ارتسمت على وجه “سو يونغ-يونغ” ملامح الذعر وهي تتراجع ببطء إلى الوراء، فهزّت “كيم سول-ها” رأسها بخفة وهي تحك شعرها.
‘هل عبّرتُ عن الأمر بطريقة تؤدي إلى سوء فهم؟’
قالت بنبرة جادة:
“الأشخاص الذين سأذهب لمقابلتهم من الآن، هم خدمٌ ووصيفات. صحيح أن بينهم بعض المحاربين، لكن لفت الأنظار سيكون خطرًا.”
ثم أشارت بخفة إلى ثوبها الأصفر اللامع. عندها فقط اتسعت عينا “يونغ-يونغ” ببريق الفهم.
“هل تفكرين بالتنكر في زيّ وصيفة؟”
“هكذا لن أثير الانتباه.”
“صحيح أن القليل جدًا يعرفون وجهك يا آنسة، وقد يسهُل تجنّب العيون… لكن قد ينتهي بك الأمر وسط جلبة لا داعي لها.”
قالتها “يونغ-يونغ” بخوفٍ لكنه مصحوبٌ بحذر مدروس. نظرت إليها “سول-ها” بإعجابٍ خفي.
“أعلم ذلك. لكن هذا يبقى أفضل حل.”
فأن تواجه بعض المتاعب، خيرٌ من أن يتسرّب شيء من المعلومات قبل أن تبدأ خطوتها.
“إذن… رجاءً انتظريني قليلًا!”
“هم؟”
“سأذهب لجلب ثوبٍ خاص بوصيفات دار العلاج! هؤلاء الوصيفات يُكلَّفن بمهمات دقيقة، لذا يُعاملن بتساهلٍ أكبر من غيرهن.”
“ألن يكون ذلك ملفتًا للنظر؟”
هزّت “يونغ-يونغ” رأسها بسرعة.
“وصيفات دار العلاج عليهن حفظ أسماء العقاقير وتحضير المغالي، وغالبًا ما لا يغادرن الدار. لهذا السبب، لا يوجد من يعرف وجوههن حق المعرفة يا آنسة.”
لمعت عينا “سول-ها” بوميض إدراك.
‘إذن… هذا يعني أن لا أحد سيكتشف أمري.’
مررت أصابعها ببطء على سطح الطاولة وكأنها تفكر بصوت مسموع:
“لكن، إن كانت وصيفة من دار العلاج تتجول خارجها أمرًا نادرًا… ألن يُطرح سؤال عن السبب؟”
“يمكن القول إننا نحمل دواءً لشخص لم يتمكن من الحضور.”
أوضحت “يونغ-يونغ” أن الخدم عادةً ما يأتون لاستلام الأدوية، لكن لانشغالهم تُمنح أحيانًا استثناءات صغيرة كهذه. ارتسمت ابتسامة على وجه “سول-ها”.
“إذن أعتمد عليك.”
“حاضر! انتظريني قليلًا!”
أدت التحية برشاقة وغادرت مسرعة. بقيت “كيم سول-ها” وحدها في الغرفة.
ألقت نظرة من حولها. الفراغ كان يحيط بها، بعد أن غاب “ها دو-ون” و”يو إيون-سول”.
“متى أصبحت هذه الغرفة بهذا الاتساع؟”
كانت دائمًا تراها مكانًا دافئًا صغيرًا، لكنه بدا الآن باردًا فارغًا.
ابتسمت بمرارة، ثم أغمضت عينيها تتنفس بعمق، متخذة قرارًا صارمًا:
“لن أسمح لهم بتكرار ما فعلوا.”
وإن تطلب الأمر أن ترد بالمثل بلا رحمة، فلن تتردد. فهم كذلك لن يتورعوا.
عاد صوت “يونغ-يونغ” يقطع خواطرها:
“لقد عدت، يا آنسة!”
دخلت مسرعة وهي تحمل ثوبًا مرتبًا خاصًا بوصيفات دار الأدوية. ساعدت “سول-ها” على تبديل ملابسها.
“الزي أبسط مما توقعت.”
“ذلك لأننا نتعامل مع الدم والدواء باستمرار. الملابس تتسخ بسرعة، لذا يجب أن تكون عملية وخفيفة.”
