أدركت متأخرة أنها أفشت أكثر مما يجب، فعضّت على باطن شفتيها بأسف.
أما ملامح ها دو وون فقد ازدادت جدية.
“هل يوجد شخص تعرّض لهذا السم… داخل قصر عائلة كيم؟”
ازدادت حدة صوته وملامحه معًا.
حاولت أن تتجاهله، لكنها بعد تردد قالت:
“حسنًا… سأشرح لكَ كل شيء.”
ثم تابعت بحزم:
“لكن في المقابل… عليك أن تخبرني أنت أيضًا. ما طبيعة هذا السم؟ ومن هم الذين يستخدمونه؟”
إصرارها دلّ بوضوح على أنها لن تتكلم أكثر إلا بعد أن تحصل على إجابته.
أطرق برأسه، وقد بدأت ذكريات قديمة، كان قد دفنها عميقا، تعود إليه شيئًا فشيئًا.
“هذا كان قبل أن تأويني والدتكِ… وقبل أن أتعرف على عائلة كيم.”
اتسعت عيناها أكثر؛ إذ بدا أن الأمر يعود إلى زمن بعيد.
لقد كانت تتوقع أن ماضيه مليء بالآلام، وهذا يكفي أن يُقرأ من الندوب التي تغطي جسده من رأسه حتى قدميه.
كنتُ أعلم… لذلك لم أشأ أن أسأله قط.
لكن الماضي الذي تجنّبت الخوض فيه ظهر الآن على السطح.
“كنت حينها… متهورًا، غِرًّا لا يعرف الحكمة.”
“أنت؟!”
نظرت إليه مذهولة، تتفحصه من أعلى إلى أسفل.
فمَن يقف أمامها هو شخص هادئ، رصين، ثابت كالجبال… يصعب عليها تخيّله يومًا ما متهورًا أو صاخبًا.
“لكل شخص ماضٍ طائش يا آنسة.”
ابتسم بأسلوب يشرح نفسه، لكن تعابيرها ظلت مشوشة.
صحيح أن لكل إنسان ماضٍ متهورًا، لكنها لم تتوقع ذلك منه على وجه الخصوص.
“وماذا كنت تفعل حتى بك الحال لتُسمّم؟”
“كنت على خلاف مع رجال الطائفة الشريرة سافا.”
“مع… السافا؟!”
شهقت عيناها بدهشة. فهي تعرف جيدًا مكانة هؤلاء في عالم الفنون القتالية.
“إن اشتبكت بهم دون سند قوي، فالأمر كارثة بحد ذاته.”
قالتها لاشعوريًا، وهي تدرك أنه لم يكن يتبع أي مدرسة أو معلّم.
“صحيح. لكن إن امتلك المرء قوة كافية، فلن يكونوا سوى مصدر إزعاج… لا أكثر.”
قالها بوجه هادئ وصوت لا يحمل أي انفعال.
فتحت فمها بذهول.
“دو وون… إذن أنت قوي حقًا؟”
لقد كان عليها أن تدرك ذلك منذ زمن، فحتى أون سوك هو – نائب قائد فرقة التنين الأصفر وأحد أعظم المبارزين – كان يتحدث عنه باحترام بالغ.
“مجرد مهارة تافهة لا أكثر.”
هزّ رأسه بتواضع، لكنها لم تُخدع.
عادةً ما يقول مثل هذا الكلام أقوى الناس.
“إذن سمّمك أولئك الأوغاد من السافا؟”
فقد كانوا دومًا أهل غدر وخسة.
“نعم. لقد نصبوا فخًا محكمًا.”
“فخ؟ أي نوع؟”
“أرادوا استغلالي لضرب أحد مقاتلي الاتحاد الشيطاني سـادورِن الذي كان ينوي التصدي لهم.”
“الاتحاد الشيطاني…؟!”
تجمدت في مكانها. بدا الاسم مألوفًا جدًّا.
ثم، وكأن صاعقة ضربتها، شهقت وهي تدرك الحقيقة.
“تقصد الاتحاد الشيطاني حقًا؟!”
ارتبك وجهها بشدة، بينما تهرّب هو من عينيها عمدًا.
“هل اصطدمت بمقاتل من الاتحاد… ثم خرجت حيًا من هناك؟!”
راحت تستجوبه بلهفة وقلق، إذ لم يكن الأمر كما تخيلت في البداية.
لقد اعتقدت أنه اشتبك مع بعض الفروع الصغيرة من الطوائف الشريرة المحلية.
لكن… الاتحاد الشيطاني؟! لقد ظهروا حتى في الرواية الأصلية!
إنهم ليسوا مجرد طائفة صغيرة يمكن مقارنتها ببقية السافا.
بل هم القوة العظمى التي تتزعم الطوائف الشريرة.
فإذا كانت الطوائف العظمى التسع وخمس العائلات الكبرى هم ذروة القوى في جانب النور،
فإن الاتحاد الشيطاني كان نظيرهم في جانب الظلام.
ارتسم الذهول على ملامحها، حتى لاحظ ها دو وون أنها تعرف أكثر مما ينبغي عن الاتحاد، فقال مترددًا:
“لم يحدث شيء كبير.”
“لا تكذب! قل لي كل ما حدث… بلا استثناء.”
هددته بنبرة صارمة، فما كان منه إلا أن ابتسم ابتسامة باهتة.
“لو كنت قد قتلتهم، لكان الأمر قد تحول فعلًا إلى كارثة… تمامًا كما تظنين.”
