وسط الناس الذين يبدون منشغلين، وقفت طفلة صغيرة تتمتم شاردة الذهن:
“هل أنا أحلم الآن؟”
لقد دهستها السيارة بالفعل. مازالت تتذكر جيدًا الألم الفظيع الذي اجتاح جسدها، والصراخ المدوّي من حولها. كانت واثقة تمامًا أنها ماتت.
لكن حين فتحت عينيها من جديد، لم يرحّب بها سوى مشهد غريب تمامًا.
“أين… أنا بالضبط؟”
نظرت حولها مذهولة، ثم رفعت يدها لتقرص خدها بقوة.
“آي!”
التفتت ملامحها من شدّة الألم.
“هذا ليس حلمًا… بل واقع؟”
شعرت بالقشعريرة تتسلّل إلى جسدها من خلال ثيابها الممزقة، فارتعشت. كانت الحواس حادّة جدًا، لدرجة جعلت وجهها يشحب.
عندما يواجه الإنسان أمرًا غير معقول، فإن أول ما يظنه أنه حلم. وكذلك فعلت كيم سول-ها. لكن البرد القارس ووجع الخد أخبراها أن هذا لم يكن حلمًا على الإطلاق.
“هذا غير منطقي…”
نظرت من حولها بارتباك. المنظر لم يتغير: أناس بثياب غريبة، متاجر مبنية على طول طريق ترابي، مشهد لا يخرج إلا من دراما تاريخية.
بائعة خضار تصيح:
“رخيصة، رخيصة! الخضار بسعر زهيد!”
امرأة تحمل حملاً على رأسها، تشد طفلها بيدها قائلة:
“تعال، اياك و الضياع في الطريق. أمسِك بيد أمك جيدًا.”
وصاحب دكان يصرخ بحماس:
“مَندُو ساخن! تعالوا وخذوا الماندو* الطازج!”
*بحط لكم صورته بنهاية الفصل*
كل ذلك جعل أنفاس سول-ها تضطرب.
“هل يعقل هذا؟”
لقد صُدمت أكثر من نجاتها من حادث السيارة؛ ما كان أشد وقعًا عليها هو أنها الآن في عالم مختلف تمامًا عن عالمها.
وفجأة، صرخ رجل:
“ابتعدي من الطريق!”
اصطدم بها أحدهم بعنف، فسقطت أرضًا.
“أه…”
أصابتها آلام في ركبتها من الارتطام، وبينما حاولت النهوض، لمحت انعكاسها في بركة ماء صغيرة.
“…ماذا؟”
شهقت.
“لماذا أرى طفلة صغيرة؟”
في الماء، لم يكن وجهها الذي اعتادت عليه، بل ملامح طفلة صغيرة متسخة، تحدّق بها.
أمعنت النظر في وجه الطفلة بالماء: ملامح جميلة، خدود ممتلئة متسخة بالسواد، شعر فوضوي مليء بالوحل. لم تكن أكبر من سبع سنوات.
“يعني… هذه أنا؟”
ومع أن شكلها لم يكن قبيحًا، إلا أن ثيابها الممزقة المتسخة جعلتها لا تبدو سوى متسوّلة.
“…يا إلهي.”
جلست، ورفعت يدها الصغيرة. أصابع صغيرة مليئة بالخدوش والأوساخ.
“لا… هذا لا يمكن أن يكون مجرّد مظهر، لا بد أنني متسوّلة بالفعل.”
خفق قلبها باليأس.
كانت حياتها في الأصل صعبة، لكن هل كان لا بد للعالم أن يكون قاسيًا معها لهذه الدرجة؟ حادث مفاجئ، ثم استيقاظ في جسد طفلة… متسوّلة؟
دمعت عيناها.
“المتسوّلون لا يملكون بيتًا… ولا طعامًا.”
حتى في العصر الحديث، كان من المستحيل تقريبًا أن يعيش طفل بلا ولي أمر. فكيف بعالم غريب كهذا؟
“هل أستطيع البقاء حيّة هنا أصلاً؟”
لكن لم يُمنح لها وقت طويل لتفكر.
فجأة، أمسك رجل ضخم بكتفها بعنف وصرخ:
“أيتها السارقة الحقيرة! وقعتِ بيدي أخيرًا!”
“ماذا…؟”
كان وجهه متجهمًا، يصرّ بأسنانه من الغضب.
“أيتها الفأرة القذرة! تجرؤين على سرقة بضاعتي؟ اليوم لن تفلتي!”
