“لم أتلقَّ شيئًا كهذا من قبل، لكنني سمعت من الأخوات الاكبر سنا. قيل إنّها تُوزِّع الفضة بسخاء.”
“المال إذن.”
لم يكن هناك ما هو أوضح وأقوى من المال.
“وكم تقريبًا؟”
“عفواً؟”
“تلك الأموال التي تُوزَّع على شكل مكافآت، كم تبلغ قيمتها تقريبًا؟”
التفتت “دان سوريون” إلى “كيم سولها” بعينين متحيّرتين، وكأنها لم تفهم السؤال تمامًا، فأعادت سولها بحدة:
“هل يمكن لراتبها الشهري وحده أن يتحمّل كل ذلك؟”
اتسعت عينا “دان سوريون” بدهشة، وبعد لحظة من التفكير، هزّت رأسها بالنفي.
“لا أعلم بدقة، لكن أعتقد أنّ الأمر صعب للغاية.”
“وهل تعتقدين أن عمّتي “مو يونغ” تعطي “هونغ بوين” مالاً إضافياً من عندها؟”
“ذلك أيضًا… لا أظن.”
“مو يونغ هي سا”، التي نشأت مدللة كالجوهر في بيت “مو يونغ”، لم تكن من أولئك الذين يبالون كثيرًا بتفاصيل إدارة الخدم وصغائرهم.
“ربما قد تمنحها القليل إن اضطُرّت، لكنها لن تعطيها بسخاء أبدًا.”
كانت كلمات “دان سوريون” تخرج بعد تفكير طويل، فيما كانت عقل “كيم سولها” يعمل بسرعة.
“لقد سمعتُ أنّه في غياب “بايك بوين”، تولّت “هونغ بوين” معظم الأمور، وصارت تفرض نفوذها.”
*بوين المفروض معناها السيدة اللي تقريبا رئيسة الخدم لو نقارنها بالعصر الفكتوري*
“صحيح.”
“وهل تتعامل أيضًا مع الأمور التي تتعلق بمبالغ مالية ضخمة؟”
حينها فقط أدركت “دان سوريون” اتجاه أسئلة “كيم سولها”، فظهر القلق على وجهها.
“نعم… الملابس، الطعام، الأدوية، وحتى تجهيزات المساكن… كلها تتطلّب أموالاً طائلة.”
“وفي بيت “كيم”، هناك “مو دان”.”
و”مو دان” تلك تمزّق ملابسها كل يوم، وتكسر أشياءً هنا وهناك. أي أن الأموال تُستهلك باستمرار.
“هل طعامكنّ بقي على حاله؟”
“لقد أصبح… سيئًا بعض الشيء.”
“بل سيئ جدًا!”
تدخلت “سو يونغ يونغ” من الخلف، ولم تفوّت الفرصة للإخبار. عندها شبكت “كيم سولها” ذراعيها.
“بدأت تقلّص المصاريف من الأشياء التي لا يلاحظها أحد.”
وهنا فقط أدركت لماذا كانت “يو إيون-سول” تجلب لها طعامًا منفصلاً بين حين وآخر.
“حتى طعامي، يبدو أنّها عبثت به.”
كانت سولها تريد أن تبدأ ببطء وتجمع الأدلة، لكنها فوجئت بأنّ الحقائق انهالت أمامها دفعة واحدة.
“لكن يا سيدتي، من دون دليل ملموس، فلن تتراجع “هونغ بوين” بسهولة.”
وراء “هونغ بوين” تقف “مو يونغ هي سا”.
فأومأت سولها برأسها.
“أعلم. لذلك عليّ أن أقطع تلك السلسلة أيضًا.”
إن كان ظهرها محميًا بحليف قوي، فالأجدر أن تجعل ذلك الحليف نفسه يتخلّى عنها.
ارتجفت “دان سوريون” وهي تلتقط أنفاسها عند سماع ذلك. أما “سو يونغ يونغ”، فقد بقيت هادئة وكأن الأمر لا يعنيها.
“شكرًا لكما. لقد حصلت على ما يكفي من المعلومات.”
عند سماع كلمات سولها، انتفضت “دان سوريون” وكأنها عادت إلى وعيها.
