ظروفهم (7)
في الأصل، لم تكن كايلا شخصًا يتمتع بصحة جيدة. في لوسنفورد، كانت تصاب بالزكام بسهولة، و كانت حياتها مهددة بالالتهاب الرئوي، و كانت تعاني من تناول الأطعمة الخاطئة.
كان سكان الشمال الأقوياء الذين نجووا من طقس لوسنفورد القاسي ينظرون بازدراء إلى الدوقة الكبرى الضعيفة. لم تكتفِ بأخذ مكانة الدوقة الكبرى التي ظن الجميع أنها تعود ستكون بياتريس، بل إن خراب عائلتها جعلها عديمة الفائدة للوسنفورد، كما أنها كانت ضعيفة جسديًا أيضًا. الضعف كان خطيئة في لوسنفورد.
و لكن ماذا يمكن للمرء أن يفعل حيال بنيته الجسدية الفطرية؟ كانت كايلا شديدة الحذر بشأن صحتها، و لكن الحذر لم يمنع الأمراض من الحدوث. منذ البداية، لم تكن هناك طريقة يمكن لكايلا، التي وُلدت و نشأت في الجنوب، أن تتأقلم بها مع مناخ لوسنفورد القاسي. لقد وُلدت ضعيفة و نشأت ككنز ثمين.
“لا بأس إن غبتِ لمدة عشرين دقيقة تقريبًا.”
نظرت كايلا إلى بيون، الذي كان يقف بجانبها يتحدث بهدوء. كان صوته منخفضًا بشكل طبيعي و واضحًا جدًا، لذا يمكن سماعه بوضوح مهما تحدث بهدوء. أو ربما كانت أعصاب كايلا بأكملها مركزة دائمًا عليه، لذا كانت تحاول فهم كل ما يقوله على الفور.
“اذهبي.”
نظرته اللامبالية نحوها قبل أن يدير وجهه بعيدًا.
بالكاد استطاعت كايلا الرد على نظرة زوجها المعتادة تلك.
“لست مريضة…”
“لديكِ حمى، أليس كذلك؟”
كيف له ألا يلاحظ؟ لقد كانت واضحة لدرجة أن الجميع يمكن أن يراها. لم تكن تفعل شيئًا بشكل صحيح أبدًا. انكمشت كايلا بلا وعي.
كان صحيحًا أنها مريضة. منذ هذا الصباح، كانت حرارة غريبة تتسلل على طول ظهرها، و بدأت مفاصلها تؤلمها. كانت قوتها تنفد تدريجيًا. الحرارة كانت ترتفع أكثر فأكثر، تطعن رأسها.
هل كان ذلك لأنها ارتاحت بعد أن تأكدت أن والدها حي، أم بسبب التجربة غير المعقولة للموت و العودة إلى الماضي .
ما زالت تركض محاولة إرضاء الإمبراطور؟
كان البرد يخترق الفستان الشفاف المصنوع وفق أحدث صيحات الموضة، لكنها تحمّلته لأن الحدث بدأ للتو.
لم تتوقع أبدًا أن تتولى هذا الدور في هذه الحياة، لكن كل شيء كان يسير بشكل مختلف عن السابق، بدءًا من انهيار الإمبراطورة و بـقاء والدها حيًا. كان عليها أن تتحمل، كانت معتادة بالفعل على التحمل، و كانت واثقة.
“ارتدي شيئًا أكثر دفئًا. ما هذا الفستان؟”
تصلب وجه بيون قليلًا و هو ينظر إلى كايلا. في لوسنفورد، كان لا بد من ارتداء الفرو للبقاء على قيد الحياة. كانوا يشعرون بشيء من الطمأنينة عند تغطيتهم بالكامل بفراء الحيوانات، لكن في كرانيا، كان المجانين يقومون بالتضحية بصحتهم من أجل الموضة.
كيف يمكن لتلك الأقمشة الخفيفة أن توفر أي دفء؟ ليس من الغريب أن تصاب كايلا، الضعيفة أصلاً، بالحمى من كثرة العمل في التحضيرات. بارتدائها لذلك النوع من الملابس، ستصاب بمرض شديد بالتأكيد. ستتعرق بغزارة، غير قادرة حتى على التأوه، بل ستتحمّل بصمت لأيام.