“إذن… لم تقتلهم؟”
“كنت أريد أن أكون مقاتلًا… لا وحشًا عطشًا للدماء.”
جملته الأخيرة نطقت بهدوء، لكنها زرعت في قلبها شعورًا غريبًا لم تعهده من قبل.
“كان ذلك بدافع من ضميري.”
“لا بد أنهم حاولوا الانتقام…”
هذا هو قانون عالم فنون القتال.
إن لم تقطع شأفة خصومك وتُفْنِ أرواحهم، فإن ما يُسمّى بـ الضغائن والديون القديمة سيظل يلاحقك كظلّ ثقيل.
“نعم، لقد حاولوا.”
أقرّ هادوون.
“بمقدار ما أبقيتُ على حياتهم، أرادوا بدورهم أن يحفظوا ماء وجههم بالسعي للانتقام.”
‘مستحيل، أيمكن ذلك؟ ‘
رمش جفَن كيم سول هـا بارتعاش. صحيح أنّ كل أتباع الطرق المنحرفة ليسوا كذلك، لكن معظمهم إن نافسوا في السفالة والحقارة، فواحدٌ منهم لا يقبل بالمركز الثاني.
“لا تصدقينني إذن؟”
“ليس أني لا أصدق… إنما أجد الأمر عجيباً بعض الشيء.”
” لقد راهنّا بأسمائنا على النتيجة.”
«رهان مع واحد من أتباع السَفا؟! يا هادوون، حقاً… كنتَ تضع قلبك خارج صدرك!»
لم يكن صعباً تخيّل ما الذي طلبه مقاتلو اتحاد الطرق المنحرفة عندما خاطروا بسمعتهم على هذا الرهان.
“كنت واثقاً.”
“ثم انتهى بك الأمر أن تُصاب بالسم؟”
“أليس كل إنسان إذا ما تهددت حياته يستعمل على الأقل أسلوباً واحداً من الأساليب السرّية الملتوية؟”
قالها بلهجة عابرة كأنه حادث عادي. غير أن كيم سول هـا صمتت وهي تحدّق في هادوون.
“إذاً، ماذا جرى لذلك الوغد؟”
رمقته بعينين متقدّتين، فابتسم هادوون ضحكة خافتة.
“أتريدين أن تنتقمي لي بنفسك يا آنستي؟”
“أخبرتك آنفًا، لا يمكنني تحمل العيش بذُلٍ، ولا أن أرى أحداً يسيء لأشخاصي المقرّبين.”
“……”
“أليس ما يطال رجالي من ضغائن، يطالني أنا الأخرى؟”
أضاءت عينا هادوون برقّة وهو يحدّق في سيّدته الصغيرة التي تعتبر أحقاد رجالها كأحقادها الشخصية.
” لا بأس، يا آنستي.”
“لا بأس؟! ما الذي لا بأس به…؟!”
“لقد أخرج سلاحه السري، لكن ما كان ليليق بي أن أستسلم له بسهولة، أليس كذلك؟”
” تقصد أنّه…”
“نعم، لقد مات.”
أجاب هادوون ببساطة.
“لقد كان نزالاً حياة أو موت.”
“… وهل قبل مقاتلو الطرق المنحرفة بالنتيجة؟”
“كان لا بد لهم من ذلك. وإلا لكانت سمعتهم سقطت في الحضيض.”
صدرت من فم هادوون كلمة سوقية غير معهودة، فجعلت كيم سول هـا تحدّق فيه بذهول.
“ثم إنهم اعتقدوا أنني سأموت لا محالة بتأثير ذلك السم، فبالتالي لم يكن لهم سبب للتدخل مباشرة.”
” لأنك كنت ستموت على أي حال إن تُركتَ هكذا؟”
ارتجف صوت كيم سول هـا.
مجرد تصوّر الأمر جعل قلبها يهبط في قعر معدتها.
“يا آنستي، أنا بخير.”
أعادها إلى وعيها بلمسة خفيفة من يده على كتفها.
“لكن إن كان ذلك السم قوياً لدرجة أنهم وثقوا بمفعوله، فلا بد أنه ترك لك أثراً أو مضاعفات…”
وبينما كانت تتابع كلامها بذهول، وقعت عيناها على ذراع هادوون التي وضعها على كتفها.
ورأت عليها ندوباً متشابكة كأنها آثار حروق.
ارتجف بصرها.
“دوون… هل ذراعك هذه…”
” إنها بخير. لم يبق سوى ندوب، ولا ألم فيها. لذا لا داعي لإبداء هذا الوجه الحزين، يا آنستي.”
سحب هادوون يده بهدوء وأسدَل كمّه ليخفي الندوب.
لكن عيني كيم سول هـا تابعتا ذراعه.
“إذن فهذا أيضاً أثر ناجم عن تلك الحادثة؟”
لقد بدت كندبة حرق أكثر من كونها جرحاً عادياً.
لكنها تذكّرت ملامحه حين رأت الندبة أول مرة، وفهمت بحدسها أنّها لم تكن ندبة عادية ولا بعيدة الصلة بما حدث آنذاك.
تنهّد هادوون وهو يستسلم لإصرارها الواضح:
“كنت محظوظاً.”
” ماذا؟!”
سألت غير مصدقة، فأجاب:
“لأنني كنت قد تسممت مراراً من قبل، وقد اكتسبت من ذلك بعض الحيل الصغيرة التي أفادتني في تلك اللحظة.”
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 19"