ورغم أنّ ملامحها كانت تقول: لا داعي للقلق، إلّا أنّ الجمود لم يغادر وجه ها دو-وون.
قال بجدية:
“الوقت قد تأخر كثيرًا.”
ابتسمت كيم سول-ها بخفة:
“بل هو الوقت الأنسب للقاء بعيدًا عن أعين الآخرين.”
ثم ربتت برفق على ظهر يده كمن يطمئنه، ولما سحبت يدها تنهد ها دو-وون بقلق.
“إن لم تعودي بعد مرور ساعة، فسأخرج للبحث عنك.”
كانت عيناه تعكسان إصرارًا شديدًا، كأنه يقول:
وإن لم يسمحوا لي، فلن أقبل بذلك!، فتوقفت كيم سول-ها لحظة، قبل أن تبتسم ابتسامة ناعمة.
“حسنًا.”
“عودي سالمة، من فضلك.”
ابتسمت له بدورها، ثم خطت بخطوات ثابتة خلف الخادمة.
مرّوا عبر ممر مظلم لم يصل إليه ضوء المشاعل، وساروا فوق طريق ترابي متشابك دون أي تردد من الخادمة.
سألتها سول-ها:
“هل أوصلتِ كلامي بحذافيره إلى السيدة بايك؟”
في البداية لم تكن واثقة من أنها فعلت، فوجهها لم يُبدِ أي ارتياح، وربما تجاهلت الرسالة أصلًا.
لكن الخادمة ردت:
“لقد قالت أنها سترد لكِ الجميل.”
بل وأضافت أنّها نوع من المعروف والعطاء. ثم استدارت ببطء نحو سول-ها، لتلتقي أعينهما.
“هل ما سنفعله فعلًا سيساعد السيدة بايك؟”
كانت عيناها تبحثان عن جواب، تحملان شيئًا من العناد.
تمامًا مثل يو إيون-سول.
عندها فقط أدركت سول-ها السبب وراء سرعة جوابها في المرة الأولى، فارتسمت على وجهها ملامح المفاجأة.
“إن لم يكن الأمر نافعًا، هل كنتِ ستتركينني هنا وتغادرين؟”
“……”
ضحكت سول-ها بخفة وقالت:
“يا للعجب، حتى أنك لا تنكرين ذلك.”
ومع ذلك، بدت وكأنها توقعت هذا الموقف تمامًا.
“إن لم أكن قادرة على أن أكون ذات فائدة، لما استدعتني السيدة بايك من الأساس.”
قالتها بابتسامة مطمئنة، كأنها تطلب منها أن تترك القلق جانبًا.
صحيح أن هذا العالم ما زال لا يروق لها، لكن وجود أشخاص يشبهون من تحب… لم يكن بالأمر السيئ.
قالت الخادمة وهي تتوقف عند جدار حجري قديم غطته بالكامل نباتات متسلقة:
“من هنا، تفضلي.”
نظرت إليها سول-ها بدهشة:
“لكن الطريق مسدود من هنا!”
ابتسمت الخادمة:
“انتظري للحظة فقط.”
ثم بدأت تزيح الأغصان المتشابكة بمهارة واضحة، لتظهر فتحة صغيرة بالكاد تكفي لدخول شخص منحنٍ.
قالت سول-ها وهي تراقبها:
“إذن لهذا طرحتِ عليّ ذلك السؤال الغريب قبل قليل… كان اختبارًا أخيرًا قبل الوصول.”
وبما أن جسدها لم يكن كبيرًا، فقد استطاعت المرور بسهولة. أما الخادمة التي تبعتها فقد خرجت ملابسها مغطاة بالغبار.
ابتسمت سول-ها قائلة:
“مموّه بإتقان.”
ثم رتبت الخادمة الأغصان مجددًا حتى اختفت الفتحة كأنها لم تكن.
“تابعي الطريق، ستجدين قاعة بجانب بحيرة، وهناك تنتظرك السيدة بايك.”
“ومن هنا سأذهب وحدي إذًا؟”
“نعم، سأنتظرك هنا.”
ابتسمت لها شاكرة:
“شكرًا على الإرشاد.”
ثم تابعت بخطوات واثقة، وهي تفكر أن لقاءها بـ السيدة بايك سيكون أفضل بلا شهود.
سارت كما أخبرتها، حتى كُشف أمامها منظر بحيرة واسعة.
تُدوك!
انكسر غصن تحت قدميها، فاستدارت بسرعة امرأة من القاعة نحوها.
قالت المرأة:
“سعيدة بلقائك بعد زمن طويل، آنسة سول-ها.”
تساءلت بدهشة:
“السيدة بايك؟”
لكن وجهها لم يكن ظاهرًا، فقد ارتدت قبعة من الخيزران تغطيه بستار طويل من الحرير الأبيض.
