شيءٌ لا مفرَّ منه ، حتّى بعدَ العودةِ بالزّمن (10)
لم يمض وقتٌ طويل بعد نفـيِ بيون فعليًا إلى لوسينفورد، حتى بدأت بياتريس رافالي أيضًا في زيارة لوسينفورد بشكلٍ متكرّر. لم يكن لديها مكان آخر تذهب إليه بسببِ تدهور أحوال عائلتها.
في لوسينفورد، كانت دائمًا ضيفةً مرحب بها. بل مرحب بها أكثر من الدّوقة الكبرى، التي كانت ابنة أخ الإمبراطور، رغم كون والدها ابنًا غير شرعيّ.
كان نبلاء لوسينفورد يحملون الإعجاب والكره للعاصمة في آن واحد. كانوا يحبّون بياتريس النشيطة و المليئة بالحيوية سرًا. فقد كانت زهرة المجتمع الراقي.
كانت تحبّ إنشاء التسلسلات الهرمية. منذُ صغرها، كانت دائمًا ترغبُ في إظهار أنها متفوّقة على كايلا، حتى وإن كانتْ كايلا هي الدوقة الكبرى.
انضمَّ نبلاء لوسينفورد إلى الأمر، و عندما تحاول كايلا الردَّ من خلالِ تأكيد سلطتها كدوقةٍ كبرى، كانوا يهرعون فورًا إلى بيون. كانت بياتريس تملكُ تعويذة قوية تُدعى “المحرّم”.
“أنا و بيـون قريبان جدًا، كما تعلمين.”
ردّتْ بياتريس على كلمات كايلا دونَ أن ترمش. بالنّسبة لكايلا، التي أحبّـتْ بيون منذُ الطفولة، كان مجرّد ذكر العلاقة الخاصة بين بياتريس و بيون كافيًا. كانت دائمًا الغلبة لبياتريس.
تذكّرت كايلا الشائعات المنتشرة التي تقول إن بياتريس بكـتْ أمامَ بيون بسببها.
و بشكلٍ أكثر دقة، انتشرت الشائعة على أنّ “الدوقة الكبرى جعلت الآنسة رافالي تبكي.” كانت تتذكر برودة لوسينفورد، حيثُ كانت كل حركة مقيّدة وكان التنفس صعبًا.
“أنا قلقةٌ لأنه فجأةً قـرّر الزّواج. ذلكَ الفتى البارد و عديم الإحساس – هل سيكونُ بخير؟ كما تعلمين، لم يفهم مشاعركِ أبدًا.”
في مثلِ تلكَ المناسبات، لم يستدعِ بيون كايلا بشكلٍ منفصل أو يتّخٕذ أي إجراء. كان يتركها و شأنها باستمرار. لم يفعلْ شيئًا، و تكفّـلَ النّبلاء و الناس في لوسينفورد بالأمر بأنفسهم.
“حسنًا، أعتقد أنّهُ أمرٌ جيّد. بعد كل هذا الجهد المستمر، ستحصلينَ أخيرًا على مكافأتكِ؟”
كان بيون يشيرُ إليها باستمرارٍ بالدّوقة الكبرى، رغمَ أنها لم تُعامل أبدًا على هذا النّحو.
كانت كايلا مقتنعةً بأن هذا كان الشّكل الوحيد للهجوم من رجلٍ لا يُظهر أيّ مشاعر. أليس من الإهانة أن يُطلق على عليها لقب الدوقة الكبرى وهو لا يُعاملها كذلك؟
“بصفتي أقرب صديقةٍ لبيون، أنا فقط قلقة. لا تأخذي الأمر على محملٍ شخصي.”
وهذا يعني، “هل أنتِ ضيقة الأفق لهذه الدرجة؟” بعد أن خدشت مشاعر شخصٍ ما بعمق.
أرسلت بياتريس ابتسامةً بعينيها. بدا و كأن كل شيء من حولها أضـاء. وكأنّ شرارة ضوء ظهرت في منتصف ممر القصر حيثُ يمر الناس. كانت كل الأنظار، التي كانت تراقب بهدوء، مشدودة إلى بياتريس.
كانت كايلا تعرفُ جيّـدًا مدى قوّة جمال بياتريس وهالتها.
لولا ذلك، لكانتْ بياتريس مجرّد فتاةٍ من عائلة نبيلة في طريق السقوط على وشكِ الاختفاء. كان من المثير للإعجاب بالفعل أنها تمكّنت من الاستمرار حتى الآن.
