“لماذا؟”
غريغوري، الابن غير الشرعي المعترف به للإمبراطور والوريث المفترض الذي نال لقب ولي العهد، لم يكن راضيًا عن حالة القصر الإمبراطوري في الآونة الأخيرة.
بدا وكأن والده بدأ يفقد صوابه.
“إنها أوامر ملكية.”
الحراس والفرسان الذين كانوا يرافقون الإمبراطور ويحرسونه لم يسمحوا له بتجاوز هذا الباب.
فقط من أذن لهم الإمبراطور كان بإمكانهم دخول هذا الباب ومقابلته.
وغريغوري لم يكن من بينهم.
ولي العهد، الذي لم يجرؤ على تحدي الإمبراطور، واجه دوق لوسينفورد الكبير وجهًا لوجه، وكان الأخير يسير من خلفه.
وهو أحد ثلاثة فقط في الإمبراطورية يحملون اللقب نفسه.
وعلى عكس غريغوري، كان طويل القامة وله بنية جسدية تناسب المعطف أو الرداء ذي الأكمام الطويلة والسميكة الخاص بالعائلة الملكية.
لم يكن بحاجة إلى الزينة أو شارات الكتف البراقة أو الشُرابات التي يرتديها غريغوري..
وقبل كل شيء، فإن أسلوب لوسنفورد الفريد في ارتداء عباءة على كتف واحدة، تاركًا الأخرى مكشوفة تمامًا مع ذراعه القوية، كان يبرز رجولته القوية.
لهذا السبب، كان غريغوري دائمًا يشعر بالخوف من الدوق الأكبر، الذي يكبره بسبع سنوات.
“هل سموك ، الشمس الثانية للإمبراطورية وصلتَ أولا؟”
كان الدوق الأكبر حادًا في تصرفاته مثل السيف، مما جعل التعامل معه أكثر صعوبة.
ثماني سنوات قضاها الإمبراطور في محاولة لإنجاب وريث من الإمبراطورة كانت كلها بسبب بيون الموهوب بشكل استثنائي. فعل الإمبراطور كل ما في وسعه، لكن الإمبراطورة لم تنجب طفلًا آخر بعد بيون.
“لقد مضى وقت طويل، الدوق الأكبر.”
على عكس صوت بيون العميق والقوي، ظل صوت غريغوري في رده يحمل بعض الصبغة الطفولية. لذا، ارتبك داخليًا بلا سبب.
“نعم، لقد مضى وقت طويل. يبدو أنك أتيت لتقديم احترامك لجلالة الإمبراطور.”
“كنت فضوليًا بشأن حالة جلالة الإمبراطورة.”
كان غريغوري يعلم أن ولي العهد يجب أن يكون أكثر وقارًا. وبشكل طبيعي، تذكر نظرات الإمبراطور الحادة التي كانت تقيّمه.
لا إراديًا، هزّ غريغوري كتفيه. كل شيء كان مرهقًا، مما جعله يشعر فجأة بالاستياء والانزعاج. لقد كان يبذل قصارى جهده حقًا.
“نعم، الجميع قلقون.”
أومأ بيون برأسه. على الرغم من أن والدته كانت في غيبوبة، إلا أنه بدا هادئًا للغاية.
بما أن الإمبراطور كان يقارن غريغوري بكل شيء، يبدو أن بيون يعرف كيف يتحكم في مشاعره. فسأل غريغوري بيون، الذي كان أكبر منه بكثير:
“هل أنت بخير، الدوق الأكبر؟”
“هل تقصدني؟”
“أنا أسألك لأنك تبدو كما أنتَ دائمًا.”
بالنسبة لبيون الدوق الأكبر لـلوسنفورد، لم يكن الأمر أنه لم يشعر بالحزن عندما سقطت الإمبراطورة مريضة. لقد شعر بالحزن، لكنه شعر بالتحرر أكثر من الحزن.