“ادخلي الآن.”
الأبواب و النوافذ المفتوحة كانت تسمح للرياح الخارجية بالدخول إلى مكان الحدث.
“سيظنون أنكِ في مكان آخر.”
لكن كايلا فقط نظرت إليه دون أن تتحرك.
“بياتريس تبحث عنك. لماذا لا تذهب لرؤيتها؟”
على عكس الألقاب الرسمية التي كانت تستخدمها عادة، كان نبرتها هذه المرة طبيعية كما يتذكرها، و لـكنها كانت باردة للغاية.
“سأعتني بجسدي بنفسي. لن أنهار و أسبب لك أي إزعاج، لذا لا تقلق علي. فقط اذهب إلى بياتريس.”
أطلقت الأميرة الصغيرة تلك الكلمات و غـادرت جانبه بسرعة. حاول بيون إيقافها لكن الكثير من الناس اندفعوا بينهما. و أمام أولئك الذين كانوا يخاطبونها، أجبرت كايلا نفسها على رسم ابتسامة و واصلت مهامها.
“الوليمة؟”
“لقد راجعت كل شيء للتو، سمو الأميرة. لا توجد مشكلات حتى الآن.”
“حسنًا. تأكدي من إخباري إن حدث شيء.”
كان عليها أن تكون حاضرة في مقدمة وخلفية المسرح في الوقت نفسه. حتى و هي مريضة، كان عليها أن تصمد.
“سموكِ!”
تمت مناداة كايلا من كل الاتجاهات. إن أفسدت هذه الوليمة، فإن الإمبراطور الذي يقدّر المظاهر سيتصرف بطريقة رهيبة. يمكن أن تُقتل مرة أخرى بناءً على نزوة منه، يتم سحب الزناد لإرضاء مزاجه.
لذا لم تكن المشكلة في المرض. مثل هذه الأمور لم تكن مهمة أبدًا في وجه الموت. ما أهمية أن تكون مريضة قليلاً؟ لقد علمتها لوسنفورد كيف تتحمل، فقط عليها التحمل، هذه هي الطريقة الوحيدة لشق طريقها ولو قليلاً.
[مرة أخرى؟]
زوجها الذي من المفترض أن يكون عائلتها ، كان دائمًا يعبس عندما يُقال له انها مريضة “مرة أخرى”.
نعم، لا بد أنه كان يجد ذلك مزعجًا أيضًا. كم هو مزعج أن تكون امرأة مريضة دائمًا.
[اصطحبوا الدوقة الكبرى إلى الداخل.]
[الدوقة الكبرى إلى الداخل.]
[إلى الداخل.]
لذا عندما كانت مريضة، كانت دائمًا تُبعد عن ناظريه.
مريضة، إذن عليكِ الدخول.
مريضة، إذن توقفي.
مريضة، إذن يجب ألا تفعلي شيئًا.
في لوسنفورد، كانت كايلا تتضاءل أكثر فأكثر حتى لم يبقَ لها مكان تقف فيه. و بفضل ذلك، اعتادت على تحمّل المرض. و هذه المرة أيضًا، عندما رآها مريضة، كان من الواضح أنه يريد إزاحتها جانبًا. مجرد ادعاء بالاهتمام. لذا، لا ينبغي لها أن تتحمس لذلك بسذاجة، عليها أن تدير ظهرها له، و تطلب منه أن يذهب إلى بياتريس. هذا هو التصرف الصحيح.
بغض النظر عما تؤدي إليه هذه المحبة المطولة التي لا تنتهي، شعرت كايلا أن مجرد استمرارها كان ضروريًا لتشعر ببعض الارتياح.
“ألا تشعر سمو الأميرة بالبرد الشديد؟”
ابتسمت كايلا بابتسامة أكثر إشراقًا وسارت نحو الأمير إلكانان. وجعلت وجنتاها المتورّدتان الأميرة الساحرة تبدو محببة، فابتسم الأمير بدوره.
من حيث كان بيون واقفًا على بُعد، بدت ابتسامة كايلا هشة للغاية.
قد تنهار، غير قادرة على تحمّل البرد وهي تبتسم.
ستستلقي هناك و هي ترتجف بشدة، غير قادرة على إغلاق عينيها بينما يتوقف تنفسها فجأة.