“إن أخطأتِ في خطوة واحدة، فقد تُتَّهَمين أنتِ بدلاً عنها!”
كان ذلك تحذيرًا حذرًا.
“أعرف.”
“لكن لماذا إذن…؟”
“لأنّها ستتمادى أكثر وأكثر إن تركناها وشأنها.”
أجابت سولها بوجه خالٍ من التعبير:
“لقد تجرّأت على المساس بأحد أشخاصي. لهذا أرى أنّ الوقت قد حان لأُريها بعضًا من حقيقتها.”
كانت نبرتها الباردة تكشف عن عزمٍ صلب على المضي حتى النهاية.
ثم استدارت سولها ومشت، وتبعتها “سو يونغ يونغ”.
وقفت “دان سوريون” متسمّرة تحدّق في ظهرهما، ثم فجأة ركضت ولحقت بهما.
“هَه… هَه… انتظري، لحظة!”
تشبثت بيد ثوب سولها بكل قوتها.
“هل… هل حقًا تستطيعين إقصاء تلك المرأة؟”
“أظن أنّ الشائعات انتشرت بالفعل. وأنا أريد أن تدفع “هونغ بوين” ثمن ما فعلته بخادمتي.”
“…….”
“بل لن أكتفي بإقصائها، سأجعلها تدفع غاليًا ثمن أفعالها الماضية.”
ترددت “دان سوريون” قليلًا قبل أن تتكلم:
“لقد رأيتُ “هونغ بوين” تخفي شيئًا في مسكنها حين كنت أساعد في الترتيب.”
أضاءت عينا سولها باهتمام.
“لكنّك لا تعرفين ما هو، أليس كذلك؟”
قد يكون شيئًا ثمينًا أخفته بعيدًا عن الأعين. غير أنّ “دان سوريون” هزّت رأسها بإصرار.
“لقد كان دفترًا… بدا وكأنه دفتر حسابات.”
حينها فقط تغيّر وجه “كيم سولها”. تذكرت أنّ “كيم جو كانغ” وصف “هونغ بوين” بأنها كريمة جدًّا.
*جو كانغ هو ابن عمها*
“وقال أيضًا إنّ سخاءها مصدره المال.”
الآن كل شيء أصبح مترابطًا. لكن الحصول على ذلك الدفتر يعني التسلل إلى مسكن “هونغ بوين” نفسه. عندها تنهدت سولها بقلق.
“سأحضره أنا.”
“إن أُمسِكتِ، فلن يقتصر الأمر على الضرب… قد تقتلين. ألم أخبرك أن بطشها شديد؟”
“لا يهم. لكن أرجوكِ، فقط عديني بشيء واحد. إن جلبتُ لكِ الدفتر، فتأكدي أن تُطرد تلك المرأة من بيت كيم بلا أي شيء، ذليلةً وبائسة.”
كانت عيناها تلمعان بغضب أزرق حارق، فلم تستطع سولها إلا أن تهز رأسها ببطء.
“أعدك.”
انحنت “دان سوريون” بعزم، ثم رحلت مسرعة. أما سولها فقد غادرت مع “سو يونغ يونغ”.
“لم أظن أنّ للأخت دان هذا الوجه الخفي.”
قالت “يونغ يونغ” بدهشة، ثم صفعت خدها بقوة.
“يونغ يونغ؟”
“ليس وقت الذهول. لا يزال أمامنا أشخاص آخرون يجب أن نلتقيهم.”
شدّت قبضتيها وكأنها تستجمع عزيمتها.
غادرتا بهدوء، وسلكتا طرقًا متعرّجة حتى وصلتا قرب ساحة تدريب “هوانغ نونغ داي”.
“أوه؟ يونغ يونغ؟ ما الذي جاء بكِ؟”
“آه، السيد “هُو”! لم أرَك منذ زمن! أذراعك بخير الآن؟”
“كان مجرد خدش، لقد شُفي منذ زمن.”
ضحك الرجل بصوت مرتفع وهو يتبادل الحديث معها. ثم استغلت “يونغ يونغ” الفرصة وقالت:
“كثيرون لم يأتوا لأخذ المراهم التي وُصفت لهم، فجئت بها بنفسي.”