ثم وضعت “يونغ-يونغ” يديها على خاصرتها وسألت بفضول:
“فإلى من سنذهب أولًا يا آنسة؟”
كانت قد سمعت من “ها دو-ون” شرحًا عن قائمة الأشخاص المطلوب لقاؤهم. أجابت “سول-ها” بلا تردد:
“إلى وصيفة “قاعة المَولان” أولًا.”
كان ذلك مقر “مو يونغ-هي-سا”، الزوجة الثانية التي تبسط نفوذها مستخدمةً “هونغ يونغ-ريونغ” كأداتها.
*أحس دخت معكم من كثرة الاسماء*
“علينا الحذر الشديد إذن. سيدة قاعة المَولان امرأة شديدة الصرامة.”
أوضحت “يونغ-يونغ” ذلك بهدوء وهي تبدأ بالتحرك لتقود الطريق. فتألقت عينا “سول-ها” بالاهتمام:
“إذن، تلك هي عمّتي الثانية؟ كل هذا التشدد عنها؟”
“هي صارمة وقاسية أيضًا. لذلك يعيش الخدم والوصيفات في حذر دائم منها.”
خفضت “يونغ-يونغ” صوتها خشية أن يسمعها أحد. تمتمت “سول-ها” بإعجاب:
“دو-ون بارع حقًا…”
فكيف تمكّن من كسب ثقة هؤلاء مع شدّتهم؟
سألت “يونغ-يونغ” باستغراب:
“ألم يخبرك “ها دو-ون” بتفاصيل ذلك؟”
“لم يذكر سوى أنهم أهل ثقة، دون شرح إضافي.”
ابتسمت “يونغ-يونغ” ابتسامة صغيرة.
“إنها طريقته. أعتقد أن الأمر لم يختلف كثيرًا عن الطريقة التي أصبح فيها قريبًا مني.”
رفعت “سول-ها” حاجبيها:
“وكيف أصبح قريبًا منك؟”
“كما في كل مكان، يوجد من يمارس سلطةً بغيضة.”
“آه…”
“أعلم أن من وُلدوا ونشؤوا في خدمة بيت “كيم-رين” ونقابة الذهب يتوقعون امتيازًا أعلى، ولا يمكن مساواتنا بهم. لكن هناك من يتجاوز حدوده.”
هزّت كتفيها بلا مبالاة ثم أضافت:
“البعض يحمّل الآخرين كل الأعمال، أو يتعمد إرسالهم في مهمات خطرة، وأحيانًا…” خفّضت صوتها قليلًا، “يلجؤون للعنف.”
قطبت “سول-ها” حاجبيها بحدة:
“هل تعرّضتِ أنتِ شخصيًا لذلك؟”
كانت نبرتها حازمة وقد لمحت الارتجاف الطفيف في كلام “يونغ-يونغ”.
“لا تقلقي يا آنسة. لقد عاقبهم السيد “ها” بشدة.”
غمزت بعينها وضحكت بخفة.
“دو-ون فعل ذلك؟”
استمعت “سول-ها” باهتمام لم تسمعه من قبل عن جانبه هذا. ازدادت “يونغ-يونغ” حماسًا وهي تروي:
“أجل، لم يرفع صوته أبدًا، لكنني اكتشفت حينها كيف يمكن أن يكون مخيفًا.”
“وماذا فعل بالضبط؟”
“قال إنه سيخبر السيد الزعيم وزوجته، وأن مراتبهم ستتضرر.”
بدت “سول-ها” وكأنها بدأت تسترخي، إذ كان تصرفه متزنًا. لكن “يونغ-يونغ” أردفت بعفوية:
“لكنّي لم أنسَ ذلك المشهد… الحجر الذي تحول إلى مسحوق بين يديه.”
“الحجر… إلى مسحوق؟!”
“قال إن من اعتادوا الظلم لا يرتدعون بالكلام. فلمّا لم يستطع أن يمد يده على أحد، سحق الحجر بدلًا عنهم حتى لم يبقَ له أثر. أقسمت حينها أنني لم أرَ شيئًا كهذا من قبل.”
شهقت “سول-ها” بدهشة وهي تفكر:
‘هكذا إذن… لم يترك من يسيء دون أن يردعه.’
“وأظن أن وصيفات قاعة المَولان اللواتي سنلتقيهن اليوم عانين قصصًا مشابهة لقصتي.”
“لم أكن أعلم.”
“ذلك لأنه لا يظهر مثل هذه الجوانب عادةً.”
