بيون، الذي أطفأَ جميع الأضواء، فكّرَ في جواسيس الإمبراطور الذين قد يكونون يراقبون من وراء الستائر و النوافذ. ليسَ فقط خارج النوافذ. بل سيكونون خارجَ ذلكَ الباب أيضًا.
نظرَ إلى كايلا، التي اختفت تمامًا تحتَ الغطاء.
حسنًا، من الأدقّ القول إنه نظر إلى كتلة الأغطية، لكن حتّى التجرؤ على النّظر كان يبدو ذنبًا بالنّسبة له ، لذا صرفَ بصره مجددًا.
كانت تصغره بسبعِ سنوات، أخت أصغر أمسكَ بيدها منذُ أن كانا طفلين. الأخت الصّغيرة يجبُ أن تبقى أختًا. لذا عليه أن يتمالكَ نفسه.
لكن لماذا انزلقت كايلا إلى السّرير دونَ اعتبار لوجوده؟
لقد غيّرت طريقة كلامها فورَ الزواج، لكنها لم تُظهر أي وعيٍ بوجودهما معًا في غرفة النوم.
‘هل كانت لا تزال بريئة إلى هذا الحدّ؟’
هل هي كذلك؟ لم يكن متأكدًا.
لقد انتظرَ أطول فترةٍ ممكنة ثم دخلَ عندما ظـنَّ أن كايلا قد نامت.
كان خطأه أنه تجاهلَ أنّ تجهيزات السّيدات تستغرق دائمًا وقتًا أطول مما يُتوقع. شعرَ بقلبه يغوص عندما رأى كايلا ممدّدةً على السرير، لكنها كانت لا تزال مستيقظة.
قالت إنها متعبة. و هو أمر مفهوم.
صوتها بالكاد يُسمع، و كاحلاها و قدماها كانتا متورمتين تحتَ قميص النوم الأبيض الذي ارتدته بعناية.
منظرها كان مثيرًا للشفقة.
رغمَ أنُه تفهّمَ تعبها، إلا أنه كان غريبًا كيف أن الأميرة تمدّدت بتلكَ العشوائية. ألا تخاف منه؟ بالتّأكيد هي أنها تلقّت تعليمًا حولَ ليلة الزفاف.
لا، لا.
هـزّ بيون رأسه.
مع كل الجلبة التي أثارتها بياتريس، قد تكون الأميرة قد تخلّتْ تمامًا عن فكرة العلاقات الزوجية.
في زواجهما السّابق، لم تكن هناك علاقة زوجيّة على الإطلاق.
ليكون دقيقًا أكثر، تركها بيون وحدها ليحافظَ على وفائه و عفّتـه ، و قد تعرّضت كايلا للإهانة و وُصفت بأنها “قطعة خشب، ليست امرأة حتّى” بسببه.
‘يجبُ ألّا يحدث مثل هذا الحديث مرّةً أخرى.’
يجبُ ألا يحدثَ أبدًا.
من الأفضل أن تنتشرَ شائعات عنه هو .
و ذلكَ سيعطي كايلا سببًا مشروعًا للطّلاق لاحقًا. إذا كان لا بدّ من الإشارة إلى أحدٍ في هذا الزواج، فيجب أن يكون بيون.
لن يُكرّرَ نفسَ الخطأ أبدًا.
استدارَ عن كايلا و جلسَ على الأرض، لا على السرير. الحضور الذي شعرَ به خلفه كان هشًا بشكلٍ مثير للشفقة، و في الوقت نفسه، هشًا لدرجة أخافته.
نعم، كان مخيفًا أن يحاولَ حماية شخصٍ سبقَ أن حطّمه تمامًا، دونَ أن يُحدث جرحًا واحدًا.
بالنّسبةِ لشخصٍ لم يعرف سوى كيف يُحطم الأشياء و سيتعين عليه خوض الحروب بلا رحمة في المستقبل، كانت كايلا وجودًا محيّرًا للغاية.
جلسَ هناك في الظلام، يتأمل ذنوبه مرارًا وتكرارًا. لفترةٍ طويلة جدًا. حتى أصدرت كايلا، التي كانت ممدّدةً بلا حراك كالموتى، أخيرًا صوت خشخشة.
‘قدماي تؤلماني.’
كانت باطن قدميها تحترقان، و بدأت عضلات ساقيها في الألم متأخرًا. حتى عضلات فخذيها كانت تصرخ. كان الأمر مؤلمًا للغاية.
علاوةً على ذلك، كانت مستلقية على جانبها دونَ حركةٍ لوقتٍ طويل، بسببِ وعيها بوجود بيون، لذا كان جسدها كلّه مخدرًا.
