى رجل من الجناح الصغير للسيدة بايك، حيث كانت رائحة الأدوية العشبية تملأ المكان، دون أن يشعر أحد.
***
قصر أسرة كيم
في القسم الشرقي من الساحة الداخلية المخصّصة لأبناء العائلة المباشرين، يقع جناح مَودان-غاك، مقرّ زوجة الرئيس الثاني للأسرة، السيدة مو-يونغ هي-سا.
وبينما كانت تحدق بأزهار المودان المتفتحة في حديقتها، التفتت إلى خادمتها هونغ يونغ-رونغ قائلة:
“يونغ-رونغ.”
“نعم، سيدتي.”
“يبدو أن الأجواء مضطربة مؤخرًا.”
تصلبت ملامح هونغ يونغ-رونغ للحظة قبل أن ترسم ابتسامة مصطنعة:
“ربما تمادى بعض الخدم في الثرثرة. سأتولى تأديبهم بشدة.”
“هذا يكون الأفضل.”
ارتشفت السيدة مو-يونغ الشاي بهدوء ثم أضافت ببرود:
“سمعت أنك اصطدمتِ بتلك الفتاة مؤخرًا.”
ارتعشت زاوية عين الخادمة وهي تنحني:
“كنتُ فقط أؤدّب إحدى الخادمات… فانتهى الأمر بمشاحنة مع سول ها .”
أجابتها سيدتها بنبرة باردة:
“لا تدعي الأمور تصل إلى نزاع معها. لكن… إن حدث، فعليكِ أن تذكّريها بوضوح بمكانتها. لا يجوز لكِ أن تتراجعي هكذا، وإلا انهارت هيبتي.”
ازدردت يونغ-رونغ ريقها، وأجابت بوجل:
“سأضع ذلك في الحسبان، سيدتي.”
رفرفت عيناها خلف سيدتها، تلتقطان نظرات شماتة من بقية الخادمات الواقفات.
فاشتعل صدرها غيظًا.
وقبل أن تلتقط أنفاسها، أشارت السيدة إلى صندوق أمامها.
ففتحه أحد الخدم ليكشف عن سبائك ذهبية بداخلها.
ابتسمت سيدتها لأول مرة:
“كنت قلقة لما بلغني من فوضى، لكن يبدو أنه لم يكن أمرًا مهمًا.”
أجابت يونغ-رونغ بسرعة:
“بالطبع، سيدتي.”
كانت تلك السبائك مدخراتها التي جمعتها طوال سنوات لتأمين مستقبلها، لكنها اضطرت لتقديمها هذه المرة حتى لا تخسر موقعها.
اللعنة على أولئك التجار الجشعين!
لو لم يتوقفوا عن دفع الرشى المعتادة لما اضطررت للتضحية بهذه الأموال… لكن لا مفر، إن لم أرضِ سيدتي فسأُطرد حتمًا.
ابتسمت السيدة مو-يونغ وهي تذكر إنجاز ابنها في الأكاديمية، فأدركت يونغ-رونغ مغزاها فورًا.
“بالفعل، يا سيدتي. لا مجال لمقارنة ذكاء السيد هيونغ-وون بتلك العاجزة… كيم سول ها .”
أومأت السيدة برضا.
خرجت يونغ-رونغ من القاعة وفي ذهنها أول خطة:
نشر الشائعات عن تفوق هيونغ-وون، وفي المقابل عن قصور سول ها .
مهما حاولت تلك الحمقاء، فلن تجني شيئًا.
فخلفي سيدتي مو-يونغ، أما هي فلا أحد يسندها.
ابتسمت بخبث وأشارت إلى خادمتها الخاصة دان سو-ريـون:
“هل تذكُرين ما قلتُه؟”
“ن… نعم!”
“انشري الشائعات عن تفوق السيد، وعن نقص تلك الفتاة سول ها .”
ثم أضافت محتدة:
“وأخبري الجميع أيضًا عن تلك الهدايا الثمينة التي توزعها خادمتها مؤخرًا… أريد أن أعرف من أين جاءت بها.”
ارتبكت سو-ريـون، لكنها لم تجد بدًا من الطاعة.
بعد نصف يوم، وُجدت سو يونغ-يونغ، أصل الشائعات، واقفة أمام هونغ يونغ-رونغ.
سألتها الأخيرة بابتسامة باردة:
“لا تخافي… قولي فقط ما تعلمين بصدق، ولن يمسك سوء.”
ارتعش جسد الفتاة وهي تتذكر تحذيرات سول ها .
ارتفع العرق على جبينها، لكنها تماسكت وأجابت بصوت مرتعش:
“ما الذي تودين معرفته، سيدتي؟”
♤♧♤♧♤♧♤
التعليقات لهذا الفصل " 32"