أومأت المرأة بانحناءة خفيفة:
“نعم. قيل لي إن لديك ما تودين قوله لي.”
كان صوتها مهذبًا ورزينًا، يحافظ على مكانتها، من دون تكبر أو ابتذال. الأمر الذي لفت انتباه سول-ها.
ليست عادية أبداً…
لم تكن مثل السيدة هونغ التي تكشف مكنونها بسهولة، بل هي تخفض من نفسها، لكن دون أن تفقد هيبتها.
ارتسمت على شفتي سول-ها ابتسامة صغيرة.
“صحيح. لدي الكثير مما أريد أن أقوله، والكثير مما أود أن أسألكِ عنه.”
أيهما تبدأ أولًا؟ تساءلت وهي تحدق في السيدة بايك.
ثم قالت مباشرة:
“لماذا تتغاضين عن تجاوزات السيدة هونغ؟”
ابتسمت السيدة بايك قليلًا:
“ألا تعلمين أن وراء السيدة هونغ تقف السيدة مو-يونغ؟”
كان جوابها وكأنها توقعت هذا السؤال سلفًا.
لكن سول-ها أمالت رأسها متسائلة: “عائلة بايك، التي لطالما خدمت سيدات قصر كيم-رين جيلاً بعد جيل، وتولت إدارة شؤون البيت… هل تتنازل عن مكانتها لمثل هذا السبب البسيط؟”
صحيح أنّ هذا ممكن.
لكن ذلك الموقف الصارم، الذي لا ينحني حتى لو كُسر، لم يكن أبدًا موقف شخص يقبل الذل أو التخلي عن كبريائه.
ابتسمت بسخرية:
“يبدو أن الأمر أعمق من مجرد ذلك.”
لكن السيدة بايك أجابت ببرود:
“ليس هناك شيء آخر. هذا كل شيء.”
ردّت سول-ها بابتسامة جانبية:
“أوه؟ وهل يجب أن أكشف لك عن كل شيء بالفعل؟”
ثم مدّت يدها بخفة، وأزاحت الحجاب عن رأس السيدة بايك، لتلتقي عيناها المخفيتان خلف الستار الأبيض بعيني سول-ها.
ابتسمت سول-ها بخبث:
“صحيح أن بشرتك شاحبة، لكنكِ لا تبدين أبدًا كمن أنهكها مرض عضال أو أُلزمت الفراش.”
قالت الخادمة المحيطة بها بقلق:
“آنسة…”
لكن سول-ها لم تتراجع، بل تابعت بهدوء:
“لو أردتِ أن أقتنع بخداعك، لَما تدخلتِ في شؤون دار العلاج أصلًا.”
ردّت السيدة بايك بنبرة دفاعية:
“يبدو أنكِ أسأتِ الفهم. بعد أن تنحّيتُ عن سلطة بيت كِيم، كيف لي أن أمارس أي نفوذ؟”
ابتسمت سول-ها ببرود:
“ومع ذلك، رغم أن يو إيون-سول مجرد خادمة لا قيمة لها، فهي تلقى الرعاية في قلب الطابق المتوسط، وعلى يد الطبيب يو الموثوق لديكِ بالذات.”
وهل يكون ذلك صدفة؟!
“وإن كنتِ لا تريدين الاعتراف، فسأعدّه إذًا مصادفة عجيبة.”
ثم أنهت حديثها بحدة، مقاطعة أي محاولة منها للإنكار أو الدفاع.
“لقد جئت لأعقد صفقة.”
“…….”
“لا أعلم بأي وسيلة تحاولين إبطاء تفاقم حالته، لكن طرقكِ الحالية لن تقوم بأكثر من إبقائه على قيد الحياة بصعوبة، أما الشفاء التام فمستحيل.”
حبست السيدة بايك أنفاسها.
لم يذكر الفاعل صراحة، لكنها أدركت فورًا ما الذي يقصده كلام كيم سول-هـا.
“النار السامة والسم القاتل قد اختلطا، وهما يجريان في مسارات الدم. يبدو الأمر و كأن حالته تتحسن بصعوبة، لكن إن تُرك على حاله، فجلده سيتشوّه كما لو أنه لُسع بالنار.”
قالها ها دو-وون بخفة وكأنه أمر هين، غير أن كيم سول-هـا كانت تدرك أن الأمر ليس كذلك.
من بين سموم طائفة “سادورين”، هناك سم الدم الناري.
هذا السم إن جرى في مسارات الدم ونجا المصاب بأعجوبة بعد تناول الترياق، فإنه يترك جسده مغطى بندوب تشبه الحروق البشعة.
‘إنه السم الذي ظهر في “السماء الزرقاء اللامتناهية”’.
*هذا اسم الروايه الاصلية *
وبحسب ما ورد في القصة الأصلية، فإن وجه وجسد الرجل الذي أصيب به كانا متفحمَين بندوب تشبه الحروق.
