“لقد ضللتِ الطريق، أليس كذلك؟ لا تعرفين حتى أين أخذوها.”
“……”
“أختي، من الأفضل أن أرافقك بدلاً من أن تواجهي آخرين قد يستغلون الأمر.”
رغم انزعاجها، أدركت أن كلامه لا يخلو من منطق.
فقالت بعد لحظة من الصمت وهي تحدق فيه ببرود:
“دلّني.”
“كما تأمرين! سأقودك بنفسي.”
ابتسم جو-كانغ ابتسامة عريضة وهو يتقدّم ليقود الطريق.
وبينما يسير، لم يتوقف لسانه عن الثرثرة:
“لكن كنصيحة، لا تستهيني بالسيدة هونغ كثيراً.”
سول-ها لم تجب بكلمة.
“قد لا تعجبك، لكنها بارعة في الحيلة والتعامل مع الناس.”
“……”
“مع المقرّبين منها هي سخية للغاية. أما مع غيرهم، فهي قاسية بلا رحمة.”
كانت هذه معلومات متوقعة، لا جديد فيها.
فقال وهو يرمقها بمكر:
“آها، وجهك يقول إنك تعرفين هذا كله. لكن مهلاً… لدي شيء سيثير فضولك فعلاً.”
وبينما كان يفتح باباً أمامهما، اقترب منها وهمس:
“هل تعلمين؟ تلك المرأة تنفق الكثير على أتباعها. تدللهم بسخاء.”
رفعت سول-ها حاجبيها، لكنها لم تقل شيئاً.
فابتسم جو-كانغ أكثر وقال بخبث:
“والسخاء الكبير… لا يأتي إلا من كيس ممتلئ. لهذا خدمها يعيشون ببذخ كبير.”
كان ذلك تلميحاً يحمل معنى أعمق، تماماً كما فعل حين أعطاها خيطاً يوصلها إلى مصير ايون-سول سابقاً.
وقبل أن تنطق سول-ها بشيء، سبقها قائلاً:
“لقد وصلنا.”
وأشار إلى مبنى ينبعث منه الدخان رغم تأخر الوقت.
“هنا… العيادة.”
كلما اقتربا، ازدادت رائحة الأعشاب والأدوية قوة.
رأيا الأطباء والخدم يروحون ويجيئون بين أضواء المشاعل المشتعلة.
قال جو-كانغ:
“صحيح أن تلك الخادمة تهمك، لكن لأنها مجرد خادمة، فستكون على الأرجح في الجناح السفلي.”
“الجناح السفلي؟”
“نعم، إنه المكان المخصص لعلاج الخدم والحراس المصابين. عائلتنا لا تبخل حتى عليهم.”
ثم تقدّم وأمسك بخادم يحمل دواء.
“أيها الفتى، هل جيء بخادمة مصابة بجروح بالغة؟”
أجابه الخادم ببرود:
“هناك أكثر من خادمة مجروح… آه! أرى أنك السيد الصغير!”
تغيّر لون وجهه فور أن لمح الرداء الأصفر المميز لعائلة كيم.
قال جو-غانغ بصرامة:
“أجب فقط.”
“إن كنت تقصد الطفلة التي أحضرها السيد ها دو-ون… نعم، تفضلا معي.”
أشار جو-غانغ لسول-ها أن تتبعه، فسارت بخطوات ثقيلة.
“انظري، ألا ترين أنني مفيد فعلاً؟”
فأجابت ببرود قاتل:
“لو كنت صامتاً، لكنت أكثر فائدة.”
ابتسم ولم يبدُ منزعجاً، بل بدا سعيداً لأنه نال منها رداً ولو كان بارداً.
اقتادهما الخادم عبر ممرات متعمقة في المبنى، فأخذت سول-ها تراقب المكان بعين فاحصة.
كانت معتادة على المسكن القديم البالي، لذا لاحظت سريعاً أن المكان هنا نظيف ومعتنى به جيداً.
“هذا هو الجناح السفلي؟” سألت بسخرية.
فأجاب الخادم متردداً:
“لا… هذا جناح الوسط. أما الجناح السفلي فمختلف تماماً.”
رفعت سول-ها نظرها إلى جو-كانغ، الذي اكتفى برفع كتفيه بلا مبالاة:
“الخدم هنا يتلقون علاجاً أفضل. الأعشاب والأطباء في هذا القسم أفضل بكثير.”
لكن سول-ها نظرت إليه بعين مرتابة.
توقف الخادم أمام باب وأشار:
“هنا.”
وما إن ابتعد الخادم، حتى فتحت سول-ها الباب بسرعة.
اندفعت رائحة الدواء الثقيلة، فرأت ها دو-ون جالساً بوجه متعب، وإلى جانبه ممددة على الفراش يو ايون-سول بوجه شاحب كالشمع.
ارتجف قلب سول-ها وكأنه هوى في الهاوية.
بقيت متسمّرة في موضعها، حتى التقت عيناها بعيني ها دو-ون.
قال وهو ينهض:
“لقد جئتم، يا سيدتي.”
كانت عيناه تبحثان عن أي جرح أصابها، لكن سول-ها لم تفكر إلا بسؤال واحد، خرج من بين شفتيها اليابستين بصوت مرتجف:
“ايون-سول… كيف حالها؟”
قال أحدهم:
“يبدو أننا بحاجة إلى المراقبة عن كثب… اليوم قد يكون هو المفصل.”