كانت كايلا هشة جدًا. وفي الوقت نفسه، كانت متألقة جدًا.
“سمو الدوق الأكبر، يسعدني رؤيتكَ مجددًا في كرانيا!”
تصلبت كتفا بيون بشدة. ولم يلاحظ أحد أن صدره كان يعلو ويهبط في دهشة واضحة.
“كيف حال لوسنفورد؟ هل أنتم بخير، سمو الدوق الأكبر؟”
في كرانيا، كان هناك الكثير ممن يُعجبون بالدوق الأكبر.
أولئك الذين تمنوا فقط تحيته، الرجل الذي دافع عن الشمال بمفرده على الرغم من العيب الكبير بكونه ابنًا غير شرعيًا للإمبراطورة، اقتربوا منه. و بفضلهم، بالكاد استطاع بيون أن يدرك الواقع الذي كان يتدفق من حوله دون أن يهمه.
“لوسنفورد كما هي.”
أجاب بصعوبة، و هو ينتزع نظره غير اللائق من كايلا بالقوة و يجبر نفسه على ابداء تعبير رسمي. استمر لسانه تلقائيًا في محادثة مناسبة عن الطقس، وكيف يختلف مناخ الشمال عن هنا، وما إلى ذلك.
ومع ذلك، كانت أعصابه المتوترة مركزة بالكامل على المرأة المحمومة التي كانت تبتسم. كان يعلم أنه لم يعد من حقه القلق. لم يكن له الحق في أن يفعل ذلك بجسارة.
كانت هناك بالفعل شائعات عن تحالف زواج محتمل بين كيروزان و إمبراطورية كرانيا. فالتحالفات تُثبت في النهاية من خلال الزواج بعد كل شيء. ومن هذه الناحية، بدا الأمير إلكانان و أميرة أوستين ثنائيًا متوافقًا جيدًا.
“يا له من ثنائي وسيم.”
“و فارق العمر مناسب تمامًا أيضًا.”
ما إن ذكر الإمبراطور ذلك، حتى بدأ الجميع يومئون بالموافقة. ربما قال بعضهم ذلك لإرضاء الإمبراطور، لكن أي شخص يمكنه أن يرى أنهما يناسبان بعضهما جيدًا. لذا يجب التأكيد بشكل أقوى على أن الإمبراطور كان على حق هذه المرة أيضًا.
الإمبراطور يرى كل شيء، ويسمع كل شيء—كان هو الشمس الحاضرة في كل مكان. كانت عيونه و آذانه في أرجاء الإمبراطورية.
حتى في لوسنفورد، تلك الأرض التي يحكمها البرد القارس، كان يمكنه التمييز من داخل القصر ما إذا كان الدوق الأكبر يدافع عن الإمبراطورية بشكل صحيح أم يضمر نوايا أخرى.
“بالطبع جلالة الإمبراطور، الذي يلتزم بوصية الإمبراطور الراحل، لن يفشل في ترتيب زواج ابنة أخيه.”
“يا لطف جلالته. على الرغم من انهيار الإمبراطورة، لا يهمل دوره كـعمّ عطوف.”
كان هذا التملق المفرط كافيًا لأن يُفسد الأذنين. كان الإمبراطور يحب أن يُنظر إليه بطريقة معينة.
كان يحب بشكل خاص أن يُمدح على أنه عطوف، خيّر، و لطيف. وبما أنه لم يكن كذلك فعليًا، فقد تمسّك بذلك المديح بدلًا من ذلك. و إذا استمرّ الناس في تكرارها، كان يؤمن حقًا أنه يمتلكها.
كان بيون مغرورًا على نحو مماثل للإمبراطور. كان يظن فعلًا أنه سيدٌ صالح. لذلك وثق بأهالي لوسنفورد، وثق ببياتريس، لكنه فقد تدريجيًا إيمانه بكايلا. كانت تلك الغطرسة شديدة لـدرجة أن الهزيمة و الموت وحدهما كانا كفيلين بكسرها.
فأدار ظهره للنور الذي كان يشتهيه، ودخل في الظلام الغامض بدلًا من ذلك.
كان الإمبراطور، يراقب كايلا والأمير إلكانان من بعيد بهدوء، و قد بدا واضحًا أنه جاء مباشرة من عند الإمبراطورة اليوم أيضًا. كانت الستائر تحيط به لتحجب ضوء الشمس الساطع.