كانت كايلا تعتقد بصدقٍ أن بياتريس مذهلة.
“أنا أفهم تمامًا. و لستّ آخذ الأمر على محملٍ شخصي.”
لذلك، كان عليها فقط أن تتقبّـلَ ما قالته بياتريس كحقيقة. لأنه كانَ كذلك.
مَـنْ تكون كايلا لتقفَ بين بيون و بياتريس؟
عليها فقط أن تعتقدَ أنهما يحبّـان بعضهما حقًا . ماذا يمكنها أن تفعل أيضًا؟
بالمقارنة مع بياتريس، كانت قبيحة و عديمة الجاذبية، مجرّد قطعةِ خشب جامدة لم ينظر إليها زوجها ولو لمرة.
“أستطيعُ أن أرى كم أنَّ بيـون مميّز بالنسبة لكِ.”
إذًا، لا يوجد ما هو أكثر حماقة من محاولة التحلي بالذّكاء أمامَ بياتريس هنا. يمكن لأي شخص أن يرى أن من الطبيعيّ أن يختار الدوق الأكبر لوسينفورد بياتريس.
على الأقل، هكذا كان الأمر في لوسينفورد.
“حسنًا، من المفترضِ أنكِ تعرفين الأفضل. لقد كنتِ تراقبيننا منذُ وقتٍ طويل، أليس كذلك؟”
أرسلت بياتريس ابتسامةً بعينيها بلطف. أومأت كايلا بهدوء. كان تعبير وجهها هادئًا، و لكن في داخلها، كانت النّيران تشتعل.
“هذا صحيح. أعلـمُ أنكِ أقرب إليه منّـي بكثير. يعرف الجميع في كرانيا كيف اعتنيتِ به بعناية، وكيف نشأتما سويًّـا منذُ الطّفولة. كما قلتِ، إنها علاقة مميزة للغاية.”
ولكن رغمَ ذلك. هل كان من الضّروري لها أن تستدعي العروس الجديدة المشغولة في القصر، في مكانٍ يجتمع فيه الكثير من الناس، لمجرّدٌ الدّخول في صراع على السلطة معها؟
قبل موتها، كانت كايلا ستستمع فقط بابتسامة، وتومئ بلطف، و تحافظُ على آدابها إلى أقصى حد، ثم تعود إلى المنزل و هي منزعجةٌ بلا سبب.
في ذلكَ الوقت، لم تكن تفتقر فقط إلى الفطنة، بل كانت أيضًا ترغبُ في الحفاظ على حسن النّيـة. كانت كايلا ساذجة هكذا.
“يا له من أمرٍ مؤسفٍ أنكِ و الدّوقة لن تتمكنا من حضور زفافي هذه المرة. مع هذه العلاقة المميزة، كنتُ آمل أن تأتيا لتهنئتنا. إنّـه أمرٌ مؤسف.”
حتى لو كان لدى المرء حسن نية، فإن هذا لا ينقذ الأرواح. إذن ماذا عن الحقد؟
بدأت كايلا، التي ماتت ثم عادت، في تخطّي الحدود التي لطالما حافظت عليها. ما أسوأ ما قد يحدث؟ إذا ماتت، فسيكون ذلكَ راحة لها. و إذا لم تمت، فستكون قد جرَّبت شيئًا جديدًا على الأقل.
“أختي، أرجو أن تعتني بـهِ من أجلي أيضًا. كما قلتِ، أنتِ تعرفينه أفضل مني.”
منذ متى كانت بياتريس تخدع الدّوق الأكبر و تتواصل مع الإمبراطور؟
لم تعد كايلا قادرةً على التّمييز ما إذا كان الشعور الذي يغمرها هو الغيرة و الدونية، أم شعور بالظلم.
في النّهـاية، شعرت بالظّلم و الغضب لأن الجاسوسة التي حاول لوسينفورد جاهدًا كشفها لم تكن كايلا، بل بياتريس.
مغمورًا بالحبّ الأوٌل و الذكريات القديمة، و ساعيًا بيأس للحفاظ على قناعاته، كان بيون قد سلّـمَ بياتريس فعليًا كل أسرارِ لوسينفورد.
ثم قامت بياتريس بتسميم كايلا وهي تسخر منها بشفقة زائفة.
بالطبع، بياتريس التي تتذكرها كايلا لا علاقة لها ببياتريس الحالية. من الناحية الفنية، هما شخصان مختلفان. و لكن الناس لا يتغيرون بسهولة. يتطلب الأمر شيئًا مثلَ الموت ليصبحَ الشّخص مختلفًا.
