“لنذهب.”
“إلى أين تنوين الذهاب يا آنسة؟”
“ستدركين حين نصل.”
ابتسمت كيم سول هـا بثقة وتقدّمت بخطوات ثابتة.
بخلاف ما مضى، حيث كانت تكتفي باتّباع سو يونغ يونغ من الخلف، كانت هذه المرة تمشي وكأنها تعرف الطريق جيدًا.
أسرعت يونغ يونغ للحاق بها، لكنها ما لبثت أن توقفت مترددة بعدما أدركت أن الطريق بدا مألوفًا لها.
“آنسة… أليس هذا الطريق يؤدي إلى قاعة العلاج؟لقد أرعبتني.”
تنفّست يونغ يونغ بارتياح بعدما أيقنت أن سول هـا كانت ذاهبة لمقابلة يو إيون-سول أو ها دوون.
لكن سول هـا قالت بهدوء:
“لست ذاهبة لمقابلة يو إيون-سول أو ها دوون.”
“ماذا؟”
‘إذًا، من تنوين مقابلته؟’
تساؤلها انعكس بوضوح على وجهها، فأجابت سولهـا بابتسامة جانبية:
“أحد العاملين في قاعة العلاج.”
ثم هزّت كتفيها بخفة وكأن الأمر بسيط، لكن عينيها كانتا جادتين على غير العادة.
كيم جو كانغ توقّع أن يو إيون-سول ستكون في قاعة العلاج الدنيا… لكن الحقيقة أنها موجودة في قاعة العلاج الوسطى، وكان يو وون كانغ بنفسه يتفقد حالتها.
صحيح أن يو إيون-سول شخص مميّز بالنسبة إليّ… لكن بالنسبة للآخرين؟ لا.
مجرد فتاة عادية.
فكيف إذًا يتولى طبيب مرموق مثل يو وون-كانغ رعايتها مباشرة؟
الأمر مريب.
“هل تعنين أنكِ تودّين مقابلة الطبيب يو بنفسه؟”
سألتها يونغ يونغ بحذر.
فضحكت سولهـا بصوت خافت:
“لا. شخص آخر.”
عادت بذاكرتها إلى ذلك الرجل الغريب الذي لمحته آنذاك…
حين ركضت فتاة صغيرة باحثة عن يو وون كانغ. على كمّ ثوبها كان مطرّزًا حرف 醫، علامة تدل على أنها خادمة من قاعة العلاج.
“الحقيقة أن التعامل مع الطبيب يو ليس سهلًا. لن يعطيني المعلومات التي أريدها بسهولة.”
إذن لم يكن أمامها سوى خيار آخر.
“عليكِ مساعدتي مجددًا، يونغ يونغ .”
“أنا تحت أمرك يا آنسة، أخبريني بما تريدين فقط.”
“أريد مقابلة تلك الخادمة من قاعة الطب. لكني لم أرها سوى مرة واحدة. هل تستطيعين إيجادها لي؟”
“ألا تعرفين اسمها؟”
“لا. كل ما عندي ملامحها فقط.”
تنهدت يونغ يونغ متفكرة، ثم أومأت بعزم:
“سأحاول إيجادها. لكن أخبريني أولًا كيف كانت ملامحها.”
فوصفتها سول هـا بدقة:
“كانت عيناها مائلة قليلًا إلى الأسفل، ووجهها مستدير، تبدو في مثل عمرك تقريبًا، وطولها قريب من طولك.”
تأملت يونغيونغ الوصف، لكنها لم تبدُ مقتنعة كليًا.
“همم… ألم يكن لديها أي سمة مميزة أخرى؟”
“أظن أنها تغيّبت مؤخرًا عن قاعة الطب لفترة طويلة، ليس مجرد فترة قصيرة… بل غياب كامل لوقت ممتد.”
عند سماع ذلك، لمعت عينا يونغ يونغ فجأة.
“أظنني عرفت عمّن تتحدثين! سأبحث عنها.”
