كان الحظر الرّسمي على دخول دوقة موندي للقصر الملكي مأساةً لدوقية موندي، التي كانت بحاجةٍ بالفعل إلى التّردد على الدوائر الاجتماعية لجمع الأموالِ لسداد الديون. أما بالنّسبة للجميع، فكانَ الأمر مجرد عنوان يزين صحف الشائعات الاجتماعية.
“يا لها من قصّة مثيرة! يا إلهي، فور إعلان زواج دوق لوسنفورد الأكبر و الأميرة أوستين، بدأت الأحداث المثيرة تتوالى!”
“الزواج نفسه كان مثيرًا للاهتمام، ثم قامت دوقة موندي بتجاهل تحية الأميرة أوستين في الصباح و تـمَّ حظرها من دخولِ القصر في مساء ذلك اليوم!”
دوائر كرانيا الاجتماعية، بينما تتظاهر بإخفاء فضولها الفاحش، كانت تنظم فعاليات أكثرَ نشاطًا لجمع آخر الأخبار.
عندما تُقام الفعاليات، يتجمّـع الناس، وعندما يتجمع الناس، تظهر قصص جديدة بشكلٍ طبيعي.
مَنٔ سيرفض ذلك؟
“سمعتُ أن دوقة موندي قد ذهبت بالفعل إلى دوق لوسنفورد الأكبر و تشاجرت معه من قبل. هل هذا صحيح؟”
كان السّادة المتظاهرون يطرحون أسئلة يعرفون إجاباتها بالفعل، فقط لإعادةِ فتح الموضوع.
“مَنْ لا يعرف ذلك؟ كان صوتها عاليًا لدرجة أنه تردّدَ في ممرات القصر. كان الأمر صاخبًا جدًا لدرجة أن جلالة الإمبراطور لا يمكن أنْ يكون قد فاته هذا الأمر.”
كانت السيدات النبيلات يشعلن الموضوع بحماسة و يزدن النيران. كان ذلكَ مشهدًا مألوفًا في دوائر كرانيا الاجتماعية.
“حسنًا، يجب أن يُضغط على موندي قليلاً. بدون لوسنفورد، لا يملكون حتى القدرة على سداد ديونهم. لقد هدموا قلعتهم لبيع مواد البناء، و الآن أُلغي الزواج. ماذا تبقى لديهم؟”
“ومع ذلك، تجاهل تحيّة الأميرة التي تصغرها بعقود؟ هل هذا منطقي؟ أين تركت عمرها؟ يجب أن تخجل.”
كان السادة و السيدات المسنون يهزون رؤوسهم و يضيفون تعليقات أكثر وضوحًا. و كان سنّـهم يتيح لهم التحدث بأسلوبٍ أكثرَ.صراحة، مستخدمين ذلك كدرع.
كلما كانوا أكثر عنادًا، أصبحت كلماتهم أكثر مباشرة.
“إنه زواجٌ أمـرَ به جلالة الإمبراطور بنفسه… لا يمكنها الشكوى لجلالته، و دوق لوسنفورد الأكبر جندي، لذا لا يمكنها مناقشته. الأميرة أوستين هي الهدف الأسهل، أليس كذلك؟”
“لقد كانت دائمًا مسرفة حتى وهي غارقة في الديون، و الآن لا تستطيع التمييز بين دوق عادي و عضو من العائلة المالكة؟”
تصبح الكلمات أكثر حدة بعد بضع جولات فقط.
و لهذا أيضًا بقيت عائلة أوستين صامتة تمامًا. كان الناس يتحدّثون من تلقاء أنفسهم، فلم يكن هناك حاجة لذكرِ دوقة موندي.
كان الإمبراطور قد حسمَ الأمر، و تبع المجتمع بطبيعةِ الحال أمرَ الإمبراطور. و نتيجةً لذلك، كانت دوقية موندي وحدها تتقلص حتمًا.
“ما هذا بحق الجحيم يا أمي!”