قالت “يونغ-يونغ” ذلك بإعجاب حقيقي، وعيناها تتلألآن.
“لذا لا تقلقي يا آنسة. سأساعدك بكل ما أستطيع.”
ابتسمت “سول-ها” ابتسامة جانبية:
“إذن… سأعتمد عليك.”
سلكت “يونغ-يونغ” طرقًا جانبية بعيدة عن الأنظار، فلم يصادفا أحدًا تقريبًا. عبرتا من بوابة صغيرة لا يستخدمها إلا الخدم، حتى ظهرت أمامهما بناية فخمة مهيبة: قاعة المَولان.
قالت “يونغ-يونغ” بخفة:
“من الآن أنتِ وصيفة جديدة في دار الأدوية.”
“إذن، أنتِ ستكونين معلمتي.”
“يمكن القول ذلك.”
ضحكت بخفة ثم تقدمت لتلقي التحية على الحارس الواقف أمام البوابة.
“مرحبًا أيها المحارب.”
حدّق الرجل في ثوبها الداكن المطرز بكلمة “طب” على كمّها.
“وصيفة من دار الأدوية؟ وما الذي جاء بكِ إلى هنا؟”
ابتسمت “يونغ-يونغ” بود. فالجميع يعرف أن لا أحد يستغني عن دار الأدوية، لذا كانت دائمًا تُعامل باللين.
“إحدى الأخوات لم تأتِ لتستلم دواءها، فأحضرتُه لها.”
أخرجت علبة صغيرة من كمّها لتريه.
“ومن هذه التي معكِ؟”
“إنها جديدة، أدرّبها وأعلّمها.”
قالت ذلك بلطف، ثم ناولت الحارس علبة أخرى بابتسامة ودودة:
“لأجل إصاباتكم أنتم أيضًا.”
ضحك الحارس وهو يأخذها.
“اذهبا إذن. لكن احذرا… السيدة في مزاج سيئ مؤخرًا.”
انحنتا معًا شاكرَتين قبل أن تدخلا. تحركت “يونغ-يونغ” بسرعة كما لو تعرف المكان عن ظهر قلب.
“هل جئتِ إلى هنا من قبل؟”
“بالطبع. لدي معارف كثر هنا.”
قادتها حتى وصلتا إلى مقر وصيفات القاعة. بعد حديث قصير مع إحداهن، خرجت أخرى ورافقت “سول-ها” إلى مكان بعيد قليلًا تحجبه الأشجار.
قدّمت نفسها بهدوء:
“اسمي “دان سو-ريون”، يا آنسة.”
ثم نظرت حولها بحذر قبل أن تسأل:
“ما الذي تودين معرفته؟ لقد سمعت طلب السيد “ها”.”
“أريد أن أعرف السمعة الحقيقية لزوجة السيد “هونغ”، داخليًا وخارجيًا.”
قالت “سو-ريون”:
“لا أظن أنكِ تسألين عن ما يعرفه الجميع.”
“أخبريني بأي شيء… وإن كان خفيًا فهو أفضل.”
تنفست بعمق، ثم شرعت تشرح:
“يُقال عنها إن لديها حنكة ومهارة في الإدارة، لكن مع الخدم فهي قاسية بلا رحمة. يدها ثقيلة، وتحرص دائمًا على جعل من تعاقبه عبرة للآخرين.”
تجهمت ملامح “سول-ها”. لم يكن ما فعلته بـ”يو إيون-سول” أمرًا استثنائيًا إذن.
“هل تسبب ذلك بإعاقات أو إصابات خطيرة للبعض؟”
“لا أعلم يقينًا… لكن من يحدث لهم ذلك غالبًا يُطردون خارج بيت “كيم”.”
اشتعلت نظرات “سول-ها”. ‘إذن، هناك من يجب أن أبحث عنهم.’
“هل تعاقب فقط من يخطئ بحقها؟”
“… بل وأيضًا من يختار الانحياز للشخص الخطأ.”
“إذن هي قاسية في العقاب. لكن قيل أيضًا إنها ناجحة في تجارتها… فهل تكافئ بالمثل؟”
“أجل، هذا صحيح تمامًا.”
قالتها “سو-ريون” بدهشة من دقة ملاحظتها. عندها ومضت عينا “سول-ها” بوميضٍ لامع، يشبه افتراس صقرٍ قبض على فريسته.
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 13"