كان عليها بطبيعة الحال أن تختار أفراد بيت “كِيم”. لكن إن فعلت، فسوف تنتشر الأقاويل في كل مكان بأنها أحنَت رأسها أمام كِيم سولهـا. وإن حدث ذلك،
‘ستصبّ سيدتي جم غضبها عليّ!’
لقد كان مأزقًا بلا مهرب.
كانت تحاول أن تتظاهر بالتماسك، غير أنّ ارتباك هونغ يونغ-ريونغ كان يفضحها. عندها تقدّمت كِيم سولهـا بخطوة إلى الأمام.
ارتدّت هونغ يونغ-ريونغ غريزيًا للوراء، ثم تماسكت بسرعة وهي تحدّق فيها بارتباك.
“لا أفهم ما الذي تعنينه يا آنسة.”
قالت ذلك وهي تبتسم بتكلّف محاولةً التهرّب من السؤال، لكن كِيم سولهـا أشارت بأصابعها في الهواء وكأنها تعبث.
“أظنّكِ واهمة يا سيدتي.”
“هاه؟”
“هل أبدو لكِ طفلةً خجولة، منطوية على نفسها؟ مع أنّ أولاد عمومتي – كما يُقال – يفرّون من وجهي فرارهم من الطاعون؟”
زفرت زفرةً متصنّعة وهي تفرد راحتَيها، بينما ظلت هونغ يونغ-لِن تراقبها بعينين قلقتين، متوجّسة مما تخطّط له.
“أوَ يكون قد شاع عني أنّي أتحمّل تنمّر أبناء عمي دون ردّ؟”
“لـ… لستُ أفهم قصدكِ.”
“الأمر في غاية البساطة. أنا أحقر مما تقول الشائعات، وأبناء عمومتي يعرفون ذلك جيدًا، لذلك ينحنون ذلًّا بعدما ينتزع شعرهم بين يديّ.”
حلّ صمت خانق، صمت جعل كل من في المكان كالفئران المذعورة، فالكلمات التي خرجت ببرودٍ جليدي لم تلائم فظاعة معناها.
“ولأنكِ تجهلين هذا، صرتِ تجرئين على الوقاحة. حسنًا… لا بأس أن أريكِ شيئًا مشابهًا.”
طرحت كِيم سولهـا وقارها أرضًا، فلا مكان هنا لهيبة النَسب ولا لسطوة الدم، ما لم تَدعمه قوّة حقيقيّة.
‘لا بأس… تأثير الكلام لم يكن كافيًا، إذن لا بدّ من المرحلة التالية.’
تقدّمت بخطى ثابتة وأمسكت بخصلات شعر هونغ يونغ-ريونغ بكل قوة، ثم ابتسمت ابتسامة واسعة، ابتسامة لا يليق بها سوى لقب المشاغبة المتمردة.
صرخت المرأة متوسّلة:
“سوء فهم! إنه سوء فهم يا آنسة!”
لكن حين حاول أحدهم التدخّل والإمساك بيد كِيم سولهـا، شهقت الأخيرة متصنّعة الألم:
“أوي! ذراعي تكاد تتحطّم!”
ارتدّ الجميع إلى الوراء، وقد رعبوا من العواقب؛ فهي – شئنا أم أبينا – حفيدة السيد الأكبر، وأكبر أحفاد بيت “كِيم”.
وحين وجدت نفسها بلا رقيب، شدّت شعر المرأة أكثر فأكثر.
“آآااه! أرجوكِ! أرجوكِ أطلقي سراح شعري!”
شعرت كِم سولهـا، وسط المشهد، أنها بالفعل تؤدّي دور “المشاغبة الوقحة” الذي يتداوله الناس عنها.
‘والحقّ أن الفارق بيني وبينها ليس كبيرًا.’
صحيح أن موقفها كان مليئًا بالظلم وسوء الفهم، لكن…
‘لا بأس. هذا الدور سيحمي ايون سول وها دو-وون إلى أن يحين وقتي الحقيقي.’
صرخت هونغ يونغ-ريونغ وقد تساقط شعرها مع كل هزّة:
“لقد أخطأت! لقد أخطأت!”
لكن كِيم سول هـا لم تقتنع.
‘ما زال عندها بعض العناد… فهي تزعم أنه خطأ عابر لا ذنب!’
وهذا بالذات دليل على صلابتها، وصلابة كهذه تليق بمقرّبة من تلك العمة الخبيثة.
