لكن هذه الهيئة شديدة التهذيب لم تكن احترامًا لأن كيم سول ها من سلالة كِيم رين، بل كانت شيئًا آخر.
“لن أنسى هذا الفضل أبدًا.”
لقد كان ذلك امتنانًا صادقًا لِمن أنقذت أحد أفراد عائلتها، وكان تكريمًا لها.
حينها فقط تنفست كيم سول ها الصعداء.
“إذن الدواء الذي أوصلته كان له مفعول.”
“نعم، فالأصل أن ذاك الطفل كان يقضي نصف يومه يتقيأ الدماء، ونصفه الآخر يهذي دون وعي ولا يفيق من أنينه.”
مع شرح السيدة بايك، عادت صورة ذلك الرجل الذي كان يتقيأ الدم إلى ذهن سول ها .
مهما نظرت إليه، لم يكن جسده الضخم يناسب كلمة “طفل” البتة.
“لكن ذلك الطفل الذي كان ما أن يظهر قليلًا من الراحة حتى يعاوده نفث الدم، نام هذه المرة هادئًا لساعتين كاملتين.”
“…….”
“الطبيب يو قال أنه لا يزال بحاجة للمراقبة، لكنه أكد أن حالته لن تتدهور بعد الآن.”
يو كان طبيبًا حذرًا.
أن يصدرَ من فمه قول كهذا، فذلك يعني…
“لقد دخل فعلًا في طور التعافي.”
“هذا ما أعتقده أيضًا.”
على وجهها الذي ظلّ مظللًا بالحزن ارتسمت ابتسامة رقيقة.
“كل هذا بفضل الآنسة.”
مع تكرار كلمات الشكر، ارتسمت ابتسامة على شفتي سول ها .
“أنا لم أفعل شيئا سوى أن أثبت مهارتي قبل الدخول في الصفقة.”
“…….”
“لكن حسنًا، إن كنتِ ترين الأمر هكذا يا سيدة بايك، فلن أمنعكِ من ذلك.”
كان كلامًا ماكرًا، تستعيد به سول ها أصل المسألة، ويذكّر السيدة بايك بما يجب أن تدفعه مقابل هذه الصفقة.
ومع ذلك، فإن اعتبرت ما جرى فضلًا أو نعمة، فهي لن تعترض.
ورغم إدراكها المباشر لِما عنته الكلام، لم يتغير وجه السيدة بايك.
“لو لم تكوني موجودة يا آنسة، لكنت فقدت ذلك الطفل مجددًا بسبب التسمم.”
“…….”
“لذلك، سواء كانت صفقة أم لا، فأنتِ تبقين مُنقذتي.”
ارتبكت سول ها للحظة أمام كلماتها الحاسمة كحد السيف، ثم انفجرت بضحكة صافية.
‘كنت أتوقع بعض الامتنان… لكن لم يخطر لي أنها ستُظهر هذا القدر من الود علنًا.’
وأي عمل في الدنيا أصعب من كسب قلوب الناس؟
ومن خلال هذه الصفقة، لم تنل سول ها فقط مكانة لدى سيدة ذكية وبارعة مثل السيدة بايك، بل كسبت أيضًا قلبها.
كان ذلك مكسبًا يفوق التوقعات.
“مؤخرًا تصرفات السيدة هونغ بدت مريبة.”
“لقد رصدتِ ذلك بهذه السرعة؟”
رمشت سول ها بدهشة.
حتى بالنسبة للسيدة بايك، بدت تحركها ورصدها للأمور سريعًا بشكل استثنائي.
فترددت سول ها قليلًا ثم تساءلت بتردد:
“لا تقصدين أنكِ تحركتِ قبل أن أوصل لكِ الدواء؟”
“ذلك عملي أساسًا.”
أجابت ببرود، فأصاب الارتباك سول ها التي تمتمت:
“لكن… لم أكن قد أثبت لكِ شيئًا بعد.”