“هايبريون، أليس كذلك؟”
“نعم.”
أشار الإمبراطور بظلمة إلى بيون ليقترب. و حين اقترب، التفت الإمبراطور ليتأمله بدقة.
أدرك بيون فورًا أنه يبحث في وجهه عن آثار للمرأة التي لم يكن يحبها فقط، بل كان مهووسًا بها.
فـمنذ صغره، نجا بيون من القتل في الغالب بسبب شبه مظهره بالإمبراطورة – عيناه البنفسجيتان، ملامحه الرقيقة و اللطيفة المختبئة خلف حاجبيه القويين، و بشرته الناعمة.
سواء كان ذلك حظا أو شيئا مثيرًا للاشمئزاز، لم يُظهر بيون أيّ رد فعل. بعد أن مات و عـاد للحياة، كان ينبغي أن يكون قادرًا على تجاهل مثل هذه الأمور الآن. فبادر بيون بطرح شيء أكثر اشمئزازًا، وتصرف الإمبراطور تبعًا لذلك.
“بخصوص الزواج من ابنة الدوق موندي.”
“نعم.”
أومأ برأسه بثقل، مضيفًا بنبرة ذنب أن هذا كان أمرًا ينبغي أن يحدث منذ البداية.
“ليس في الحال، لكن كنت أنوي ذلك بعد أن تستيقظ الإمبراطورة.”
تحدث عن قصة والدته وقال ببساطة: “هذا كان المخطط”. كان عليه أن يتحرك قبل أن تتمكن بياتريس من إيقاف هذا الزواج من التقدم أكثر. كان بحاجة إلى أن يمسك بها بسرعة و يُشعل هذا الجحيم.
حياة زوجية سعيدة؟ لا ينبغي لشيء كهذا أن يكون له مكان في حياته. بعد أن تسبب في تجويع زوجته السليمة حتى الموت، أي نوع من الحياة الزوجية السعيدة سيحلم بها؟ ينبغي أن تكون حياته مليئة فقط بالمرارة و العذاب المقفر.
“هايبريون، كم عمركَ الآن؟ لقد تجاوزت السن التي ينبغي أن تكون فيها خطبتك و زواجك قد حدثا منذ زمن.”
“ثمانية وعشرون، يا جلالة الإمبراطور.”
لقد تجاوز السن المناسب للزواج منذ وقت طويل.
“أنا… كان يجب أن أكون أكثر انتباهًا.”
“مجرد ذكركَ للأمر يُعدّ فضلًا، يا جلالة الإمبراطور.”,
“لا، لا.”
لوّح الإمبراطور بيده باستخفاف.
“كيف لي أن أهملكَ و أنتَ ابن الإمبراطورة؟ ابن الإمبراطورة، هو ابني كذلك.”
كان وصفه بابن الإمبراطور مثيرًا للاشمئزاز، ومع ذلك تعلم بيون كيف يُخفي مشاعره. إن كان قادرًا على أن يموت ميتة بائسة، مثقوبًا بالسهام و الرماح إلى جانب زوجته المقتولة، فبوسعه أن يتحمل هذا القدر.
لم يكن هناك احتمال كبير أصلا بأن يمنحه الإمبراطور ما طلبه على أي حال. هو فقط يقول مثل هذه الأمور، لكنه في النهاية سيؤكد مرة أخرى أن بيون لا يزال قطعة ثمينة يمكن لبياتريس استخدامها، و يكتفي بذلك.
ولكن إن غيّر الإمبراطور رأيه وسمح له بالزواج من بياتريس؟ فلن يكون ذلك سيئًا أيضًا. فبعد عودته إلى هذه الحياة، لم يتبقَ له شيء سوى الانتقام على أية حال. لذا كلتا الحالتين تناسبانه.
“… كيف حال الإمبراطورة، يا جلالة الإمبراطور؟”
لم يكن بوسعه أن ينادي والدته بـأمي أمام الإمبراطور. حتى هذا الفعل البسيط، لم يكن ليتسامح معه الإمبراطور.