“كنت أفكرُ كم سيكونُ الأمر أسهلَ بالنّسبة لي بفضلـكِ، أختي.”
كانت تكره استخدام كلمة “أختي”، لكنها خرجت بسهولة على نحوٍ غريب. كان من السّهل جدًا رد ما كانت تفعله بياتريس بالضبط. و رؤية تعبير وجهها يتغير الآن، جعل منادتها بـ”أختي” أمرًا بسيطًا.
نعم. لقد قالت كايلا للتو إنه بما أنها مشغولة جدًا للاعتناء بزوجها، فعلى العشيقة أن تتولى الأمر. في الواقع، كان هذا زواجًا سياسيًا، لذا كان يكفي فقط الالتزام بـ”السياسة”.
كايلا، التي لم تقل يومًا شيئًا لئيمًا بهذا الشكل، تمسكت بقلبها النابض و هي تتحدث.
“تعالي إلى لوسينفورد كثيرًا. أنا و هو سنـرّحبُ بكِ دائمًا معًا.”
بصفتها الأميرة الغنية أوستاين و الدّوقة الكبرى المستقبلية، لم تكن بحاجةٍ إلى القلق بشأن عشيقة زوجها؛ كل ما تحتاجه هو إنجاب وريث.
رغمَ أنها كانت تكره بشدّة النزاعات بين الزوجات و العشيقات بطبيعتها، كانت كايلا متأكّدة أنها أصابت الهدف عندما رأت عيني بياتريس تتصلبان فورًا.
وفي الوقتِ نفسه، شعرت بالاشمئزاز من ذاتها لفعل شيء تكرهه، لكن كايلا قررت أن تكونَ جريئة. لقد وصلت بالفعل إلى القاع.
نعم. كان عليها أن تفعل ذلكَ منذُ البداية. كان يجب أن تعبّـر عن رأيها بحرية و تُشعل النار للإسراع في سقوطِ الشخصين اللذين دمّرا حياتها.
لم يكن عليها أن تحاولَ بغباء تجنّب معاملة بياتريس كعشيقة بينما كانت هي نفسها تُتهم بأنها ابنـة لابن غير شرعيّ، و كان بيون يُعتبر غير شرعي أيضًا.
“أبلغي تحياتي للدوقة أيضًا.”
“بالطبع. بالتأكيد.”
لم تفقد بياتريس ابتسامتها حتى النهاية. كانت قد حاولت التحدث مع كايلا بشكلٍ عرضي لتغضبها، ظانةً إياها سخيفة، و لكن رغمَ أنَّ كايلا تعرّضت للهجوم، إلا أنها لم تنهَر بالكامل. ربّما ستستعد بياتريس بشكلٍ أفضل و تهاجم في المرّة القادمة.
كان ذلكَ متوقعًا.
“وعلى عكسِ القصر الملكي، من فضلك تذكّري أن أبواب دوقية أوستين مفتوحةٌ دائمًا للدّوقة.”
إذا كنتِ قد ارتكبتِ خطأ، فعليكِ المجيء والاعتذار. توقفت كايلا بعد قولها “تذكّري من فضلك”.
“دعيني أعلمك هذا.”
هل عليّ أن أعلّمك أنتِ و أمّـكِ أنه يجب عليكما القدوم و الاعتذار لي؟
فتـحَ النّبلاء من حولهم أعينهم على وسعها عند ردِّ كايلا القويّ.
“أنتما الاثنتان مرحّبٌ بكما دائمًا في الدوقية أيضًا.”
كانت كايلا تعرف أنها لا تستطيع تحقيق نفس التأثير من خلالِ تقليد ابتسامة بياتريس بعينيها، لذا اكتفت بابتسامةٍ لطيفة.
لم يكن الهجوم و التقليل من شأنٌ شخص ما مرضيًا أو مثيرًا كما كانت تظن.
نبلاء لوسينفورد، أهل القصر، الإمبراطور، بياتريس، دوقة موندي، وكلّ من كانوا يفعلون هذا بحماسة – لا بد أنهم بصحة جيدة، على عكسها. لديهم طاقة وفيرة بالتأكيد.
أدارت كايلا ظهرها لبياتريس و ابتسمت بمرارة عندما رأت رؤوس النّبلاء الذين كانوا يتنصتون يختفون سريعًا.