اقتربت كِيم سُول ها مترنّحة بخطوات غير ثابتة حتى وقفت أمام يو أيون-سول مباشرة.
من بعيد، كان كِيم جُوكانغ يراقبها، وعندما التقت عيناه بعيني ها دوون، قرأ في نظرته الباردة أمرًا صامتًا، فتراجع وأغلق الباب دون أن ينبس بكلمة. لقد فهم أن هذا ليس مكانه ليتدخل.
ثم جلست كِيم سُول ها على الأرض كأنها سقطت من ثقل قلبها.
قالت بصوت مرتجف:
“اليوم قد يكون هو المفصل؟”
ساد صمت قصير، ثم قال ها دوون أخيرًا:
“بسبب مرضها المزمن، لا يمكن استخدام الدواء بتهور، وفوق ذلك يبدو أن جسدها لا يستجيب جيدًا للأدوية.”
تحدّق كِم سُول ها بذهول في يو أيون سول، التي كانت تتنفس بصعوبة، تصدر صوتًا متقطعًا منهكًا.
تمتمت بصدمة:
“إذن هو بسبب المرض المزمن…”
فأجاب ها دوون بهدوء:
“نعم.”
قالت وهي بالكاد تملك صوتًا:
“أنا فعلاً لم أكن أعرف شيئًا عن أيون-سول.”
لكن ها دوون هز رأسه نافيًا:
“من الطبيعي أنك لم تعرفي، فأنا لم أخبرك.”
لم تُجب سُول ها، واكتفت بالتحديق في وجه أيون سول دون حراك. بقيا على هذا الحال طويلًا، بلا كلمات، فقط الصمت الذي أثقل الهواء بينهما.
كان ها دوون هو من كسر السكون أولًا:
“لقد تأخر الوقت كثيرًا، عودي الآن يا آنسة.”
لكنها همست بعناد:
“لا.”
قال محاولًا إقناعها:
“ستنهكين نفسك.”
ابتسمت بمرارة:
“الارهاق لا يقتل.”
كان جوابها طفوليًا أشبه بإصرار طفل، مما دفع ها دوون إلى التنهد.
“أيون سول نفسها لم تكن لترغب أن تري هذا المشهد. أنت تعرفين كم تهتم بك بشدة.”
ابتسمت سُول ها ابتسامة ساخرة:
“المعذرة، لكنني أيضًا أُعامل أيون سول بقدر لا يقل عن القسوة.”
ورغم ما بدا من لامبالاة في كلماتها، إلّا أنّ عينيها كانتا تتقدان بإصرار حيّ.
قالت ببطء:
“اليوم قد يكون هو المفصل، أليس كذلك؟”
سكت ها دوون.
فأكملت:
“لن أُحدث فوضى بلا داعٍ، لكن لو حدث شيء، وجودي أفضل من غيابي.”
كانت تعلم أن ما تملكه لا يتعدى نَسَبها ومكانتها، لكن حتى ذلك كان أفضل من لا شيء.
قال ها دوون محاولًا طمأنتها:
“سأتولى المراقبة بنفسي. أ لا تثقين بي؟”
أجابته بهدوء:
“أثق بك أنت، لكن لا أثق بالآخرين.”
بقي صامتًا، فتقدمت بقولها:
“ثم إنني إن عدت فلن أجد هناك لا أنت ولا أيون سول.”
ارتجفت عيناه قليلًا أمام هذا الكلام الذي لم يتوقعه.
قامت سُول ها بتبديل المنديل الفاتر على جبين أيون سول بآخر جديد مبلل. ثم قالت بصوت منخفض لكنه حاد:
“تعرف يا دوون… قد لا أعرف الكثير، لكنني أعلم يقينًا أن ما يجري الآن غير صحيح.”
وغاص بصرها في أيون سول المريضة، كأنها تلوم نفسها.
“أنا بلا قوة وبلا نفوذ، ولهذا السبب بالذات صارت ايون-سول في هذه الحالة.”
ناداها ها دوون ليوقفها:
“يا آنسة…”
لكنها هزت رأسها نافية:
“سأصير قوية. قوية بما يكفي كي لا يجرؤ أحد على المساس بأحبتي.”
ثم أضافت، وعيناها تلمعان بالتصميم:
“وسأحرص أن لا يتكرر هذا أبدًا.”
رفعت وجهها نحوه بصدق لم يسبق أن أظهرته:
“لذلك… ساعدني.”
لم تكن متأكدة إن كان سيقبل طلبها أو سيرفضه، لكنها في تلك اللحظة لم تملك خيارًا آخر.
‘حتى لو قال إنه لا يثق بي، أو إنه لا يستطيع، فلن ألومه. لكن… ليس عندي أحد غيره وغير ايون سول.’
كانت متوترة للغاية وهي تنتظر جوابه، رفعت رأسها تنظر إليه برجاء.
عندها، انحنى ها دوون قليلًا وقال بجدية:
“سأكون سيفكِ، في أي وقت وأي مكان.”
اتسعت عينا سُول ها بدهشة، وتجمد نفسها.
أكمل قائلاً بثبات:
“لذلك… لا تطلبي مني كرجاء، بل أعطيني أوامر.”
كلماته كانت صريحة خالية من أي تردد. شعرت سُول ها بقلبها يتوقف لحظة.
همست بارتباك:
“أأنت… هل فهمت حقًا ما أعنيه بكلامي؟”
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 11"