حتى انه ظن أن هذا الوضع قد يكون أفضل. كانت حياة والدته كالجحيم، فهل يمكن أن تكون أكثر حرية إذا دخلت في غيبوبة؟
ربما، بعد أن عانى من تعذيب الإمبراطور، بدا أن بيون نفسه فقد عقله. من أجل البقاء في هذا الجحيم، كان على أي شخص أن يكون مجنونًا بعض الشيء.
“بالنسبة لأي شخص، فإن انهيار والدته أمر صادم.”
أجاب الدوق الأكبر بهدوء. وانقطعت المحادثة بينهما بشكل طبيعي بسبب ظهور الدوق أوستين.
“تفضلا بالدخول، صاحب السمو، و انتَ أيضا أيها الدوق.”
بينما كانا على وشك تبادل التحية، اقترب الخادم. لم تتضمن كلماته لقب ولي العهد.
نعم. هناك شخصان فقط يمكنهما دخول ذلك الباب الذي لا يستطيع حتى ولي العهد دخوله. الدوق أوستين ودوق لوسنفورد الأكبر.
أحدهما هو سيد دوقية أوستين المعترف به من قبل الإمبراطور السابق وعضو في العائلة الملكية، والآخر هو الدوق الأكبر المعترف به من قبل الإمبراطور الحالي، لذا فإن مكانته عظيمة. لم يكن ينبغي لولي العهد أن يُدفع جانبًا، لكنه لم يكن شيئًا يمكنه الاعتراض عليه أيضًا.
تركوا غريغوري وحده، وأُغلق الباب بإحكام مرة أخرى.
****
ظلت الإمبراطورة، التي كان من المتوقع أن تستيقظ قريبًا، في غيبوبة، وكان النبلاء يحبسون أنفاسهم ويراقبون القصر الملكي، غير قادرين حتى على إقامة مأدبة أو حفلات موسيقية صاخبة.
كان الجميع يصلّون من أجل تعافي الإمبراطورة. حتى مع كونها قد ارتكبت الزنا ولم تتمكن حتى من الظهور في المناسبات الرسمية، إلا أنهم اضطروا إلى التواضع لأن الإمبراطور، الذي يمتلك السلطة المطلقة، كان يعتني بها شخصيًا.
وأولئك الذين كان لديهم الامتياز لدخول القصر الملكي أرادوا بطبيعة الحال الدخول إليه، لكن حتى ذلك لم يكن سهلًا.
الإمبراطور، الذي كان بانتظارهم بالفعل في قصر ألتاين، يملك أخاه غير الشقيق، وابنته، والدوق الأكبر لوسينفورد، ولم يكن بحاجة إلى رجال آخرين.
أما ولي العهد، الذي كان يقدّم طلبًا رسميًا للقاء، فقد زاد من غضب الإمبراطور، ناهيك عن الذين هم دونه رتبة.
بفضل ذلك، تمكن الدوق الأكبر لوسنفورد، وكايلا مع والدها، من الدخول والخروج من القصر الملكي.
كانت الحجة الظاهرة هي الصلاة من أجل تعافي الإمبراطورة، لكن في الواقع، كانت كايلا تأتي دائمًا إلى القصر الملكي لأنها لم تعد قادرة على رؤية والدها و هو يواجه الإمبراطور.
‘يا للراحة. إنه لمن حسن الحظ حقا أن جلالة الإمبراطور لم يعد يهتم بأمر والدي بسبب سقوط جلالة الإمبراطورة.’
ربما يمكنها أن تعيش أكثر من متوسط عمر حصان الحرب الخاص بعائلة لوسنفورد. لم تكن تعرف إن كان ذلك أمرًا جيدًا أم سيئًا.
ثم ناداها أحدهم وكأنه يعرفها.
“يا إلهي، من لدينا هنا؟ أليست هذه أميرتنا؟”
كانت والدة و ابنة عائلة رافالي تقتربان منها. ماريا لويسا رافالي، دوقة موندي، المعروفة بشخصيتها المنعشة و كرمها، كانت صديقة الإمبراطورة وغالبًا ما كانت تهتم ببيون عندما كان صغيرًا.