‘حسنًا، يكفي إلى هذا الحد.’
أفلتت شعرها، فسقطت المرأة أرضًا على مؤخرتها مرتبكة، بينما ظلّت ملامح كِيم سولهـا متجمّدة بلا أثر للشفقة.
لم تزل صورة ايون-سول المضرّجة بالدماء تملأ قلبها بالذعر.
“ألديكِ شيء آخر تقولينه لي؟”
“لقد… لقد كنتُ مخطئة.”
“لا شك. لكن هل يكفي هذا؟”
حرّكت أصابعها في الهواء ببطء، كما لو كانت تستعيد ذكريات مهارتها في شدّ الشعر.
‘يا للعجب… الأمر ليس متعبًا كما ظننت.’
وبينما كانت تعبث بيدها، كانت هونغ يونغ-لِن تذوب خوفًا وتتراجع أكثر.
“لقد أخطأت! أرجوكِ!”
قالت كِيم سولهـا بنبرة باردة:
“على ما يبدو، تحتاجين أن تحفظي قوانين بيت كِيم من جديد، حتى لا تتجرئي ثانية على الزعم بأن قانون الدار الداخلية يسمو فوق قانون العائلة.”
أومأت المرأة برأسها كمن فُقدت روحها.
‘لقد كبّلتها لبعض الوقت، لكن ذلك لن يدوم طويلاً.’
عليها إذن أن تتحرّك قبل أن تُفلت الأمور مجددًا.
ابتسمت بخفّة وقالت:
“كما ترين، صحتي ليست على ما يُرام، وأعصابي… ليست من أهدأ ما يكون.”
انعكس على وجه المرأة تعبير يقول بوضوح: أجل، هذا واضح! فسارعت لتغييره، تهزّ رأسها بإيماء متكرّر.
“نعم، نعم بالطبع!”
“لذا، إن وجدتُ طعامي شحيحًا، أو شعرت ببردٍ يلسعني لأن ناري أُطفئت ليلًا… فسوف أغضب. وأنتِ لا ترغبين في رؤيتي غاضبة.”
تصلّبت ملامح هونغ يونغ-ريونغ. فقد فهمت التهديد بين السطور:
لو حاولتِ سرقة شيء بعد الآن… سأجعلكِ تندمين كما اليوم.
مالت كِيم سولهـا برأسها، وقالت بنبرة لاهية مرعبة:
“حين أفقد صوابي… قد أجد نفسي ممسكة بشَعر الناس.”
عمَّ صمت ثقيل.
ثم أضافت بابتسامة باردة:
“لكن لا تقلقي. فأنا لا أؤذي الأبرياء. أليس هذا أمرًا رائعًا؟”
وانتقلت نظراتها الحادّة إلى أولئك الذين شهدوا زورًا ضدّها، فارتجفوا جميعًا وتراجعوا خطوتين للخلف.
“لكن، إن تكرر مثل هذا الأمر مرة أخرى، أشعر أنني سأفقد صوابي من جديد.”
قالت كيم سولهـا بابتسامة لا تشبهها عادة، وهي تخلّص أصابعها من خصلة شعر متشابكة. لم تكن حركة ذات أهمية، لكن الجميع كان قد شهد قبل لحظات المشهد المريع الذي تلاها، لذلك أدركوا تمامًا ما تحمله من وقع ثقيل.
“آه، لا. وإن كنتِ فضوليّة، فجرّبي مرة أخرى إن شئت. سيقع أمر ممتع عندها.”
أنهت كلماتها، ثم استدارت وغادرت المكان. خلف ظهرها، بدأ همس الحاضرين الذين شاهدوا المشهد ينتشر كالنار في الهشيم.
“أتكون هذه هي طباع الآنسة التي لم تكن تغادر مخدعها أبدًا؟ نارية إلى هذا الحد؟”
“يا للبلاهة! أهذا وقت الثرثرة؟! إن تجرأ أحد على العبث مجددًا، فستزهق الأرواح لا محالة!”
كان الخدم الذين اعتادت هونغ يونغ-ريونغ احتقارهم والاستهزاء بهم يتحدثون بنبرة مفعمة بالانتشاء. بينما أولئك الذين كانوا يستفيدون من قربهم منها وتورّطوا في هذه الواقعة، شحبَت وجوههم من الخوف.
“طباع الآنسة… ليست عادية أبدًا.”