“سرقة؟ أنا؟”
لم تستوعب. لكن الرجل دفعها بقوة، فسقطت مجددًا، وانثنى معصمها من الألم.
التقطت أنفاسها، تحاول استعادة هدوئها.
“أنا لم أسرق شيئًا.”
“كاذبة! رأيتك بعيني!”
لكنها كانت متأكدة: عندما فتّشت ثيابها قبل قليل، لم يكن معها شيء على الإطلاق.
“أنا بريئة.”
ازدادت الضوضاء من حولهما، والناس بدأوا يقتربون ويتفرجون.
سمعت بعضهم يتهامسون:
“آه، إنه هوانغ مرة أخرى. كلما كسدت تجارته، يصب غضبه على الأطفال المتسولين.”
“إذن، ربما لم تسرق هذه المرة؟”
“الجميع يعرف طباعه. لو سرقت حقًا، لكان ضربها حتى الموت.”
لكنهم لم يتدخلوا. كان واضحًا أن الرجل له سمعة سيئة جعلت الناس يخافون مواجهته.
فكرت سول-ها:
“لو أستطيع فقط إثبات براءتي…”
ثم ابتسمت بخفة.
“لكن، الإثبات ليس دائمًا الطريق الوحيد، أليس كذلك؟”
رفعت رأسها، ونظرت مباشرة في عيني الرجل.
“أظن أنك أخطأت. لم أسرق شيئًا. وإذا أثبتُ أنني بريئة… كيف ستعوّضني عن هذا الاعتداء؟”
تجمّد الرجل مذهولًا. لم يكن معتادًا أن يسمع طفلًا متسوّلًا يتحدث معه بهذه الثقة.
…
“أيّ تعويض تتحدثين عنه! أيتها اللصة الحقيرة، يبدو أنك تعلمتِ بعض الكلمات التي التقطتها من هنا وهناك!”
فقالت بهدوء مذهل:
“متى سرقتُ؟ وماذا سرقتُ بالضبط؟”
توقف السيد “هوانغ” لحظة مندهشًا من ردة فعلها الهادئة، ثم رفع صوته غاضبًا:
“قبل يوم أو يومين، سرقتَ حلوياتٍ من دكاني!”
“وكم سرقتُ منها؟”
“كم سرقت؟! سرقتِ… ثلاثًا أو أربع قطع!”
لكن أمام سؤالها المحدد، ألقى هوانغ نظرة سريعة نحو دكانه البعيد وسط الحشد. تبعته عينا “كيم سول-ها” وأدركت حجم قطع الحلوى المعروضة على الطاولة، فارتسمت بسمة ساخرة على شفتيها.
“ثلاث أو أربع قطع مرّة واحدة؟ ولماذا لم تُمسكني إذًا وأنا أسرق أمام عينيك؟”
“ماذا… ماذا تقولين؟!”
“بهذا اليد الصغيرة، لو حاولت أن أسرق أكثر من قطعة واحدة، لكنتُ كُشفت فورًا.”
كلماتها الواضحة جعلت نظرات الناس تتنقل بينهم. قطع الحلوى كانت كبيرة بحجم كف طفل صغير، وذات سماكة أيضًا. من المستحيل أن يحملها دفعة واحدة دون أن يُفضَح.
أحد المتفرجين تمتم:
“صحيح… بيده الصغيرة يبدو صعبًا حتى أن يحمل قطعة واحدة، فما بالك بثلاث أو أربع.”
وسرعان ما انتشر الهمس في أرجاء الحشد.
“بالطبع، متى كان هوانغ يترك أطفال الشوارع يقتربون من طاولته أصلًا؟ حتى لو سرقت فعلًا، لم تكن لتجد وقتًا لأخذ ثلاث قطع كاملة.”
“ها هو هوانغ يعود لعادته القبيحة. تبا… متى سيتخلص من هذا الطبع البغيض؟”
توالت نظرات الاستهجان والاتهام من الناس، فارتبك هوانغ. لم يعش يومًا مثل هذا الموقف.
“أنتَ تقول إنك تكره أولاد الشوارع مثلي، صحيح؟ وتعرف أني لا أملك ثمنًا لأدفعه، فلماذا تركتني أتسكع حول طاولتك إذًا؟”
“أيتها الصغيرة الوقحة!”
“ثم إن كنتُ سرقتُ فعلاً، لكانت يداي تتلاصقان بالسكر الآن. يداي متسختان، نعم… لكنها لا تلصق.”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 2"