وبسبب ذلك، أصبحت بياتريس رافالي أول حب لبيون وصديقة طفولته الوحيدة. وفي كل مرة كانت كايلا تزور القصر الملكي، كان بيون دائمًا مع بياتريس.
أمام بياتريس، التي كان يُشاد بجمالها وكأنها حسناء القرن، كانت كايلا تشعر وكأنها مجرد شيء موضوع في معرض فني.
ربما لأن كايلا كانت تفقد تمامًا حضورها أمام بيون. بالإضافة إلى ذلك، فإن تقدير الذات لديها قد احترق حتى لم يتبق منه سوى رماد أسود في أعماقها.
“آه، إنك تزدادين جمالًا أكثر فأكثر. لقد مر وقت طويل.”
في كل مرة يحدث هذا، تدرك كايلا مرة أخرى أن هذه هي الحقيقة. إحساس واضح بالنقص يجعلها تدرك أن هذا ليس مجرد حلم.
ألم يخترق العظام ينبع من كرامة غير معترف بها كزوجة، من شعورها بالإستياء، و من مشاعر لم يكن من الواضح ما إذا كانت غيرة أم إحساسًا بالنقص.
لم يكن هناك إشارة أوضح من هذا الألم الحاد. يا للمفارقة. ربما شعر الحاكم بالشفقة عليها حقًا.
ابتسمت كايلا مثل أي أميرة في الحادية والعشرين من عمرها.
“نعم، لقد مر وقت طويل، دوقة موندي. سيدة رافالي.”
في هذا الوقت، كانت دوقة موندي ترفع رأسها بفخر لأن ابنتها أصبحت زهرة المجتمع الراقي.
إذا استطاعت تزويج ابنتها لرجل مناسب، فقد كانت تأمل أن تتمكن من الهروب من الوضع المالي المزري الذي جعلها تضطر إلى هدم القلعة و بيع مواد البناء.
رؤية دوقة موندي، التي كان وجهها مشرقًا كالقمر المكتمل، وبياتريس رافالي، التي كانت جميلة دون أي زينة، جعل شيئًا أسود وحارقًا يتصاعد بداخل كايلا مرة أخرى.
“مرحبًا، كايلا.”
برؤية موقف بياتريس الغريب الذي يحمل لمحة من الحدة، و هي التي كانت تراها باستمرار منذ صغرها، كان من الواضح لكايلا أنها لا تزال متمسكة بالحادثة التي وقعت في قصر ألتاين.
أغلقت كايلا فمها لأنها لم تكن تريد أن تناديها بأختي.
“كيف حال جلالة الإمبراطورة؟ لم أستطع حتى الذهاب لرؤيتها. هل كان جلالة الإمبراطور غاضبًا جدًا؟”
بينما استمعت كايلا إلى نبرة دوقة موندي المليئة بالتكلف، غاصت في التفكير.
بغض النظر عن مدى محاولتها النهوض من جديد، فإن الفائزين سيظلون دائمًا بياتريس و الإمبراطور، اللذين كانا يقفان الآن بهدوء.
لذا انتظرت فقط أن تتحدث الأم الوقحة وغير المهذبة نيابة عنهما.
“لست متأكدة. لم أدخل إلى هناك أبدًا.”
“ماذا؟ لكنكِ فرد من العائلة الملكية و تزورين قصر ألتاين كثيرًا. ألا تعلمين شيئًا عن ذلك؟”
رغم ذلك، في إمبراطورية كرانيا، لم يكن من الممكن الموت بسلام دون خوض المعارك.
كانت دوقة موندي، التي كانت تعلم أن ابنتها قد طُردت من قصر ألتاين، تتحدث بنبرة حادّة عن قصد. حتى لو لم تكن كايلا هي من طردتها، فقد كانت هدفًا سهلًا، لذا كانت تعبر عن استيائها تجاهها.
“من يقوم برعاية جلالة الإمبراطورة هو جلالة الإمبراطور، أليس كذلك؟”
“أوه، ظننت أنكِ قد تعرفين شيئًا لأن جلالة الإمبراطور يعتز بكِ كثيرًا.”