‘هل أتصنّعُ الكلام أثناءَ النّوم و أتقلّب؟ أو أتظاهر بأنها عادة نوم؟ ماذا أفعل؟’
آه. كيف انتهى بها الأمر للقلق بشأنِ مثلِ هذه الأمور؟
بينما كانت منشغلةً جدًا بالتّفكير لماذا ذاك الرّجل جالس أسفل السرير دونَ حركة، انزلقت ساقاها المتقاطعتان.
صدرت خشخشة من الغطاء الربيعي الرقيق.
كتمت كايلا أنفاسها دونَ وعي. ظنّت أنها سمعت شيئًا.
اقتربتْ خطوات خفيفة و توقّفت أمامها بينما كانت تتظاهر بيأس بالنوم.
سمعت أيضًا شيئًا ثقيلًا يوضع على الأرض. ثم جلسَ بالقرب منها.
“كايلا.”
ارتفع توتّرها من خصرها عند سماع صوته المنخفض، لكنها لم تتحرك.
“أعلم أنكِ لا تستطعين النّوم، افتحي عينيكِ.”
في كلماته التي قال فيها إنها “لا تستطيع” النوم بدلًا من “ليست” نائمة، لم يكن أمام كايلا خيار سوى أن تفتحَ عينيها. كانت نظراته الموجّهة نحوها هادئة و مهذبة، بقدرِ صوته الذي بدا كأنه يعرف كل شيء.
كان قد سحبَ كرسيًا و جلسَ بجانب السرير.
“استمعي إليّ جيّدًا.”
ماذا ينوي أن يفعل؟ جلست كايلا.
“إذا لم نعالج هذا الآن، فستجدين صعوبة في النوم الليلة، و ستتألمين مجدّدًا غدًا. و بعد غد، ستتضاعف الآلام، و ستتورم قدماكِ مجدّدًا في الطريق إلى لوسينفورد.”
يداه، اللتان كانتا في الأصل طويلتين و ناعمتين لكن أصبحتا سميكتين و خشنتين من كثرة الإمساك بالسّيف، وُضعتا بهدوء على الغطاء. و تحتَ ذلك الغطاء كانت ساقان تصرخان من الألم بسببِ التورم.
انحنت كايلا برأسها عميقًا.
“لم أقدّر الوضع جيّدًا. أنا آسفة.”
أدركت أنه يقصد أن مرضَ الدوقة الكبرى أثناءَ الطريق إلى لوسينفورد سيؤخّر الموكب بذلك القدر.
سحبت كايلا الغطاء بسرعة و بدأت تدلكُ ساقيها. يدا النبيلة الرفيعتان، غير المعتادتان على التدليك، ضغطتا بشكلٍ أخرق فوق قميص النوم.
ظهرت عادةٌ قديمة لها.
مراقبة ردود الأفعال، تعديل تصرّفاتها على أمل الحصول على لمحةٍ واحدة، السّعي لأن تكون مفيدة لا عبئًا – الحبّ المؤلم من طرفٍ واحد.
ومن هنا جاءَ شعور الإحراج و الاعتذار لإحداثها مشكلة. إنه شعور مؤذٍ يجعلها تنسى قراراتها التي لا تُعدّ بالإقلاع، مهما قرّرت التوقف.
‘لقد قرّرتُ بوضوحٍ ألّا أهتم.’
لكن لماذا اعتذرتّ و أنا أشعرُ بالخجل و الأسف؟
لا يمكن أن يحدث هذا!
إنّه رجلٌ ينتمي إلى إمرأةٍ أخرى على أيّ حال، فما أهميّة ما إذا كان ينظرَ بشكلٍ سيئ؟ وبّخت نفسها و هي تفرك مواضع ألمها.
“لا، هذا ليس ما عنيته بكوني غير مدروس.”
بيون، الذي بدا مرتبكًا بوضوح، مسحَ فمه و أوقفَ يديها الخرقاء.
حتى في منعه لها، لم يجرؤ على لمسها.
كان حذرًا في كلّ شيءٍ في غرفة الزفاف.
اقتربَ منها و قال بلطف، ناظرًا في عينيها.
“كنتُ أعني أنّني أريد أن أساعد لأن الجدول القادم سيكون صعبًا. كنت أطلبُ إذنكِ. سأقوم بذلك من أجلكِ.”
لم تكن لديها مناعةٌ ضدّ كلمات رقيقة كهذه لم تسمعها من قبل.
هـزّت كايلا رأسها.
“أنا، يمكنني فعلها بنفسي.”