“ألم أخبركِ يا آنسة؟”
ابتسمت السيدة بايك ابتسامة مريرة وقالت:
“صحيح أنني تخلّيت عن شؤون الدار الداخلية بسبب أمر شخصي، لكن حتى للتراجع حدودٌ لا تُتجاوز.”
وقد تجاوزت هونغ هذا الحد بالفعل.
وظهرت على وجه السيدة بايك الجاد صرامة أشبه بصرامة محارب.
“وبما أنها تخطت ذلك الحد الذي لا أستطيع التغاضي عنه، فقد كان لا بد لي أن أتصرف.”
لم يكن ذلك إذن ثمنًا لصفقة، بل واجبًا تفرضه وظيفتها.
فهمت سول ها المغزى، فخرج نفس قصير من بين شفتيها.
كان الأمر وكأنها تلقّت ما قالته سابقًا مرتدًا إليها.
“لكن هذا بالضبط ما كنت أريد أن أطلبه منكِ في الصفقة.”
“لن يتغير شيء. فقط قومي بالحساب كما خططتِ منذ البداية.”
ارتسمت الحيرة على وجه سول ها .
لقد كانت تنوي الدخول في لعبة حسابات مع السيدة بايك، لكنها لم تفعل ذلك أصلًا.
بدا لها أن بايك ودودة نحوها أكثر مما ظنت.
“السبب وراء تصرفات السيدة هونغ الغريبة، هو أن مصدر أموالها يمرّ بأزمة.”
“مصدر أموالها؟!”
توسعت عينا سول ها بدهشة قبل أن تسأل وكأنها استوعبت شيئًا:
“لا تقصدين أن ذلك أيضًا من تدبيرك؟”
ابتسمت السيدة بايك بعينيها وكأنها تؤكد.
“لم أفعل أكثر من أن همست بكلمات لبعض التجار الذين كنت أعرفهم خلال عملي في الدار الداخلية.”
كلمات كهذه، إذا خرجت من شخص تولى لفترة طويلة إدارة شؤون آل كيم الداخلية، فلا بد أن يكون لها أثر.
فنظرت سول ها إليها بإعجاب.
‘كنت أعلم أنها بارعة، لكن هذا يفوق تصوري.’
الآن أدركت حقًا: لولا وجود ذلك الرجل في الداخل، لما تمكنت لا هونغ ولا زوجة العم مو-يونغ من انتزاع سلطة السيدة بايك.
‘وفوق ذلك، يبدو أنها لم تتخلّ عن السلطة كلها أساسًا.’
هذه أمور لا يمكن تدبيرها إلا إن كانت تعرف كل شيء في الداخل بعمق.
“هل لديكِ خطط أخرى غير قطع مصدر أموال هونغ؟”
“من يدري…”
“إذن، دعيني أتولى الأمر من هنا.”
اشتعلت عينا سول ها حماسًا.
كانت تنوي في الأصل استخدام رئيس فرع هاو مون في كانغسيو للتدخل، لكن بفضل تدخل السيدة بايك، خفّ عبء كبير عنها.
“إذن ماذا تريدين مني أن أساعدك فيه؟”
“الحكم.”
توقفت السيدة بايك مذهولة أمام الكلمة التي نطقتها سول ها .
“الحكم… تقولين؟”
“سأفتعل قضية. لكن جدّي العزيز خرج في رحلة تجارة ولا نعلم متى سيعود منها، صحيح؟”
“…….”
“وأعمامي الذين لا يطيقون رؤية ابنة أخيهم الصغيرة… لن يقفوا إلى جانبي طبعًا.”
قالت سول ها بتهكم.
لم تعش طويلًا هنا، لكنها فهمت هذه الحقيقة بسهولة.
“لا أحد منهم سيكون في صفي.”
“لكن إن كنتِ ترغبين في حكم، ألا يجدر بك أن تبحثي عن شخص آخر…؟”
“أنا أريد حكمًا أكيدًا.”
هزت سول ها رأسها.