انفجرت بياتريس رافالي، زهرة المجتمع، غاضبة في وجه دوقة موندي.
“أمي، ألا تملكين أيّ لباقة؟ كان يجب أن تقومي بمثل هذه الأمور بعيدًا عن الأعين، كيف تفعلين ذلك علنًا!”
“العمود كان يحجب رؤيتي، لم أستطع أن أراها! هل تظنين أنني كنتُ سأفعل ذلكَ لو كنتُ أعلم؟ و من بين الجميع ،كانت سينير هناك!”
لقد تم ضبطهما متلبستين من قبل الكونتيسة سينير و اثنتين أخريين من وصيفات الإمبراطورة.
كانت دوقة موندي، بصفتها صديقة للإمبراطورة و رئيسة وصيفاتها، ناهيكَ عن منصبها في رعاية دوق لوسنفورد الأكبر، تتمتّع بنفوذٍ كبير حتى داخل القصر الملكي.
و كان ذلكَ النفوذ هو شريان حياتها. وكانت الأموال التي جلبتها بياتريس من الدوائر الاجتماعية ضخمة أيضًا.
ولكن على الرّغمِ من ديونهم الضخمة، كانت المرأتان اللتان تعيشان فقط من أجلِ بريق الدوائر الاجتماعية تنفقان بقدرِ ما تكسبان، لذا كان الأمر في النهاية سواء. و كانت وتيرة سداد الديون بطيئة بشكلٍ مؤلم.
“آه، كفى! أنتِ تجعلينني أفقد عقلي أيضًا!”
“كيف يمكنني الخروج و أنتِ قد عوقبتِ، أمي! ألا تعرفين مدى أهمية الدوائر الاجتماعية؟”
“أتظنين أنني لا أعرف ذلك؟”
كانت الصيحات تملأ دار دوقية موندي في كرانيا، التي اشتروها بتهور. وكانت الخادمات يبقين على مسافة من غرفة الاستقبال.
“كيف تجرؤين على عدم احترام والدتكِ؟ أتظنين أنّكٌ وصلتِ إلى هذا الحدّ بدوني؟”
قلبت بياتريس عينيها، وقد بدا عليها الإحباط من صراخ والدتها.
“ماذا فعلتِ، أمي؟ لقد حققتُ كل شيء و أنا أقاتل في القاع!”
“ما هذا الكلام!”
“لو كنتِ ستسبّـبين مثلَ هذه الفضيحة، كان يجب عليكِ على الأقل تهنئـة بيون! كان يجبُ أن تقولي له مباركٌ الزواج!”
“جربي أنتِ فعلها أوّلا!”
في الحقيقة، لم تكن شخصية بياتريس لتسمحَ لها بتقديم التهاني أيضًا.
حتى لو لم تكن ترى بيون كرجل، فقد كان الأمر مسألة كرامة. و لكن الآن بعد أن وصلت الأمور إلى هذا الحد، كانت تلوم والدتها فقط. فاللوم شيء يمكن لأيّ شخصٍ القيام به بسهولة.
“بعد أن أنجبتكِ و دعمتكِ طوالَ هذا الوقت، تظنين أنكِ فعلتِ كلَّ شيء بنفسكِ و تتصرفين بغطرسة؟ كيف تجرؤين على التصرف بوقاحة! هل هذه هي الطريقة التي ربيتكِ بها؟”
“لقد تصرفتِ بغباء، أمي! هل تعرفين! ما الذي يقوله النّاس في الخارج؟ إنهم يسخرون من كيف أن دوقة موندي تجرأت على معاملة أميرة أوستين بتلكَ الطريقة! و بعد ما فعلتِه، ماذا يجعلني ذلكَ في نظر تلك الفتاة!”
كايلا! في الحقيقة، شعرت بياتريس بالدوار عندما أُعلن عن الزواج. و كأنّ الإمبراطور يقول لها: “اعرفي مكانك.”