لم تستطع قبولَ عرضه. أو بالأحرى، كانت تعرف أنه لا ينبغي لها قبوله بعد الآن و كانت تحاول الحفاظ على رباطة جأشها.
ضغطت يداها على ساقيها بقوّةٍ أكبر دونَ قصد، مما جعلَ العظام تبرز بيضاء.
“كايلا.”
بعكسها، التي كانت تحاول جاهدًة التصرف كدوقة كبرى لائقة، كان هو لا يزال يخاطبها بطريقةٍ غير رسميّة. لم يعد يطابق طريقة خطابها الرسمية كما كان يفعل دائمًا.
“ستؤلمين يديكِ أكثر بهذا الشّكل.”
كان يبدو الوحيد المرتاح.
بالطبع، كانت كايلا الوحيدة التي ترتجف خوفًا و تراقبُ ردود أفعاله.
“سأفعل ذلكَ بطريقةٍ لا تجعلكِ غير مرتاحة.”
طلبَ إذنها بحذر.
“إذا كان ذلكَ غير مريح، يمكنكِ ركلي.”
لم يكن بإمكان كايلا أن تركلَ بيون أبدًا.
بنظرةٍ مترددة، وضعت يديها المتألّمتين جانبًا مؤقتًا.
“لا بأس.”
أومأت على مضض، مصرفة بصرها. يديه الكبيرتان رتبتا الغطاء الذي كان يغطّيها حتى ركبتيها كما لو أنه يقول إنه سيضغط فقط حتى هناك.
ثم بدأَ في الضغط بقوّة من قرب ركبتيها على فخذيها. و بينما بدأت العضلات المشدودة تصدر صوتًا، أطلقتْ كايلا صوتًا متألّمًا دونَ قصد .
كانَ مؤلمًا جدًا!
“أنا آسف. سأكون ألطف.”
ارتبكَ بيون من صوت الأميرة الصّغيرة المتألّم رغمَ جهده ليكون لطيفًا، فخفّفَ الضّغط أكثر.
“لا، لا بأس، لا بأس.”
كل شيءٍ على ما يرام.
هذا الموقف العبثيّ حيث يدلكُ ساقيها فجأةً، حقيقة أنها تزوّجت و مصيرها في الموت – كلّ شيءٍ كان على ما يرام.
لم يعد هناك جدوى من وضعِ قلبها في أيّ شيء. لذا كان كلّ شيءٍ على ما يرام بالنّسبةِ لها.
لم تكن ترغب في إضفاء أي معنى على اهتمامه و تصرفاته اللطيفة.
“ومع ذلك.”
في ليلةِ زفافهما، بينما كان يدلكّ ساقيّ عروسه الجديدة، تحدّثَ بهدوء و بشكلٍ متماسك.
“إنه مؤلم، أليس كذلك؟”
كانت مزحةً خفيفة.
لكن يديه الكبيرتين، الأكثر دفئًا قليلاً من حرارة الجسد العادية، لمست ساقيها دونَ أي نية خفية.
نعم . يبدو أنه أرادَ فقط المساعدة حقًّا.
كانت كايلا سعيدةً لأنها ذكّرت نفسها بعدم إضفاء أي معنى على شيء يتعلّق بـبيون.
ثم تنهّدت، متخلية حتى عن تلكَ الفكرة مع تصاعد الألم.
لقد مشت طويلاً بجسدٍ متشنّج حتى أن عضلاتها المتصلبة كانت تصرخ مع كلّ ضغطة. عبست كايلا بشدّة.
“تحمّلي الألم قليلاً. من الأفضل إخراجه كله الآن حتّى تكوني مرتاحة في المستقبل أيضًا.”
كانت عيناه البنفسجيتان تبدوان و كأنهما تنظران إليها بشفقة.
لا، لا بدّ أنه خيالها. يجبُ أن يكون خيالها.
يداه تحركتا بهدوء، أو ربّما بلا رحمة، نحو قدميها.
كان الألم شديدًا لدرجة أنها تمنّت أن يتوقف، لكن بيون تنهّدَ بينما كان يضغط على القدم الصغيرة التي كانت تناسب راحة يده تمامًا.
“لا عجب أنّ الأمر هكذا، بعد أن مشيتِ طويلًا على هذه القدمين.”
“لم أمشِ كثيرًا—…!”
لم تُكمل كلماتها قبل أن يقطعها ألم حادّ. هل يمكن أن يكون هذا مؤلمًا حقًا إلى هذا الحدّ؟
يقول البعض إن ليلة الزفاف تُستخدم لتكوين رابط ، لكن في ليلة زفاف كايلا الأولى، تُركت وحدها، و في الثّانية، شعرت بألمٍ غريب لم تختبره من قبل. كان ألمًا ممزوجًا براحة، إذ كانت تشعرُ بشعورٍ بالخفة بعده.