في وضعٍ حيثُ تتزوج ابنة ابن غير شرعيّ من ابنٍ غير شرعي، ستنتشر الشائعات بأنها عاملت زهرة المجتمع الراقي كعشيقة.
حسنًا، متى حدثَ لها شيء جيد على الإطلاق؟ إنها نفس الحياة دائمًا.
* * *
كان بيون أول مَنٔ سمع خبر لقاء بياتريس و كايلا في القصر الملكي و حديثهما معًا. أغلق عينيه بإحكام بعد قراءة محتوى المحادثة التي أرسلها بسرعة الجاسوس الذي كلّفه بمراقبة بياتريس.
“من أينَ أبدأ لحلِّ هذا…”
كانَ يريد الذهاب إلى كايلا فورًا و الاعتذار مجدّدًا، لكن هذا لم يكن خيارًا على الإطلاق.
عندَ النّظر إلى المحادثة، كان قد وُسم بالفعل في نظرها كرجلٍ لديه عشيقة. إذا ذهبَ الآن، فسيبدو فقط كمغفّل يعتذر نيابة عن العشيقة لخطيبته المكسورة القلب.
لا، في الحقيقة، كانت الحجة مجرد ذريعة؛ هو فقط يريد أن يراها. المشاعر التي حاولَ يائسًا إنكارها في لوسنفورد و بدأ الآن فقط في الاعتراف بها اجتاحته إلى درجةِ الخوف.
قام بِـكَبتِ الرّغبة الوقحة في الاندفاع إلى كايلا بالقوة. لهذا السّبب كان يتجنّبها و يتهرّب مرارًا.
يا لـهُ من أحمق.
“قالت كايلا: ‘بفضلكِ أختي، ستصبح الأمور أسهل بكثير’…”
لقد كان مذهولًا لدرجةِ أنه بالكاد استطاعَ التحدث.
“قالت لها أن تعتني بي جيدًا؟”
“نعم، صاحب السمو.”
لقد تعاملت مع الموقفِ بشكلٍ جيّد. بصراحة، لقد فعلت ذلك بشكلٍ ممتاز.
كانت بياتريس شخصًا يقدره النبلاء و يتمنون التّحدث إليه، لا شخصًا يُعامل كمجرّدِ عشيقة. فقط شخص مثل الأميرة أوستين يمكنه أن يعاملها كعشيقة.
لكن كايلا، التي تحدّتْ البرد للعثور على الدوق الأكبر و أوضحت بدقة “كيف كانت السيدة رافالي تنتهك حقوق الدّوقة الكبرى، و كيفَ يجب حلّ هذا الوضع”، قالت شيئًا كهذا؟
‘لا يمكن أن يكون…’
عبسَ بيون بجدّية أكبر. كان الدّوق الأكبر جالسًا على أريكة ناعمة منخفضة بساقيه الطويلتين متقاطعتين، مستندًا بمرفقه على مسند الذراع و ذقنه على يده، غارقًا في التفكير.
في الواقع، كلّما جاءت بياتريس إلى لوسنفورد، كان يحدثّ شيء دائمًا. التّسلسل الذي كان يمـرُّ به بيون دائمًا هو نفسه. كانت بياتريس تأتي إليه باكية، أو يسمعُ تقارير من الخادم أو رئيسة الخدم.
كان الأمر دائمًا عن “كايلا فعلت هذا” أو “صاحبة السّمو الدّوقة الكبرى فعلت ذاك”. السّبب كان دائمًا كايلا. ثم كان يواسي بياتريس على مضض.
كان يكفي أن يعطي ردًّا عابرًا على شكاواها المتذمرة. ثم، بعد أيام قليلة، كان يواجه المشكلة مع الدّوقة الكبرى، التي تركها و شأنها لأنه لم يكن يستطيع فعل شيء تجاهها.
اللعنة، كانت بياتريس تأتي باكية و مشتكيةً مرّةً أخرى.
“ويلبرك.”
“نعم، صاحب السمو.”
“ستأتي السيدة رافالي باكيةً اليوم.”
راقب السير ويلبرك بتوتر الدّوق الأكبر، الذي كان يحدّق في الفراغِ بنظرةٍ باردة أثناء إعطائه الأوامر. توقف الدّوق الأكبر للحظة، و كأنّه غاضب، و تحدّث بنبرةٍ مزعجة.
“ستخرج خلال خمس دقائق، لا، ثلاث دقائق، لذا ابقِ العربة بالإنتظار.”
“نعم.”