كايلا دي شاسير، التي كانت دائمًا تتبعُ بيون مثل الجرو رغمَ مكانتها الأعلى، أصبحت الآن مرتبطة بـبيون. و بينما كانت كايلا تبدو سخيفة عندما كان الثلاثة معًا، بالنّسبة للغرباء، كانت بياتريس عشيقة بيون.
لم تكن تريدُ أن تكونَ كذلك. كانت طموحاتها أعلى. لقد تسلقت طريقها حتى هذه النقطة، لكن من لحظة إعلانِ زواج بيون، بدأتْ الأمور تخرجُ عن سيطرتها.
“ألا تعرفين مدى أهميّة دخولنا للقصر؟ لقد مُنعنا لثلاثة أشهر كاملة، و هل تظنين أنكِ ستحتفظين بمنصبكِ كرئيسة وصيفات الإمبراطورة بعد تلكَ الأشهر الثّـلاثة؟”
“مَنٔ قال انهم سيسحبون ذلك منّي؟ إنها مجرّد ثلاثة أشهر من التّأمل الذاتي لأنني رئيسة وصيفات. و توقّفي عن هذا التهويل. لا يزال بإمكاني الذّهاب إلى أيّ مكانٍ عدا القصر.”
“توقفي عن قول مثل هذه الأمور الغبية! ما فائدة الذّهاب إلى أماكنَ أخرى إذا لم تتمكني من دخول القصر؟”
كانت دوقة موندي تتمتع بامتياز القرب من الإمبراطورة، التي نادرًا ما يظهرها الإمبراطور للآخرين، مما ميّـزها عن باقي النبلاء. ولكن الآن، مع انهيار الإمبراطورة و منعِ دخول القصر، كانت الخسائر جسيمة.
“أنتِ لا تحترمين والدتكِ على الإطلاق! هل أنجبتِ نفسك و ربيتِ نفسكِ بمفردك؟ هاه؟”
“لقد تسببتِ في كل هذه الفوضى، وما زلتِ لا تدركين الوضع، أمي! الآن، الجميع يضحكُ علينا، والمرحلة التالية ستكون الشائعات عن مدى فخامة فستان زفاف كايلا!”
كان ذلكَ يعني فقدان الانتباه.
بياتريس، التي عاشت على ذلكَ الشّيء الوحيد – الانتباه – كانت دائمًا ترضي رغباتها من خلال التكبر على كايلا و تجاهلها.
من الطبيعيّ أن تثير الغضب رؤية شخصٍ يجلس بهدوء، و يطرز بهدوء، و يقرأ الكتب، و يكرّس نفسه بغباء لبيون، يبرز فجأةً هكذا.
ذلكَ لأنه لا يمكنها فعل شيء حيال مكانتهما.
بغضِّ النّظر عن مشاعرها تجاه بيون، قررت بياتريس أن تَـردَّ لكايلا الصاع صاعين على هذا.
لقد كانت كايلا دائمًا تُداس من قبلها دون أن تنبس ببنت شفة، فلا ينبغي لها أن تعتقد أنها تستطيع الصّعود لمجرّد أنها تتزوج من رجلِ أحلامها.
* * *
“لا أستطيع أن أتخيل مدى انزعاجكِ من هذا، لكن كل ما يمكنني قوله هو لا تقلقي بشأنه.”
خلعَ أديو نظارته و فتحَ ذراعيه لابنته. عانقته كايلا بهدوء.
“أنا بخير، حقًا.”
“لا، لستِ بخير. تجاهل التحية بهذه الطريقة العلنية غير مقبول. إنه إهانة لا تُنسى.”
لكن كلًّا من الأب والابنة كانا يعلمان أنه من أجل المكانة و الشرف و الكرامة، من الأفضل تجاهل مثل هذا السّلوك المنحط.
حتى لو قابلت كايلا دوقة موندي مرّةً أخرى، فسوف تقدّمَ لها التّحية بنفس الابتسامة. هذه هي طريقة عائلة شاسير.