أمسكَ بيون بيدي كايلا، اللتين كانتا تقبضان بقوة لدرجةِ أن عظام أصابعها بدت واضحة، و جعلها تتكأ عليه.
“سوف يؤلـ— سوف يؤلمكَ.”
رؤية كايلا تحاول التّحدث بلغةٍ رسمية وهي في حالة ضيق جعلت بيون يضحكُ بخفة.
“ستحتاجين إلى قوّة قبضة أكبر بكثيرٍ لتؤذيني.”
لماذا تأتي الأرجل في أزواج؟ واحدة كانت لتكفي، لكن وجود اثنتين جعلَ الأمر صعبًا و محرجًا.
لم تكن لدى كايلا فرصةٌ للرّفض وهي تمسكُ كتفيه بشدّة .
بينما كان يعمل على ساقها الأخرى، مالت بجسدها أكثر نحوه، ممّا زادَ من ثقلها عليه.
لكن بيون لم يُظهر أيّ علامةٍ على الانزعاج. في الواقع، كان جسده كالصّخرة الثقيلة، لا يتأثّر بميولها عليه.
“و أيضًا كايلا، ناديني كما تشائين، و تحدّثي كما تحبّين. لا تشعري بأنكِ مقيّدة.”
هل كان منَ الممكن ألا تشعر بالإحراج من حوله؟ كايلا رأت أن ذلكَ مستحيل. كيف لا تشعر بالإحراج تجاهَ رجلٍ كان أخًا أكبر لطيفًا، ثم قطعَ كل شيء ببرود و ابتعد، دونَ أن ينظر خلفه أبدًا؟
كان بيون شخصًا لا يمكن التّنبؤ به، من الصّعب قراءة أفكاره الداخلية، ومع ذلكَ كان نبيلاً و وسيمًا في وحدته، من المستحيل عدم الإعجاب به.
“حين نكون فقط نحن الاثنين، لا حاجة للالتزام بالآداب.”
و الآن، بعد أن ماتت و عادت إلى الماضي لتقابله مجددًا، يهمس في أذنها بكلماتٍ لطيفة لم يكن ليقولها من قبل. رغمَ أنهما متزوجان، كان لطيفًا بما يكفي ليدلكَ ساقيها المتورمتين.
هل كان هذا هديّة لها، و هي التي تعبت من الأمل الكاذب؟
كان بيون لطيفًا و دافئًا لدرجةِ أنها أرادت أن تصدّق، لكن في الوقت نفسه، جعلها الحذر تخاف، غير قادرة على فهم سبب تصرفه بهذه الطريقة.
“أنا أستطيع أن أتأقلم معكِ.”
لم يكن هناك ردّ. فقط أنفاس غير منتظمة و شعر ناعم يلامس فكّـه و عنقه، و ثقل خفيف و هشّ يميل عليه أكثر. واسى بيون كايلا وهي تتألم.
” سوف تتمكّنين من النّوم براحةٍ أكبر.”
“حسنًا، توقّف…!”
كل ما أرادته هو أن ينتهي الأمر. لكن الألم في ساقيها، اللتين سلّمتهما له، كان يزداد.
نظرت كايلا إليه.
كان صوتها، الذي بالكادِ يُسمع ، يبعث على الشفقة.
حدّقَ بها بيون للحظة ، ثم أغلقَ عينيه بإحكام قبلَ أن يدير رأسه بعيدًا.
تماسك.
الجواسيس بالتّأكيد سيسيئون تفسير الأصوات الصّادرة من غرفة الزفاف و يرفعون تقريرًا للإمبراطور، لذلك عليَّ فقط أن أركّزَ و لا أخلطَ مشاعري الشّخصية. لا ينبغي أنْ أتفاعلَ مع تلكَ العيون المليئة بالدموع.
“لا بأس. ستشعرين بتحسّن بعد هذا. ألا تشعرين بالفرق الآن؟”
من وجهة نظر مَنٔ تكاد تبكي من الألم، كان ذلك قولًا مزعجًا و مثيرًا للغضب، لكن صوته بدا لطيفًا و ناعمًا.
كان جسده يدعمها بقوة و هي تميلُ عليه.
كان ملاذًا مغريًا لكايلا، التي لم يكن لديها مَنٔ تعتمدُ عليه أو تضع قلبها فيه، لكن في الواقع، لم يكن حتى ملاذًا. كانت ستكون محظوظة فقط إن لم تُطرد بعيدًا.