هذه إحدى طرق التقليل من الشأن المتعارف عليها بين النبلاء. تعرضت كايلا لهذا كثيرًا لدرجة أنها لم تعد تشعر بأي قيمة للرد.
لقد كانت في الماضي ترد بجدية بل وحتى تهاجم بالمثل. لكن في النهاية، كانت هي من يظهر في موضع السخرية.
المرأة التي لا تملك عائلة قوية يعتمد عليها، والتي لا يعترف بها زوجها، كانت دائمًا تعيسة. لم يكن هناك أي عاطفة أو ذكريات من الطفولة في حياتها الزوجية. وكان بيون هو أول من تجاهل تلك العاطفة وتلك الذكريات.
“حتى لو كنتِ فردًا من العائلة الملكية، فأنتِ في وضع لا يمكنكِ فيه سوى الجلوس مكتوفة الأيدي. نحن لسنا مختلفات، صحيح؟”
لم ترغب كايلا في الرد على الكلمات العنيدة التي كانت تحاول بأي وسيلة التقليل منها و إثبات أنهما في نفس الوضع.
إذا لم تكن تبتسم، فإن وجهها يبدو باردًا، لذا حتى لو اكتفت بالنظر، كانت دوقة موندي ستفهم ما كانت تفكر فيه.
لم تكن تريد الفوز بأي حال، وكانت تعرف أن بياتريس تمتلك بيون إلى جانبها، لذا لم يكن لديها ما تقوله سوى أن تتمنى لهما التوفيق. أو ربما لم يكن لديها حتى الطاقة للتحدث.
“كايلا. جلالة الإمبراطور يبحث عنكِ. لنذهب.”
صوت قوي و واضح هز الأميرة المتراخية وأيقظها.
“أوه، يا إلهي، دوقنا بي…”
احمرّ وجه دوقة موندي، ولكن التحية التي كانت تنوي قولها، والتي كانت أعلى بعدة نغمات مقارنة بنبرة حديثها مع كايلا، انقطعت في منتصفها.
“مرحبًا بكما.”
ألقى بيون تحيته غير المبالية لكل من دوقة موندي وبياتريس دفعة واحدة، بينما كان نظره موجّهًا إلى كايلا فقط.
“لنذهب.”
وكأنه على وشك مرافقة سيدة بصفته رجلاً نبيلاً، مد يده لها بشكل طبيعي.
‘لماذا يتصرف بهذه الطريقة؟’
بيون، الذي كانت بياتريس سعيدة برؤيته، لم ينظر إليها إلا بجسده بل و ألقى فقط تحية غير مبالية كانت بالكاد مهذبة قائلا ، “مرحبًا بكما.”
نظرت كايلا إلى بيون وكأنه يتصرف بغرابة شديدة. لكنه مد يده أكثر وأشار لها أن تمسك بها، فلم يكن أمامها خيار سوى أن تضع يدها اليسرى على يده.
“إذن، دوقة، سأذهب الآن.”
بعد أن حيت كايلا دوقة موندي، استدارت بسرعة.
‘ربما كان بيون يتصرف بحذر لأنه مكان رسمي. لا تفكري في الأمر كثيرًا. ‘
أخذت كايلا خطوة. لا ، بينما كانت تحاول أن تأخذ خطوة.
“دوقة، يجب أن تكوني أكثر حذرًا في القصر الملكي. إنه مكان تنتشر فيه أعين وأذان جلالة الإمبراطور في كل مكان.”
توقفت كايلا عن المشي دون وعي عند سماع صوت بيون الهادئ.
كان يقف ثابتًا في مكانه، ناظرًا مباشرة إلى دوقة موندي وهو يتحدث.
“أخشى أن يسمعكِ شخص يعرف الفرق بين الدوقة و الأميرة. إذن، أستأذنكما.”
أمسك بيون يد كايلا، ثم جذبها برفق. تبعته كايلا على مضض، لأنها لم تكن تدرك بعد ما الذي كان يحدث. على أي حال، كان عليها مغادرة المكان الذي انفجرت فيه القنبلة للتو.