“أحسنتِ، يونغيونغ.”
“وعندما أجدها، أحضرها إلى حيث تتواجد الآنسة يو إيون-سول، أليس كذلك؟”
أومأت سولهـا موافقة، فانحنت يونغ يونغ احترامًا قبل أن تسرع باتجاه مساكن خادمات قاعة العلاج.
بقيت سولهـا تحدق في ظهرها حتى اختفت، ثم خطت بخطوات متثاقلة نحو غرفة إيون-سول.
وصلت إلى بابها لكنها لم تجرؤ على فتحه، وسرعان ما انهارت جالسة أرضًا أمامه.
“آه… البرد يتسرب من الأرض.”
جاءها صوت هادئ من خلف الباب:
“الأرض باردة يا آنسة.”
ضحكت سول هـا بخفة:
“وماذا في ذلك؟”
“لو علمت الآنسة إيون-سول ذلك لأبدت غضبًا شديدًا.”
“ليتها تغضب فعلًا…”
لو غضبت فهذا يعني أنها شُفيت تمامًا.
قالت ذلك بنبرة حزينة غريبة على طبعها.
ثم أدركت أن ها دوون على وشك فتح الباب، فسارعت لتسأله:
“منذ البداية… هل أنت من أحضرها مباشرة إلى قاعة العلاج؟”
“نعم.”
“أفهم… هكذا إذن.”
في عتمة المكان، ومضة حادة من عينيها كشفت أن شكوكها باتت شبه يقين.
الفرضية اكتملت… لم يبقَ سوى التأكد.
وفجأة التقطت أذناها وقع خطوات تقترب.
اعتدلت ببطء، نفضت غبار ثوبها، ثم تمتمت ساخرًة:
“وكأنني سأفترسها أو شيء من هذا القبيل.”
“لكنها يونغ يونغ …”
“سأطلب منها خدمة صغيرة فقط.”
لقد استدرجتها بخبرة لا بأس بها، وهذا ما جعل سول هـا تبتسم بإعجاب. لطالما رأيتها ذكية… لكن يبدو أن بجعبتها أكثر مما توقعت.
وبينما كانت تتكئ ببرود على الباب وذراعاها متشابكتان، التقت نظراتها مع الخادمة التي جاءت مع يونغ يونغ. رفعت يدها لوّحت بخفة قائلة:
“مرحبًا.”
“لقد تقابلنا من قبل، أليس كذلك؟”
“ماذا…؟”
ارتبكت الخادمة، لكنها ما إن وقعت عيناه على الثوب الذهبي الذي ترتديها كيم سول ها حتى شهقت.
“أ.. أتشرف برؤيتك يا آنسة!”
“شش. الوقت متأخر.”
وضعت سول ها إصبعها على شفتيها بخفة وقالت بمرح.
أمام الخادمة المذهولة التي لم تستوعب الموقف، فتحت سول ها الباب الذي كانت تنتظر عنده طوال الوقت.
“لدي ما أريد التحدث به معك.”
“معي أنا؟”
تراجعت الخادمة المذعورة خطوة إلى الوراء، لكن سو يونغ يونغ أمسكت بها بقوة.
“الآنسة لن تؤذيك أو تفعل بك شيئًا، فلا داعي للخوف.”
نظرت الخادمة إليها بعينين ممتلئتين باللوم، ثم تنهدت أخيرًا وسارت إلى داخل الغرفة التي أشارت إليها سول ها.
“سأنتظركم بالخارج.”
قالت يونغ يونغ بذكاء وأغلقت الباب خلفها، بينما بقيت الخادمة القلقة تحدق بسول ها.
“ماذا… ما الذي تريدين اخباري به؟”
“أريد أن ألتقي بالسيدة بايك.”
“…ماذا؟”
رفعت الخادمة رأسها مصدومة، لكن سول ها واصلت بثبات:
“ولهذا السبب ستنقلين رسالتي إليها.”