و حين أدركت أنها كانت تستمتع بالاتّكاء عليه تحتَ ذريعة التدليك، أرادت كايلا أن تضربَ نفسها. احمرّت عيناها، و امتلأت بالدموع.
كانت تائهةً تمامًا.
قبضت يداه القويتان على ساقيها بشدّة و لم تتركاها.
كانت كايلا تتألّم و تشعر بالإحراج في آنٍ واحد. لو كانت قد تدرّبت على ركوب الخيل بجدّيةٍ أكبر، لما وقعت في هذا الموقف المحرج.
لو كانت تعلم أنه سيؤلم إلى هذا الحدّ، لما فعلت ذلك. لما كانت بدأت أصلًا.
لم تكن لمسته، و هو يدلكُ بلطف عضلات ساقيها المكشوفتين تحتَ قميص النوم الأبيض، مزعجةً على الإطلاق.
في كل مرّة تلمسُ فيها يداه جسدها، تصرخ العضلات من الألم في موضعها تمامًا، لذلك لم يكن هناك أيّ نيّةٍ أخرى.
إلى جانبِ ذلك، لم يكن بيون ينظرُ إليها بتلكَ الطّريقة.
كانت تعرف ذلك.
بياتريس على الأرجح لم تكن لتخلقَ موقفًا محرجًا و مضحكًا كهذا. كانت ستكون أكثر أناقة.
كانت كايلا غير المتطورة، و الجاهلة، مَنٔ تمرّ بهذه اللّيلة الزوجية السخيفة. و بعد أن تمّت مقارنتها كثيرًا، أصبحت كايلا معتادةً على مقارنة نفسها، و تجمّعت الدموع عند زوايا عينيها.
مهما أخبرت نفسها أن كلّ هذا لا معنى له، وأنه لا يهم، و أنّ عليها ألا تعطيه أيّ قيمة، إلا أنّ كونها تتشبّث بكتفيّ بيون و تصدر أصواتًا كالحيوانات كان أمرًا محرجًا و بائسًا للغاية.
كان من الواضح فقط من طريقته في مواساة كايلا الأصغر بكثير منه أنّه يعاملها كطفلةٍ، مقارنة ببياتريس.
قرّرت أن تعتبرَ ذلكَ أمرًا جيّدًا. بعد أن أظهرت هذا المشهد البائس، يمكنها الآن تجنّب تكرار سلوكها الأحمق و التّركيز فقط على موتها الوشيكِ دونَ أن تنسى.
لماذا تتصرّف دائمًا بغباء؟ هل كانت تظنّ أن الأمور تغيرت لأن الشّخص الذي ساهمَ في موت والدها أصبح الآن يساعد في إنقاذه؟
كايلا رأت نفسها مثيرة للشفقة و كرهت عجزها عن التخلي عن هذا التعلق المتبقي.
“…يلا، كايلا؟”
عندَ ندائه لها، رفعت رأسها فجأةً. ثم نسيت أن تتنفس.
بيون، الذي كانَ قريبًا أكثر مما توقعت، كان ينظرُ إليها بتعبيرٍ يصعب تفسيره.
نظرت كايلا إليه بلا وعي. و مع تلاقي نظراتهما، لم تستطع الهرب من العيون البنفسجية التي كانت دائمًا تهرب منها. و كأنها مسحورة، بقيت ثابتة في مكانها.
متأخرة، اجتاحها توتّر لا علاقة له بها. و كأن هذا التوتر يُنقل إليها من تلكَ العيون.
“…. كيف تشعرين الآن؟”
كان صوته العميق و المنخفض موجهًا بالكامل لكايلا.
الارتجاف الطفيف في صوته ربّما كان لأنه شعرَ بالتوتر نفسه. كانت شفتاها، المبللتان من كثرة عضّها لهما، ترتعشان مثل صوته.
“لا بأس—”
همست بشفتيها المرتجفتين، ثم توقّفت فجأةً. كان بيون ينظرُ إليها .
الإشارة القوية التي كان يرسلها اجتاحتها، ممّا جعلها غير قادرةٍ حتى على تحويل نظرها. و كأنه لا يسمح لها أن تنظر بعيدًا.
انظري
بدا و كأنّه يأمر،
انظري إليّ.
بهذه الطريقة، كانت المسافة ستتناقص تدريجيًا حتى تبتلعها أخيرًا.
‘لا، لا يمكن’
لكن تحذيرًا أقوى حتى من بيون اجتاحَ كايلا. ارتجفت كما لو أنها وخزت بإبرة، و ارتعشت بينما أدارت رأسها فجأةً.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 24"