ماذا يمكنها أن تفعل؟
بالنسبة لكايلا، كانَ تدخّل الإمبراطور بنفسه أكثر أهمية من تجاهل الدوقة لتحيتها. لم يكن هناك مفر من هذا الزواج. من المحتمل أن يكون دوق لوسنفورد الأكبر يشعر بنفس الشيء.
“هي لا تستحق القلق بشأنها.”
جاء تصريح قاسٍ نوعًا ما من أديو، المعروف بشخصيته الهادئة. وهذا أيضًا سببُ نجاته في الدوائر الاجتماعية القاسية بطبيعته اللطيفة.
“رؤية كيفية تعاملها مع شخصٍ يصغرها بعقود، يجعل من الأمر يبدو و كأنًه من المستحيل التعامل معها بمنطق. لذا لا تقلقي على الإطلاق. لقد تولى جلالة الإمبراطور الأمر، أليس كذلك؟”
بدلاً من أن يكون ممتناً للإمبراطور، كان يعني أن الأمور سارت لصالحِ كايلا، وهذا هو الحظّ الجيد.
“نعم، أنا سعيدةٌ لأنني لم أر ذلك.”
“بصراحة، سيكونُ من الكذب أن تقولي إن الأمر لا يزعجك. إنها عائلة لها روابط طويلة الأمد مع زوجكِ المستقبلي، بعد كلّ شيء.”
رأى أديو أنه من الأفضل ألا تكون عائلة موندي أو رافالي ملحوظتين في الأفق.
فلو أن بياتريس، التي دخلت الدوائر الملكية بفضلِ بيون، سرقت الأضواء حتّى في حفل زفاف كايلا، لكانت كايلا حقًّا منزعجة.
“الآن بعد أن وصلنا إلى هذه المرحلة، دعينا نركز على التحضيرات للزفاف. إنه حدثٌ يحدثُ مرّةً واحدة في العمر. سأبذل قصارى جهدي.”
لكن كايلا لم تكن مهتمة بتحضيراتِ الزّفاف. سواء أطلقَ الآخرون عليه “حدثٌ يحدث مرّةً في العمر” أم لا، لم تكن تعطيه أي أهمية. لذا، كانت فقط تساير الأمور، تقول “أي شيء جيد” و”نعم”.
لو أنَّ تزيين طريق الموت بشكلٍ جميل قد يقلّلُ أو يلغي ألـمَ الموت، كانت ستبذل جهدها لأقصى حدّ، لكنها بخلاف ذلك، لم تكن تهتم.
“لا ترهق نفسكَ ، أبي.”
“أنتِ متواضعة أكثرَ مما ينبغي. كيفَ يمكن أن تكون رغباتكِ قليلة بهذا الشّكل؟”
ذلك لأنها اختبرت مسبقًا كيف يتم انتزاع كل شيء منها بواسطة الإمبراطور، وكيف كافحت لتدبير زفاف بميزانية ضئيلة وفّـرها لها بالكاد.
رغمَ أن الأمور الآن مختلفة، إلا أنها تعرف جيدًا أنه مهما استعدّت، فلن تُستقبل في لوسنفورد.
“ما الذي ترغبين به كهديّة زفاف؟ إذا كان هناكَ شيء تريدينه، سأحضره لكِ. فقط أخبريني.”
ابتسمت كايلا.
لم تكنْ تحتاج إلى هدايا لا فائدة منها في النهاية. وبينما كانت تنسق الزهور في مزهرية فارغة داخل المكتبة، تمتمت:
“طالما أنّكَ بخير و بصحة جيّدةٍ ، يا أبي، فهذا كل ما أريده.”
عندَ هذا الرد، بدا وجه أديو و كأن العالم قد انهار.