أرادت نتيجة لا يمكن قلبها، موقفًا حاسمًا لا يتزعزع مهما حدث.
“لن يكون هناك أي ضرر عليكِ يا سيدة بايك.”
“…….”
“صحيح أنكِ قد تجلبين على نفسكِ كره زوجة عمي مو-يونغ.
لكن بما أن الأدلة واضحة، فلن يجرؤ أحد أن يقول أنكِ دعمتني ظلمًا.”
وضعت سول ها ذراعيها أمام صدرها وأخذت تنقر بأصابعها على ساعدها بخفة.
“ألا ترين أن الوقت قد حان لتستعيدي مكانكِ أيضًا؟”
“لكن لو أخطأتِ، قد ينقلب الأمر عليكِ وتنكسرين أنتِ يا آنسة.”
“أعلم. ولهذا جئت إليكِ تحديدًا.”
“غيركِ من الناس قد يرون هذا الأمر بمنظور مختلف…”
كانت كلماتها تنبيهًا بأن أعمامها سيراقبونها، لكن سول ها ابتسمت.
“لا يهمني. كل ما أريده هو أن أُقدّم مثالًا واضحًا.”
“…….”
“على أن من يجرؤ على مسّي، سيخسر أضعاف ما جناه.”
ابتلعت سول ها كلمات كادت تخرج بعنف.
حتى لو كان الخصم أعمامها، فلن يكونوا استثناء.
“وفوق ذلك، أنا لا أحب الخسارة أصلًا.”
قالتها بلهجة ساخرة وهي ترفع كتفيها.
قد يبدو كلامها خفيفًا، لكن السيدة بايك لم تُخدع.
“طلبتِ مني حكمًا، أليس كذلك؟ هل هناك شيء آخر تريدين مساعدتي فيه؟”
رحبت سول ها بكلماتها هذه.
فقد كانت أكثر قدرة على السيطرة على أمور الدار الداخلية مما ظنت.
“أريد أن أعرف كل شيء عن الأموال التي اختلستها السيدة هونغ: أين ذهبت، وكيف استُعملت، وهل تركت وراءها أي أثر يمكن تتبعه.”
ابتسمت سول ها وهي ترى السيدة بايك تنصت باهتمام.
“لكن قبل ذلك… ألا يجدر بنا أن نخفي نقاط ضعفكِ أولًا؟”
“ماذا؟”
“فالخصوم سيحاولون الحفر في ناحيتكِ أيضًا. لذا علينا أن نُرتب الأمور مسبقًا حتى لا يُمسكوا عليكِ شيئًا. ولحسن الحظ، أحضرت الشخص المناسب لهذه المهمة.”
غمزت بعينها نحو ها دو-وون الذي ظل واقفًا بهدوء خلفها طوال الوقت.
تنهد ها دو-وون، بينما فهمت السيدة بايك مراد سول ها ، وأخذت تفكر مليًا.
“صحيح أن حالته استقرت كثيرًا، لكنه لم يستعد وعيه بعد.
فهل من الآمن نقله؟”
ترددت سول ها قليلًا أمام سؤالها الحذر.
‘بما أنه نجا حتى من دون دواء التخفيف، فلا بأس… على الأرجح.’
لكن لم يكن من المناسب قول ذلك صراحة للسيدة بايك.
فوضعت يدها على ذقنها تفكر قليلًا قبل أن تقول:
“لكن لا يمكننا أن نضيع وقتًا طويلًا أيضًا.”
“ذلك صحيح.”
“ثم إنكِ تعلمين أن هناك من يلاحق ذلك الرجل لأنه مجرم.”
“……!”
طبعًا، أولئك الملاحقون كانوا قد انسحبوا بالفعل بعد أن خدعتهم سول ها بمعلومات كاذبة سربتها عبر هاو مون.
لكن السيدة بايك لم تكن تعلم هذا، فارتسم القلق والدهشة على وجهها.
♤♧♤♧♤♧♤
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 31"