“آ.. آسفة يا آنسة، لكني لا أفهم قصدك…”
“لستِ مضطرة للفهم. فقط انقلي ما أقوله.”
“…؟”
“قولي لها إن هناك طريقة أكثر أمانًا لحماية ما يثير قلقها.”
ارتعشت عينا الخادمة بوضوح، قبل أن تبتلع ريقها وتقول:
“لكن السيدة بايك مريضة طريحة الفراش، فكيف لي أن…”
“هذا لا يعنيني.”
قطعت سول ها كلماتها ببرود، وعيناها تنفذان إليه وكأنها لا تسمح بأي جدال.
“ومن الأفضل أن تبلغيها أيضًا أن ذلك سيكون مقابل عطاءٍ أو وفاء.”
انحنت الخادمة ببطء، كأنها فهمت الرسالة المبطنة، ثم قالت:
“سأذهب إذن.”
وعندما مدت يدها لفتح الباب، أضافت سول ها بصوت منخفض:
“آه. وقولي لها أيضًا أن هناك وسيلة لقطع الحبل الذي يقيد كاحلها.”
توقفت الخادمة لثوانٍ، ثم غادرت الغرفة.
من خلال الباب، التقت عينا سول ها بعيني يونغ يونغ، وأشارت إليها لتذهب أيضًا.
فانحنت يونغ يونغ وغادرت.
حل الصمت.
عندها التفتت سولها ببطء.
“هل تناولت طعامك؟”
“هذا سؤال يجب أن أطرحه عليك أنا.”
قالت وهي تجلس بجانب يو إيون-سول الممددة.
“كيف حال إيون-سول؟”
“يقولون أنها تجاوزت الخطر، لكنها ما زالت فاقدة للوعي.”
“ولم يطرأ أي جديد؟”
“لا شيء آخر.”
“…؟”
“بالنسبة لنا لم يحدث شيء.”
حدق ها دو وون بسولها بعينين صارمتين.
“والآن يا آنسة، أخبريني. ما الذي حدث معك؟ لماذا رائحة الدم كثيفة عليك هكذا؟”
اتسعت عينا سولها في دهشة، ثم رفعت كم ثوبها وشمّت.
“لا أشم شيئًا.”
“لكنني أشم.”
كان صوته جادًا لا يقبل المراوغة.
“هل لأنك محارب؟ حتى النائب يون قال لي الشيء نفسه.”
“يا آنسة.”
ازدادت ملامح دو وون صرامة، فأسرعت سولها قائلة:
“ليست دمائي.”
“لكن مجرد رائحة دم بهذا الشكل… لا بد أن حدث لك شيء خطير.”
هزت رأسها بسرعة:
“لم أتورط في أي خطر، فلا تقلق.”
أخذت تدور أمامه بحركات طفولية لتثبت أنها بخير، لكن ملامحه بقيت متجهمة.
“سواء بالنسبة لي أو لإيون-سول، فإن سلامتك هي أولويتنا.”
كان يثق بتركها مع يونغ يونغ فقط لأنه كان يعتقد أن في قصر آل كيم لا يمكن أن يمسها خطر.
لكن هذا اليقين انهار.
“لست أشم رائحة الدم فقط… بل أشعر أيضًا برائحة سم خافتة.”
“…ماذا؟”
تجمدت سولها، وقد كانت على وشك أن تختلق عذرًا، لكنها تصلبت.
“سم؟ ماذا تعني؟”
سألت بارتباك حقيقي، مما دفع دو وون إلى التنهد.
“إذن لم يهددك أحد.”
“قلت لك لم يهددني أحد! فقط اشرح لي موضوع السم هذا.”
فقال بهدوء قاتل:
“رائحة الدم التي التصقت بك تحمل أثر السم أيضًا.”
“…؟”
“هل غُمرتِ بدم شخص مسموم؟”
عندها تلألأت عيناه بحدة حادة كالسيف.
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
التعليقات لهذا الفصل " 18"