“يا إلهي. لا أصدّق أن حسَّ الدعابة لدى ابنتي قديم جداً. كايلا! هذا الكلام مأخوذ حرفيًّا من كتاب ‘أخلاق هيكيركوس للأطفال’، أليس كذلك؟ بالمناسبة، أين ذلكَ الكتاب؟ يجب أن أحرقه. إنه أكثر الكتب عديمة الفائدة في العالم.”
البرد القارس في لوسنفورد قتلَ حتى حس الدعابة لديها، لذا اكتفت كايلا بابتسامةٍ غامضة.
“كوني جشعةً ، كايلا. فقط هذه المرة! أريد أن أفعل كلَّ ما أستطيع من أجلكِ. في الواقع، أود أن أقدم لكِ عقارًا جميلًا. ما فائدة صحتي؟ سعادتكِ هي الأهم.”
ضـمَّ أديو ابنته مرّةً أخرى إلى حضنه و ربّـتَ على ظهرها.
“يقولون إن لوسنفورد مكانٌ بارد و قاس، لكني أؤمن بأنكِ ستتأقلمين عندما تذهبين هناك. الدوق الأكبر سيدعمكِ بكلّ ثبات. وإذا كان الطقس شديد البرودة، تعالي إلى العقار الذي سأقدمه لكِ لبعضِ الوقت. نعم، سيكون ذلك جيّدًا.”
“أنا بخير، حقًّا.”
لكن مهما حاولت كايلا أن تثنيه، لم يكن أديو ليهدأ. و بينما كان سلوك والدها مفهومًا، فإن حماس دوق لوسنفورد الزائد هو ما فاجأ كايلا، بل و أخافها أحيانًا.
ابتداءًا من تحديد موعد الزفاف فجأةً، تم تسريع كل شيء.
مصممو الأزياء، المحامون لمناقشة عقد الزواج، و مديرو القصر لنقلِ الآراء حولَ حجم الحفل – كلهم تنقلوا بين دوقية لوسنفورد، وزعائلة أوستين، و القصر الملكي عدّةَ مرّاتٍ يوميًّا.
“ذلك لأنكِ غير مهتمة بما فيه الكفاية.”
“لكنني أراجع كل الوثائق، رغمَ ذلك.”
“لكن كيف لا تقدمين رأيًا حتّى في الفستان؟ لقد أرسل الدّوق الأكبر كمية هائلة من الأقمشة كي لا يفوتكِ أيّ نوع.”
بالفعل. لماذا يفعل ذلك؟
كان بيون يضعُ أموالاً هائلة في هذا الزفاف، لدرجة أن كايلا بدأت تقلق بلا داعٍ على مالية لوسنفورد. لم يكن هذا من طبعِ الرّجل الذي يفضّل تمويل الجيش قبلَ.كل شيء.
‘أم أن هذا جانبٌ جديد منه لم أكن أعرفه.’
رغمَ أنها كانت الدوقة الكبرى، كانت كايلا طوال حياتها الزوجية موضع شكٍّ بأنها جاسوسة للإمبراطور. حتى التورط في شؤونِ المنزل كان صعباً للغاية.
لكن بيون كان يحظى باحترامٍ كبير من شعبه. كان طيباً مع الجميع، لا، حتى مع الخيول الحربية، والكلاب في القلعة، والقطط الضالة. كايلا، التي كانت تُعامل أسوأ من قطة ضالة، لم تكن تفهم ذلك.
“هل لأنّ أبي لا يزال حيًّا؟”
هل كان بيون يعاملها باحترام فقط لأن لقبها كأميرة أوستبن يحميها؟
رغمَ ذلك، فإنها لا تزال ابنة أخ الإمبراطور، فما الفرق؟
لم تكن تفهم. و عدم الفهم جعل قلقها يزداد.
“بالطّبع، ليس للعريس دور في أن يتدخل في فستان الزفاف، لكن يجبُ ألا يكون هناكَ أيّ نقص. ومع ذلك تقولين إنكِ لن تضيفي حتى جوهرة واحدة؟”
“نعم، الحرير النّظيف و المرتب كافٍ دونَ زخارف، يا أبي.”