حين كان طفلًا صغيرًا، تعرّض للتوبيخ الشديد لأنه لم يستخدم الألقاب المناسبة. لم يكن الإمبراطور يريد الاعتراف بأن هناك مشكلة فيه تمنع الإمبراطورة من الحمل، و كان يحتقر وجود بيون كدليل على أنه لا مشكلة في الإمبراطورة.
ومع ذلك، إن لم يهتم بيون بوالدته، فإن هذا الإمبراطور نفسه كان سيتهمه بأنه ابن عاق.
“لا تزال كما هي.”
تمتم الإمبراطور، و هو يربت على وجهه النحيل.
“لا تزال فاقدة للوعي. الأطباء عديمو الفائدة تمامًا. أو ربما لم يتقدم الطب الحديث إلى هذا الحد بعد. لم يتمكنوا حتى من تحديد السبب.”
لا، في الواقع، تَكهّن الأطباء المشهورون المدرجون في الأكاديمية الطبية الإمبراطورية بأن الإمبراطورة قد انهارت بسبب توبيخ الإمبراطور المستمر و تعذيبه الدائم لطفلها غير الشرعي.
و حتى انهم تساءلوا عمّا إذا كانت الغرفة الممتلئة بالأدوات السحرية التي وُجدت فيها الإمبراطورة قد تعطلت – تلك الأدوات السحرية التي كانت تمثل عيون الإمبراطور و آذانه.
لكن لم يكن بمقدور أيٍّ منهم أن يُفصح عن تلك الأفكار أمام الإمبراطور.
“فهمت.”
خفّض بيون عينيه، متظاهرًا بحزن مناسب.
“بدلًا من الإمبراطورة، كان يجب أن أكون أنا من يعتني بك.”
“أعتذر عن قول مثل هذه الكلمات في ظل اضطرابكَ العاطفي، يا جلالة الإمبراطور. بعد تفكير طويل، شعرت أن قيامي بدوري الذي أوكلتموه إليّ كما يجب، هو الطريقة التي أستطيع بها أن أردّ لكما الجميل.”
“نعم، نعم، نعم. أنتَ على حق.”
أومأ الإمبراطور مرارًا، و هو يتمتم بأن بيون على حق.
“ليت غريغوري يشبهك ولو قليلًا. ذلك الفتى لا يملك أي حس.”
طفل يشبه الإمبراطورة – شيء كان الإمبراطور يرغب به بشدة، لكنه لم يتمكن من نيله في النهاية.
“لا يزال صغيرًا و لم تتح له الفرصة ليُظهر مواهبه، التي لم تشاهدوها بعد.”
لكن الإمبراطور لم يُجب. كان من الواضح أن غريغوري لا يزال دون المستوى في نظره، رغم كونه الابن المختار من بين أولاده غير الشرعيين.
“لا تقلق بشأن الشمال.”
“نعم.”
أومأ الإمبراطور و أغلق عينيه. حوّل بيون نظره بعيدًا.
على مسافة بعيدة ، كانت كايلا تضحك على نكات الأمير إلكانان.
بالنسبة لشخص نابض بالحياة كالأمير إلكانان، فإنه بلا شك سيُخرج الجانب الحيوي الخفي من كايلا جيدًا، رغم شخصيتها الهادئة المهذبة كالسيدات.
هو لا يُقارن بشخص كئيب وفظ مثل بيون، الذي انتهى به الأمر إلى قتل زوجته فقط من مراقبته للنساء الأخريات.
كايلا، التي صمدت حتى النهاية في لوسنفورد، ستكون أفضل حالًا في كيروزان. فالبلد الجنوبي الدافئ سيفيد صحتها، كما أنها ستتمكن من الابتعاد قليلًا عن الحرب القادمة في إمبراطورية كرانيا.
لا، حتى و إن لم تستطع تجنّبها، كان على بيون أن يتأكد من ذلك. هذه المرة، يجب على كايلا أن تعيش حياة طويلة و سليمة دون أن تختبر الحرب، بدلًا من أن تموت عبثًا في لوسنفورد مرة أخرى.
هذا هو ما فكر فيه بيون و خطط له.
و مع أن الإمبراطور كان قادرًا على تحمّل كل شيء، إلا أن بيون وجد صعوبة في التخلي عن قلقه حيال مرض كايلا. كانت لا تزال تجذب انتباهه.
التعليقات لهذا الفصل " 9"