كان صوته الذي يغلي بالغضب على وشكِ الانفجار. كم سيكون الإمبراطور مستمتعًا بسماعِ هذا؟ بلا شكّ سيسخر من زواج السلالات غير الشرعية و العلاقة الغرامية فوقَ ذلك.
كان بيون معتادًا على الأمر، فقد مـرَّ به كثيرًا، لكن بالنّسبة لكايلا – كايلا التي أُجبِـرت على زواجٍ غير مرغوب فيه – يا له من عذاب .
ستكون إهانةً عظيمة للدّوقة الكبرى المستقبلية أوستين.
السير ويلبرك، الذي انسحب من مكتب الدّوق الأكبر الذي من الواضحِ أنه غاضب لكنه متماسك، اندهشَ عندما وصلت السّيدة رافالي بعد ثلاثين دقيقة بالضبط.
بصراحة، بدا بيون وكأنه لا يريد حتى أن يسمح لها بدخولٌ مكتبه. كان واقفًا أمام مكتبه، يطالع الوثائق، سواء دخلت بياتريس باكية أم لا.
“بيون، أنا…”
“أعرفُ بالفعل ما كنتِ تقولينه في الخارج و مع مَـنْ كنتِ تتحدثين. الشّائعات انتشرت في كلِّ مكان.”
بياتريس، التي كانت قد أعدّت خاتمة مثالية – “أنا متألمة جدًّا لأن الشّخص الذي ستتزوجه عاملني بشكلٍ سيء، لكن تهانينا على زواجكَ، لا تنساني” – لم تستطع حتى بدءِ مقدمتها المخطط لها.
حدّقت بغضبٍ في بيون، الذي كان قد أدارَ لها ظهره تمامًا.
“سمعتُ أن كايلا طلبت منكِ أن تعتني بي جيدًا.”
“و سمعت أنكِ طلبتِ منها أن تعتني بي أيضًا.”
“كنتّ أعني كصديقة…”
“و كايلا قصدت كلامها بصفتها خطيبتي. إذا كان الأمر كما تقولين، فلا فرق، فلماذا أتيتِ إذًا؟”
صُدمت بياتريس بشدّة من سؤاله المنزعج و غير المخلص.
“أنتَ، هل تتصرّفُ هكذا لأنني رفضتُ عرضـكَ بالزواج؟ ما السّلطة التي أملكها، كيف يمكنكَ معاملتي بهذا الشّكل؟”
ها هو ذلكَ المحظور اللعين مرّةً أخرى.
نظرَ بيون إلى السّقف و تنهّدَ بتعبيرٍ عاجز. لا يمكن حل الأمور من خلالِ الحوار إذا لم يكن هناك تفاهم متبادل.
“مجرّد المجيء إلى هنا للشّكوى بعد سماع تلك الكلمات يعني تصرّفكِ كعشيقة حقًّا، بياتريس. إذا كنتِ منزعجة، فلا تأتي إليّ. يجب أن تأخذي والدتكِ إلى دوقية أوستين و تعتذري أوّلاً.”
صمتت بياتريس و فتحت فمها من دونِ أن تنطق. و عندَ غياب ردّهت، التفتَ بيون أخيرًا لينظر إليها.
“ألم تخبركِ دوقة موندي؟ لقد جاءت إلى هنا لـتَصبَّ غضبها، فقمتُ بإعادتها.”
رغم أنه قال “أعدتها”، إلّا أنّ نبرته كانت أقربَ إلى “طردتها”. تمامًا كما فعلت كايلا، تطرّقَ بيون عمدًا إلى قضية والدتها، والتي كانت أكبرَ نقطة ضعف لدى بياتريس الآن.
“يبدو أنكِ الوحيدة التي تعرفُ عن طلبي الزواج منكِ. لهذا جاءت والدتكِ لـتصبَّ غضبها عليّ.”
“كيف يمكنكَ قول ذلك! ماذا لو سمعَ أحدٌ هذا”
“إذًا ، لم يكن عليكِ التّجرؤ على التحدث مع الأميرة أيضًا. والدتكِ تتجاهل التّحيات، و الابنة تبدأ المحادثة، و تتطوّع لتكون عشيقة.”
مَنٔ كان يظن أن مثلَ هذه الكلام عن العشيقة سيخرج من فمِ تلكَ الأميرة المهذبة؟
بياتريس، التي خرجت لتضعَ كايلا المهذّبة في مكانها فقط و تعرّضت للهزيمة، وجدت الأمر غريبًا حقًا.