أجابت كايلا بذهول و هي تواصل التفكير. هل يمكن أن يكون كل هذا فخًّا؟
كان سلوكُ بيون الحالي مثاليًّا.
كان يتصرف حرفيًّا وفقًـا لما هو متوقع.
أين ذهبَ دوق لوسنفورد الذي كان الجميع يجدونه محبِـطًا لأنه لا يعرف كيف ينحني بالشكل المناسب؟
و كأنه أصبحَ شخصًا آخـر…
“كايلا؟”
بصوت ارتطام، انزلقت المزهرية من يديها وتحطمت. وتدحرجت شظايا الخزف المكسور عبر الأرض.
“يا إلهي. هل أنتِ بخير؟ هل أصبتِ؟”
أديو، وقد أصابه الفزع، أبعد كايلا بسرعة عن المزهرية المكسورة.
“أنا بخير.”
تمتمت كايلا وهي تحدّقُ في المزهرية المحطمة بعينين متسعتين. استطاعت بالكاد سماع والدها ينادي على إحدى الخادمات. للحظة، اجتاحها خوف بارد، لكنها كرّرت عدّةَ مرات أنها بخير.
لا بأس. هي لا تزال تمتلك حـلّا أخيرًا ، أليس كذلك؟ مهما حاولت أن تفهم و تنجو، فلن يتغيّر شيء على أي حال. لذا لا بأس.
“أنا بخير.”
شبكت كايلا يديها المرتجفتين معًا. الإحساس بالخوفِ يعني في النّهاية الرّغبة في العيش.
كانت تعرف ذلك، لكنها مرّةً أخرى اليوم، استسلمت. إن أرادت أن تموتَ بسلام، فعليها أن تُتـمَّ هذا الزواج. على الأقلّ يمكنها أن تموتَ دونَ ألم في مكانٍ لا يصل إليه الإمبراطور.
* * *
“أرجوكِ اعتني ببيون جيّدًا ، كايلا. كما تعلمين، هو فتى يحملُ الكثير من الجراح.”
لكن حتّى الموت بسرعة و راحة لم يكن سهلاً.
قبلَ الزواج، كان عليها أن تتعامل بشكلٍ مناسب مع جميع أنواعِ الأشخاص المتطفّليـن.
على سبيلِ المثال، أشخاصٌ مثل بياتريس رافالي، التي تتظاهر بأنها التقـتْ بها صدفة في مكانٍ عام، و تبتسم ابتسامةً عذبة وهي تقول، “أنا أعرف الرجل الذي سيكونُ زوجكِ أكثرَ ممّا تعرفينه أنتِ.”
نظرت كايلا إلى بياتريس بوجـهٍ خالٍ من التعبير – تلكَ الفتاة الجميلة التي كثيرًا ما يتمُّ تشبيهها بورود الصيف، و حديقة نديّـة.
بعد أن ماتت مرّةً و استيقظت، بعضُ الناس تغيروا كليًّا، والبعض الآخر لم يتغير أبدًا.
“ظننت أن الدوقة موندي هي التي تتحدث. ربما لأنّكِ تشبهينها كثيرًا ، أختي.”
مَـنْ قال أنّ كايلا لا تستطيع التغيّر أيضاً؟
نظرت إلى بياتريس، حبيبة زوجها، بابتسامة، و ذكرت شخصاً قد آذاها بشدة.
ما الخطأ في أن تكره شخصًا لم تستطع التفوق عليه في حياتها أبداً؟
ليس الأمر و كأنَّ دوق لوسنفورد سيلتفت إلى كايلا أو يحترمها فقط لأنها عاملت بياتريس رافالي بلطف.
ففي النهاية، حتّى لو قامت كايلا القبيحة و الغبيّـة بشيءٍ غبيّ و حقير مرّةً أخرى، ما الذي سيتغير؟
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 19"