“إن بدأت آثار الحرق تظهر، فهذا يعني أن الأوان قد فات.”
رمقت كيم سول-هـا السيدة بايك بنظرة هادئة، أما هي فظلت تحدق فيها بوجه أشبه بوجه دمية شمعية، وقد نسيت حتى أن تتنفس.
“بما أن الحفاظ على الوضع الراهن مستحيل، أليس من الأفضل أن تبحثي عن وسيلة أخرى؟”
“آه… يا …” ارتجف صوت السيدة بايك.
“امسكي يدي. سأعيده سليمًا إلى المكان الذي يجب أن يكون فيه.”
قالت كيم سول-هـا بصرامة.
“ماذا… ماذا تعرفين؟”
رغم الارتجاف الذي أصابها من المفاجأة، سألت السيدة بايك بهدوء ما كان عليها أن تسأل.
“أعرف أن ذلك الرجل هو نقطة ضعفك. قد تكون صورته قد عُلّقت في كل مكان على كونه مطلوبًا، لكن هذا لا يعني أنها هويته الحقيقية.”
اتسعت عينا كيم سول-هـا قليلًا وهي ترى ملامح السيدة بايك وقد تصدّعت تمامًا.
“ماذا؟! ألم تكوني تعرفين؟”
“…….”
“ومع ذلك ظللتِ تخفينه وتحمينه طوال هذا الوقت؟”
خرج صوتها هذه المرة ممزوجًا بالذهول، وهو أول مرة يظهر على لسانها.
أي أن…
“أنتِ… كنتِ تظنين أنه قد يكون مجرمًا، ومع ذلك اخترتِ أن تخفيه وترعَيه.”
نطقت كيم سول-هـا بما بدا لها كصاعقة.
“أم أن الأمر لم يكن يعني لك شيئًا من البداية؟”
لقد كانت حقيقة تفوق الخيال. فالسيدة بايك أخفت الرجل وحمته دون أن تعرف حتى هويته الحقيقية.
“ذلك الرجل… ما الذي يمثله بالنسبة لكِ بالضبط؟”
هبّت ريح باردة بينهما. مرّ ظل طويل على وجه السيدة بايك مرة أخرى، ليغطيه وجه الرجل الذي كان يتقيأ الدم.
“آه…”
في تلك اللحظة، انتفضت كيم سول-هـا وقد استوعبت الحقيقة.
“إنه يشبهها!”
ابن أختها “أون سوك-هو” لم يشبهها قط، بينما ذلك الرجل بدا شبيهًا بها إلى حد يثير الدهشة!
“ها!”
انفلت من شفتيها ضحك ساخر حاد. الآن فقط فهمت.
لماذا خاطرَت السيدة بايك، وانحنت، واحتملت المهانة.
‘قال أون سوك-هو: “لم يبقَ من أفراد العائلة إلا اثنان فقط”’.
لكن، ها هو الثالث موجود أمامها.
تذكّرت كيم سول-هـا كلمات أون سوك-هو وأطلقت تنهيدة ثقيلة.
والآن، وقد رأت الموقف بعينها، أدركت أن حتى “أون سوك-هو” لم يكن يعلم بوجود هذا الرجل.
“من الأفضل أن تظل هذه الحقيقة مخفية إلى الأبد.”
“…….”
“من أجل ذلك الرجل… ومن أجلكِ أنتِ كذلك.”
لقد كان الأمر أكبر مما توقعت، حتى أنها شعرت بصداع يطرق رأسها.
إنه الرجل الذي سيصبح فيما بعد سيد طائفة “سادورين”.
وكما هي عادة سفلة الطوائف الشريرة، فلن يسلك سوى طريق ملطّخ بالدماء والمؤامرات.
وإن عُرف أن له عرقا من عائلة نبيلة، فذلك سيجلب عليه عواصف سوداء.
ظلت السيدة بايك تنظر طويلًا إلى وجه كيم سول-هـا الذي لم يُخفِ اضطرابه، ثم حرّكت شفتيها بصوت مرتجف:
“لن أسألك كيف عرفت.”
وقفت كيم سول-هـا وهي تضع يدها على خاصرتها بتمرد.
فالسؤال عن الكيفية لم يكن المهم هنا.
“هل يمكن إنقاذه؟”
“إنقاذه؟ بل وأكثر.”
رفعت كيم سول-هـا رأسها بكبرياء وأطلقت زفرة طويلة.
“يمكنني أن أعيده إلى المكان الذي ينتمي إليه حقًا.”
“آه…”
تغيرت ملامح السيدة بايك، وفيها اجتمع بقايا أمل ضئيل مع راحة غامرة تكاد تفيض.
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
للي ما فهم، الرجل طلع ابن السيدة بايك، و الدليل انه بيشبهها، و غالبا هو ابن غير شرعي بما أن أون سوك هو ما يدري بوجوده.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 21"