قبل لحظات، قام بيون بوضوح بتحديد الفرق بين دوقية أوستين و دوقية موندي لصديقة والدته، التي كانت تهتم به في كثير من الأحيان نيابة عن والدته.
كيف تجرؤ دوقة موندي على التصرف بهذه الطريقة تجاه أميرة أوستين؟ لقد قال كل ذلك بكل لباقة و أدب.
بحلول صباح الغد، لا، بحلول بعد ظهر اليوم، سينتشر هذا الخبر في جميع أنحاء العاصمة كراين.
في القصر الملكي، حيث تجمع النبلاء بسبب الأخبار عن حالة الإمبراطورة الحرجة، تسبب الدوق الأكبر لوسنفورد في ضجة كبيرة.
علاوة على ذلك، كانت هناك نظرات حارقة معلقة على رأس و ظهر كايلا.
“أنا آسف، كايلا. لقد أخرجوا غضبهم عليكِ بسبب ما حدث في قصر ألتاين المرة الماضية. إنه خطأي. أنا آسف.”
بعد أن مشى بيون قليلاً وأخذ مسافة كافية، اعتذر أولًا.
“لا، لا بأس.”
خرجت كلمات التواضع الرسمي تلقائيًا من فم كايلا، وكأنها أمر طبيعي.
“يبدو أنّ لا أحد منا بخير.”
ابتسم بيون بسخرية، لكنه لم يترك يد كايلا التي كان يمسك بها.
“أنا آسف. سأحرص على ألا تسمعي مثل هذه الكلمات مرة أخرى.”
“حقًا، لا بأس…”
“الأمر ليس لا بأس به. ان يجب أن أكون أنا من يسمع تلك الكلمات وليس أنتِ. علاوة على ذلك، القول بأن العائلة المالكة و النبلاء متساوون تجاوز الحد.”
الطبيعة الباردة والعقلانية لبيون، التي كانت دائمًا موجهة نحوها، لم تكن موجهة إليها هذه المرة بل إلى دوقة موندي. لكن كايلا كانت معتادة على تلك البرودة، فهزت كتفيها قليلاً.
‘لم يكن يجب أن نتزوج.’
لو لم يتزوجا، لكانا صديقين، أدركت ذلك مرة أخرى. كان لطيفًا جدًا قبل الزواج.
لا أعرف أي شيء آخر، لكن هذه المرة، يجب ألا أتزوج هذا الرجل أبدًا. أبدًا.
طالما أن والدي لا يزال حيًا، فلن تكون هناك حاجة للزواج.
الإمبراطور سيكون مشغولًا بهز بيون من خلال استخدام بياتريس كرهينة.
شعرت كايلا بالارتياح لأنها لن تضطر إلى رؤية زوجها يفقد عقله بسبب امرأة أخرى. هذه المرة، ازدادت فرصتها في الحصول على موت هادئ.
لكن في اللحظة التي حيت فيها الإمبراطور في غرفة الاستقبال خارج غرفة نوم الإمبراطورة، تحطمت آمالها بكلمات الإمبراطور التي استقبلها بها.
“يبدوان جيدين معًا وهما يدخلان.”
دوق أوستين، الذي دخل أولًا، اكتفى فقط بالابتسام قليلًا لكلمات أخيه غير الشقيق.
“برؤيتك تقول ذلك، يبدو أن جلالتك يفكر في تزويج أبنائه.”
لكن بيون غيّر مسار المحادثة بسهولة، بينما شعرت كايلا بعرق بارد يسري على ظهرها.
وكأن تيارًا باردًا يمر عبر عنقها. سارعت إلى ترك يد بيون.
“ذلك الفتى يبلغ من العمر ثمانية وعشرين عامًا بالفعل. والدته انهارت بتلك الطريقة، من غيري سيهتم بزواجه؟”
في رأي بيون، كان الإمبراطور يعرف كيف ينبح جيدًا. كان ينبح بلا فائدة و بكثرة.
من سيرغب طواعية في إعطاء ابنته لدوق لوسنفورد الأكبر، الذي يحمل كراهية الإمبراطور؟
ستكون دوقة موندي هي من تحتاج إلى ممتلكات الشمال.