“أولئك الأوغاد يزعجونكِ مجددًا إذن.”
نظر “هو تشونغ” بحدة نحو المتدرّبين في الساحة. فأشارت “يونغ يونغ” بيديها نافية:
“لا بأس، هذا عمل خادمة من دار العلاج. سأُعطيهم المراهم وأرحل، هل تسمح؟”
“افعلِي ما شئتِ. إنها فترة استراحة على كل حال.”
تقدّمتا تمرّان بجانبه، لكن عينيه التقطتا شيئًا.
“هاه؟ أليست هذه… السيدة؟”
“سيدة؟ ما الذي تعنيه؟”
مالت سولها برأسها متصنعة البراءة. مظهرها الساذج جعل “هو تشونغ” يعقد حاجبيه.
“يونغ يونغ؟”
“إنها خادمة جديدة في دار العلاج. أخذتها معي لأدرّبها.”
“هكذا إذن؟”
ومع شعوره بالريبة، لوّح بيده ليذهبن بسرعة.
بعد أن ابتعدن كثيرًا، تنفست “يونغ يونغ” بارتياح.
“يا إلهي… هل التقيتِ السيد الكبير “هو” من قبل؟”
وضعت يدها على صدرها وهي تلهث. فأجابت سولها بحيرة:
“لا أظن. لا أتذكر شيئًا كهذا.”
“لكن أداءك في التمثيل كان ممتازًا، وإلا لوقعنا في ورطة.”
سولها، وقد استشعرت شيئًا، سألت:
“هل هو مقرّب من أعمامي؟”
سارعت يونغ يونغ إلى نفي ذلك.
“لا، لكنه رجل لا يحمل ضغينة ولا خبثًا، وذو عينين حادتين. أي أمر يراه أو يسمعه قد ينشره بلا قصد. لذا من الأفضل ألّا يلاحظنا.”
“سيُثير الجلبة إذن؟”
“بالضبط. وهو آخر من يجب أن يلتفت إلينا الآن.”
نظرت سولها خلفها باهتمام، متسائلة كيف لرجلٍ كهذا أن يحمل هذه السمعة.
“علينا أن نُسرع.”
أكملت يونغ يونغ عملها، فوزّعت المراهم على بعض المحاربين، ثم سألت عن “أون موسا”.
“القائد المساعد هناك.”
وأشاروا لها. فتوجّهت مع سولها حيث كان شاب يقف عند البئر يغسل وجهه. لمح المرهم في يد يونغ يونغ وقال:
“لا أذكر أنني طلبت مرهمًا من دار العلاج.”
“لكن السيد “ها موسا” قال إنك بحاجة إليه، فجئت به.”
رمقهم “أون سوك هو” بنظرة حادة ثم نظر إلى رفاقه من بعيد.
“سمعتُ عن الفوضى البارحة… هل لهذا السبب؟”
“جزء منه… لكن أيضًا…”
أزاحت يونغ يونغ جسدها قليلًا لتُفسح المجال لسولها. تقدمت خطوة وقالت:
“تشرفت بلقائك. جئت لأسألك عن أمر.”
“أنتِ… هل يمكن أن تكوني السيدة “سولها”؟”
توقفت “كيم سولها” مذهولة. “حتى هذا عرفني؟”
ابتسم “أون سوك هو” وقال:
“إنكِ تشبهين “السوجو غون” كثيرًا.”
“السوجو غون؟”
آه… أدركت سولها.
إن “هوانغ نونغ داي” يخلصون للسيّد الأكبر من بيت “كيم”، ويخاطبونه بــ “سوجو غون”.
“أأنا أشبه والدي إلى هذا الحد؟”
“نعم.”
أجاب دون أدنى تردد، فارتسمت على وجهها ابتسامة متحيرة. ثم تماسكت وسألت بجدية:
“جئت أسألك عن الملابس، والطعام، وكل ما يُزوَّد به محاربو “هوانغ نونغ داي”. كيف حالها الآن؟”
ارتسمت ملامح الفهم على وجهه سريعًا.
“إنها… سيئة جدًا، لكن بمهارة تُخفي أثر ذلك.”
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
التعليقات لهذا الفصل " 14"