“لقد كانت تنظر إلينا كما لو كانت تحفظ وجوهنا عن ظهر قلب! ما العمل الآن؟!”
“لقد صمتت طويلاً بلا كلمة، فما بالها فجأة تقلب الأمور رأسًا على عقب!”
كانوا يتذمرون بوقاحة، لكن في الخلف، بعيدًا عنهم، ارتجفت أصوات بعض الشيوخ الذين صادفوا المشهد بأعينهم.
“أشعر أنني رأيت للتو شيئًا مرعبًا.”
“أأنت أيضًا رأيته يا شيخ غونسون؟ خُيّل إلي أن بصري قد خانني، أو أنني هرمت حتى صرت أهذي!”
“لِمَ… لِمَ ظهرت طفلة تملك الطبع الملعون نفسه الذي لدى زعيمنا؟!”
كان صراخهم أشبه بالارتعاش، ولم تختلف ردود الآخرين كثيرًا.
“انظروا! هذه الجريئة، ذكيّة اللسان، التي لا يتورع عن أي وسيلة وقت الحاجة، ألا تشبه تمامًا ذلك المجنون… كيم تشونغ؟!”
“لقد اطمأن قلبي حين لم يولد في العائلة أحد يشبهه! تبا! سألملم أمتعتي حالًا! فحتى وهو متآكل من السنين، يبقى كيم تشونغ أشدّ عنادًا وجنونًا! فكيف سنحتمل ظهور واحد مثله من جديد؟ أنا شخصيًا لا أستطيع!”
هؤلاء الشيوخ لم يكونوا أشخاصًا عاديين، بل رفقاء كيم غانغ-سوك (رئيس اتحاد “كيم رين” التجاري)، الذين عايشوه منذ شبابه وحتى شيخوخته. وما أن لمحوا في حفيدته كيم سولهـا ذات الملامح والطباع، حتى هبّوا وكأن نارًا شبت تحت أقدامهم.
“رويدكم… لا داعي للعجلة. ربما ورثت طباعه فقط دون أن ترث دهاءه أو قدراته.”
فلو كان الأمر كذلك، فلن تكون هناك مشكلة. يكفي فقط ألا يعملوا تحت قيادتها مباشرة.
لكن القلق ما زال يساورهم.
“ذكاؤها في تدبير الأمور يذكرني به تمامًا.”
“وإن لم يكن لها موهبة في التجارة، فسيكون الأمر أشد غرابة! أليس هذا إلا دهاءً خبيثًا؟”
“آه! أيها الشيخ غونسون، تماسَك!”
لكن غونسون لم يحتمل، وأمسك بعنقه وسقط أرضًا. فسارع الآخرون إلى رفعه وهم يضغطون ألسنتهم بقلق.
“لو كان عليّ أن أعمل مجددًا مع مجنون كَكيم تشونغ، فالموت أهون!”
إنها من الأمور التي لا يُدرك شناعتها إلا من خَبِرها. والعمل مع كيم غانغ-سوك واحد من تلك الأمور. لذا، حتى وهم يتذمرون، ظلت أعين الشيوخ مشدودة إلى الاتجاه الذي غادرت منه كيم سولهـا، بوجوه مفعمة بالقلق والريبة.
في تلك اللحظة، انطلقت عبارة باردة:
“وما جدوى الذكاء إن كان الجسد قد تحطم فلا يقوى على تعلم فنون القتال؟”
“أيها الشيخ غو!”
“إن زعيم اتحاد كيم رين لا بد أن يتقن فنونه القتالية. حتى لو امتلك المرء ذكاءً متفوقًا، فلا استثناء في هذا الأمر.”
تجمدت وجوه الشيوخ، وألقوا على الشيخ غو نظرات تحذير.
فالجميع يعلم أن اليوم الذي تحطم فيه جسد كيم سولهـا وفقدت القدرة على ممارسة الفنون القتالية، كان هو نفسه اليوم الذي فقدت فيه والديها، وخسر اتحاد كيم رين وريثيهما المبجلين.
“انتقِ كلماتك بعناية يا شيخ غو.”
“لم أقل سوى ا لحقيقة.”
أجاب ببرود، بينما كان يحدق في الاتجاه الذي غادرت منه كيم سولهـا. في داخله، كان يشعر بأن ريحًا جديدة على وشك أن تهبّ… لكنه لم يستطع بعد أن يحدد: أهي ريح خير أم عاصفة شر؟
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 10"