لذلك، عندما مات والدها، ولم يكن لدى كايلا أي حماية، تم دفعها للزواج منه. لأنه لم يكن لديها شيء و لا أحد، كان مجرد تهديد بسيط يكفي للتلاعب بها.
“ما يهم هو أن تستعيد جلالة الإمبراطورة وعيها، أنا سأبقى كما أنا حتى لو تقدمت في العمر.”
بالنسبة للأميرة التعيسة، كان الحبل الوحيد الذي أمكنها التمسك به في ذلك الوقت هو الدوق الأكبر لوسنفورد.
و حتى ذلك الحبل كان حبلًا متعفنًا.
لم يستطع بيون تحمل النظر إلى كايلا، التي كانت تجلس بهدوء بجانبه، فأدار نظره بعيدًا بلا مبالاة.
إجبار نفسه على عدم النظر إليها كان شيئًا اعتاد عليه في حياته السابقة. إذا ألقى نظرة عليها، فسوف يحدق فيها، ثم يتحرك قلبه . والأهم من ذلك، سيكتشف الإمبراطور الحاد أن نقطة ضعفه هي كايلا.
لذا كان عليه ألا ينظر.
“ماذا تعني بالبقاء كما أنت؟ جرّب أن تصل إلى عمري، كل يوم يكون مختلفًا. أليس كذلك، أديو؟”
عندما أومأ أديو برأسه، أضاف بيون كلمة أخرى بلا مبالاة.
“جلالتك تعتني بجلالة الإمبراطورة شخصيًا. ولكن عليك أن تفكر أيضًا في الإمبراطورية وتبقى بصحة جيدة.”
بينما كان يلعنه في داخله كي يموت بسرعة، أصبح الآن قادرًا على تمني طول عمره بهدوء في العلن.
تدخل دوق أوستين ليؤيد كلماته.
“الدوق الأكبر على حق، يا جلالة الإمبراطور.”
“سمعت أن جلالتك لا تستطيع النوم، لذا أحضرت بعض الشاي الذي يساعد على النوم. تناول كوبًا قبل ساعة من نومك، يا صاحب الجلالة”
لكنه لم يستطع إلا أن ينظر إلى الصوت الخافت، والموقف المهذب، والحركة الحذرة بينما كان يضع السلة المليئة بالشاي.
كان عليه أن يقتلع عينيه الصافيتين اللتين تم غسل دماغه من قبل بهما.
لا، في الواقع إذا لم يكن لديه عيون، فسوف يطاردها بأذنيه، و إذا صمّت أذناه، فسوف يجسّ الهواء بيديه.
كان على بيون أن يعيد التوبة على خطاياه مرارًا و تكرارًا في داخله.
لقد تركها تموت جوعًا. لقد جعل الأميرة الثمينة تموت جوعًا. لم يكن لديه الحق في رؤيتها.
“شكرًا لكِ، كايلا. الوحيدة التي تعتني بي بهذه الرقة هي ابنة أخي.”
إنه أمر مضحك. سخرت كايلا في داخلها. الإمبراطور كان دائمًا يحتقر دوق أوستين باعتباره ابنًا غير شرعي، والآن أصبحت هي ابنة أخيه مرة أخرى.
حسنًا، لم يكن لديها ما تقوله، لأنها كانت تحاول تجنب الموت من خلال استرضاء الإمبراطور.
“حان الوقت، يقال أن هناك أميرًا قادمًا من كيروزان. كان هذا مقررًا مسبقًا، لذا لا يمكن إلغاؤه. لذا، كايلا، أريدكِ أن تجهزي مأدبة لاستقبال الأمير.”
تذكّر بيون أن أميرًا قادمًا من كيروزان. السبب في أنه تذكر ذلك هو أن ذلك الأمير كان أيضًا أحد المرشحين ليكون زوجًا للأميرة أوستين، وكان يُقارن به حتى النهاية.
كان المرشح ليكون زوج كايلا قادمًا عبر البحر.
التعليقات لهذا الفصل "5"