أليست كايلا ليستْ من هذا النّوع من الناس؟ أليست مشابهةً لبيون؟
النوّع الذي يعتقد أنه سيموت إذا فَقـدَ كرامته، النبيل المفترض.
فتاةٌ حمقاء لم تكن تملكُ الشّجاعة للاعتراف بحبـّها الذي كان من طرفٍ واحد، لكنها كرّست نفسها بتواضع، معتقدة أنه سيُلاحظها يومًا ما.
علاوةً على ذلك، بدا بيون غريبًا حقًا أيضًا!
“اخرجي، بياتريس. لم يكن لديَّ عشيقة مثلكِ من قبل.”
“ماذا؟”
“قلتّ اخرجي. يبدو أن والدتكِ لم تخبركِ، لكنني قلت بوضوحٍ إنه لا يوجد شيءٌ بيننا.”
لا شيءَ بينهما؟
شعرت بياتريس و كأنها تتلقى صفعةً تلو الأخرى، و وقفت بينما فتحَ بيون الباب بنفسه.
لو لم يكن سيتزوّج كايلا ، لو كانَ سيعيشُ كغريبٍ تمامًا، لكانَ قد استخدم علاقته مع بياتريس تمامًا كما فعلت هي و الإمبراطور. كان يمكنه التّخلي عن كل معتقداته و السّقوط معها.
لكن إذا كانت كايلا متورطة معه، فلا يمكن أن يحدثَ ذلك.
“اخرجي و لا تعودي أبدًا.”
شعرت بياتريس أن السّلسلة التي كانت تمسك بها بشدة دومًا تنزلق من يدها.
كانت بياتريس، التي كانت تفتخر دائمًا بإبقاء النساء تحتَ المراقبة بسهولة و تجد متعةً أكبر في اللعب مع الرّجال في المجتمع الراقي، على وشكِ أن تتعثّرَ من شدة الغضب الذي تصاعد في رأسها بسببِ الأحداث الأخيرة.
كان بيون دائمًا يستمعُ لبكائها، لكنه الآن يقطعها تمامًا وكأنه مات و أصبحَ شخصًا آخر. بالطبع، كانت قد فرضت عليه ذلكالمحظور، لكن لماذا؟
لا يزال المحظور ساريًا. كانت تتحقق منه تلقائيًا كل مرة التقيا فيها، و تضيف عليه تعاويذ مرارًا و تكرارًا. ومع ذلك، لم يكن بيون يبدو كشخصٍ تحتَ تأثير تعويذة الآن. كان الأمر غريبًا، و الغموض كان مخيفًا.
لكنها لم تستطع السّماح لكرامتها الأخيرة أن تنهار. وقفت بياتريس فجأةً، رفعت رأسها عالياً أثناءَ سيرها، وعند الباب، صفعت خدَّ بيون بقوة.
“لقد خُنتَنـي و خُنتَ صاحبة الجلالة الإمبراطورة، التي عانت طوالَ هذا الوقت، من أجل بعضِ القروش.”
“لقد كنتُ دائمًا وغدًا مقززًا بعضَ الشيء.”
صُدمت بياتريس لسماعٌ الفارس النبيل يوافق و يقول مثلَ هذه الكلمات عن نفسه.
كيف انتهى بيون، الذي لم ينطق يومًا بكلمة نابية، إلى هذا الحال؟ بدا وكأنه شخص غريب تمامًا.
“أنتَ… أنتَ… ما خطبك؟”
بدلاً من الرّد، نادى بيون بغضبٍ على السّير ويلبرك.
“ويلبرك!”
“نعم، صاحب السمو. سّيدة رافالي، من هذا الطريق من فضلك.”
بعد أن طردَ بياتريس، استطاعَ بيون أن يلخّص بدقة الشّائعات التي كان سيتمّ تدوالها غدًا.
الدّوقة الكبرى المستقبلية عاملت ملكة المجتمع الراقي كعشيقة، و ملكة المجتمع الرّاقي ذهبت فورًا لمقابلة الدّوق الأكبر و صفعته على خده.
بغضِّ النّظر عن طريقة النظر إلى الأمر، فإن الدوق الأكبر هو الحقير ، لكن من الواضح أن الناس سيقولون إن الأميرة و ملكة المجتمع الراقي تنافستا على الدوق الأكبر، هكذا فكّر بيون و هو يمدُّ يده نحو النّبيذ في وضح النهار.
كان يجرُّ أكثر النساء نبلًا يعرفهن إلى الوحل.
الخطيئة تزداد عمقًا.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 20"